أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة الثامنة عشرة - صـ 439

جلسة 27 من مارس سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: جمال المرصفاوي، ومحمد محفوظ، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفه.

(83)
الطعن رقم 140 لسنة 37 القضائية

(أ) وصف التهمة. بناء. تقسيم. ارتباط. نقض. " المصلحة في الطعن ".
عدم تقيد محكمة الموضوع بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة على الفعل المسند إلى المتهم. من واجبها تمحيص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها وتطبيق نصوص القانون عليها تطبيقا صحيحا.
إقامة بناء على أرض غير مقسمة وإقامته بغير ترخيص تجمعهما وحدة الفعل المادي وهو إقامة البناء على خلاف أحكام القانون. وجوب إعمال المادة 32/ 1 عقوبات.
(ب) بناء. تقسيم. هدم.
عدم جواز إصدار قرارات أو أحكام بإزالة أو بهدم أو بتصحيح الأبنية والأعمال التي تمت بالمخالفة لأحكام القوانين 52 لسنة 1940 و656 لسنة 1954 و45 لسنة 1962 و55 لسنة 1964 وذلك من تاريخ نفاذها حتى العمل بالقانون 29 لسنة 1966 - إلا ما استثنى بنص الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون الأخير.
(ج) استئناف. بناء. عقوبة.
المتهم لا يضار بناء على الاستئناف المرفوع منه وحده.
إغفال الحكم الابتدائي القضاء بإلزام المتهم بأداء ضعف الرسوم المستحقة عن الترخيص بالنسبة إلى جريمة إقامة بناء بدون ترخيص على الرغم من وجوب ذلك قانونا.
سكوت النيابة عن استئناف هذا الحكم. ليس للمحكمة الاستئنافية عند الحكم بإدانة المتهم في الاستئناف المرفوع منه أن تصحح هذا الخطأ.
1 - من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، ومن واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقا صحيحا، ذلك أنها وهي تفصل في الدعوى لا تتقيد بالواقعة في نطاقها الضيق المرسوم في وصف التهمة المحالة عليها بل إنها مطالبة بالنظر في الواقعة الجنائية التي رفعت بها الدعوى على حقيقتها كما تتبينها من الأوراق ومن التحقيق الذي تجريه بالجلسة، وكل ما تلتزم به في هذا النطاق هو ألا تعاقب المتهم عن واقعة غير التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور. ولما كان الحكم المطعون فيه وإن لم يعرض لجريمة إقامة البناء على أرض لم يصدر قرار بتقسيمها التي تتحملها الواقعة الجنائية المرفوعة عنها الدعوى كما وردت بأمر الإحالة - وهي إنشاء تقسيم وإقامة بناء قبل الحصول على ترخيص بذلك - إلا أنه لا جدوى من النعي عليه لهذا السبب لأن إقامة البناء على أرض غير مقسمة وإقامته بغير ترخيص تجمعها وحدة الفعل المادي وهو إقامة البناء على خلاف أحكام القانون الأمر الذي يستوجب - عملا بالفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات توقيع العقوبة الأشد وهي المقررة لجريمة إقامة البناء بغير ترخيص - التي دين المطعون ضده بها وفقا للقانون رقم 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني[(1)].
2 - مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 29 لسنة 1966 في شأن الأبنية والأعمال التي تمت بالمخالفة لأحكام قوانين تنظيم المباني وتقسم الأراضي المعدة للبناء وتنظيم وتوجيه أعمال البناء والهدم أنه لا يجوز إصدار قرارات أو أحكام بإزالة أو بهدم أو بتصحيح الأبنية والأعمال التي تمت بالمخالفة لأحكام القوانين أرقام 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء و656 لسنة 1954 و45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني و55 لسنة 1964 بتنظيم وتوجيه أعمال البناء والقوانين المعدلة لها وذلك من تاريخ نفاذها حتى تاريخ العمل بالقانون المذكور. ولم يستثن من حكم الفقرة السابقة سوى حالات ثلاث نصت عليها الفقرة الثانية من المادة سالفة البيان وهي المباني والمنشآت المقامة على أرض مملوكة للدولة والمؤسسات العامة والشركات التابعة لها، والمباني والمنشآت التي أقيمت بارزة عن خطوط التنظيم المعتمدة، والمباني والمنشآت التي تقتضي ضرورات التخطيط والتنظيم العمراني إزالتها[(1)].
3 - لا يصح أن يضار المتهم بناء على الاستئناف المرفوع منه وحده. ولما كانت العقوبة المقضي بها بالحكم الابتدائي لم تتضمن إلزام المطعون ضده أداء ضعف الرسوم المستحقة عن الترخيص بالنسبة إلى جريمة إقامة البناء بدون ترخيص على الرغم من وجوب ذلك طبقا لما تقضي به المادة 16 من القانون رقم 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني، إلا أنه لما كانت النيابة العامة قد سكتت عن استئناف ذلك الحكم، فإنه ما كان للمحكمة الاستئنافية - وقد اتجهت إلى إدانة المطعون ضده بتلك الجريمة - أن تصحح هذا الخطأ[(1)].


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 23 سبتمبر سنة 1965 بدائرة قسم أول طنطا: (أولا) أنشأ تقسيما دون أن يكون حاصلا على موافقة سابقة من السلطة القائمة على أعمال التنظيم. (ثانيا) أقام البناء المبين بالمحضر قبل الحصول على ترخيص من السلطة القائمة على أعمال التنظيم. وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و20 و22 من القانون 52 لسنة 1940 والمواد 1 و2 و3 و16 و18 و19 و21 من القانون رقم 45 لسنة 1962.
ومحكمة قسم أو طنطا الجزئية قضت غيابيا في 25 ديسمبر سنة 1965 عملا بمواد الاتهام بتغريم المتهم مائة قرش والإزالة عن التهمة الأولى وخمسة جنيهات عن الثانية. فعارض، وقضى في معارضته بتاريخ 26 فبراير سنة 1966 بقبولها شكلا وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بتاريخ أول مايو سنة 1996 عملا بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى المتهمة الأولى بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة إلى المتهمة الأولى وبراءة المتهم منها وتعديله بالنسبة إلى التهمة ا لثانية والاكتفاء بتغريم المتهم خمسة جنيهات عنها. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضده من تهمة إنشاء تقسيم قبل الحصول على موافقة السلطة القائمة على أعمال التنظيم قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أقام قضاءه على أن المطعون ضده لم ينشئ التقسيم في حين أن التكييف الصحيح للفعل المسند إليه هو أنه أقام بناء على أرض غير مقسمة وكان يتعين على المحكمة الاستئنافية أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وتسبغ عليها الوصف القانوني الصحيح، ومن ثم توقع عليه عقوبة الإزالة المقررة لتلك الجريمة بعد التحقق من توافر عناصرها.
ومن ناحية أخرى فإن الحكم إذ دان الطاعن بالجريمة إقامة بناء بغير ترخيص - موضوع التهمة الثانية المرفوعة بها الدعوى - قد أخطأ في تطبيق القانون حين أغفل القضاء بعقوبة سداد ضعف الرسوم المستحقة عن الترخيص على الرغم من وجوب القضاء بها بالإضافة إلى عقوبة الغرامة طبقا لنص المادة 16 من القانون 45 سنة 1962 في شأن تنظيم المباني.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في أن مهندس التنظيم أثبت في محضره المؤرخ 23 أغسطس سنة 1965 أن المتهم قام ببناء دور أرضي لا يطل على طريق معتمد ويقع في أرض زراعية لم يصدر قرار وزاري بتقسيمها.
وخلص الحكم من ذلك إلى إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في التهمة الأولى وموضوعها إنشاء تقسيم دون موافقة السلطة القائمة على شئون التنظيم وببراءة المطعون ضده منها استنادا إلى أنه لم يثبت أنه منشئ التقسيم، وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من إدانة المطعون ضده في التهمة الثانية وموضوعها إقامة بناء بغير ترخيص مع إلغاء عقوبة الإزالة المقضي بها وذلك في قوله: " وحيث إن الحكم المستأنف قد أصاب وجه الحق في تقرير العقاب بالنسبة للتهمة الثانية إلا أنه أخطأ في القضاء بالإزالة ذلك لأن المادة 16 من القانون وهي المادة المطبقة ليس بها عقوبة الإزالة ولأن الإزالة لا تنطبق إلا حيث يكون البناء مخالفا للمواصفات الأمر الغير قائم، كما أن الحكم قد أغفل القضاء بضعف رسم الترخيص ولا يمكن للمحكمة جبر الحكم من هذا الوجه بإضافة هذه العقوبة طالما أن النيابة لم تستأنف هذا الحكم ولا تملك المحكمة والحال هذه تشديد العقوبة على المتهم وترى المحكمة لذلك تعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم خمسة جنيهات عن التهمة الثانية " لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم ومن واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقا صحيحا ذلك أنها وهي تفصل في الدعوى لا تتقيد بالواقعة في نطاقها الضيق المرسوم في وصف التهمة المحالة عليها بل إنها مطالبة بالنظر في الواقعة الجنائية التي رفعت بها الدعوى على حقيقتها كما تتبينها من الأوراق ومن التحقيق الذي تجريه بالجلسة، وكل ما تلتزم به في هذا النطاق هو ألا تعاقب المتهم عن واقعة غير التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وإن لم يعرض لجريمة إقامة البناء على أرض لم يصدر قرار بتقسيمها التي تتحملها الواقعة الجنائية المرفوعة عنها الدعوى كما وردت بأمر الإحالة، إلا أنه لا جدوى من النعي عليه لهذا السبب لأن إقامة البناء على أرض غير مقسمة وإقامة بغير ترخيص تجمعها وحدة الفعل المادي وهو إقامة البناء على خلاف أحكام القانون الأمر الذي يستوجب - عملا بالفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات - توقيع العقوبة الأشد وهي المقررة لجريمة إقامة البناء بغير ترخيص - التي دين المطعون ضده بها وفقا للقانون رقم 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني. ولا يغير من ذلك ما تثيره الطاعنة في شأن عدم استجلاء الحكم قيام المطعون ضده بالأعمال والالتزامات التي فرضتها المادتان 12 و13 من القانون رقم 52 لسنة 1940 مما يستوجب الحكم بالإزالة عند ثبوت عدم قيامه بها - إذ أن القانون رقم 29 لسنة 1966 في شأن الأبنية والأعمال التي تمت بالمخالفة لأحكام قوانين تنظيم المباني وتقسيم الأراضي المعدة للبناء وتنظيم وتوجيه أعمال البناء والهدم المعمول به من تاريخ نشره في 7 يوليه سنة 1966 قد نص في الفقرة الأولى من المادة الأولى منه على أنه " لا يجوز إصدار قرارات أو أحكام بإزالة أو بهدم أو بتصحيح الأبنية والأعمال التي تمت بالمخالفة لأحكام القوانين رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء ورقم 656 سنة 1954 في شأن تنظيم المباني ورقم 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني ورقم 55 لسنة 1964 بتنظيم وتوجيه أعمال البناء والقوانين المعدلة لها... ". ولم يستثن من حكم الفقرة السابقة سوى الحالات الثلاث التي نصت عليها الفقرة الثانية من المادة سالفة البيان وهي " (أ) المباني والمنشآت المقامة على أرض مملوكة للدولة والمؤسسات العامة والشركات التابعة لها (ب) المباني والمنشآت التي أقيمت بارزة عن خطوط التنظيم المعتمدة (ج) المباني والمنشآت التي تقضي ضرورات التخطيط والتنظيم العمراني إزالتها ". وإذ كان الثابت من الأوراق أن البناء موضوع الدعوى لا تتمثل فيه أي من الحالات المستثناة المشار إليها، وأن الواقعة الجنائية التي اقترفها المطعون ضده قد تمت بتاريخ 23 سبتمبر سنة 1965 أي في خلال الفترة الواقعة بين نفاذ القانون رقم 52 لسنة 1940 وتاريخ العمل بالقانون رقم 29 لسنة 1966، فإنه ما كان يجوز في هذه الحال الحكم بعقوبة الإزالة المنصوص عليها في القانون رقم 52 لسنة 1940 - أيا ما كان وجه المخالفة لأحكامه. لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقضي بها بالحكم الابتدائي لم تتضمن إلزام المطعون ضده أداء ضعف الرسوم المستحقة عن الترخيص بالنسبة إلى جريمة إقامة البناء بدون ترخيص على الرغم من وجوب ذلك طبقا لما تقضي به المادة 16 من القانون رقم 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني، إلا أنه لما كانت النيابة العامة قد سكتت عن استئناف ذلك الحكم، فإنه ما كان للمحكمة الاستئنافية - وقد اتجهت إلى إدانة المطعون ضده بتلك الجريمة - أن تصحح هذا الخطأ، إذ لا يصح أن يضار المتهم بناء على الاستئناف المرفوع منه وحده. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.


[(1)] هذه المبادئ مقررة في الطعن رقم 139 لسنة 27 ق جلسة 27\ 3\ 1967.