أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 808

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أنور أحمد خلف، وإبراهيم أحمد الديواني، ومحمد عبد الواحد الديب، وعادل برهان نور.

(173)
الطعن رقم 1007 لسنة 44 القضائية

(1) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". استئناف. "نظره والحكم فيه" محكمة استئنافية.
تأييد الحكم المستأنف لأسبابه. دون إيراد لتلك الأسباب. صحيح. أساس ذلك ؟
(2) دعوى جنائية "تحريكها". نيابة عامة. "قيود تحريكها الدعوى الجنائية". دفوع. "الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد".
سكوت المجنى عليه من تقديم الشكوى فى جرائم المادة 3 إجراءات. فى الأجل المحدد. إعتباره تنازلا عن الحق فى الشكوى. لا يقبل إثبات العكس.
تقديم الشكوى فى الجرائم المذكورة فى الأجل المحدد. ينفى قرينة التنازل ويحفظ للإجراء أثره. ولو تراخت النيابة فى تحريك الدعوى الجنائية. الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد فى هذه الحالة. غير مقبول.
(3) دعوى جنائية. "انقضاؤها بالتقادم". تقادم. دفوع. "الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم" سب انتخابات
سريان مدة سقوط الدعوى الجنائية المنصوص عليها فى المادة 50 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية على الجرائم التى عددتها المادة 42 من هذا القانون. فحسب.
(4) إجراءات المحاكمة. محكمة استئنافية. "الإجراءات أمامها". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره" إثبات. "شهادة".
عدم التزام محكمة ثانى درجة إجراء تحقيق أو سماع شهود. إلا إذا رأت لزوم ذلك. أو لاستكمال ما كان يجب على أول درجة إجراؤه. سماع أول درجة للشهود. التفات ثانى درجة عن طلب سماعهم. لا إخلال بحق الدفاع.
(5) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب" إثبات. "شهادة". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل".
تناقض أقوال الشهود لا يعيب الحكم. ما دام أنه استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
1 - من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التى بنى عليها فليس فى القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب فى حكمها بكل يكفى أن يحيل عليها، إذا الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة اعترتها كأنها صادرة منها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بشأن اعتناق الحكم المطعون فيه لأسباب الحكم المستأنف يكون فى غير محله.
2 - لما كان من المقرر بنص المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية أنه لا يجوز رفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجنى عليه، أو من وكيله الخاص، إلى النيابة العامة أو أحد مأمورى الضبط القضائى فى الجرائم المنصوص عليها فيها – ومن بينها جريمة السب – وأنه لا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجنى عليه بالجريمة ومرتكبها، وكان الشارع قد جعل من مضى هذا الأجل قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس على التنازل لما قدره من أن سكوت المجنى عليه هذه المدة يعد بمثابة نزول عن الحق فى الشكوى لأسباب ارتآها حتى لا يتخذ من حق الشكوى إذا استمر أو تأيد سلاح للتهديد والابتزاز أو النكاية، ومن ثم فان تقديم الشكوى خلال الأجل الذى حدده القانون إنما ينفى قرينة التنازل، ويحفظ لهذا الإجراء أثره القانونى ولو تراخت النيابة العامة فى تحريك الدعوى الجنائية إلى ما بعد فوات هذا الميعاد. وإذ كانت المطعون ضدها، قد قدمت شكواها فى الميعاد المحدد وأقامت دعواها وفقا للأوضاع التى رسمها القانون، فإن ما يثيره الطاعن بدعوى مخالفة الحكم لنص المادة 3/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية لا يكون صحيحا فى القانون ويكون الدفع بعدم قبول الدعوى على هذا الأساس فى غير محله.
3 - إذا كان نص المادة 42 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية قد جرى بأن "كل من نشر أو أذاع أقوالا كاذبة عن موضوع الاستفتاء أو عن سلوك أحد المرشحين أو عن أخلاقه بقصد التأثير فى نتيجة الاستفتاء أو الانتخاب، وكل من أذاع بذلك القصد أخبارا كاذبة، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر أو بغرامة لا تجاوز خمسين جنيها" كما نصت المادة 50 منه على أنه "تسقط الدعوى العمومية والمدنية فى الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون بمضى ستة أشهر من يوم إعلان نتيجة الانتخاب أو الاستفتاء أو من تاريخ آخر عمل متعلق بالتحقيق". وكانت جريمة السب – موضوع الدعوى الماثلة – ليست من بين الجرائم التى عددتها المادة 42 سالفة الذكر، فإنه لا يسرى عليها نص المادة 50 من ذات القانون، ويكون الدفع بسقوط الدعويين العمومية والمدنية لذلك غير سديد، وبالتالى فلا محل لما ينعاه الطاعن من عدم رد المحكمة على الدفعيين بعدم قبول الدعوى وبسقوطها – على فرض أنه قد أبداهما فى مذكرته – إذ طالما أنهما دفعان ظاهرا البطلان وبعيدان عن محجة الصواب فلا تلتزم المحكمة بإيرادهما والرد عليها.
4 - من المقرر أن محكمة ثانى درجة إنما تحكم بحسب الأصل على مقتضى الأوراق، وهى لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى لزوما لإجرائه أو استكمال ما كان يجب على محكمة أول درجة إجراؤه، ومن ثم فان النعى على المحكمة الاستئنافية التفاتها عن إجابة الطاعن إلى طلبه إعادة سماع الشهود يكون على غير أساس، ما دامت هى لم ترى من جانبها حاجة إليه، وما دامت محكمة أول درجة قد حققت شفوية المرافعة بسماع شاهدى الإثبات وشاهدى النفى.
5 - إن التناقض فى أقوال الشهود – على فرض وجوده – لايعيب الحكم، ما دام أنه قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه، كما هو الشأن فى الدعوى المطروحة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن ينحل فى الواقع إلى جدل فى تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب عليها فى ذلك من محكمة النقض.


الوقائع

أقامت المدعية بالحق المدنى دعواها بالطريق المباشر أمام محكمة جنح سنورس الجزئية ضد الطاعن متهمة إياه فى يوم أول يوليه سنة 1971 بدائرة مركز سنورس محافظة الفيوم تعدى عليها بالسب والقذف بالطريق العام بأن وجه إليها الألفاظ الموضحة بصحيفة الدعوى وطلبت عقابه بالمواد 171 و206 و308 من قانون العقوبات مع إلزامه أن يدفع لها مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. والمحكمة المشار إليها قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم شهرا مع الشغل وكفالة خمسمائة قرش وبتغريمه عشرين جنيها وإلزامه إن يؤدى للمدعية بالحق المدنى مبلغ ثلاثين جنيها على سبيل التعويض. والمصاريف ومبلغ مائة قرش مقابل أتعاب المحاماة بلا مصروفات جنائية فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة الفيوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف فطعن الأستاذ.......... المحامى عن الأستاذ............ بصفته وكيلا عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة السب قد شابه قصور فى التسبيب وانطوى على خطأ فى تطبيق القانون وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه اكتفى بالإحالة على أسباب الحكم المستأنف ولم يورد أسبابا مستقلة لقضائه، ومن ثم لم يعرض لما تضمنته مذكرة الطاعن من الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها – فى 2 من يوليه سنة 1972 – بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجنى عليها بالجريمة فى 1 من يوليه سنة 1971 بل ومن يوم تقديم شكواها ضده فى 6 يوليه سنة 1971، عملا بنص المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية، وكذلك للدفع بسقوط الدعوى العمومية والمدنية بمضى ستة أشهر من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب أو الاستفتاء عملا بنص المادة 50 من القانون رقم 73 سنة 1956 إذ وقعت الجريمة أثناء انتخابات الاتحاد الاشتراكى وبسببها كما التفتت المحكمة عن إجابة الطاعن إلى طلب مناقشة شهود الإثبات، وأغفلت الرد على ما أثاره فى شأن تناقض روايتها بما يدل على تلفيقها، وكل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة السب التى دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التى بنى عليها فليس فى القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب فى حكمها بكل يكفى أن تحيل عليها، إذا الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة اعتبرتها كأنها صادرة منها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بشأن اعتناق الحكم المطعون فيه لأسباب الحكم المستأنف يكون فى غير محله - لما كان ذلك، وكان يبين ما حصله الحكم أن الطاعنة قدمت شكوى إلى النيابة العامة – قيدت برقم 2574 سنة 1971 إدارى سنورس – نسبت فيها إلى الطاعن أنه وجه إليها عبارات السب المبينة بها، على مسمع من الحاضرين للادلاء برأيهم فى انتخابات الاتحاد الاشتراكى بلجنة مدرسة الكعابى الجديدة بتاريخ 1 يوليه سنة 1971، وكان الثابت مما ورد بأسباب الطعن أنها قدمت تلك الشكوى فى يوم 6 من يوليه سنة 1971، وإذ قررت النيابة حفظها إداريا أقامت الدعوى الماثلة بطريق الادعاء المباشر بصحيفتها المعلنة إلى الطاعن فى يوم 2 يوليه سنة 1972. لما كان ذلك، وكان من المقرر بنص المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية أنه لا يجوز رفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجنى عليه، أو من وكيله الخاص، إلى النيابة العامة أو أحد مأمورى الضبط القضائى فى الجرائم المنصوص عليها فيها – ومن بينها جريمة السب – وأنه لا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجنى عليه بالجريمة وبمرتكبها، وكان الشارع قد جعل من مضى هذا الأجل قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس على التنازل لما قدره من أن سكوت المجنى عليه هذه المدة يعد بمثابة نزول عن الحق فى الشكوى لأسباب ارتآها حتى لا يتخذ من حق الشكوى إذا استمر أو تأيد سلاح للتهديد أو الابتزاز أو النكاية، ومن ثم فإن تقديم الشكوى خلال الأجل الذى حدده القانون إنما ينفى قرينة التنازل، ويحفظ لهذا الإجراء أثره القانونى ولو تراخت النيابة العامة فى تحريك الدعوى الجنائية إلى ما بعد فوات ذلك الميعاد، وإذ كانت المطعون ضدها – على نحو ما سلف بيانه – قد قدمت شكواها فى الميعاد المحدد وأقامت دعواها وفقا للأوضاع التى رسمها القانون، فإن ما يثيره الطاعن بدعوى مخالفة الحكم لنص المادة 3/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية لا يكون صحيحا فى القانون ويكون الدفع بعدم قبول الدعوى على هذا الأساس فى غير محله. لما كان ذلك. وكان نص المادة 42 من القانون رقم 73 لسنة 1956 قد جرى بأن "كل من نشر أو أذاع أقوالا كاذبة عن موضوع الاستفتاء أو عن سلوك أحد المرشحين أو عن أخلاقه بقصد التأثير على نتيجة الاستفتاء أو الانتخاب، وكل من أذاع بذلك القصد أخبارا كاذبة، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر أو بغرامة لا تجاوز خمسين جنيها" كما نصت المادة 50 منه على أنه "تسقط الدعوى العمومية والمدنية فى الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون بمضى ستة أشهر من يوم إعلان نتيجة الانتخاب أو الاستفتاء أو من تاريخ آخر عمل متعلق بالتحقيق"، وكانت جريمة السب – موضوع الدعوى الماثلة –ليست من الجرائم التي عددتها المادة 42 سالفة الذكرمن ثم فلا يسرى عليها نص المادة 50 من ذات القانون، ويكون الدفع بسقوط الدعويين العمومية والمدنية لذلك غير سديد، وبالتالي فلا محل لما ينعاه الطاعن من عدم رد المحكمة على الدفعيين بعدم قبول الدعوى وبسقوطها – على فرض أنه قد أداهما فى مذكرته طالما أنهما دفعان ظاهرا البطلان وبعيدان عن محجة الصواب فلا تلتزم المحكمة بايرادها والرد عليها. لما كان ذلك، وكانت محكمة أول درجة قد حققت شفوية المرافعة بسماع شاهدى الإثبات وشاهدى النفى، وكان من المقرر أن محكمة ثانى درجة إنما تحكم بحسب الأصل على مقتضى الأوراق وهى لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى لزوما لإجرائه أو استكمال ما كان يجب على محكمة أول درجة إجراؤه فان النعى على المحكمة الاستئنافية التفاتها عن إجابة الطاعن إلى طلب إعادة سماع الشهود يكون على غير أساس ما دامت هى لم تر من جانبها حاجة إليه. لما كان ذلك، وكان التناقض فى أقوال الشهود – على فرض وجوده – لا يعيب الحكم ما دام أنه قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه كما هو الشأن فى الدعوى المطروحة وكان ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن ينحل فى الواقع إلى جدل فى تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب عليها فى ذلك من محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.