أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة الثامنة عشرة - صـ 462

جلسة28 من مارس سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمد أبو الفضل، وأنور أحمد خلف.

(88)
الطعن رقم 161 لسنة 37 القضائية

رد إعتبار. سلاح. ظروف مشددة نقض."حالات الطعن بالنقض. الخطأ في تطبيق القانون"
وضع الشارع قاعدة عامة تسري علي نوعي رد الإعتبار (القانوني والقضائي) مفادها أن وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة هي من العقوبات التي لا تبدأ المدة اللازمة لرد الإعتبار بالنسبة لها إلا بعد إنتهاء مدتها.
المادة 550 إجراءات لم تفرق عند تحديد المدة اللازمة لزوال أثر الحكم بين العقوبة الأصلية وغير الأصلية.
إن كشف القانون بما قرره في الفقرة الأولي من المادة 538 من قانون الإجراءات الجنائية عن قاعدة عامة تسري علي نوعي رد الإعتبار ـ القضائي والقانوني ـ مفادها أن وضع المحكوم عليه تحت مراقبة البوليس من العقوبات التي لا تبدأ المدة اللازمة لرد الإعتبار بالنسبة لها إلا بعد إنتهاء مدتها، ومن ثم فهو قد استغني بعد أن أوردها في صدد أحكام رد الإعتبار بحكم القضاء عن العود إلي ترديدها عند بيان أحكام رد الإعتبار بحكم القانون. ولما كان ما قال به الحكم المطعون فيه من أن المدة المنصوص عليها في المادة 550 من القانون المذكور لزوال أثر الحكم إنما تبدأ من تنفيذ العقوبة الأصلية هو تخصيص لا يحمله نص هذه المادة التي لم تفرق بين عقوبة أصلية وغير أصلية، فإنه بما إنتهى إليه من عدم توافر الظرف المشدد في جريمتي إحراز السلاح والذخيرة المنسوبتين إلي المطعون ضده تأسيسا علي أن المدة اللازمة لرد الإعتبار بحكم القانون قد انقضت بالنسبة إلي العقوبة الأصلية دون أن يعن الحكم ببحث عقوبة المراقبة المقض بها وما تم بشأن تنفيذها، يكون قد أخطأ في تأويل القانون خطأ يعيبه ويستوجب نقضه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 18 أغسطس سنة 1964 بدائرة مركز طهطا محافظة سوهاج: (أولا) حاز بغير ترخيص سلاحا ناريا مششخنا "مسدسا" حالة كونه سبق الحكم عليه بعقوبة جناية سرقة في الطريق العام مع حمل السلاح. و(ثانيا) حاز بغير ترخيص "ذخائر" طلقات خرطوش مما تستعمل في الأسلحة النارية حالة كونه سبق الحكم عليه في الجناية آنفة الذكر. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته على محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1/ 1 و6 و7/ 5 - ح - هـ و26/ 2 - 3 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والبند (أ) من القسم الأول من الجدول 3، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضوريا بتاريخ 16 مايو سنة 1966 عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المواد 17 و32 و55/ 1 و56/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن ما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه هو أنه إذ استبعد - من وصف تهمتي إحراز السلاح والذخيرة بغير ترخيص المسندتين إلى المطعون ضده - الظرف المشدد القائم على سبق الحكم عليه بعقوبة جناية، تأسيسا على أنه قد رد اعتباره عن هذه السابقة بحكم القانون ذاهبا في احتساب مدة رد الاعتبار من تاريخ انتهاء تنفيذ العقوبة الأصلية لا من تاريخ انقضاء عقوبة المراقبة المقضي بها عليه لمدة خمس سنوات تبدأ بعد انقضاء مدة العقوبة الأصلية - قد أخطأ في تأويل القانون وفي تطبيقه، ذلك بأنه خالف حكم المادة 538 من قانون الإجراءات الجنائية التي توجب احتساب المدة من اليوم الذي تنتهي فيه مدة المراقبة في حالتي رد الاعتبار القضائي أو القانوني على السواء، وقد أدى هذا الخطأ في تأويل نصوص القانون إلى الخطأ في تطبيقه فلم يعمل في حق المطعون ضده حكم الفقرة الثالثة من المادة 26 من قانون الأسلحة والذخائر.
وحيث إن النيابة العامة اتهمت المطعون ضده بأنه في يوم 8 أغسطس سنة 1964 بدائرة مركز طهطا محافظة سوهاج: (أولا) أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا مششخنا "مسدسا" حالة كونه سبق الحكم عليه بعقوبة جناية سرقة في الطريق العام مع حمل سلاح. (ثانيا) حاز بغير ترخيص ذخائر "طلقات خرطوش" مما تستعمل في الأسلحة النارية حالة كونه سبق الحكم عليه في الجناية آنفة الذكر. وطلبت معاقبته بالمواد 1/ 1 و6 و7/ ب - ج - هـ و26/ 2 - 3 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 وبالقانون رقم 75 لسنة 1958 والبند "أ" من القسم الأول من الجدول رقم "3" المرافق.
وحيث إنه يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمتي إحراز السلاح والذخيرة بغير ترخيص المسندتين إلى المطعون ضده وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها خلص إلى إدانته في الجريمتين عملا بنص المواد 1 و26/ 1 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين سالفي الذكر وبالمواد 17 و55 و56 من قانون العقوبات مستبعدا الظرف المشدد - وهو سبق الحكم على المطعون ضده بعقوبة جناية في القضية رقم 1960 سنة 48 طهطا. بقوله: " وحيث إن النيابة العامة طلبت معاقبة المتهم - المطعون ضده - عملا بنص الفقرة الثالثة من المادة 26 سالفة الذكر بالتطبيق للفقرات ب، ج، هـ من المادة السابعة من القانون رقم 394 سنة 1954 إذ سبق الحكم على المتهم في 20 نوفمبر سنة 1948 من محكمة جنايات سوهاج في الجناية رقم 1960 سنة 1948 طهطا بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وخمس سنوات مراقبة لأنه في عام 1947 قارف جناية سرقة في حكم المادة 316 من قانون العقوبات. ولما كان يجب بمقتضى الظرف المشدد لجريمة إحراز سلاح بدون ترخيص ألا يكون قد انقضى حتى تاريخ الحكم أجل الأثنتي عشرة سنة الموجب لرد الاعتبار القانوني للسابقة بمعنى أن عدم انقضاء هذا الأجل عند وقوع جريمة إحراز السلاح لا ينفي أنه بانقضائه عند الحكم في الدعوى تتوافر أركان رد الاعتبار القانوني عن السابقة ولا يكون ثمة محل للظرف المشدد. لما كان ذلك، وكان يبين من تاريخ وقوع تلك السابقة والحكم فيها عام 1948، ومقدار العقوبة المقضي بها، أنه قد انقضى على تنفيذ عقوبة الأشغال الشاقة هذه عند الحكم في الدعوى مدة الاثنتى عشرة سنة. ولا يغير من ذلك أنه حكم عليه في تلك السابقة بخمس سنين مراقبة ذلك أن المدة المحددة لزوال أثر هذا الحكم ورد الاعتبار قانونا عنه إنما تبدأ كما تدل عليه نص المادة 550 من قانون الإجراءات الجنائية من وقت تنفيذ العقوبة الأصلية أو العفو عنها أو سقوطها بمضي المدة. فجاء هذا النص في صيغته مطابقا لنص المادة 537 من هذا القانون الخاصة برد الاعتبار القضائي وقد اتبعها الشارع بنص المادة 538 ليقضي بأنه في هذه الحالة إذا كان المحكوم عليه قد وضع تحت مراقبة البوليس بعد انقضاء العقوبة الأصلية، فتبتدئ المدة من اليوم الذي تنتهي فيه مدة المراقبة. ولهذا النص الأخير دلالتان الأولى أن المقصود من عبارة نص المادة 537 المطابقة لنص المادة 550 في خصوص مبدأ سريان المدة أنها تبدأ من تاريخ تنفيذ العقوبة الأصلية وإلا كان ثمة حاجة لنص المادة 538 والدلالة الثانية أن الشارع أتى بحكم آخر بالمادة 538 فجعل مبدأ هذه المدة في حالة رد الاعتبار القضائي عند وضع المحكوم عليه تحت المراقبة من اليوم الذي تنتهي فيه مدة المراقبة ولم يأت بنص مماثل في حالة رد الاعتبار القانوني ولا سبيل إلى القياس، فعبارة الشارع واضحة الدلالة في أن هذا الحكم بالمادة 538 مكمل للحكم السابق بالمادة 537 في شأن رد الاعتبار القضائي. فعدم إتيانه بمثل هذا النص في حالة رد الاعتبار القانوني قاطع بمفهوم المخالفة أنه لم يشأ أن يتراخى مبدأ المدة المحددة لزوال أثر الحكم في حالة رد الاعتبار القانوني عند وضع المحكوم عليه تحت المراقبة اكتفاء باشتراطه مدة أطول فيه عما اشترطه في حالة رد الاعتبار القضائي فالتزم القاعدة الواردة بالمادة 550 بأن تبدأ المدة المحددة لزوال أثر هذا الحكم من وقت تنفيذ العقوبة الأصلية في جميع الحالات. لكل هذا يكون قد توافرت أركان در الاعتبار القانوني عن تلك السابقة ولا يكون ثمة محل للظرف المشدد". وما أورده الحكم فيما تقدم غير سديد ذلك بأنه يبين من مراجعة النصوص الواردة في الباب التاسع من الكتاب الرابع من قانون الإجراءات الجنائية أن المشرع اشترط في المادة 537 لرد الاعتبار بحكم القضاء أن تنقضي على تنفيذ العقوبة أو صدور العفو عنها مدة ست سنوات إذا كانت عقوبة جناية وثلاث سنوات إذا كانت عقوبة جنحة وتضاعف هذه المدة في حالتي الحكم للعود وسقوط العقوبة بمضي المدة. وجرى نص المادة 538 على أنه: "إذا كان المحكوم عليه قد وضع تحت مراقبة البوليس بعد انقضاء العقوبة الأصلية تبتدئ المدة من اليوم الذي تنتهي فيه مدة المراقبة. وإذا كان قد أفرج عن المحكوم عليه تحت شرط فلا تبتدئ المدة إلا من التاريخ المقرر لانقضاء العقوبة أو من التاريخ الذي يصبح فيه الإفراج تحت شرط نهائيا" ثم عرض المشرع لرد الاعتبار بحكم القانون فنص في المادة 550 على أنه " يرد الاعتبار بحكم القانون إذا لم يصدر خلال الآجال الآتية على المحكوم عليه حكم بعقوبة جناية أو بعقوبة جنحة مما يحفظ عنه صحيفة بقلم السوابق (أولا) بالنسبة إلى المحكوم عليه بعقوبة جناية أو بعقوبة جنحة في جريمة سرقة أو إخفاء أشياء مسروقة أو نصب أو خيانة أمانة أو تزوير أو شروع في هذه الجرائم وفي الجرائم المنصوص عليها في المواد 355 و356 و367 و368 من قانون العقوبات متى مضى على تنفيذ العقوبة أو العفو عنها أو سقوطها بمضي المدة أثنتا عشرة سنة (ثانيا) بالنسبة إلى المحكوم عليه بعقوبة جنحة في غير ما ذكر متى مضت على تنفيذ العقوبة أو العفو عنها ست سنوات إلا إذا كان الحكم قد اعتبر المحكوم عليه عائدا أو كانت العقوبة قد سقطت بمضي المدة فتكون المدة اثنتي عشرة سنة " ثم نصت المادة 551 على أنه " إذا كان المحكوم عليه قد صدرت ضده عدة أحكام فلا يرد اعتباره إليه بحكم القانون إلا إذا تحققت بالنسبة لكل منها الشروط المنصوص عليها في المادة السابقة، على أن يراعى في حساب المدة إسنادها إلى أحدث الأحكام " ومؤدى مسلك القانون في إيراد أحكام رد الاعتبار بنوعيه أنه إنما كشف بما قرره في الفقرة الأولى من المادة 538 عن قاعدة عامة تسري على نوعي رد الاعتبار مفادها أو وضع المحكوم عليه تحت المراقبة البوليس هي من العقوبات التي لا تبدأ المدة اللازمة لرد الاعتبار بالنسبة لها إلا بعد انتهاء مدتها ومن ثم فهو قد استغنى بعد أن أوردها في صدد أحكام رد الاعتبار بحكم القضاء عن العود إلى ترديدها عند بيان أحكام رد الاعتبار بحكم القانون. لما كان ذلك، وكان ما قال به الحكم المطعون فيه من أن المدة المنصوص عليها في المادة 550 لزوال أثر الحكم إنما تبدأ من تنفيذ العقوبة الأصلية هو تخصيص لا تحمله نص هذه المادة التي لم تفرق بين عقوبة أصلية وغير أصلية، فإنه بما انتهى إليه من عدم توافر الظرف المشدد في جريمتي إحراز السلاح والذخيرة المنسوبتين إلى المطعون ضده تأسيسا على أن المدة اللازمة لرد الاعتبار بحكم القانون قد انقضت بالنسبة إلى العقوبة الأصلية دون أن يعني الحكم ببحث عقوبة المراقبة المقضي بها وما تم بشأن تنفيذها يكون قد أخطأ في تأويل القانون خطأ يعيبه ويستوجب نقضه والإحالة.