أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 830

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ محمود كامل عطيفة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى محمود الأسيوطي، ومحمد عبد الواحد الديب، ومحمد صلاح الرشيدي، وأحمد فؤاد جنينه.

(178)
الطعن رقم 1035 لسنة 44 القضائية

(1 و2) إعلان. موطن. تزوير. "أوراق رسمية". جريمة. "أركانها". عقوبة. بطلان. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(1) المساكنة. شرط لتسليم الإعلان إلى أزواج وأقارب وأصهار المعلن إليه. وليست كذلك بالنسبة لغيرهم من وكلاء المعلن إليه أو من يعملون فى خدمته. كفاية إعلان الأخيرين فى موطنه. المادة 10 من قانون المرافعات.
(2) التزوير فى المحررات. لا عقاب عليه. إلا إذا وقع بيان جوهرى أعد المحرر لإثباته.
إثبات إقامة التابع مع متبوعه. فى الإعلان الذى تسلمه التابع نيابة عنه. ناقلة. لا تثريب على ورودها فى الإعلان أو إغفالها. صحته أو بطلانه.
(3) إعلان. موطن. إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير قيام عنصر الاستقرار ونية الاستيطان. كشرطين فى الموطن. موضوعى.
تقدير توافر رابطة التبعية بين التابع الذى تسلم الإعلان، وبين متبوعه. موضوعى.
العبرة فى تسلم الإعلان بالتبعية للمعلن إليه. لا ينوع خدمة التابع.
1 - من المقرر على هدى من صريح نص المادة العاشرة من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 والذى تم الإعلان موضوع الطعن فى ظله، أن المساكنة شرط لتسليم الإعلان إلى الأزواج والأقارب والأصهار، ويتعين على المحضر أن يثبت ذلك فى أصل الإعلان وصورته إذ هى بيان جوهرى يترتب البطلان على إغفاله وأنه لا تشترط الإقامة بالنسبة لوكيل المعلن أو لمن يعملون فى خدمته، بل يكفى أن يتم تسليمهم صورة الإعلان فى موطنه.
2 - من المقرر أنه لا يكفى للعقاب أن يكون الشخص قد قرر غير الحقيقة فى المحرر، بل يجب أن يكون الكذب قد وقع فى جزء من أجزاء المحرر الجوهرية التى من أجلها أعد المحرر لإثباته، وكان القرار المطعون فيه قد التزم هذا النظر إذ اعتبر أن العبارة الواردة بالإعلان المدعى تزويره بشأن إقامة المطعون ضده الأول – التابع – مع الطاعن بفرض عدم صحتها ليست بيانا جوهريا فى خصوص هذا الإعلان، بل هى من نافلة القول لا يترتب على ورودها أو إغفالها صحته أو بطلانه، فان النعى عليه بالخطأ فى تطبيق القانون، يكون غير سديد.
3 - إن تقدير قيام عنصر الاستقرار ونية الاستيطان اللازم توافرها فى الموطن (وكذلك توافر رابطة التبعية) من الأمور الواقعية التى يستقل بتقديرها قاضى الموضوع، وأن العبرة هى بتوافر رابطة التبعية بين من تسلم الإعلان والشخص المراد إعلانه وليس بنوع الخدمة التى يؤديها.


الوقائع

تتحصل وقائع هذا الطعن – حسب الثابت بالأوراق – فى أن الطاعن تقدم بشكوى إلى النيابة العامة نسب فيها إلى المطعون ضدهما أنهما ارتكبا تزويرا فى محرر رسمى هو ورقة إعلان صحيفة الدعوى رقم 381 سنة 1970 مدنى كلى دمياط المقامة عليه من ثانيهما بطلب صحة ونفاذ عقد بيع ابتدائي نسب صدوره إليه، وذلك بأن أتفق المطعون ضده الثانى مع تابعه المطعون ضده الأول على استلام إعلان صحيفة الدعوى المشار إليها على اعتبار أنه تابع للمعلن إليه – الطاعن – وتنفيذا لهذا الاتفاق قرر المطعون ضده الأول للمحضر الذى باشر الإعلان على غير الحقيقة أنه تابع للطاعن ويقيم معه فتم الإعلان واستلام صورته على هذا الأساس، فى حين أن المطعون ضده الأول ليس تابعا للطاعن وإنما يعمل لدى المطعون ضده الثانى. فباشرت النيابة العامة التحقيق وانتهت إلى حفظ الشكوى إداريا. فتظلم الطاعن من قرار الحفظ، وادعى مدنيا قبل المطعون ضدهما بقرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. فأمر رئيس النيابة باستيفاء التحقيق، ثم أمر بعد إجراء الاستيفاء بحفظ الأوراق، فطعن المدعى بالحقوق المدنية فى هذا الأمر أمام مستشار الإحالة بمحكمة دمياط الابتدائية، فأصدر أمره بعدم جواز الطعن.
فطعن وكيل المدعى بالحقوق المدنية فى هذا الأمر بطريق النقض، وقضى فيه بقبوله شكلا وفى الموضوع بنقل الأمر المطعون فيه وإعادة القضية إلى مستشار الإحالة بمحكمة دمياط الابتدائية لنظرها وإلزام المطعون ضدهما المصاريف.
وبعد نظر الطعن – من جديد – أصدر مستشار الإحالة أمره بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الأمر المطعون فيه.
فطعن المدعى بالحقوق المدنية فى هذا الأمر بطريق النقض للمرة الثانية. وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.


المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعن على القرار المطعون فيه إنه إذ انتهى إلى تأييد الأمر الصادر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى على المطعون ضدهما فى تهمة ارتكابهما التزوير فى محرر رسمى هو إعلان صحيفة الدعوى رقم 381 سنة 1970 مدنى كلى دمياط، قد انطوى على خطأ فى الإسناد وفى تطبيق القانون وشابه فساد فى التدليل وقصور فى التسبيب، ذلك بأنه أسند إلى الطاعن أنه قرر بتحقيقات الجنحة رقم 3901 سنة 1970 قسم دمياط أن له موطنا بدمياط بالمنزل رقم 9 شارع النقراشى، فى حين أن ما ذكره الطاعن هو أنه يقيم بالمنزل رقم 59 شارع عبد السلام عارف برمل الإسكندرية، وأخطأ فيما انتهى إليه من أن القانون لا يشترط إقامة التابع المخاطب فى الإعلان مع متبوعه المعلن إليه رغم وجوب ذلك وثبوت أن المطعون ضده الأول – التابع – يقيم بناحية الشيخ ضرغام مركز دمياط، وأن ما استدل به القرار المطعون فيه على أن للطاعن موطنا بدمياط وأن المطعون ضده الأول تابعه لا يؤدى إلى ما رتبه عليه إذ لا يحاج الطاعن بما وجهه المطعون ضده الثانى من إعلانات إليه وإلى شقيقه...... بهذا الموطن، ولا بالقول بأن المطعون ضده الأول كان يعمل لدى مورث الطاعن وما زال فى خدمة ورثته وتسلم إليه خطاباتهم، وأن الموطن المشار إليه لا يعدو أن يكون منزلا خاليا مخلفا عن المورث يتردد عليه الأعزب من أفراد الأسرة، وأن مصلحة المطعون ضده الثانى فى إعلانه به هو رغبته فى الحكم له بصحة ونفاذ عقد البيع موضوع الدعوى التى وجه فيها الإعلان الماثل فى غفلة من الطاعن هذا إلى أن القرار قد أغفل بيان عناصر إقامة الطاعن الإعتيادية بالموطن المذكور، وذلك كله مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن القرار المطعون فيه بين بما محصله أن الطاعن تقدم بشكوى إلى النيابة العامة نسب فيها إلى المطعون ضدهما ارتكابهما تزويرا فى محرر رسمى هو إعلان صحيفة الدعوى رقم 381 سنة 1970 مدنى كلى دمياط المرفوعة عليه من المطعون ضده الثانى – أخيه – بصحة ونفاذ عقد البيع موضوع تلك الدعوى بأن اتفقا على أن يقوم الأخير باعلان الطاعن بها بمنزل الأسرة 9 شارع النقراشى بدمياط باعتباره محل إقامته، وأن يقوم المطعون ضده الأول باستلام الإعلان بصفته تابعا له، وقد تم الإعلان على هذا الأساس فى حين أنه يقم على وجه الدوام بالإسكندرية وأن مستلم الإعلان ليس تابعا بل هو عامل لدى المطعون ضده الثانى، فباشرت النيابة التحقيق وادعى الطاعن مدنيا بقرش على سبيل التعويض المؤقت، ولما أمرت النيابة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى طعن على هذا الأمر أمام مستشار الإحالة. لما كان ذلك، وكان قرار مستشار الإحالة المطعون فيه قد انتهى إلى تأييد أمر النيابة المطعون عليه مستدلا على ذلك بأدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، وكان يبين من مطالعة مدونات الجنحة رقم 3901 سنة 1970 قسم دمياط أن ما استخلصه منها القرار المطعون فيه من وجود موطن للطاعن بدمياط "9 شارع النقراشى" الذى أعلن فيه، له معينه الصحيح من تحقيقاتها، فان ما ينعاه الطاعن فى هذا الصدد من قالة الخطأ فى الإسناد يكون فى غير محله، لما كان ذلك، وكان نص المادة 10 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 والذى تم الإعلان موضوع الطعن فى ظله يجرى بأنه "تسلم الأوراق المطلوب إعلانها إلي الشخص نفسه أو في موطنه ويجوز تسليمها فى الموطن المختار فى الأحوال التى بينها القانون. وإذا لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه فى موطنه كان عليه أن يسلم الورقة إلى من يقرر أنه وكيله أو أنه يعمل فى خدمته أو أنه من الساكنين معه من الأزواج والأقارب والأصهار"، وكان من المقرر على هدى من صريح من عبارة النص أن المساكنة شرط لتسليم الإعلان إلى الأزواج والأقارب والأصهار ويتعين على المحضر أن يثبت ذلك فى أصل الإعلان وصورته إذ هى بيان جوهرى يترتب البطلان على إغفاله وأنه لا تشترط الإقامة بالنسبة لوكيل المعلن أو لمن يعملون فى خدمته بل يكفى أن يتم تسليمهم صورة الإعلان فى موطنه، فان العبارة الوارده بالإعلان المدعى بتزويره بشأن إقامة المطعون ضده الأول – التابع – مع الطاعن بفرض عدم صحتها، ليست بيانا جوهريا فى خصوص هذا الإعلان بل هى من نافلة القول لا يترتب على ورودها أو إغفالها صحته أو بطلانه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يكفى للعقاب أن يكون الشخص قد قرر غير الحقيقة فى المحرر، بل يجب أن يكون الكذب قد وقع فى جزء من أجزاء المحرر الجوهرية التى من أجلها أعد المحرر لإثباته، وكان القرار المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فان النعى عليه بالخطأ فى تطبيق القانون يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان القرار المطعون فيه قد استخلص من مستندات الخصوم ودفاعهما أن للطاعن ثلاثة مواطن أحدهما بدمياط وهو الذى تم فيه الاعلان موضوع الطعن الماثل، وأن المطعون ضده الأول كان يعمل لدى مورث الطاعن والمطعون ضده الثانى وأنه ظل كذلك بعد وفاته يقوم بخدمات منزل الأسرة والورثة واستلام وتسليم مكاتيبهم مما يؤكد توافر رابطة التبعية بينه وبين الطاعن، وكان من المقرر إن تقدير قيام عنصر الاستقرار ونية الاستيطان اللازم توافرها فى الموطن (وكذلك توافر رابطة التبعية) من الأمور الواقعية التى يستقل بتقديرها قاضى الموضوع، وأن العبرة هى بتوافر رابطة التبعية بين من تسلم الإعلان والشخص المراد إعلانه وليس بنوع الخدمة التى يؤديها، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة فى سلامة ما استخلصه القرار المطعون فيه من الأوراق والتحقيقات بدعوى الفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديا من ذلك إلى مناقضة الصورة التى إرتسمت فى وجدان قاضى الموضوع بالدليل الصحيح، ولا يخرج عن كونه جدلا موضوعيا فى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا، ومصادرة الكفالة، وإلزام الطاعن المصاريف المدنية.