أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 849

جلسة 9 من ديسمبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديوانى، وحسن على المغربى، وعثمان مهران الزينى، وفاروق محمود سيف النصر.

(183)
الطعن رقم 1506 لسنة 44 القضائية

إثبات. "خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". ضرب.
إحلال المحكمة نفسها محل الخبير. فى مسألة فنية بحت. إخلال بحق الدفاع.
انتهاء المحكمة إلى أن مرض الطاعن بالشلل النصفي. وتصلب الشرايين. لا يحولان دون حمل أداة الاعتداء. بغير التحقق من ذلك المختص فنيا. يعيب حكمها.
من المقرر أنه متى واجهت المحكمة مسألة فنية بحت كان عليها أن تتخذ ما تراه من الوسائل لتحقيقها بلوغا إلى غاية الأمر فيها، وكانت المحكمة قد ذهبت إلى أن مرض الطاعن بالشلل النصفى الأيمن وتصلب الشرايين لا يحول بينه وبين حمل زجاجه فارغة والاعتداء بها على المجنى عليه ومقارفة الجريمتين اللتين دانته بهما على الوجه الذى خلصت إليه فى بيانها لواقعة الدعوى، ودون أن تحقق هذا الدفاع الجوهرى عن طريق المختص فنيا فإنها تكون قد أحلت نفسها محل الخبير الفنى فى مسألة فنية، ويكون حكمها المطعون فيه معيبا بما يوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 9 من أغسطس سنة 1971 بدائرة قسم روض الفرج محافظة القاهرة: (أولا) أحدث بـ..... و.... الإصابات المبينة بالتقريرين الطبيين والتى أعجزتهما عن أشغالهما الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوما، (ثانيا) أتلف عمدا الأشياء المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة لـ...... وذلك على النحو المبين بالمحضر. وطلبت عقابه بالمادتين 242/ 1 و361/ 1 – 2 من قانون العقوبات. وادعى كل من المجنى عليهما مدنيا قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة روض الفرج الجزئية قضت فى الدعوى حضوريا ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها المصروفات. فاستأنفت النيابة العامة الحكم. كما استأنفه المدعيان بالحقوق المدنية وقيد استئنافهم برقم 945 سنة 1972. ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت فى الدعوى حضوريا، (أولا) برفض الدفع بعدم جواز استئناف المدعيين بالحقوق المدنية لقلة النصاب (ثانيا) قبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع بإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهم مائتى قرش عن كل تهمة وإلزامه أن يدفع للمدعيين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت وألزمته مصاريف الدعوى المدنية عن الدرجتين. فطعن المحامى عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتى الضرب والإتلاف قد شابه قصور فى التسبيب، وإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه على الرغم من تسمك المدافع عنه بعدم إمكان مقارفته لفعل الضرب والإتلاف بسبب مرضه بالشلل النصفى وتصلب الشرايين، وتقديمه لشهادة دالة على قيام تلك الحالة، واعتناق الحكم لهذه الشهادة إلا أنه قد أطرح هذا الدفاع بمجرد القول بأن حالته المرضية لا تحول بينه وبين الاعتداء على الغير مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية أن الدفاع عن الطاعن طلب تأييد الحكم المستأنف القاضى بالبراءة وأبدى أن الطاعن مصاب بشلل نصفى وتصلب بالشرايين مما مفاده عدم إمكان مقارفته لجريمتى الضرب والاتلاف مع وجود هذه العلة به، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين واقعة الدعوى وأقوال الشهود فيها نوه إلى دفاع الطاعن بقوله "وبسؤال المتهم نفى ما نسب إليه وقدم شهادة رسمية من مديرية الأمن تفيد أنه مصاب بشلل نصفى وتصلب بالشرايين"، ثم عرض الحكم لهذا الدفاع ورد عليه بقوله "ولا يقدح فى توافر أدلة ثبوت التهمتين مرض المتهم بشلل أيمن وتصلب بالشرايين إذ أن ذلك لا يحول دون مكنة استعماله لزجاجة فارغة والاعتداء بها على الغير" لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه متى واجهت المحكمة مسألة فنية بحت كان عليها أن تتخذ ما تراه من الوسائل لتحقيقها بلوغا إلى غاية الأمر فيها، وكانت المحكمة قد ذهبت إلى أن مرض الطاعن بالشلل النصفى الأيمن وتصلب الشرايين لا يحول بينه وبين حمل زجاجه فارغة والاعتداء بها على المجنى عليهما، ومقارفة الجريمتين اللتين دانته بهما على الوجه الذى خلصت إليه فى بيانها لواقعة الدعوى – دون أن تحقق هذا الدفاع الجوهرى عن طريق المختص فنيا، فإنها تكون قد أحلت نفسها محل الخبير الفنى فى مسألة فنية، ويكون حكمها المطعون فيه معيبا بما يوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن.