أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 855

جلسة 15 من ديسمبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح، نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمود كامل عطيفة، ومصطفى محمود الأسيوطى، ومحمد صلاح الرشيدى، وأحمد فؤاد جنينه.

(185)
الطعن رقم 845 لسنة 44 القضائية

(1) قصد جنائى. سبق إصرار. إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". "بطلانه". بطلان. "بطلان الأحكام". قتل عمد.
استخلاص قصد القتل وظرف سبق الإصرار. موضوعى. متى كان سائغا. قضاء الحكم على غير سند من الأوراق. بطلانه. مثال ؟
(2) إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
تساند الأدلة فى المواد الجنائية. معناه أثره ؟
1 - لئن كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص قصد القتل وظرف سبق الإصرار من وقائع الدعوى والظروف المحيطة بها والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون هذا الاستخلاص سائغا، وأن يكون دليلها فيما انتهت إليه قائما فى أوراق الدعوى، وإذ كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من إصرار الطاعن على قتل المجنى عليه وإزهاق روحه انتقاما منه لسرقة بضاعته، وعقده العزم على اقتراف جريمتة فى روية وتفكير وهدوء نفس وبعد تقليب الرأى لا يرتد إلى أصول ثابته فى التحقيقات ولا تسانده أقوال الشهود والأدلة التى عول عليها فيما خلص إليه فى هذا الخصوص، فإن الحكم إذ أقام قضاءه على ما لا سند له من أوراق الدعوى وحاد بالأدلة التى أوردها على ثبوت توافر قصد القتل وظرف سبق الإصرار عن نص ما أنبأت به وفحواها، يكون باطلا لابتنائه على أساس فاسد.
2 - الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذى كان لهذا الدليل فى الرأى انتهت إليه المحكمة.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 22 نوفمبر سنة 1969 بدائرة قسم الساحل محافظة القاهرة قتل....... عمدا مع سبق الإصرار بأن عقد العزم على قتله بعد أن تأكد لديه أن المجنى عليه اعتاد السرقة من محله وأعد لذلك سلكا أوصله بالتيار الكهربائى وأخفاه بين التمر الذى يعرضه للبيع وفى المكان الذى أيقن أن يد المجنى عليه ستمتد إليه حتى إذا حتى إذا ما وضع الأخير يده فيه صعقه التيار الكهربائى وأحدث به الأعراض المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد للمادتين 230 و231 من قانون العقوبات. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بمادتى الاتهام والمادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار قد شابه فساد فى الاستدلال، خالف الثابت بالأوراق، ذلك بأن ما أورده بيانا لنية القتل لا تظاهره أقوال الشهود، وخاصة أقوال...... و..... بل إن ظروف الواقعة وملابساتها لا تنبئ إلا عن اتجاه نية الطاعن إلى اتخاذ إجرء لحماية ماله من السرقة دون أن يقصد قتل المجنى عليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد مؤدى أدلة الثبوت فيها دلل على توافر نية القتل فى حق الطاعن بقوله أنها "ثابتة فى حق المتهم من ظروف الجريمة فقد أصر على قتل المجنى عليه والقضاء على حياته إنتقاما منه لما تبين سرقة بضاعته من البلح وأعد لذلك عدته فقام بتوصيل التيار الكهربائى بسلك ترك جزءا منه عاريا، فلما مد المجنى عليه يده ليتناول ثمار البلح لامس جسمه الجزء العارى من السلك فصعقة التيار الكهربائى وأصيب بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى وهى هبوط بمراكز القلب والتنفس التى أدت إلى وفاته بسبب صعقه بالتيار الكهربائى الذى أوصله لجسده المتهم قاصدا قتله وإزهاق روحه" ثم عرض الحكم لظرف سبق الإصرار فأثبت توافره قبل الطاعن فى قوله بأنه ثبت فى حق المتهم، وذلك من ظروف الدعوى وما تقدم تفصيلا وما بان من تقرير الصفة التشريحية ومن الباعث على ارتكاب الجريمة وهو الانتقام من المجنى عليه لاجترئه على السرقة فدبر المتهم طريقة الخلاص من المجنى عليه السارق وراح يفكر فى الانتقام منه وعقد العزم على قتله فى روية وتفكير وهدوء نفس لا يخالطه اضطراب مشاعر أو انفعال نفسى وقلب الرأى فيما عزم عليه وكان معروفا لديه أن السارق سواء كان المجنى عليه أو غيره يسرق من القفة المجاورة لمدخل العمارة فقام بتوصيل التيار الكهربائى لهذه القفة بسلك ترك جزءا منه طوله عشرة سنتميترات عاريا، فلما مد المجنى عليه يده فى تلك القفة اتصل التيار الكهربائي بجسمه فصعقه وتوفى بهذا السبب وهو ما قصده المتهم من توصيل التيار الكهربائى إذ لم يقصد من ذلك إلا القضاء على حياة المجنى عليه وإزهاق روحه". لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع وإن كان من حقها أن تستخلص قصد القتل وظرف سبق الإصرار من وقائع الدعوى والظروف المحيطة بها والإمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه إلا أن ذلك مشروط بأن يكون هذا الاستخلاص سائغا وأن يكون دليلها فيما انتهت إليه قائما فى أرواق الدعوى، ولما كان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من إصرار الطاعن على قتل المجنى عليه وإزهاق روحه انتقاما منه لسرقة بضاعته، وعقده العزم على اقتراف جريمتة فى روية وتفكير وهدوء نفسي وبعد تقليب الرأى لا يرتد إلى أصول ثابته فى التحقيقات ولا تسانده أقوال الشهود والأدلة التى عول عليها فيما خلص إليه فى هذا الخصوص، فإن الحكم إذ أقام قضاءه على ما لا سند له من أوراق الدعوى وحاد بالأدلة التى أوردها على ثبوت توافر قصد القتل وظرف سبق الإصرار عن نص ما أنبأت به وفحواها يكون باطلا لابتنائه على أساس فاسد. ولا يغنى عن ذلك ما ذكره من أدلة أخرى، إذ الأدلة فى المواد الجنائية متساندة بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذى كان لهذا الدليل فى الرأى انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن.