أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 859

جلسة 15 من ديسمبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمود كامل عطيفه، ومصطفى محمود الأسيوطى، وعبد الواحد الديب، وأحمد فؤاد جنينه.

(186)
الطعن رقم 1522 لسنة 44 القضائية

تقليد. "الأختام والعلامات الحكومية". جريمة. "أركانها". إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
العبرة فى جرائم تقليد الأختام أو العلامات المنصوص عليها فى المادة 206 عقوبات بأوجه الشبهة بينها وبين الأختام أو العلامات الصحيحة.
تحقق جريمة تقليد الأختام أو العلامات. متى كان من شأن التقليد. ولو كان ظاهرا خدع الجمهور في المعاملات. ولو لم يكن متقنا ينخدع به الفاحص المدقق.
إن القاعدة المقررة في جرائم التقليد تقضى بأن العبرة بأوجه الشبهة لا بأوجه الخلاف، وأن جناية تقليد ختم أو علامة إحدى المصالح أو إحدى جهات الحكومة المنصوص عليها بالمادة 206 من قانون العقوبات تتحقق متى كان التقليد من شأنه خدع الجمهور العلامات ولا يشترط القانون أن يكون التقليد متقنا بحيث ينخدع به الفاحص المدقق، بل يكفى أن يكون بين الختمين أو العلامتين المقلدة والصحيحة تشابه قد يسمح بالتعامل بها، ولا يقدح فى ذلك كون التقليد ظاهرا، ما دام من شأنه أن يخدع الناس. وكان الأمر المطعون فيه قد خالف هذا النظر إذ أسس قراره على ما بين الطابعين الصحيح والمقلد من أوجه التباين دون وجوده التشابه بينهما، والتفت فى نفس الوقت عما حصله تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من أن طوابع البريد المضبوطة مزيفة بدرجة لا بأس بها وأنها تتخذ فى مظهرها العام مع الطابع الصحيح من نفس الفئة والطبعة فانه يكون قد أخطأ صحيح القانون بما يستوجب نقضه [(1)].


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم فى يوم 29 أغسطس سنة 1969 بدائرة قسم إمبابة محافظة الجيزة أولا: قلدوا خاتما لإحدى المصالح الحكومية خاتم هيئة البريد للطابع فئة ثلاثين مليما، ثانيا: استعملوا الخاتم المقلد السالف الذكر مع علمهم بذلك بأن وضعوا بصمته على أوراق طبعت وأعدت لهذا الغرض فأخذت شكلا مقلدا لطابع البريد سالف الذكر، ثالثا صنعوا مطبوعات تشابه بهيئتها الظاهرة طوابع البريد فئة الثلاثين مليما مشابهة تسهل قبولها بدلا منها وطلبت إلى مستشار الإحالة بمحكمة الجيزة الابتدائية إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمادتين 206 و209 من قانون العقوبات. فأمر حضوريا بألا وجه لإقامة الدعوى قبل المتهمين مع مصادرة المضبوطات، فطعن رئيس النيابة بتوكيل من المحامى العام فى هذا الأمر بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الأمر المطعون فيه انه إذا انتهى إلى عدم وجود وجه لإقامة الدعوى على المطعون ضدهم عن تهمة تقليد خاتم الهيئة البريد واستعماله وصناعة طوابع بريد مقلدة، استنادا إلى ما استظهرة من أوجه الاختلاف بين صورتى الطابع الصحيح والمقلد قد أخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأنه لا يشترط أن يكون التقليد متقنا بحيث ينخدع به المدقق، بل يكفي للعقاب عليه أن تكون هناك مشابهة بين الصحيح وغير الصحيح علي نحو يمكن أن ينخدع به بعض الناس ولو كان التقليد ظاهرا – مما يعيب الأمر المطعون فيه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الأمر المطعون فيه حصل واقعة الدعوى وفقا لما شهد به كل من...... و..... بالتحقيقات من أن المطعون ضدهم قد اتفقوا مع الأول على تقليد خاتم لهيئة البريد وصناعة طوابع بريد فئة الثلاثين مليما، فتظاهر بمسايرتهم وأبلغ الشرطة، ثم التقى بهم الثاني زاعما أنه موظف مفصول من هيئة البريد وموهما إياهم بالانضمام إليهم حتى تم ضبطهم بمنزل المطعون ضده الرابع ومعهم الخاتم والمطبوعات المقلدة والأدوات الخاصة بالتقليد، ثم نقل عن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير أن طوابع البريد المودعة بالحرز الأول مزيفة بدرجة لا بأس بها، ومطبوعة بقالبي الختمين "الاكليشيهين" المضبوطين وإنها تتحد فى مظهرها العام مع الطابع الصحيح من نفس الفئة والطبعة، غير أنها تختلف عنه من حيث عدم دقة "الشرشرة" الفاصلة بين كل طابع وآخر ودرجة العمق اللونى فى اللونين الأصفر والبني، وعدم دقة النقوش والزخارف والكتابة ثم خلص الأمر المطعون فيه إلى التقرير بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل المطعون ضدهم فى قوله "ان الطبيب الشرعي قد أوضح فى جلاء وجود اختلافات جوهرية تتناول العناصر الأساسية سالفة الذكر، وأبرزها ما قرره من أن هذا الخلاف واضح خاصة فى اللون الأصفر المطبوع به الأرضية بما يشير إلى أن مظهر الطابع المقلد يختلف اختلافا ظاهرا عن الطابع الصحيح ويتخذ مظهرا يسهل معه اكتشافه وتمييزه عن الطابع الصحيح ومن ثم تكون التهمة المسندة إلى كل المتهمين قائمة على غير أساس فيتعين التقرير بألا وجه لإقامة الدعوى قبل المتهمين مع مصادرة المضبوطات". لما كان ذلك، وكانت القاعدة المقررة في جرائم التقليد تقضى بأن العبرة بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف، وأن جناية تقليد ختم أو علامة إحدى المصالح أو إحدى جهات الحكومة المنصوص عليها بالمادة 206 من قانون العقوبات تتحقق متى كان التقليد من شأنه أن خدع الجمهور في العلامات ولا يشترط القانون أن يكون التقليد متقنا بحيث ينخدع به الفاحص المدقق بل يكفى أن يكون بين الختمين أو العلامتين المقلدة والصحيحة تشابه قد يسمح بالتعامل بها، ولا يقدح فى ذلك كون التقليد ظاهرا ما دام من شأنه أن يخدع الناس، ولما كان الأمر المطعون فيه قد خالف هذا النظر، إذ أسس قراره على ما بين الطابعين الصحيح والمقلد من أوجه التباين فقط، دون وجوده التشابه بينهما، والتفت فى نفس الوقت عما حصله تقرر قسم أبحاث التزييف والتزوير من أن طوابع البريد المضبوطة مزيفة بدرجة لا بأس بها، وأنها تتخذ فى مظهرها العام مع الطابع الصحيح من نفس الفئة والطبعة، فإنه يكون قد أخطأ صحيح القانون بما يستوجب نقضه، دون حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى. ولما كان هذا الخطأ القانوني قد حجب مستشار الإحالة عن نظر موضوع الدعوى فإن يتعين إعادة القضية إليه للسير فيها على هذا الأساس.


[(1)] راجع أيضا نقض جنائى السنة 14 ص 107، والسنة 15 ص 803 والسنة 19 ص 736.