أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة الثامنة عشرة - صـ 518

جلسة 17 من إبريل سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ حسين السركي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: جمال المرصفاوي، وحسين سامح، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفه.

(99)
الطعن رقم 433 لسنة 37 القضائية

(أ) إثبات. " إثبات بوجه عام". تحقيق شخصية.
بصمات راحة اليد ذات حجية مطلقة في تحقيق الشخصية كبصمات الأصابع تماما.
(ب) حكم. " تسبيبه. تسبيب غير معيب ". إثبات.
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساغته من أدلة. لها تجزئتها والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه.
(ج) حكم. " تسبيبه. تسبيب غير معيب ". إثبات. " خبرة ".
عدم التزام محكمة الموضوع بالرد على الطعون الموجهة إلى تقرير الخبير، ما دامت قد أخذت بما جاء فيه.
(د) نقض. " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها ".
تعييب الإجراءات التي جرت في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصلح سببا للطعن بالنقض. ما دام الطاعن لم يطلب إلى محكمة الموضوع تحقيقا معينا في شأنها.
1 - متى كان كاتب مدير عام مصلحة تحقيق الشخصية قد أفصح عن أن بصمات راحة اليد ذات حجية مطلقة في تحقيق الشخصية كبصمات الأصابع تماما لأنها تستند إلى نفس الأسس العلمية التي تقوم عليها بصمات الأصابع، فتختلف بصمات راحة اليد باختلاف الأشخاص ولا يمكن أن تتطابق ما لم تكن لشخص واحد، فإن ما جنح إليه الطاعن من تفرقة بين الدليل المستمد من بصمة الأصبع وذلك المستمد من بصمة راحة اليد أو جزء منها واطلاق حجية الإثبات في الأولى وحسرها عن الأخرى إنما هي تفرقة لا تستند إلى سند علمي أو أساس فني ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب في أخذه بهذه الحقيقة العلمية وفي الاستناد إلى ما جاء بتقرير فحص البصمات من أن أثر بصمة راحة اليد المرفوعة من على الخزانة ينطبق تمام الانطباق على بصمة راحة اليد اليمنى للطاعن لتوافر النقط المميزة بالبصمة المرفوعة ومطابقتها لنظائرها ببصمة راحة اليد اليمنى للطاعن.
2 - للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، ولها في سبيل تكوين عقيدتها أن تجزئها فتأخذ منها ما تطمئن إليه مما تراه مطابقا للحقيقة وتطرح ما عداه.
3 - لا تلتزم محكمة الموضوع بالرد على الطعون الموجهة إلى تقرير الخبير ما دامت قد أخذت بما جاء فيه، لأن مؤدى ذلك منها أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه.
4 - ليس للطاعن إثارة أسباب في طعنه تنطوي على تعييب للإجراءات التي جرت في المرحلة السابقة على المحاكمة ولم يطلب إلى المحكمة تحقيقا معينا في شأنها لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم في ليلة 15/ 9/ 1965 بدائرة مركز أبنوب محافظة أسيوط: المتهمين من الأول حتى الخامس: (أولا) سرقوا ومجهولين البندقيتين والذخيرة والبطانية وباقي الأدوات المبينة بالأوراق وشرعوا ومجهولين أيضا في سرقة خزينة النقود ومحتوياتها المبينة هي الأخرى بالأوراق والمملوكة جميعها لحكيم عبد الملك بشاي وكان اثنان منهم يحمل كل منهما سلاحا نارا ظاهرا من مسكنه. وكان ذلك بطريق التسور والإكراه الواقع عليه، بأن تسوروا حائط المسكن وتمكنوا من دخوله واقتحموا حجرة نومه وهدده اثنان منهم " حاملا السلاحين " إن هو قاوم أو استغاث ودثره أحدهما بلحاف وألقي عليه حقيبة من الجلد وتمكنوا بذلك من شل مقاومته وحمل بعض الأشياء التي سرقت بينما حمل الباقون الخزينة وهبطوا بها السلم وأوقف أثر الجريمة القائمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو استغاثة المجني عليه وفرارهم خوفا من الضبط (وثانيا) حازوا بغير ترخيص سلاحين ناريين أحدهما مششخن الماسورة والآخر مصقول الماسورة" بندقية ألماني وأخرى خرطوش " (وثالثا) حازوا ذخيرة مما تستعمل في السلاحين الناريين سالفى الذكر دون أن يكون مرخصا لهم بحيازتها. والمتهم السادس (أولا) حاز بغير ترخيص سلاحا ناريا مششخن الماسورة " بندقية ألماني " (ثانيا) أخفى البندقية والبطانية المبينتين الوصف بالأوراق والمملوكتين لحكيم عبد الملك بشاي والتحصلين من جناية سطو مع علمه بذلك. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 44/ أ و45 و46 و313 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1 و6 و26/ 1 - 2 - 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والجدول الثاني من البند "ب" من القسم الأول من الجدول/ 3 المرفق بالقانون، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضوريا في 21 إبريل سنة 1966 عملا بالمواد 45 و46 و313 و32/ 2 و17 من قانون العقوبات و1/ 1 و6 و26/ 1 و2 و4 من قانون الأسلحة والذخائر المذكور بالنسبة إلى المتهمين الأول والثاني و44/ 1 و32 و17 من قانون العقوبات و1 و26/ 2 من قانون الأسلحة والذخيرة بالنسبة إلى المتهم السادس (أولا) بمعاقبة المتهمين الأول والثاني بالأشغال الشاقة لمدة عشرة سنوات (وثانيا) بمعاقبة السادس بالسجن لمدة ثلاث سنوات (وثالثا) ببراءة باقي المتهمين مما أسند إليهم. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض. وقدم محامي الطاعن الأول تقريرا بأسباب طعنه ولم يقدم الطاعنان الثاني والثالث أسبابا لطعنهما.


المحكمة

من حيث إن كلا من الطاعنين الثاني والثالث وإن قرر بالطعن بطريق النقض في الحكم في الميعاد، إلا أنه لم يودع أسبابا لطعنه، فيكون طعن كل منهما غير مقبول شكلا.
وحيث إن الطاعن المقدم من الطاعن الأول قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن هذا الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانه والطاعنين الآخرين بجرائم السرقة والشروع فيها بالإكراه ليلا بطريق التسور مع حمل السلاح، وبإحراز سلاح ناري مششخن وآخر غير مششخن وذخيرة دون ترخيص، قد انطوى على تناقض في التسبيب وفساد الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه آخذ الطاعن بالدليل المستمد من تحريات الشرطة على الرغم من عدم إشارتها إليه بينما أطرحها بالنسبة إلى المتهمين الذين قضى ببراءتهم كما عول على ما انتهى إليه تقرير فحص البصمات من انطباق أثر بصمة راحة يد الطاعن اليمنى على أثر بصمة راحة اليد المرفوعة من على الجانب الأيمن للخزانة، مع أن كثيرا من الأيدي لامستها وقد جرى رفع هذا الأثر دون إشراف النيابة العامة وبطريقة غير فنية وبغير تحديد دقيق للمكان الذي رفعت منه ومقدار الأثر بالنسبة لراحة اليد كلها، ودون أخذ بصمات سائر المتهمين والمجني عليه ومن يساكنوه لمطابقتها على البصمة المرفوعة، كما خلا تقرير الفحص من بيان النقاط المميزة التي اعتمد عليها في ذلك التطابق، فضلا عن ثبوت عدم تطابق بصمات أصابع الطاعن على بصمات الأصابع المرفوعة عن الخزانة ذاتها، هذا بالإضافة إلى ما هو مقرر علميا من تشابه بصمات راحة اليد في كثير من الناس لخضوعها لعلم الكف وهو غير علم البصمة، كما أن الحكم ذهب إلى توافر ظروف التسلق والإكراه وحمل السلاح بغير دليل يسوغ مذهبه في ذلك.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال المجني عليه وابن أخيه ورئيس المباحث الجنائية وما ثبت من تقريري فحص البصمات والبندقية المضبوطة. لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، ولها في سبيل تكوين عقيدتها أن تجزئها فتأخذ منها ما تطمئن إليه مما تراه مطابقا للحقيقة وتطرح ما عداه، فإن ما ينعاه الطاعن في صدد ما أخذ به الحكم وما أطرح من تحريات الشرطة يكون غير سديد.
لما كان ذلك وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن قال " وكذلك تقرير البصمات لم يثبت أن البصمات وجود بصمات هي بصمات المتهم وإن كان قد أثبت وجود بعض الأصابع لكن لم يثبت وجود بصمات اليد كلها " ثم قال " إن البصمات لم يثبت أنها لكل يد المتهم وبذلك لا تصلح لأن تكون دليلا قبل المتهم " وقد رد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع في قوله " وقد انتقل مفتش تحقيق الشخصية بمديرية أمن أسيوط يوم 15/ 9/ 1965 إلى منزل المجني عليه وعاين الخزانة التي حاول المتهمون سرقتها وأثبت في محضره وجود أثار خفية عليها لبصمات أصابع وراحة أيدي قام باظهارها بالوسائل الفنية، كما قام بتصويرها بمكتب التصوير الجنائي بأسيوط وبين هذه الآثار أثر لبصمة راحة يد يمنى وحدها على الجانب الأيمن للخزانة وقد رمز في تقريره بصورتها برقم (1) " ثم استطرد الحكم أنه إبان معاينة النيابة العامة منزل المجني عليه كان مندوب تحقيق الشخصية يعمل على رفع البصمات العالقة بالخزانة، وبعد أن بسط مؤدى شهادة رئيس المباحث مضى قائلا" وقد تأيدت هذه الوقائع بالنسبة للمتهم الأول - الطاعن - بما أثبته تقرير فحص البصمات من أن أثر بصمة راحة اليد الذي على الجانب الأيمن للخزانة والمشار لصورته برقم (1) ينطبق تمام الانطباق على بصمة راحة اليد اليمنى للمتهم الأول عبد السلام محمد حسن وذلك لتوافر النقط المميزة بالبصمة المرفوعة من مكان الحادث والمطابقة لنظائرها ببصمة راحة اليد اليمنى له. وقد أعيد أخذ بصمات المتهم المذكور في يوم 11/ 10/ 1965 أمام وكيل النيابة المحقق بناء على اعتراض المتهم وجرى فحصها مرة أخرى فانتهى التقرير التالي إلى نفس النتيجة التي انتهى إليها التقرير الأول " لما كان ذلك، وكان كتاب مدير عام مصلحة تحقيق الشخصية المرفق بالمفردات المضمومة قد أفصح عن أن بصمات راحة اليد ذات حجية مطلقة في تحقيق الشخصية كبصمات الأصابع تماما لأنها تستند إلى نفس الأسس العلمية التي تقوم عليها بصمات الأصبع، فتختلف بصمات راحة اليد باختلاف الأشخاص ولا يمكن أن تتطابق ما لم تكن لشخص واحد. لما كان ذلك، فإن ما جنح إليه الطاعن من تفرقة بين الدليل المستمد من بصمة الإصبع وذلك المستمد من بصمة راحة اليد أو جزء منها وإطلاق حجية الإثبات في الأولى وحسرها عن الأخرى إنما هي تفرقة لا تستند إلى سند علمي أو أساس فني ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب في أخذه بهذه الحقيقة العلمية وفي الاستناد إلى ما جاء بتقرير فحص البصمات من أن أثر بصمة راحة اليد المرفوعة من على الخزانة ينطبق تمام الانطباق على بصمة راحة اليد اليمنى للطاعن لتوافر النقط المميزة بالبصمة المرفوعة ومطابقتها لنظائرها ببصمة راحة اليد اليمنى للطاعن. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد على الطعون الموجهة إلى تقرير الخبير ما دامت قد أخذت بما جاء فيه لأن مؤدى ذلك منها أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه، وإذ كان الحكم المطعون فيه أخذ بما جاء بتقرير فحص البصمات الذي انبنى - كما يبين من المفردات - على مضاهاة البصمة المرفوعة من الخزانة على بصمات المجني عليه ومساكنيه والطاعن وسواه من المتهمين والمشتبه في اقترافهم الحادث، فإن ذلك يفيد إطراحه جميع ما أثاره الدفاع عن الطاعن في هذا الصدد من أن التقرير لم يثبت بصمات اليد كلها ولم يثبت أنها هي بصمات كل يد الطاعن. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يثر لدى محكمة الموضوع سائر ما ساقه بأسباب طعنه في شأن أخذ الحكم بالدليل المستمد من تقرير فحص البصمات - مما ينطوي على تعييب للإجراءات التي جرت في المرحلة السابقة على المحاكمة ولم يطلب إلى تلك المحكمة تحقيقا معينا في هذا السبيل فلا يقبل منه إثارة ذلك أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد بمدوناته على لسان المجني عليه احتمال ولوج الجناة الدار من شرفتها المفتوحة بطريق التسلق من المنزل المهجور الملاصق وأن أحد الجناة قد أيقظه من نومه وهدده بمسدس في يده وأن آخر يحمل بندقية طلب منه تسليمه مفتاح الخزانة فلما لم يصدع ألقى على وجهه لحافا وأمره بعدم الحركة، كما أورد الحكم في تحصيله أقوال ابن أخ المجني عليه أنه لما هب من نومه لنجدته فوجئ بشخص يحمل بندقية يأمره بعدم الحركة وبتغطية وجهه أسوة بعمه، فإن في ذلك ما يكفي لإقامة الدليل على توافر ظروف التسلق والإكراه وحمل السلاح، ويكون ما أثاره الطاعن في هذا المقام لا يعدو جدلا موضوعيا في العناصر السائغة التي استنبطت منها المحكمة معتقدها في الدعوى، مما لا يقبل أمام محكمة النقض، ومن ثم يكون الطعن برمته متعين الرفض.