أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 866

جلسة 16 من ديسمبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنور أحمد خلف، وإبراهيم أحمد الديوانى، ومحمد عبد الواحد الديب، على حسن المغربى.

(188)
الطعن رقم 617 لسنة 44 القضائية

(1) حكم. "الخطأ فى الديباجة". محكمة أمن الدولة. محكمة الجنايات. بطلان. "بطلان الحكم". إثبات. "بوجه عام".
العبرة فى الكشف عن ماهية الحكم. هى بحقيقة الواقع الذى تؤكده أوراق الدعوى. إيراد نسخة الحكم الأصلية فى ديباجتها أنه صدر من محكمة أمن الدولة العليا – رغم أن الثابت من الأوراق إحالة الدعوى من النيابة إلى مستشار الإحالة الذى أحالها بدوره إلى محكمة الجنايات التى عنونت مسودة الحكم باسمها. اعتبار ما ورد بالديباجة خطأ فى الكتابة وزلة قلم لا تخفى. النعى على الحكم البطلان فى هذه الحالة. لا يقبل.
(2) اختلاس أموال أميرية. جريمة. "أركانها" – قصد جنائى. "إثبات. بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تصرف الموظف فى المال المعهود إليه به .كمالك. يتوافر به القصد الجنائى فى جريمة المادة 112 عقوبات. دون إيجاب تحدث الحكم عن هذا القصد استقلالا ما دام قد أورد من وقائع الدعوى وظروفها. ما يدل عليه.
(3) تزوير. "أوراق رسمية". قصد جنائى. ضرر. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "بوجه عام". اختلاس أموال أميرية. إرتباط. عقوبة. "العقوبة المبررة". نقض. "المصلحة فى الطعن".
تحدث الحكم استقلالا عن القصد الجنائى والضرر. فى جريمة التزوير. غير لازم. ما دام قيامها مستفادا من مجموع عباراته.
عدم جدوى النعى على الحكم قصوره فى بيان القصد الجنائى والضرر فى جريمة التزوير. ما دام أنه طبق المادة 32 عقوبات على الطاعن. وعاقبه عن جريمة الاختلاس ذات العقوبة الأشد.
1 - متى كان يبين من المفردات المضمومة أن قرار إتهام النيابة العامة للطاعن وآخر قد جرى بإحالة الأوراق إلى مستشار الإحالة، وقد صدر أمره بإحالة الدعوى إلى محكمة الجنايات لمحاكمة المتهمين طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام، ففصلت فيها بحكمها المطعون فيه، وكان يبين كذلك من مطالعة مسودة أسباب الحكم أن جميع صفحاتها معنونة باسم محكمة الجنايات، فإن ما ورد فى ديباجة نسخة الحكم الأصلية من أن الحكم صدر من محكمة أمن الدولة العليا بعد إحالة الدعوى إليها من النيابة العامة، يكون مجرد خطأ فى الكتابة وزله قلم لا تخفى، ولم يكن نتيجة خطأ من المحكمة فى فهمها واقع الدعوى، لما كان ذلك، وكانت العبرة فى الكشف عن ماهية الحكم هى بحقيقة الواقع الذى يبين يقينا من المفردات، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر فى الواقع من محكمة الجنايات مشكلة وفق قانون الإجراءات الجنائية، وليست باعتبارها أمن دولة عليا، فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الصدد بدعوى بطلان لإجراءات والخطأ فى تطبيق القانون يكون فى غير محله.
2 - يكفى لتوافر القصد الجنائى فى جريمة الاختلاس المنصوص عليها فى المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 أن يكون الموظف المتهم قد تصرف فى المال الذى بعهدته على اعتبار أنه مملوك له، كما أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن توافر القصد الجنائى فى تلك الجريمة، بل يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه – كما هو الحال فى الدعوى المطروحة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم فى استظهار قصد الاختلاس يكون فى غير محله.
3 - من المقرر أنه لايشترط لصحة الحكم بالإدانة فى جرائم التزوير أن يتحدث الحكم استقلالا عن ركنى القصد الجنائى والضرر، بل يكفى أن يكون قيامهما مستفادا من مجموع عباراته – وهو ما وفره الحكم المطعون فيه – هذا فضلا عن أن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يجديه نفعا لأن قصور الحكم فى هذا البيان – بفرض صحته – لا يوجب نقضه ما دامت المحكمة قد طبقت على الطاعن المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بالعقوبة الأشد وهى المقررة لجريمة الاختلاس التى أثبتتها فى حقه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من 1 - ...... (الطاعن) 2 - ........ بأنهما فى يومى 30 يوليو و 2 من أغسطس سنة 1964 بدائرة قسم شبرا محافظة القاهرة: المتهم الأول (أولا) بصفته موظفا عموميا (أمين مخزن شركة القاهرة للزيوت والصابون المؤممة) اختلس ثمانية أطنان من العلف قيمتها تسعون جنيها لبنك التسليف الزراعي والتعاوني المملوكة للدولة والمسلمة إليه بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع. (ثانيا) بصفته موظفا عموميا ارتكب تزويرا فى محررات رسمية هى ترخيص النقل رقم 54752 وكشفى الوارد والصادر وكشف حركة الإنتاج ليومى 30 يوليو سنة 1964،2 من أغسطس سنة 1964 وكان ذلك بطريق الاصطناع والتغيير وذلك بأن اصطنع ترخيص النقل سالف الذكر وأثبت به على خلاف الحقيقة أنه قد تم صرف ثمانية أطنان من العلف لجمعية دار السلام دون أن تكون قد صرفت إليها كما غير بيانات الكشوف آنفة البيان بأن أثبت بها على غير الحقيقة، بالكشوف الخاصة بيوم 30 يوليو سنة 1964 صرف 28 طن من العلف المصنع حالة أن المنصرف فعلا كان 36 طنا وأثبت فى الكشوف الخاصة بيوم 2 أغسطس سنة 1964 أن المنصرف 16 طنا حالة كونه ثمانية أطنان فقط. (ثالثا) استعمل المحررات الرسمية سالفة الذكر بأن قدم ترخيص النقل المزور رقم 54753 – لسائق السيارة...... مع علمه بتزويره وقدم أيضا الكشوف آنفة البيان لرئيسه لمراجعتها واعتمادها رغم علمه بتزويرها. المتهمين الأول والثانى: بصفتهما موظفين عموميين ارتكبا تزويرا فى محرر رسمى هو إذن تسليم المبيعات رقم 1009 المؤرخ 2 أغسطس سنة 1964 وكان ذلك بطريق الاصطناع بأن أثبت به المتهم الأول بيانات مزورة تفيد صرف ثمانية أطنان من العلف لجمعية دار السلام فى يوم 2 أغسطس سنة 1964 وقدمه للمتهم الثانى بصفته مندوبا لبنك التسليف الزراعى والتعاونى فوقع عليه بما يفيد صحة هذه البيانات مع علمه بتزويره. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمواد 111 و112 و118 و119 و214 مكرر و 32/ 2 و17 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 55/ 1 و56/ 1 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الثانى (أولا) بمعاقبة المتهم........ بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبرد ما اختلسه أو قيمته وقدره تسعون جنيها وتغريمة خمسمائة جنيه وبعزله من وظيفته وذلك عن جميع التهم المسندة إليه. (ثانيا) بمعاقبة...... بالحبس مع الشغل سنة واحدة وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات إيقافا شاملا لكافة الآثار الجنائية تبدأ من تاريخ الحكم فطعن........ المحامى بصفته وكيلا عن المتهم فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاختلاس وتزوير محررات رسمية واستعمالها قد انطوى على بطلان فى الإجراءات وخطأ فى تطبيق القانون وشابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، ذلك بأن الثابت بصدر مدونات الحكم المطعون فيه أنه صدر من محكمة أمن الدولة العليا بعد إحالة الدعوى إليها من النيابة العامة، على نقيض الثابت من الأوراق من أنها إحيلت من مستشار الإحالة إلى محكمة جنايات القاهرة، وأغفل الحكم استظهار القصد الجنائى فى جريمتى الاختلاس والتزوير اللتين دان الطاعن بهما، كما عول فى إدانته على شهادتى كل من........ مدير الشئون القانونية بالمصنع و............. على الرغم من اتهام أولهما فى الجناية 9480 سنة 1967 عابدين بطلب رشوة من الطاعن وإن قضى ببراءته، إذ أن ذلك يضفى الشك على نزاهته ومن ثم شهادته، وأن ثانيهما من متعهدى النقل لحساب بنك التسليف، ولم يرد الحكم ردا سائغا على ما وجهه الطاعن من مطاعن إلى شهادتهما، ولا على دفاعه بأنه كان حسن النية فيما اقترف إذ كان ينفذ أمر رئيسه، فضلا عن أن نقص عهدته المسند إليه اختلاسه فى 30 يوليو سنة 1964 هو فى حقيقته خطأ فى القيد الدفترى، وتم تصحيحه بالقيد المؤرخ 2 أغسطس سنة 1964، وبما تضمنه إذن مندوب بنك التسليف الرقيم 1009 الذى اعتبره الحكم المطعون فيه مزورا، دون أني طعن عليه أحد بذلك أو تتخذ في شأنه إجراءت الطعن بالتزوير كل ذلك يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الاختلاس وتزوير المحررات الرسمية واستعمالها التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان يبين من المفردات - المضمومة - أن قرار إتهام النيابة العامة للطاعن وآخر قد جرى بتاريخ 22 أبريل سنة 1965بإحالة الأرواق إلى مستشار الإحالة، وقد صدر أمره بجلسة 8 نوفمبر سنة 1966بإحالة الدعوى إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمة المتهمين طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام، ففصلت فيها بحكمها المطعون فيه، وإذ كان يبين كذلك من مطالعة مسودة أسباب هذا الحكم أن جميع صفحاتها معنونة باسم محكمة جنايات القاهرة، فان ما ورد فى بديباجة نسخة الحكم الأصلية من أن الحكم صدر من محكمة أمن الدولة العليا بعد إحالة الدعوى إليها من النيابة يكون مجرد خطأ فى الكتابة وزله قلم لا تخفى، ولم يكن نتيجة خطا من المحكمة فى فهمها واقع الدعوى، ولما كانت العبرة فى الكشف عن ماهية الحكم هى بحقيقة الواقع الذى يبين يقينا من المفردات، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر فى الواقع من محكمة جنايات القاهرة مشكلة وفق قانون الإجراءات الجنائية وليست باعتبارها أمن دولة عليا، فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الصدد بدعوى بطلان الإجراءات والخطأ فى تطبيق القانون يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل واقعة الدعوى فيما يجمل أن الطاعن رغب فى اختلاس كمية من العلف المملوك لبنك التسليف الزراعى والتعاونى الذى تقوم شركة القاهرة للزيوت والصابون بتصنيعه لحسابه ويتسلمه الطاعن بصفته أمينا لمخزن الشركة ولا يجوز التصرف فيه دون تصريح من مندوب البنك لدى الشركة – المتهم الثانى – وتنفيذا لما أراده الطاعن حمل السيارة 990 نقل غربية ثمانية أطنان من العلف بعد انصراف المتهم الثانى من عمله وحصل من درج مكتبه على تصريح النقل الرقيم 54753 حتى يتسنى به خروج السيارة من بوابة الصنع وأثبت فى أصله أن الكمية مرسلة إلى بنها وفى صورته أنها مرسلة إلى الجمعية التعاونية الزراعية بدار السلام، وأوفد مع قائد السيارة شخصا مجهولا أرشده إلى منزل ببنها حيث أفرغت الحمولة، ,وإذ رفض المتهم الثانى الاعتداد بهذا التصريح المزور، عمد الطاعن إلى التزوير فى كشف حركة الإنتاج اليومى الذى يختص بتحريره فأثبت به بتاريخ 30 يولية سنة 1964 أن كمية العلف التى صدرت فى هذا اليوم هى 28 طنا فقط بدلا من 26 طنا حتى تتطابق دفاتره مع دفاتر بنك التسليف، وارتكب تزويرا مماثلا بكشفى الصادر والوارد، ولكى يستر اختلاسه ارتكب فى يوم 2 أغسطس سنة 1964 تزويرا آخر بالكشفين سالفى الذكر فأثبت فيهما أن كمية المصدر من العلف ثمانية اطنان فقط بينما هى 16 طنا، ثم زور إذن الصرف الرقيم 1009 وأثبت فيه أن كمية العلف – التى اختلسها – صدرت إلى الجمعية التعاونية الزراعية بدار السلام، واستعطف المتهم الثانى حتى وقعه إنقاذا له من ورطته، ثم أورد الحكم مؤدى كل دليل من أدلة الثبوت التى عول عليها فى قضائه بالإدانة والتى استقاها مما قرره المتهم الثانى........ وما شهد به......... رئيس جمعية دار السلام........ قائد السيارة النقل، بل ومن إقرار الطاعن نفسه وما ثبت من الاطلاع على الدفاتر والأوراق سالفة الذكر، كما حصل الحكم دفاع الطاعن تفصيلا ورد عليه بما يكفى لاطراحه. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم كافيا وسائغا فى بيان نية الاختلاس ذلك بأنه يكفى لتوافر القصد الجنائى فى جريمة الاختلاس المنصوص عليها فى المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 أن يكون الموظف المتهم قد تصرف فى المال الذى بعهدته على اعتبار أنه مملوك له، كما أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن توافر القصد الجنائى فى تلك الجريمة، بل يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه – كما هو الحال فى الدعوى المطروحة – فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم فى استظهار قصد الاختلاس يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان منعى الطاعن بقصور الحكم فى بيان القصد الجنائى فى جرائم التزوير التى دانه بها مردودا، بما هو مقرر من أنه لا يشترط لصحة الحكم بالإدانة فى جرائم التزوير أن يتحدث الحكم استقلالا عن ركنى القصد الجنائى والضرر، بل يكفى أن يكون قيامها مستفادا من مجموع عباراته – وهو ما وفره الحكم المطعون فيه – هذا فضلا عن أن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يجديه نفعا لأن قصور الحكم فى هذا البيان – بفرض صحته – لا يوجب نقضه ما دامت المحكمة قد طبقت على الطاعن المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بالعقوبة الأشد وهى المقررة لجريمة الاختلاس التى أثبتتها فى حقه. لما كان ذلك، وكان سائر ما ينعاه الطاعن بأسباب طعنه لا يعدو أن يكون منازعة فى سلامة ما استخلصته المحكمة من واقع أوراق الدعوى والتحقيقات التى تمت فيها ولا يخرج عن كونه جدلا موضوعيا، وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. ولما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس يتعين رفضه موضوعا.