أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 24 - صـ 617

جلسة 7 من مايو سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية، وابراهيم أحمد الديوانى، ومصطفى محمود الأسيوطى، وحسن علي المغربى.

(126)
الطعن رقم 260 لسنة 43 القضائية

امتناع عن تسليم أموال القصر. وصاية. جريمة. "أركانها". دفاع. "الاخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". مسئولية جنائية. قصد جنائى. أحوال شخصية.
جريمة الامتناع عن تسليم أموال القاصر. مناط التأثيم فيها. امتناع الوصى – بقصد الإساءة – عن تسليم أموال القاصر كلها أو بعضها لمن حل محله فى الوصاية. المادة 88 من القانون رقم 119 لسنة 1952.
دفع المتهم التهمة بأنه ليست لديه أموال للقصر امتنع عن تسليمها للوصى الجديد. وتقديمه إقرارا من الأخير مؤيدا لذلك. دفاع جوهرى. لإتصاله بتحديد مسئوليته الجنائية. وجوب تناوله استقلالا. إدانة الطاعن دون الرد عليه. قصور وإخلال بحق الدفاع.
مفاد نص المادة 88 من القانون رقم 119 لسنة 1952 بأحكام الولاية على المال أن مناط التأثيم فى جريمة الامتناع عن تسليم أموال القاصر – كما يكون مرتكبه مستأهلا للعقاب – أن يمتنع الوصى بقصد الاساءة عن تسليم أموال القاصر كلها أو بعضها لمن حل محله فى الوصاية. لما كان ذلك، وكان يبين من مراجعة محضر جلسة المعارضة الابتدائية أن الحاضر مع الطاعن دفع التهمة بأن لا توجد ثمة أموال مملوكة للقصر امتنع الطاعن عن تسليمها بدليل توقيع الوصى الجديد على إقرار بالتخالص والتنازل، كما يبين من الاطلاع على الحكم الصادر فى المعارضة والمؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه وإن أورد دفاع الطاعن المتقدم الذكر إلا أنه لم يعرض له بالرد. ولما كان ما أثاره الدفاع عن الطاعن من أنه قام بتسليم أموال القصر كاملة لمن حل محله فى الوصاية والذى قدم تأييدا له إقرارا منسوبا صدوره إلى الوصى المذكور يعد دفاعا هاما وجوهريا لما يترتب عليه من أثر فى تحديد مسئوليته الجنائية وجودا أو عدما مما كان يتعين معه على المحكمة أن تعرض له استقلالا وأن تمحص عناصره وأن ترد عليه بما يدفعه، إن رأت إطراحه، أما وقد أمسكت المحكمة عن ذلك وتنكبت تحقيق ما إذا كان المستند الذى قدمه المدافع عن الطاعن صادرا حقيقة من المدعى بالحقوق المدنية (الوصى الجديد) أم لا، وأعرضت عن تقدير الأثر المترتب على ذلك فى حالة ثبوت صدوره منه، فإن حكمها يكون مشوبا بالقصور فى التسبيب فضلا عن الاخلال بحق الدفاع.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 2 مايو سنة 1970 بدائرة مركز فارسكور محافظة دمياط: امتنع عن تسليم أموال القصر لمن حل محله فى الوصاية وكان ذلك بقصد الاساءة. وطلبت عقابه بالمادة 88 من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952. ومحكمة فارسكور الجزئية قضت فى الدعوى غيابيا بتاريخ 3 مايو سنة 1971 عملا بمادة الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسمائة قرش لوقف التنفيذ. فعارض، وفى أثناء نظر المعارضة ادعى ...... بصفته مدنيا قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. وقضى فى المعارضة بتاريخ 15 نوفمبر سنة 1971 بقبولها شكلا وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابى المعارض فيه وإلزام المتهم أن يدفع للمدعى بالحق المدنى قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف ومائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة وشملت الحكم فى الدعوى المدنية بالنفاذ المعجل وبلا كفالة. فاستأنف المتهم الحكم، ومحكمة دمياط الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت فى الدعوى حضوريا بتاريخ 28 مارس سنة 1972 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الامتناع عن تسليم أموال القصر لمن حل محله فى الوصاية قد شابه قصور فى التسبيب وانطوى على اخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الطاعن أسس دفاعه على أنه قام بتسليم جميع أموال القصر المنقولة وعيرها للوصى الجديد (المدعى بالحقوق المدنية) وقدم تأييدا لدفاعه إقرارا موقعا عليه من الوصى المذكور يفيد ذلك، إلا أن المحكمة أطرحت هذا الدفاع دون أن تحققه مما يعيب حكمها ويوجب نقضه.
وحيث إن المادة 88 من القانون رقم 119 لسنة 1952 بأحكام الولاية على المال التى دين الطاعن بمقتضاها تنص على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تزيد على مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل وصى أو قيم أو وكيل انتهى نيابته إذا كان يقصد الاساءة قد امتنع عن تسليم أموال القاصر أو المحجوز عليه أو الغائب أو أوراقه لمن حل محله فى الوصاية أو القوامة أو الوكالة، وذلك ما لم ينص القانون على عقوبة أشد"، ومفاد هذا النص أن مناط التأثيم فى جريمة الامتناع عن تسليم أموال القاصر – كما يكون مرتكبه مستأهلا للعقاب – أن يمتنع الوصى بقصد الاساءة عن تسليم أموال القاصر كلها أو بعضها لمن حل محله فى الوصاية. لما كان ذلك، وكان يبين من مراجعة محضر جلسة المعارضة الابتدائية أن الحاضر مع الطاعن دفع التهمة بأنه لا توجد ثمة أموال مملوكة للقصر امتنع الطاعن عن تسليمها بدليل توقيع الوصى الجديد على إقرار بالتخالص والتنازل، كما يبين من الاطلاع على الحكم الصادر فى المعارضة والمؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه وإن أورد دفاع الطاعن المتقدم الذكر إلا أنه لم يعرض له بالرد. لما كان ذلك، وكان يبين من المفردات المضمومة أن محامي الطاعن قدم إقرارا مؤرخا 5 فبراير سنة 1970 منسوبا صدوره إلى الوصى الجديد ...... (المدعى بالحقوق المدنية) يفيد تنازله عن شكواه ضد الطاعن وأنه استلم نصيب القصر فى المنزل وريع أطيانهم كما يقر فيه بأنه لا توجد أموال منقولة امتنع الطاعن عن تسليمه أياها. لما كان ما تقدم، وكان ما أثاره الدفاع عن الطاعن من أنه قام بتسليم أموال القصر كاملة لمن حل محله فى الوصاية والذى قدم تأييدا له إقرارا منسوبا صدوره إلى الوصى المذكور (المدعى بالحقوق المدنية) يعد دفاعا هاما وجوهريا لما يترتب عليه من أثر فى تحديد مسئوليته الجنائية وجودا أو عدما مما كان يتعين معه على المحكمة أن تعرض له استقلالا وأن تمحص عناصره وأن ترد عليه بما يدفعه إن رأت إطراحه، أما وقد أمسكت المحكمة عن ذلك وتنكبت تحقيق ما إذا كان المستند الذى قدمه المدافع عن الطاعن صادرا حقيقة من المدعى بالحقوق المدنية أم لا، وأعرضت عن تقدير الأثر المترتب على ذلك فى حالة ثبوت صدوره منه، فإن حكمها يكون مشوبا بالفقصور فى التسبيب فضلا عن الإخلال بحق الدفاع وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه والاحالة بغير حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن.