أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 24 - صــ 631

جلسة 13 من مايو سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام، وحسن أبو الفتوح الشربينى، ومحمود كامل عطيفة، محمد عبد المجيد سلامة.

(130)
الطعن رقم 401 لسنة 43 القضائية

(1) إثبات. "شهود. خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب. قتل عمد.
تطابق أقوال الشهود والدليل الفنى. ليس بلازم. يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق. مثال لتسبيب سائغ فى قتل عمد.
(2) فاعل أصلى. قتل عمد. قصد جنائى. مسئولية جنائية. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الفاعل المفرد بالجريمة. والفاعل مع غيره الذى يأتى عملا تنفيذيا فى الجريمة وصحت لديه نية التدخل فى ارتكابها. يجب أن يتوافر لديه على الأقل ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة فى الجريمة وإلا فلا يسأل إلا عن فعله وحده. مثال لتسبيب سائغ على مساءلة الطاعنين عن جريمة قتل بوصفهما فاعلين أصليين.
(3) إجراءات محاكمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قتل عمد.
مناقشة المحكمة للطبيب الشرعى فى غيبه بعض المحامين عن الطاعنين. لا ينال من سلامة الحكم تأصيل ذلك؟
(4، 5) موانع العقاب. "الجنون". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قتل عمد. دفوع. قصد جنائى. مسئولية جنائية.
مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجانى شعوره واختياره فى عمله وقت ارتكاب الفعل أن يكون سببه جنون أو عاهة فى العقل دون غيرها. المادة 62 عقوبات. الإثارة والاستفزاز والغضب لا يتحقق بها الدفع بالجنون أو العاهة فى العقل.
(5) الإثارة أو الاستفزاز أو الغضب لا تنفى نية القتل. لا تناقض بين قيام نية القتل وارتكابه تحت تأثير أى منها. هى إعذار قضائية مخففة مرجع الأمر فى تقديرها إلى المحكمة الموضوع.
1 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق، ولما كان الحكم المطعون فيه قد نقل عن الطاعنين اعترافهما بأن كلا منهما طعن المجنى عليه بمطواه فى أعلى ظهره من الخلف حتى انكفأ على وجهه مضرجا بدمائه، وعن الشهود قولهم أن الطاعنين كانا يحملان آلات مخبأة، وأن أولهما اعتدى على المجنى عليه بساطور فى رأسه، كما نقل الحكم عن تقرير الصفة التشريحية إصابة المجنى عليه بجرحين قطعيين رضيين نتيجة التعدى عليه بآلة حادة ثقيلة مثل ساطور أو ما شابه، وبجروح قطعية طعنية حدثت من الطعن بنصل آلة حادة ذات طرف مدبب مثل سكين أو مطواه، وأن الوفاة نشأت من الإصابات الرضية والقطعية الطعنية مجتمعة وما أحدثته من كسور بعظام الجمجمة ولوح الكتف الأيسر وتهتك بالمخ والنخاع الشوكى والأحشاء الصدرية وما صاحب ذلك من نزيف دموى غزير وصدمة عصبية، وكان الطاعنان لا يجادلان فيما نقله الحكم عن تلك الأدلة ومأخذها الصحيح من الأوراق، فإن البين من مجموع ما تقدم أن ما أخذ به الحكم واطمأن إليه من اعتراف الطاعنين وأقوال الشهود لا يتعارض وما أورى تقرير الصفة التشريحية، بل يتطابق معه بما تضحى معه دعوى التعارض بين الدليلين القولى والفنى عارية عن دليلها.
2 - من المقرر قانونا أن الفاعل إما أن ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره فى ارتكابها، فإذا أسهم فإما أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة وإما أن يأتى عمدا عملا تنفيذيا فيها إذا كانت الجريمة تتركب من جملة أفعال بحسب طبيعتها أو طبقا لخطة تنفيذها ويكون فاعلا مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل فى ارتكابها، ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها، عرف أو لم يعرف، إعتبارا بأن الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه على الأقل ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة فى الجريمة و إلا فلا يسأل إلا عن فعله وحده. ولما كان الحكم المطعون فيه مع اطمئنانه مما حصله من وقائع الدعوى وأدلة الثبوت فيها إلى أن الطاعنين هما وحدهما اللذان اعتديا على المجنى عليه وأحدثا إصابته التى نشأت عنها الوفاة – قد أثبت فى حقهما أخذا باعترافهما أن كلا منهما قد أصاب المجنى عليه بطعنه بمطواة فى ظهره بقصد قتله وإزهاق روحه بدافع الثأر لقتل عمهما وكبير أسرتهما، وأن هاتين الإصابتين على ما خلص إليه تقرير الصفة التشريحية وشهد به الطبيب الشرعى بالجلسة – تعدان فى مقتل وأنهما كفيلتان بإحداث الوفاة وحدهما بل أن كل إصابة على حدة تعد خطيرة وفى مقتل وتؤدى إلى الوفاة، فإنه إذا انتهى – وبفرض صحة دفاع الطاعنين من إسهام آخرين فى الاعتداء – إلى مساءلتهما عن جريمة القتل العمد بوصفهما فاعلين أصليين، يكون قد أصاب صحيح القانون.
3 - لا ينال من سلامة الحكم مناقشة المحكمة للطبيب الشرعى فى غيبة بعض المحامين عن الطاعنين، ذلك بأن ما أراده القانون بالنص على أن كل متهم بجناية يجب أن يكون له من يدافع عنه يتحقق بحضور محام بجانب المتهم أثناء المحاكمة يشهد إجراءاتها ويعاون المتهم بكل ما يرى إمكان تقديمه من وجه الدفاع ولا يلزم أن يحضر مع المتهم بجناية أكثر من محام واحد. ولما كان الثابت أن المحامين الموكلين عن الطاعنين قد حضروا إجراءات المحاكمة وأبدى كل منهم دفاعه ولما أن قررت المحكمة بعد انتهاء المرافعات مناقشة الطبيب الشرعى فى بعض نقاط الدعوى حضر أحدهم ولم يتمسك هو أو أى من الطاعنين بضرورة حضور باقى المحامين، بل إن المحامى الذى حضر المناقشة عقب عليها بأنه بعد ما تقدم من بيان أوجه الدفاع يرى أن الاتهام فى غير محله وصمم على الطلبات، فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع لا تكون مقبولة.
4 - مناط الاعفاء من العقاب لفقدان الجانى شعوره واختياره فى عمله وقت ارتكاب الفعل هو أن يكون تسبيب هذه الحالة راجعا – على ما تنص عليه المادة 62 من قانون العقوبات – لجنون أو عاهة فى العقل دون غيرهما، ولما كان المستفاد من دفاع الطاعنين هو أنهما كانا فى حالة من حالات الاثارة والاستفزاز والغضب تملكتهما عقب الاعتداء على عمهما وكبير أسرتهما، فإن الدفاع على هذه الصورة لا يتحقق به الدفع بالجنون أو العاهة فى العقل.
5 - لما كانت حالات الاثارة أو الاستفزاز أو الغضب لا تنفى نية القتل، كما أنه لا تناقض بين قيام هذه النية لدى الجانى وبين كونه قد ارتكب فعله تحت تأثير أى من هذه الحالات وإن عدت أعذارا قضائية مخففة يرجع الأمر فى تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة النقض، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على قيام قصد القتل فى حق الطاعنين تدليلا سائغا واضحا فى إثبات توافره لديهما، فإن ما يثيرانه فى هذا الصدد لا يكون سديدا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما فى يوم 6/ 10/ 1971 بدائرة مركز اطسا محافظة الفيوم: قتل عمدا ...... بأن طعنه كل منهما بآلة حادة (مطواة) قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. وطلبت من مستشار الاحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة، فقرر ذلك. وادعت .....، .....، ..... مدنيا قبل المتهمين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات الفيوم قضت حضوريا بتاريخ 15/ 4/ 1972 عملا بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاما وإلزامهما بأن يدفعا للمدعيات بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة القتل العمد، قد شابه فساد فى الاستدلال وقصور فى التسبيب وخطأ فى تطبيق القانون وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه على الرغم مما أثاره الدفاع عن الطاعنين من أمر التناقض بين الدليل القولى المتمثل فى اعتراف الطاعنين بأنهما استعملا مطواة فى الاعتداء على المجنى عليه وفى أقوال الشهود بأن الطاعن الأول اعتدى على المجنى عليه بساطور وأن الثانى أطلق عيارين ناريين أصاب أحدهما المجنى عليه، وبين الدليل الفنى المستمد من تقرير الصفة التشريحية الذى انتهى إلى أن بعض إصابات المجنى عليه قطعية رضية والأخرى قطعية طعنية، وأنه ليس به أثر لأعيرة نارية، فقد عول الحكم فى قضائه على هذين الدليلين مع تعارضهما، وتعثر حين حاول رفع هذا التعارض حيث رد على ذلك الدفاع بما لا يصلح فى صحيح التسبيب ردا. كما كان من حديث الطاعنين أنهما لم يستقلا بالاعتداء على المجنى عليه، وإنما كانا ضمن جمهرة من المعتدين، وإن الطاعن الأول وإن أقر بطعنه للمجنى عليه طعنة واحدة فى الظهر بمطواة إلا أن تلك الاصابة لا تسبب وحدها الموت، كما أن الطاعن الثانى وإن اعترف بطعنه هو أيضا للمجنى عليه طعنة لم يحدد مكانها من جسمه، فإنه ليس من المقطوع به أن الاصابة الناتجة عنها قد ساهمت فى إحداث الوفاة، وخلص الطاعنان إلى أن ما أقرا به لا ينتهى بهما إلى المساءلة عن القتل العمد ولكن إلى الضرب أو – ومع التجاوز – إلى الضرب المفضى إلى الموت، إلا أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع مع جوهريته ودان الطاعنين بجريمة القتل العمد بعد استجلاء المحكمة للطبيب الشرعى بالجلسة عن مدى مساهمة الاصابات الطعنية فى إحداث الوفاة، ذلك الاستجلاء الذى تم فى غيبة المدافعين الأصليين عن الطاعنين بما يعد عيبا فى الاجراءات وإخلالا بحق الدفاع، كما لم يعرض الحكم لما أثاره الدفاع عن الطاعنين من أن كلا منهما لم يكن مدركا لشعوره أو مسيطرا على نفسه وقت الاعتداء بسبب التعدى السابق الحاصل على كبير أسرتهما، وأثر تلك الحالة فى توافر القصد الجنائى لديهما، وذلك كله مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث عن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد التى دان الطاعنين بها، وأقام عليها فى حقهما أدلة مستقاة من اعترافهما بتحقيقات النيابة وأقوال الشهود وتقدير الصفة التشريحية، وهى أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى، بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان الحكم المطعون فيه قد نقل عن الطاعنين اعترافهما بأن كلا منهما طعن المجنى عليه بمطواة فى أعلا ظهره من الخلف حتى انكفأ على وجهه مضرجا بدمائه، وعن الشهود قولهم أن الطاعنين كانا يحملان آلات مخبأة، وأن أولهما إعتدى على المجنى عليه بساطور فى رأسه، كما نقل الحكم عن تقرير الصفة التشريحية إصابة المجنى عليه بجرحين قطعيين رضيين نتيجة التعدى عليه بآلة حادة ثقيلة مثل ساطور أو ما شابه، وبجروح قطعية طعنية حدثت من الطعن بنصل آلة حادة ذات طرف مدبب مثل سكين أو مطواه، وأن الوفاة نشأت عن الإصابات الرضية والقطعية الطعنية مجتمعة وما أحدثته من كسور بعظام الجمجمة ولوح الكتف الأيسر وتهتك بالمخ والنخاع الشوكى والأحشاء الصدرية وما صاحب ذلك من نزيف دموى غزير وصدمة عصبية، وكان الطاعنان لا يجادلان فيما نقله الحكم من تلك الأدلة ومأخذها الصحيح من الأوراق، فإن البين من مجموع ما تقدم أن ما أخذ به الحكم واطمأن إليه من اعتراف الطاعنين وأقوال الشهود لا يتعارض وما أورى تقرير الصفة التشريحية، بل يتطابق معه بما تضحى معه دعوى التعارض بين الدليلين القولى والفنى عارية عن دليلها. لما كان ذلك، وكان من المقرر قانونا أن الفاعل إما أن ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره فى ارتكابها، فإذا أسهم فإما أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة وإما أن يأتى عمدا عملا تنفيذها فيها إذا كانت الجريمة تتركب من جملة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقا لخطة تنفيذها ويكون فاعلا مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل فى إرتكابها، ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها، عرف أو لم يعرف، اعتبارا بأن الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه على الأقل ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة فى الجريمة، وإلا فلا يسأل إلا عن فعله وحده، وكان الحكم المطعون فيه – مع اطمئنانه مما حصله من وقائع الدعوى وأدلة الثبوت فيها إلى أن الطاعنين هما وحدهما اللذان إعتديا على المجنى عليه وأحدثا إصاباته التى نشأت عنها الوفاة – قد أثبت فى حقهما أخذا باعترافهما أن كلا منهما قد أصاب المجنى عليه بطعنه بمطواه فى ظهره بقصد قتله وإزهاق روحه بدافع الثأر لقتل عمهما وكبير أسرتهما، وأن هاتين الإصابتين – على ما خلص إليه تقرير الصفة التشريحية وشهد به الطبيب الشرعى بالجلسة – تعدان فى مقتل وانهما كفيلتان بإحداث الوفاة وحدهما بل أن كل إصابة على حدة تعد خطيرة وفى مقتل وتؤدى إلى الوفاة، فإنه إذا انتهى – وبفرض صحة دفاع الطاعنين من إسهام آخرين فى الاعتداء – إلى مساءلتهما عن جريمة القتل العمد بوصفهما فاعلين أصليين، يكون قد أصاب صحيح القانون. ولا ينال من سلامته مناقشة المحكمة للطبيب الشرعى فى غيبة بعض المحامين عن الطاعنين، ذلك بأن ما أراده القانون بالنص على أن كل متهم بجناية يجب أن يكون له من يدافع عنه يتحقق بحضور محام بجانب المتهم أثناء المحاكمة يشهد إجراءاتها ويعاون المتهم بكل ما يرى إمكان تقديمه من وجه الدفاع. ولا يلزم أن يحضر مع المتهم بجناية أكثر من محام واحد. ولما كان الثابت أن المحامين الموكلين عن الطاعنين قد حضروا إجراءات المحاكمة وأبدى كل منهم دفاعه ولما أن قررت المحكمة بعد انتهاء المرافعات مناقشة الطبيب الشرعى فى بعض نقاط الدعوى حضر أحدهم ولم يتمسك هو أو أيا من الطاعنين بضرورة حضور باقى المحامين، بل أن المحامى الذى حضر المناقشة عقب عليها بأنه بعد ما تقدم من بيان أوجه الدفاع يرى أن الاتهام فى غير محله وصمم على الطلبات، فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع لا تكون مقبولة. لما كان ذلك، وكان مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجانى شعوره واختياره فى عمله وقت إرتكاب الفعل هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعا - على ما تنص عليه المادة 63 من قانون العقوبات – لجنون أو عاهة فى العقل دون غيرهما، وكان المستفاد من دفاع الطاعنين هو أنهما كانا فى حالة من حالات الإثارة والاستفزاز والغضب تملكتهما عقب الاعتداء على عمهما وكبير أسرتهما، فإن الدفاع على هذه الصورة لا يتحقق به الدفع بالجنون أو العاهة فى العقل، ولما كانت حالات الإثارة أو الاستفزاز أو الغضب لا تنفى نية القتل، كما أنه لا تناقض بين قيام هذه النية لدى الجانى وبين كونه قد ارتكب فعلته تحت تأثير أى من هذه الحالات، وإن عدت أعذارا قضائية مخففة يرجع الأمر فى تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة النقض، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على قيام قصد القتل فى حق الطاعنين تدليلا سائغا واضحا فى إثبات توافره لديهما، فإن ما يثيرانه فى هذا الصدد لا يكون سديدا. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.