أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة الثامنة عشرة - صـ 597

جلسة 25 من إبريل سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، وأنور أحمد خلف.

(115)
الطعن رقم 240 لسنة 37 القضائية

(أ) اتفاق جنائي. جريمة. " أركانها ".
جريمة الاتفاق الجنائي. أركانها ؟
(ب) إخفاء أشياء متحصلة من جريمة.
شرط توقيع العقوبة المغلظة المنصوص عليها في المادة 44/ 2 مكرراً عقوبات ؟ علم الجاني بالظروف المشددة للجريمة التي كانت مصدراً للمال الذي يخفيه.
(ج) حكم. " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
للمحكمة الاعتماد في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
(د) حكم. " تسبيبه. تسبيب غير معيب ". نقض. " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها ".
مطالبة الطاعن محكمة الموضوع بالرد على دفاع لم يبد أمامها. غير مقبول. ليس له إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض. علة ذلك ؟
(هـ) إجراءات المحاكمة. إثبات. " إثبات بوجه عام ".
المحاكمة الجنائية. العبرة فيها باقتناع القاضي بناء على ما يجريه من تحقيق في الدعوى ومن كافة عناصرها المطروحة أمامه. مطالبته بالأخذ بدليل دون آخر. غير جائز.
1 - لا يشترط لتكوين جريمة الاتفاق الجنائي المنصوص عليها في المادة 48 من قانون العقوبات أكثر من اتحاد إرادة شخصين أو أكثر على ارتكاب جناية أو جنحة ما سواء أكانت معينة أو غير معينة أو على الأعمال المجهزة أو المسهلة لإرتكابها سواء وقعت الجريمة المقصودة بالاتفاق أو لم تقع.
2 - استلزم القانون لتوقيع العقوبة المغلظة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 44 مكرر من قانون العقوبات أن يعلم الجاني بالظروف المشددة للجريمة التي كانت مصدر للمال الذي يخفيه، أما إذا انتفى علمه بتلك الظروف المشددة فيجب توقيع العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة سالفة الذكر.
3 - للمحكمة أن تعتمد في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد طرحت على بساط البحث.
4 - لا يقبل من الطاعن أن يطالب محكمة الموضوع بالرد على دفاع لم يبد أمامها، ولا يجوز له أن يثير هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه يتطلب تحقيقاً موضوعياً تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة.
5 - العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على ما يجريه من تحقيق في الدعوى ومن كافة عناصرها المطروحة أمامه، فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل دون آخر، ومتى اقتنع القاضي من الأدلة المعروضة أمامه بالصورة التي ارتسمت في وجدانه للواقعة وخلص إلى ارتكاب المتهم إياها وجب عليه أن ينزل العقاب به طبقاً للقانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في ليلة 2 أكتوبر سنة 1965 بدائرة مركز أدفو محافظة أسوان: المتهمين من الأول إلى التاسع: تدخلوا في اتفاق جنائي يستهدف ارتكاب الجناية الموضحة في التهمة الثانية وذلك بأن دعا المتهم الأول الباقين إلى اجتماع في مسكن المتهم التاسع حرضهم فيه على الاتفاق على ارتكابها لظروفها ودبروا خطة وساعة ارتكابها وقد وقعت الجريمة تنفيذا لهذا الاتفاق. المتهمين الثمانية الأول: سرقوا مبلغ النقود الموضح وصفاً وقيمة في التحقيقات المملوك لشركة النصر للفوسفات من مبنى مركز إدارتها وذلك بواسطة كسر نافذته الخارجية حالة كون أحدهم يحمل سلاحاً ظاهراً (مطواة) وقد فعلوا الجناية المشار إليها بطريق الإكراه بأن كبلوا الخفيرين علي محمود سليمان ومصطفى محمود محمد المنوط بهما حراسة مركز إدارة الشركة المجني عليها بالحبال وكمموا أفواههم مهددين إياهما بالمطواة بنية مقاومتهما مما سهل لهم ارتكاب الجريمة. المتهم السابع: اشترك مع المتهمين الأول إلى الثامن بطريق الاتفاق في ارتكاب الجناية الموضحة بالتهمة السابقة وذلك بأن اجتمع بهم في مسكنه في تاريخ سابق على ارتكابها واتفق معهم على ارتكابها بكيفية وساعة تنفيذها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق. المتهمين من العاشر إلى الثالثة عشرة: أخفوا المبالغ المسروقة الموضحة وصفاً وقيمة بالتحقيقات والمتحصلة من جناية السرقة المبينة بالتهمة الثانية مع علمهم بذلك. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 40/ 2 و41/ 1 و44 مكرراً و48/ 1 - 3 و313 من قانون العقوبات. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات أسوان قضت حضورياً بتاريخ 13 أكتوبر سنة 1966 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين من الأول إلى التاسع والمادة 17 من القانون ذاته بالنسبة إلى المتهمين من الثالث إلى الثالثة عشرة (أولاً) بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثاني بالأشغال الشاقة المؤبدة. (ثانياً) بمعاقبة كل من المتهمين من الثالث إلى التاسع بالأشغال الشاقة عشر سنوات (ثالثاً) بمعاقبة كل من المتهمين من العاشر إلى الأخيرة بالسجن ثلاث سنين (رابعاً) مصادرة جميع الأدوات المضبوطة والتي استعملت في الجريمة. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.... وقدم محامي الطاعن الحادي عشر تقريراً بأسباب طعنه كما قدم المحامي عن الطاعنين الأول والثانية عشرة والثالثة عشرة تقريراً بأسباب طعنهم. أما باقي الطاعنين فلم يقدموا أسباباً لطعنهم.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين من الثاني إلى التاسع وإن قرروا بالطعن بالنقض في الميعاد القانوني إلا أنهم لم يقدموا أسباباً لطعنهم ومن ثم يتعين عدم قبول الطعن بالنسبة إليهم شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعنين الأول والحادي عشر والثانية عشرة والثالثة عشرة قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن الأول ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الاتفاق الجنائي والسطو قد شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب، ذلك بأن الحكم عول في إدانته على تحريات رجال الشرطة واعترافات المتهمين مع أن التحريات ليست دليلاً مؤكداً لأنها قد تحتمل الصدق أو الكذب أما الاعترافات فقد شابها البطلان لصدورها إثر تهديد ووعيد الأمر الذي أثاره الطاعن لدى محكمة الموضوع إلا أنها لم تعن بتحقيقه. ومن ناحية أخرى على الرغم من إدانة الطاعن بجريمتي الاتفاق الجنائي والسرقة بإكراه وبحمل سلاح فإنه لم يعن ببيان أساس الاتفاق وأركانه ولم يبين طريق الإكراه ويثبت وجود السلاح واستعماله، أما ما جاء بالتحريات عن التهديد والقوة وحمل السلاح فلم يكشف عنه التحقيق.
وحيث إن النيابة العامة اتهمت الطاعنين التسعة الأول بأنهم (أولاً) تدخلوا في اتفاق جنائي يستهدف ارتكاب الجناية الموضحة في التهمة الثانية وذلك بأن دعا المتهم الأول الباقين إلى اجتماع في مسكن المتهم التاسع وحثهم فيه على الاتفاق على ارتكابها بظروفها ودبروا خطة وساعة ارتكابها وقد وقعت الجريمة تنفيذاً لهذا الاتفاق (ثانياً) الثمانية الأول: سرقوا مبلغ النقود الموضح وصفاً وقيمة في التحقيقات المملوك لشركة النصر للفوسفات من مبنى مركز إدارتها وذلك بواسطة كسر نافذته الخارجية حالة كون أحدهم يحمل سلاحاً ظاهراً (مطواه) وقد فعلوا الجناية المشار إليها بطريق الإكراه بأن كبلوا الخفيرين علي محمود سليمان ومصطفى محمود محمد المنوط بهما حراسة مركز إدارة الشركة المجني عليها بالحبال وكمموا أفواههما مهددين إياهما بالمطواة بغية شل مقاومتها مما سهل لهم ارتكاب الجريمة. والتاسع: اشترك مع المتهمين الأول إلى الثامن بطريق الاتفاق في ارتكاب الجناية الموضحة بالتهمة السابقة وذلك بأن اجتمع بهم في مسكنه في تاريخ سابق على ارتكابها واتفق معهم على ارتكابها بكيفية وساعة تنفيذها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق. وبأن الطاعنين من العاشر إلى الثالثة عشرة - أخفوا المبالغ المسروقة الموضحة وصفاً وقيمة بالتحقيقات والمتحصلة من جناية السرقة المبينة بالتهمة الثانية مع علمهم بذلك. وطلبت النيابة العامة معاقبتهم بالمواد 40/ 2 و41/ 1 و44/ 2 مكرر و48/ 1 - 3 و313 من قانون العقوبات. ومحكمة الجنايات قضت حضورياً بمعاقبة كل من الطاعنين الأول والثاني بالأشغال الشاقة المؤبدة ومعاقبة كل من الطاعنين من الثالث إلى التاسع بالأشغال الشاقة عشر سنوات ومعاقبة كل من العاشر والحادي عشر والثانية عشرة والثالثة عشرة بالسجن ثلاث سنوات والمصادرة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أنه بينما كان الخفيران الخصوصيان لشركة النصر للفوسفات يقومان ليلة الحادث بحراسة مبنى إدارة الشركة بناحية السباعية شرق مركز أدفوا إذ فاجأهما عدد من الأشخاص قاموا بوثاقهما وتكميمهما وتفحية عيونهما وهددهما أحدهم بسكين ثم اقتحموا غرفة الخزينة بعد كسر نافذتها وسرقوا ما كان بالخزينة من نقود بلغت - على ما قرره رئيس الحسابات - حوالي 22 ألف من الجنيهات. ودلت تحريات الشرطة أن الجناه هم الطاعنون التسعة الأول وأنهم اتفقوا فيما بينهم على ارتكاب السرقة وأن هذا الاتفاق اكتملت صورته بمنزل الطاعن التاسع ببلدة نجع العمارية وقد اعترف الطاعنون بارتكاب الحادث وذكر الطاعن الأول أنه أخفى نصيبه ونصيب الطاعن السادس من النقود لدى شقيقته وزوجها الطاعنين العاشر والثانية عشرة واعترفت الأخيرة باستلام المبلغ وقيام وزجها بإخفائه واعترف الطاعن الثاني بالجريمتين وضبط مبلغ 2336 ج مدفوناً بالقرب من مسكنه كما اعترف الطاعن الثالث وأرشد عن مبلغ 2320 ج واعترف الطاعن الرابع وأرشد عن مبلغ 1500 ج واعترف الطاعن السابع وذكر أنه أخفى نصيبه من النقود لدى الطاعن الحادي عشر الذي اعترف بدوره أنه أودعه لدى آخر الذي ضبط لديه مبلغ 689 ج واعترف الطاعن الثامن وضبط معه مبلغ 990 ج كما اعترف الطاعن التاسع وضبط معه مبلغ 140 ج. وثبت من المعاينة أن النافذة الشرقية لحجرة الخزينة قد تحطمت وعثر على الخزينة مهشمة من الخلف وملقاة بأرض الغرفة وإلى جوارها مسمار من الحديد استعمل في كسرها كما عثر على أجنتين من الحديد. واستند الحكم في إدانة الطاعنين إلى شهادة علي محمد سليمان ومصطفى محمود محمد خفيري الشركة وإلى اعترافات الطاعنين بمحضر ضبط الواقعة وبتحقيق النيابة العامة ومن ضبط بعض النقود المسروقة وما ورد بتحريات الشرطة وما دلت عليه معاينة مكان الحادث. لما كان ذلك، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين أو الدفاع عنهم قد أثاروا لدى محكمة الموضوع أن ثمت إكراهاً وقع عليهم أو أن اعترافاتهم قد صدرت إثر تهديد أو وعيد، ومن ثم فإنه لا يقبل من الطاعن الأول أن يطالب المحكمة بالرد على دفاع لم يبد أمامها، ولا يجوز له أن يثير هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه يتطلب تحقيقاً موضوعياً تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكانت العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على ما يجريه من تحقيق في الدعوى ومن كافة عناصرها المطروحة أمامه... و... فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل دون آخر، ومتى اقتنع القاضي من الأدلة المعروضة أمامه بالصورة التي ارتسمت في وجدانه للواقعة وخلص إلى ارتكاب المتهم إياها وجب عليه أن ينزل العقاب به طبقاً للقانون. وإذ ما كانت محكمة الموضوع قد اقتنعت - للأدلة السائغة التي أوردتها - باسهام الطاعن الأول في مقارفة الجريمتين اللتين دين بهما، وكان للمحكمة أن تعتمد في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد طرحت على بساط البحث، فإنه لا يقبل من الطاعن مصادرة المحكمة في عقيدتها أو مجادلتها في عناصر اطمئنانها، لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الاتفاق الجنائي كما هي معرفة به في القانون، ذلك بأنه لا يشترط لتكوين جريمة الاتفاق الجنائي المنصوص عليها في المادة 48 من قانون العقوبات أكثر من اتحاد إرادة شخصين أو أكثر على ارتكاب جناية أو جنحة ما سواء أكانت معينة أم غير معينة أو على الأعمال المجهزة أو المسهلة لارتكابها سواء وقعت الجريمة المقصودة بالاتفاق أو لم تقع. ولما كان الحكم قد أثبت في حق الطاعنين التسعة الأول أن إدارتهم قد تحدث على ارتكاب جريمة السرقة وأعدوا العدة للأمر ونفذوها فعلاً، فإن ما يثيره الطاعن الأول من قالة القصور في بيان أركان جريمة الاتفاق الجنائي لا يكون له محل. على أنه لا جدوى مما يثيره الطاعن في هذا الشأن ما دام الحكم قد أعمل في حقه المادة 32 من قانون العقوبات وقضى عليه بالعقوبة المقررة قانوناً لجناية السرقة المنصوص عليها في المادة 313 من قانون العقوبات باعتبارها الجريمة الأشد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعنين من الأول إلى التاسع أنهم انقضوا على الخفيرين الخصوصيين وقاموا بوثاقهما وتكميمهما وستر أعينها وهددهما أحدهم بسكين ثم قاموا بسرقة الخزينة، وكان ما أثبته الحكم من ذلك له أصله الصحيح من أقوال الخفيرين واعترافات الطاعنين ويتوافر به عنصري الإكراه وحمل السلاح في جريمة السرقة، فإن ما يثيره الطاعن الأول من جدل حول عدم توافر هذين العنصرين لا يكون سديداً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن المقدم من الطاعن الأول يكون في غير محله متعيناً رفضه.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون الحادي عشر والثانية عشرة والثالثة عشرة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة إخفاء المسروقات وقضى بسجن كل منهم ثلاث سنوات قد شابه قصور في التسبيب وخطأ في الإسناد، ذلك بأن الحكم قضى بالعقوبة المغلظة لجريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة دون أن يستظهر علم الطاعنين بالظروف المشددة لجريمة السرقة. أما ما نسبه الحكم إليهم من اعترافات تفيد علمهم بأن النقود متحصلة من جناية سرقة فليس له أصل بالأوراق.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن دلل على قيام الاتفاق الجنائي وجناية السرقة في حق الطاعنين التسعة الأول، عرض إلى موقف الطاعنين من العاشر إلى الثالثة عشرة وأثبت اقترافهم جريمة الإخفاء في قوله. " وحيث إنه بالنسبة لباقي المتهمين من العاشر إلى الثالثة عشرة فقد ثبت بالدليل المقتنع ضدهم على أنهم أخفوا النقود المسروقة المتحصلة من الجناية سالفة الذكر وذلك باعترافهم باستلام النقود والعمل على إخفائها مع علمهم بأنها متحصلة من جناية السرقة مما يقطع بتوافر أركان الجريمة المنصوص عليها في المادة 44 مكرر من قانون العقوبات ويتوافر هذا النص ولو كان المخفي قد أخذ الشيء المسروق من شخص أخر غير السارق ". لما كان ذلك، وكانت المادة 44 مكرر من قانون العقوبات قد جرى نصها على أن " كل من أخفى أشياء مسروقة أو متحصلة من جناية أو جنحة مع علمه بذلك يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين. وإذا كان الجاني يعلم بأن الأشياء التي يخفيها متحصلة من جريمة عقوبتها أشد حكم عليه بالعقوبة المقررة لهذه الجريمة ". فالقانون قد استلزم لتوقيع العقوبة المغلظة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من هذه المادة أن يعلم الجاني بالظروف المشددة للجريمة التي كانت مصدرا للمال الذي يخفيه أما إذا انتفي علمه بتلك الظروف المشددة فيجب توقيع العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة سالفة الذكر. وإذا ما كان الحكم المطعون فيه قد أوقع على الطاعنين العقوبة المغلظة لجريمة الإخفاء واستند في التدليل على علمهم بظروف جناية السرقة إلى اعترافهم بذلك في التحقيقات الأولية. ولما كان البين من الاطلاع على المفردات أن الطاعنين وإن أقروا بحيازة المال إلا أنهم لم يعترفوا بعلمهم بظروف جناية السرقة خلافاً لما استخلصه الحكم من تلك الاعترافات، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن الخطأ في الإسناد. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة إلى الطاعنين الحادي عشر والثانية عشرة والثالثة عشرة وإلى الطاعن العاشر - ولو أنه لم يقدم أسباباً لطعنه - لاتصال العيب الذي شاب الحكم به عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وذلك بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعنون في أسباب طعنهم.