أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 24 - صـ 653

جلسة 27 من مايو سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين محمود كامل عطيفة، ومحمد عبد المجيد سلامة، وطه الصديق دنانة، ومحمد عادل مرزوق.

(134)
الطعن رقم 389 لسنة 43 القضائية

(1) إثبات. "قوة الأمر المقضى". قوة الأمر المقضى. حكم. "حجيته". أمر بعدم وجود وجه. نيابة عامة. بلاغ كاذب.
المادتان 454, 445 ا. ج. قوة الأمر المقضى أمام المحاكم الجنائية أو المدنية لا تكون إلا للأحكام النهائية بعد صيرورتها باتة متى توافرت شرائطها القانونية. الأمر الصادر من النيابة بعدم وجود وجه فى الجريمة المبلغ عنها لا حجية له أمام المحكمة الجنائية فى دعوى البلاغ الكاذب عن هذه الجريمة.
(2) قصد جنائى. بلاغ كاذب. جريمة. "أركانها".
القصد الجنائى فى جريمة البلاغ الكاذب. توافره بعلم المبلغ بكذب الوقائع المبلغ عنها وانتوائه الكيد والاضرار بالمبلغ ضده. تقدير ذلك. موضوعى. مثال.
1 - من المقرر بنص المادتين 454, 445 من قانون الاجراءات الجنائية أن قوة الأمر المقضى سواء أمام المحاكم الجنائية أو المحاكم المدنية لا تكون إلا للأحكام النهائية بعد صيرورتها باتة متى توافرت شرائطها القانونية، وأنه ليس للأمر الصادر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية فى الجريمة المبلغ عنها حجية أمام المحكمة الجنائية فى دعوى البلاغ الكاذب عن هذه الجريمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد نفى عن المطعون ضده سوء القصد فى بلاغه المقدم منه ضد الطاعن للأسباب التى أوردها واطمأنت إليها المحكمة، فإن النعى عليه بقالة مخالفته للقرار الصادر من النيابة العامة بحفظ البلاغ وللأسباب التى بنى عليها مع ما لهذا القرار من حجية تسرى مسرى قوة الشئ المحكوم فيه، يكون غير سديد فى القانون.
3 - يتوافر القصد الجنائى فى جريمة البلاغ الكاذب بعلم المبلغ بكذب الوقائع التى أبلغ عنها وانتوائه الكيد والاضرار بالمبلغ ضده، وتقدير هذه الأمور من شأن محكمة الموضوع التى لها مطلق الحق فى استظهار من الوقائع المطروحة عليها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد برر قضاءه بالبراءة بقوله إن التحقيقات لا يبين منها أن انفصام العلاقة الزوجية بين إبنة الطاعن وبين المطعون ضده كان لها أثرها فى دفع الأخير إلى إبلاغ السلطات العامة بأن الطاعن (المدعى بالحقوق المدنية) قد أغفل ذكر بعض ممتلكاته فى إقرار الذمة المالية، وأن الأوراق لا تحتوى على ما يقطع وتطمئن إليه المحكمة بأن المطعون ضده انتوى ببلاغه سوء القصد والكيد للمدعى بالحقوق المدنية (الطاعن)، وإذ كان يكفى فى المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضى فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكى يقضى له بالبراءة، إذ مرجع فى ذلك إلى ما يطمئن إليه فى تقدير الدليل ما دام الظاهر أن المحكمة أحاطت بالدعوى وألمت بظروفها عن بصر وبصيرة، فإن كل ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

أقام المدعى بالحقوق المدنية دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة القاهرة للجرائم المالية – قيدت بجدولها برقم 225 سنة 1971 – ضد المطعون ضده بوصف أنه فى خلال شهر أغسطس سنة 1970 بدائرة القاهرة: أبلغ السلطات العامة ضده كذبا بأن اتهمه بجريمة الكسب غير المشروع، وطلب معاقبته بالمادة 17 من القانون رقم 11 لسنة 1968 وإلزامه أن يدفع له مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا فى 21/ 3/ 1972 عملا بمادة الاتهام بتغريم المتهم مائة جنيه وإلزامه أن يدفع للمدعى بالحق المدنى مبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية ومبلغ مائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المطعون ضده هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضوريا فى 29/ 4/ 1972 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم وعدم قبول الدعوى المدنية وإلزام المدعى بالحقوق المدنية المصروفات عن الدرجتين. فطعن المدعى بالحقوق المدنية فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتبرئة المطعون ضده وبرفض الدعوى المدنية، قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه قصور فى التسبيب، ذلك بأنه على الرغم مما كشفت عنه تحقيقات النيابة العامة فى البلاغ المقدم من المطعون ضده ضد الطاعن وما جاء بأسباب القرار الصادر من النيابة بحفظ ذلك البلاغ من أن المطعون ضده كان كاذبا فيما أبلغ به مدفوعا فيع بالخلافات الثابتة بينه وبين الطاعن منتويا الكيد له والتشهير به، فقد تصدى الحكم المطعون فيه لبحث قصد الطاعن وانتهى إلى انتفاء سوء نيته، فخالف بذلك قرار النيابة العامة – منطوقا وأسبابا – وهو قرار له حجيته ويقيد المحكمة التى تفصل فى دعوى البلاغ الكاذب. هذا إلى أن المحكمة أقامت قضاءها على أن الأوراق لا تحتوى على ما يقطع وتطمئن هى إليه من أن المطعون ضده قد انتوى ببلاغه السوء والكيد للطاعن دون أن تلتفت إلى حوته الأوراق من استصدار إبنة الطاعن حكما بالنفقة على المطعون ضده ومن انفصام صلة الزوجية بينهما مما كان له أثره فى اتهام المطعون ضده للطاعن بالباطل بحصوله على كسب غير مشروع، وهو ما ينبئ من أن المحكمة لم تلم بالدعوى ولم تحط بظروفها.
وحيث إنه من المقرر بنص المادتين 454 و455 من قانون الاجراءات الجنائية أن قوة الأمر المقضى سواء أمام المحاكم الجنائية أو المحاكم المدنية لا تكون إلا للأحكام النهائية بعد صيرورتها بأنه متى توافرت شرائطها القانونية، وأنه ليس للأمر الصادر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية فى الجريمة المبلغ عنها حجية أمام المحكمة الجنائية فى دعوى البلاغ الكاذب عن هذه الجريمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد نفى عن المطعون ضده سوء القصد فى بلاغه المقدم منه ضد الطاعن للأسباب التى أوردها واطمأنت إليها المحكمة، فان النعى عليه بقالة مخالفته للقرار الصادر من النيابة العامة بحفظ البلاغ وللأسباب التى بنى عليها مع ما لهذا القرار من حجية تسرى مسرى قوة الشئ المحكوم فيه، يكون غير سديد فى القانون. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائى فى جريمة البلاغ الكاذب يتوافر بعلم المبلغ بكذب الوقائع التى أبلغ عنها وانتوائه الكيد والإضرار بالمبلغ ضده، وتقدير هذه الأمور من شأن محكمة الموضوع التى لها مطلق الحق فى استظهارها من الوقائع المطروحة عليها، وكان الحكم المطعون فيه قد برر قضاءه بالبراءة بقوله أن التحقيقات لا يبين منها أن انفصام علاقة الزوجية بين إبنة الطاعن وبين المطعون ضده كان لها أثرها فى دفع هذا الأخير إلى إبلاغ السلطات العامة بأن الطاعن قد أغفل ذكر بعض ممتلكاته فى إقرار الذمة المالية، وأن الأوراق لا تحتوى على ما يقطع وتطمئن إليه المحكمة بأن المطعون ضده انتوى ببلاغه سوء القصد والكيد للمدعى بالحقوق المدنية (الطاعن) وإذ كان يكفى فى المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضى فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكى يقضى له بالبراءة إذ مرجع الأمر فى ذلك إلى ما يطمئن إليه فى تقدير الدليل ما دام الظاهر أن المحكمة أحاطت بالدعوى وألمت بظروفها عن بصر وبصيرة، فإن كل ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا وإلزام الطاعن المصاريف مع مصادرة الكفالة.