أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 24 - صـ 678

جلسة 28 من مايو سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ سعد الدين عطية، وعضوية السادة المستشارين: وحسن أبو الفتوح الشربينى، ابراهيم أحمد الديوانى، ومصطفى محمود الأسيوطى، وعبد الحميد محمد الشربينى.

(141)
الطعن رقم 404 لسنة 43 القضائية

(1) موظفون عموميون. مستخدمون عموميون. إستيلاء على مال للدولة. شروع. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
العقاب على جريمة الاستيلاء بغير حق على مال مملوك للدولة أو لإحدى الهيئات العامة شموله جميع فئات العاملين فى الحكومة والجهات التابعة لها فعلا والملحقة بها حكما. أيا كانت درجة الموظف أو من فى حكمه. وأيا كان نوع العمل المكلف به. الخفير فى شركة تابعة للقطاع العام إعتباره فى حكم الموظفين العموميين. ولو كان عقده محدد المدة.
(2) اشتراك. اتفاق. إستيلاء على مال للدولة. محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". "قرائن". قصد جنائى. جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". شروع.
الاشتراك بطريق الاتفاق. ماهيته. استخلاص توافره. موضوعى.
(3) عقوبة. "العقوبة التكميلية". عزل. شروع. إستيلاء على مال للدولة. نقض "حالات الطعن. الخطأ فى تطبيق القانون". "نظره والحكم فيه". "ظروف مخففة. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
المادة 27 عقوبات. مساواتها بين الجريمة التامة والشروع. فى وجوب الحكم بالعزل مدة لا تنقص عن مدة الحبس المقضى بها.
إدانة المتهم بجريمة الشروع فى الاستيلاء بغير حق على مال الدولة. معاملته بالرأفة ومعاقبته بالحبس. دون العزل. خطأ فى تطبيق القانون. وجوب نقضه وتصحيحه.
1 - متى كانت المادة 119 من قانون العقوبات قد نصت على أنه "يعد موظفون عموميون فى تطبيق أحكام هذا الباب الأشخاص المشار إليهم فى المادة 111 من هذا القانون". وكانت المادة 111 من القانون ذاته قد نصت فى بندها السادس على أن يعد فى حكم الموظفين العموميين أعضاء مجالس إدارة ومديرو ومستخدمو المؤسسات والشركات والجمعيات والمنظمات والمنشآت إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم فى مالها بنصيب ما بأية صفة كانت". وكان قانون العقوبات إذ عاقب بمقتضى المادة 113 منه الموظف العام أو من فى حكمه إذا استولى بغير حق على مال مملوك للدولة أو لإحدى الهيئات العامة، فقد أراد على ما عددته المادة 111 منه معاقبة جميع فئات العاملين فى الحكومة والجهات التابعة لها فعلا والملحقة بها حكما أيا كانت درجة الموظف أو من فى حكمه فى سلم الوظيفة وأيا كان نوع العمل المكلف به. ولما كان الطاعن بحكم كونه خفيرا فى شركة تابعة للقطاع العام المملوك للدولة يعد فى حكم الموظفين العموميين، يستوى فى ذلك أن يكون عقد عمله محدد المدة أو غير محدد لها، فإن النعى على الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون يكون فى غير محله.
2 - إن الاشتراك بطريق الاتفاق إنما يتكون من اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهذه النية أمر داخلى لا تقع تحت الحواس ولا تظهر بعلامات خارجية، فمن حق القاضى – فيما عدا الحالات الاستثنائية التى قيده القانون بنوع معين من الأدلة – إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة شهود أو غيره أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التى تقوم لديه.
3 - متى كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جريمة الشروع فى الاستيلاء بغير حق على مال مملوك لإحدى شركات القطاع العام، وأثبتها فى حقه، عامله بالرأفة وقضى بمعاقبته بالحبس لمدة سنتين، مما كان يتعين معه على المحكمة أن تقضى بعزله مدة لا تنقص عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها عليه، وذلك إعمالا لنص المادة 27 من قانون العقوبات التى تسوى بين حالتى الجريمة التامة والشروع فى هذا الخصوص. أما وهى لم تفعل فقد جاء حكمها مشوبا بعيب الخطأ فى تطبيق القانون بما يتعين معه نقضه نقضا جزئيا وتصحيحه بمعاقبة المطعون ضده بالعزل لمدة أربع سنوات بالإضافة إلى عقوبة الحبس المقضى بها.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة كلا من الطاعنين وآخرين بأنهم فى ليلة 26 سبتمبر سنة 1964 بدائرة قسم مصر الجديدة محافظة القاهرة: (أولا) (المتهمين جميعا) شرعوا فى سرقة أدوات لشركة أطلس للمقاولات العامة ولم تتم الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مفاجأتهم والجريمة متلبسا بها. (ثانيا) (المتهمين الثالث والرابع والخامس) بصفتهم مستخدمين عموميين (خفير نظامى وخفراء بشركة أطلس العامة للمقاولات) شرعوا فى الاستيلاء بغير حق على مال لإحدى الشركات بالقطاع العام وهى مواد وأدوات البناء آنفة البيان والمملوكة لشركة أطلس العامة للمقاولات ولم تتم الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مفاجأتهم والجريمة متلبسا بها، وضبط الثلاثة الأول منهم وفرار الباقين. (ثالثا) (المتهمين الثلاثة الأول) الطاعنين اشتركوا بطريق الاتفاق والمساعدة مع باقى المتهمين فى إرتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن اتفقوا معهم على الاستيلاء على بعض مواد وأدوات البناء المملوكة لشركة أطلس العامة للمقاولات وتوجهوا إليهم بمكان عملية مبانى الشركة ومعهم سيارة لنقل المواد المتفق على الاستيلاء عليها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام. فقرر ذلك فى أول مايو سنة 1966 ومحكمة جنايات القاهرة قضت بتاريخ 3 مايو سنة 1972 حضوريا للمتهمين الثلاثة الأول، وغيابيا للمتهمين الرابع والخامس عملا بالمواد 4/ 2 – 3 و41 و45 و46 و317/ 1 – 5 و7 و321 و111 و113/ 1 و119 و32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنتين. فطعن المحكوم عليهم الثلاثة الأول وكذلك النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن (المقدم من المحكوم عليهم) هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن الثالث بجناية الشروع فى الاستيلاء بغير حق على مال مملوك لإحدى شركات القطاع العام ودان الطاعنين الأول والثانى بجريمة الاشتراك فى تلك الجريمة قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، ذلك بأن المدافع عن الطاعن الثالث دفع التهمة بأنه ليس موظفا عاما ولا هو فى حكم الموظف العام إذ هو معين خفيرا بعقد عمل محدد المدة بشركة أطلس العامة للمقاولات وتنتهى علاقته بالشركة المذكورة بانتهاء العمل المنوط به تنفيذه مما يتعين معه اعتبار الواقعة مجرد جنحة شروع فى سرقة عادية كما أن الحكم دان الطاعنين الأول والثانى بجريمة الاشتراك بطريق الاتفاق والمساعدة – مع باقى المتهمين – فى ارتكاب جريمة الشروع فى الاستيلاء بغير حق على مال مملوك لشركة أطلس العامة للمقاولات دون أن يدلل على ثبوت اتفاقهما مع باقى المتهمين ومساهمتهما فى الجريمة بوصفهما شريكين.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التى دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها فى حقهم أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم أنه استظهر صفة الطاعن الثالث..... كمستخدم عام فى قوله "وذهب المدافع عن المتهم الثالث..... إلى أنه ليس هناك بالأوراق من دليل على أن هذا المتهم يعمل خفيرا لدى شركة أطلس غير أن هذا القول مردود بأن الثابت بالأوراق أن المتهم المذكور يعمل خفيرا لدى الشركة منذ 6 مايو سنة 1962". لما كان ذلك، وكانت المادة 119 من قانون العقوبات قد نصت على أنه "يعد موظفون عموميون فى تطبيق أحكام هذا الباب الأشخاص المشار إليهم فى المادة 111 من هذا القانون" وكانت المادة 111 من القانون ذاته قد نصت فى بندها السادس على أن "يعد فى حكم الموظفين العموميين أعضاء مجالس إدارة ومديرو ومستخدموا المؤسسات والشركات والجمعيات والمنظمات والمنشأت إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم فى ما لها بنصيب ما بأية صفة كانت" وكان قانون العقوبات إذ عاقب بمقتضى المادة 113 منه الموظف العام أو من فى حكمه إذا استولى بغير حق على مال مملوك للدولة أو لإحدى الهيئات العامة، فقد أراد على ما عددته المادة 111 منه معاقبة جميع فئات العاملين فى الحكومة والجهات التابعة لها فعلا والملحقة بها حكما أيا كانت درجة الموظف أو من فى حكمه فى سلم الوظيفة وأيا كان نوع العمل المكلف به، وكان الطاعن الثالث بحكم كونه خفيرا فى شركة تابعة للقطاع العام المملوك للدولة يعد فى حكم الموظفين العموميين، يستوى فى ذلك أن يكون عقد عمله محدد المدة أو غير محدد لها، فإن النعى على الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان الاشتراك بطريق الاتفاق إنما يتكون من اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهذه النية أمر داخلي لا تقع تحت الحواس ولا تظهر بعلامات خارجية، فمن حق القاضى – فيما عدا الحالات الاستثنائية التى قيده القانون بنوع معين من الأدلة – إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة شهود أو غيره أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التى تقوم لديه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على اشتراك الطاعنين الأول والثاني في الجريمة بما اطمأن إليه من أقوال شيخ الخفراء بالشركة وحاصلها أن المتهمين الرابع والخامس – وهما من خفراء الشركة المجني عليها – أنهيا إليه رغبتهما في أن يشترك معهما وآخرين في سرقة بعض مواد وأدوات البناء للشركة فأبلغ بذلك ضابط أمن الشركة الذى كلفه بمجاراتهما واخباره بما يتم، وأنه تقابل بواسطة الخفيرين المذكورين بالمتهم... الذى توفى بعد الحادث – واتفقوا ثلاثتهم وآخرون مع الشاهد على ارتكاب الجريمة ثم توجه الشاهد وضابط أمن الشركة إلى معاون مباحث مصر الجديدة الذي أعد كمينا بمكان الحادث وتمكن والقوة المرافقة له من ضبط بعض المتهمين حال قيامهم بجميع الأدوات ووضعها بالسيارة النقل التي أعدت لهذا الغرض وكان الطاعنان الأول والثاني يقومان مع غيرهما من المتهمين بتحميل السيارة النقل بمواد وأدوات البناء المضبوطة، وتم ضبطهما مع باقي المتهمين حال ارتكابهم الحادث، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم كافيا وسائغا في التدليل على توافر عناصر الاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة في حق الطاعنين الأول والثاني، فإن منعاهما في هذا الصدد يكون غير قويم ولا يعتد به. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه إنه إذ دان المحكوم عليه الثالث بجريمة الشروع في الاستيلاء بغير حق وبنية التملك على مال مملوك لإحدى شركات القطاع العام وعاقبه بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وأغفل الحكم بعزله لمدة لا تنقص عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، وهو ما يعيب الحكم ويوجب نقضه وتصحيحه وفقا للقانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جريمة الشروع في الاستيلاء بغير حق على مال مملوك لإحدى شركات القطاع العام (شركة أطلس للمقاولات) وأثبتها في حق المطعون ضده، عامله بالرأفة وقضى بمعاقبته بالحبس لمدة سنتين مما كان يتعين معه على المحكمة أن تقضى بعزله مدة لا تنقص عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها عليه، وذلك إعمالا لنص المادة 27 من قانون العقوبات، التي تسوى بين حالتي الجريمة التامة والشروع في هذا الخصوص، أما وهى لم تفعل فقد جاء حكمها مشوبا بعيب الخطأ فى تطبيق القانون بما يتعين معه نقضه نقضا جزئيا بالنسبة للمحكوم عليه (الثالث) وتصحيحه بمعاقبته بالعزل لمدة أربع سنوات بالإضافة إلى عقوبة الحبس المقضي بها.