أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 24 - صـ 706

جلسة 4 من يونية سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ سعد الدين عطية، وعضوية السادة المستشارين: حسن أبو الفتوح الشربينى، وإبراهيم أحمد الديوانى، ومصطفى محمود الأسيوطي، وعبد الحميد محمد الشربيني.

(146)
الطعنان رقما 385 و435 لسنة 43 القضائية

(1 و2 و3 و4 و5 و6 و7 و8) طب. أشعة. جريمة. "أركانها". قصد جنائى. "قصد عام. قصد خاص". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". عقوبة. "عقوبة الجرائم المرتبطة". إرتباط. مصادرة. إجراءات المحاكمة. نقض. "حالات الطعن. الخطأ فى تطبيق القانون". "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات. "وجه عام".
(1) جريمة إقامة جهاز أشعة قبل الحصول على ترخيص بذلك. تمامها بمجرد وقوع الفعل المكون للجريمة –وهو إقامة الجهاز - دون استلزام توافر قصد خاص.
(2) جريمة استعمال الإشعاعات المؤينه قبل الحصول على ترخيص. تحدث الحكم استقلالا عن قصد الاستعمال. غير لازم.
(3) عقوبة المصادرة لا يقضى بها إلا إذا كان الشىء موضوع المصادرة سبق ضبطه على ذمة الفصل فى الدعوى.
(4) مناط تطبيق المادة 32/ 2عقوبات؟.
(5) تقدير الارتباط بين الجرائم موضوعى. إلا أن الخطأ فيه يعد من الأخطاء القانونية التى تقتضى تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح.
تحقق معنى الارتباط بين جريمتى إقامة جهاز أشعة واستعمال الإشعاعات المؤينة قبل الحصول على ترخيص بذلك. مجانية الحكم المطعون فيه هذا النظر، خطأ فى تطبيق القانون. يجيز لمحكمة النقض نقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها.
(6) لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان منها متصلا بشخص الطاعن. مثال.
(7) لمحكمة الموضوع أن تستنبط من الوقائع والقرائن ما تراه مؤديا عقلا إلى النتيجة التى انتهت إليها.
(8) عدم تعرض الحكم لدفاع ظاهر البطلان. لا يقدح فى سلامته.
1 - مؤدى نصوص المواد الأولى والثانية والسادسة عشرة والسابعة عشرة من القانون رقم 59 لسنة 1960 فى شأن تنظيم العمل بالإشعاعات المؤينة والوقاية من أخطارها أن جريمة إقامة جهاز أشعة قبل الحصول على ترخيص بذلك لا تستلزم لوقوعها قصدا خاصا فتتم بمجرد وقوع الفعل المكون للجريمة وهو إقامة الجهاز – وهو ما لا ينازع الطاعن فى تحققه – ومن ثم فلا تكون هناك حاجة من الحكم – من بعد - إلى التدليل على قصد استعمال الجهاز.
2 - لا يشترط لتوافر جريمة استعمال الإشعاعات المؤينة قبل الحصول على ترخيص أن يتحدث الحكم استقلالا عن قصد الاستعمال ما دامت مدونات الحكم تدل عليه.
3 - المصادرة عقوبة لا يقضى بها بحسب القاعدة العامة إلا إذا كان الشىء موضوع المصادرة سبق ضبطه على ذمة الفصل فى الدعوى. ولما كان الثابت من المفردات أن جهاز الأشعة موضوع الاتهام لم يضبط، فإن الحكم الصادر بمصادرة جهاز الأشعة يكون واردا على غير محل، ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى قضائه بالمصادرة مما يتعين معه نقضه جزئيا وتصحيحه بإلغاء عقوبة المصادرة.
4 - مناط تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض فتكونت منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التى عناها الشارع بالحكم الوارد فى هذه المادة.
5 - إنه وإن كان الأصل أن تقدير الارتباط بين الجرائم مما يدخل فى حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أنه متى كانت وقائع الدعوى كما صار إثباتها فى الحكم توجب تطبيق تلك المادة، فإن عدم تطبيقها يكون من الأخطاء القانونية التى تقتضى تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجه الصحيح. ولما كان الثابت من مدونات الحكمين المطعون فيهما أن الطاعن افترف جريمتى إقامة جهاز أشعة واستعمال الإشعاعات المؤينه قبل الحصول على ترخيص بذلك، فإن ذلك ما يتحقق به معنى الارتباط بين هاتين الجريمتين، وكان الثابت أن الدعويين المشار إليهما لم يكن قد صدر فيهما حكم بات بل كان نظر الاستئناف المرفوع فيهما أمام هيئة واحدة وفى تاريخ واحد، فإنه كان لزاما على المحكمة الاستئنافية أن تأمر بضمهما معا وأن تصدر فيهما حكما واحدا، أما وهى لم تفعل وأوقعت على الطاعن بمقتضى الحكمين المطعون فيهما عقوبة مستقلة عن كل من الجريمتين المسندتين إليه، فإنها تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون – وإذ كانت الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تجيز للمحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين مما هو ثابت فيه أنه بنى على خطأ فى تطبيق القانون، فإنه يتعين نقض الحكمين المطعون فيهما نقضا جزئيا. وتصحيحهما بضم قضيتهما وجعل الغرامة المحكوم بها خمسة جنيهات عنهما وذلك بالإضافة إلى عقوبتى الغلق والنشر المقضى بهما.
6- لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان منها متصلا بشخص الطاعن – وإذ ما كان ما يثيره الطاعن من أن طبيبا آخر قد حصل على ترخيص لاحق بالإشراف على استعمال جهاز الأشعة لا يتصل بشخصه وليس له أدنى تأثير على ما نسب إليه من اتهام ما دام لا يدعى بأن ترخيصا قد صدر له، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكمين المطعون فيهما يكون على غير أساس.
7- لمحكمة الموضوع أن تستنبط من الوقائع والقرائن ما تراه مؤديا عقلا إلى النتيجة التى انتهت إليها ومتى أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من آدلة لها أصلها الثابت فى الأوراق، فإن ما تخلص إليه فى هذا الشأن يكون من قبيل فهم الواقع فى الدعوى مما يدخل فى نطاق سلطتها.
8- لا يقدح فى سلامة الحكم عدم تعرضه لدفاع ظاهر البطلان.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن فى دعويين بأنه فى يوم 23 مايو سنة 1970 بدائرة مركز قنا محافظة قنا: أقام جهاز أشعة بدون الحصول على ترخيص وذلك بعيادته الخاصة. وطلبت عقابه بالمواد 2 و16 و21 من القانون رقم 59 لسنة 1960. ومحكمة بندر قنا الجزئية قضت فى كل من الدعويين عملا بمواد الاتهام بتغريم المتهم خسة جنيهات والمصادرة والغلق ونشر الحكم على نفقة المحكوم عليه. فاستأنف المحكوم عليه هذين الحكمين. ومحكمة قنا الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت فى كل من الاستئنافين حضوريا بقبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه فى هذين الحكمين بطريق النقض فى ..... وبالجلسة قررت المحكمة ضم الطعنين ... الخ.


المحكمة

من حيث إن ما ينعاه الطاعن – فى الطعن المقيد برقم 435 لسنة 43 قضائية – على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إقامة جهاز أشعة بعيادته الخاصة قبل الحصول على ترخيص بذلك قد شابه القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع والخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأن المحكمة فاتها أن الطاعن تقدم إلى المحكمة الاستئنافية بترخيص عن جهاز الأشعة موضوع الدعوى فى دعوى مرتبطة بها كانت منظورة فى نفس جلسة نظر الدعوى الحالية، فلم تعرض فى حكمها المطعون فيه لهذا الترخيص وتناقشه بل أنها أقامت الإدانة على عدم تقديم الطاعن للترخيص، كما أن الحكم لم يدلل على توافر قصد استعمال الجهاز وهو أحد الأركان الذى تتوافر به الجريمة المسندة إلى الطاعن، وأيضا فإنه على الرغم من أن جهاز الأشعة المشار إليه لم يكن قد سبق ضبطه فإن الحكم فإن الحكم قضى بمصادرته. وكان ما ينعاه الطاعن – فى الطعن رقم 385 لسنة 43 قضائية الذى أمرت المحكمة بضمه إلى هذا الطعن – على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة استعمال الإشعاعات المؤينة قبل الحصول على ترخيص بذلك قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم لم يدلل على استعمال الطاعن لجهاز الأشعة الذى وجد فى عيادته إذ أنه لا يكفى فى هذا الشأن مجرد حيازته للجهاز، كما أن الطاعن تقدم بترخيص صادر لطبيب آخر للاشراف على استعمال الجهاز موضوع الاتهام، مما كان يتعين معه عدم الحكم بالغلق، هذا فضلا عن أن الحكم قضى بمصادرة جهاز الأشعة مع أنه لم يكن قد سبق ضبطه، مما يعيب الحكمين المذكورين ويستوجب نقضهما.
وحيث أنه يبين من مطالعة أوراق الطعنين والمفرادات المضمومة إليها أن النيابة العامة رفعت الدعوى على الطاعن فى القضية رقم 1313 سنة 1972 جنح مستأنف قنا ( 1213 سنة 1970 جنح قسم قنا وموضوع الطعن رقم 435 لسنة 43 قضائية) – بوصف أنه فى يوم 23/ 5/ 1970 بدائرة قسم قنا "أقام جهاز أشعة بدون الحصول على ترخيص وذلك بعيادته الخاصة" وطلبت عقابه بالمواد 2 و16 و21 من القانون رقم 59 لسنة 1960، وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة طلب الحاضر مع الطاعن بجلسة 4/ 10/ 1971 التأجيل لنظرها مع دعوى أخرى فأجيب لطلبه ثم صدر الحكم الابتدائى فى 21/ 2/ 1972 بتغريم الطاعن خمسة جنيهات والمصادرة والغلق ونشر الحكم على نفقته، وأمام المحكمة الاستئنافية أثار الدفاع عن الطاعن أنه قدم ترخيصا عن الجهاز ثم صدر الحكم المطعون فيه فى 1/ 6/ 1972 بتأييد الحكم المستأنف وورد بأسبابه "وحيث إن الدفاع عن المتهم (الطاعن) قرر أنه استخرج ترخيصا عن هذا الجهاز، إلا أنه لم يقدم ما يدل على ذلك الترخيص. وحيث إنه يبين مما تقدم أن التهمة ثابتة قبل المتهم بما أثبته محرر المحضر بمحضره ومن أقواله عند مناقشته أمام محكمة أول درجة ومن اعتراف المتهم بمحضر الشرطة من أنه لم يستخرج ترخيصا لإقامة جهاز الأشعة المبين بالمحضر من الجهات المختصة بذلك ...... "وأما القضية رقم 1312 سنة 1972 جنح مستأنف قنا (1212 سنة 1970 جنح قسم قنا وموضوع الطعن رقم 385 لسنة 43 قضائية الذى أمرت المحكمة بضمه إلى الطعن السابق) فقد رفعت النيابة العامة فيها الدعوى على الطاعن بوصف أنه فى يوم 29/ 6/ 1960 بدائرة قنا "استعمل الإشعاعات المؤينة بعيادته من غير أن يكون مرخصا له فى ذلك" وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و16 و21 من القانون رقم 59 لسنة 1960، وبعد أن تداولت القضية بالجلسات أمام محكمة أول درجة صدر فيها الحكم الابتدائى فى 21/ 2/ 1972 – وهو بذاته تاريخ صدور الحكم الابتدائى فى الدعوى السابقة – بتغريم الطاعن خمسة جنيهات والمصادرة والغلق ونشر الحكم على نفقته وبجلسة 18/ 5/ 1972 أمام المحكمة الاستئنافية – التى كانت جلسات نظر الدعوى أمامها وصدور الحكم فيها بعينها جلسات نظر الدعوى وصدور الحكم فى الدعوى الأخرى – أثار الدفاع عن الطاعن أنه حصل على ترخيص عن الجهاز، وبجلسة 1/ 6/ 1972 صدر الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف، وتضمنت أسبابه أن الدفاع عن الطاعن قدم مستخرجا رسميا مؤرخا 2/ 1/ 1972 صادرا من مراقبة شئون العلاج الحر تفيد أن الطبيب ...... مشرف على جهاز الأشعة الموجودة بعيادة الطاعن، وانتهى الحكم إلى أن الترخيص للطبيب الآخر باستعمال الجهاز لا ينفى التهمة المسندة إلى الطاعن إذ أنه لا يمنع من أن يستخرج الطاعن ترخيصا باستعماله للجهاز لأن عدم الحصول على هذا الترخيص هو موضوع ما أسند إليه من اتهام. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الترخيص المشار أنه عبارة عن مستخرج رسمى مؤرخ 2/ 1/ 1972 صادرا من مراقبة العلاج الحر "قسم الرخص الطبية" بوزارة الصحة ويتضمن أن المكان الذى تستخدم فيه الاشعاعات المؤينة هو عيادة الطاعن "وحدة الأشعة" وأن الطبيب المشرف هو الدكتور ...... أخصائى الأشعة، ومن ثم فإن الترخيص الصادر للطبيب المذكور بالإشراف على استعمال الإشعاعات المؤينة بعيادة الطاعن إنما صدر بتاريخ 2/ 1/ 1972 أى فى تاريخ لاحق لوقوع كل من الجريمتين المسندتين إلى الطاعن فلا أثر له على توافر أى منهما، ويكون ما انتهى إليه كل من الحكمين المطعون فيهما سليما، ولا يقدح فى سلامة الحكم الصادر فى القضية رقم 1313 سنة 1972 جنح مستأنف قنا عدم تعرضه لهذا الترخيص لأن الدفاع فى هذا الصدد – على ما سلف – لا يعدو دفاعا ظاهر البطلان، ولا يكون هذا الحكم قد جانبه الصواب إذا كان أورد أن الطاعن لم يقدم ترخيصا وقض بالإدانة على هذا الأساس، كما أنه لا ينال من الحكم المذكور والحكم المطعون فيه الآخر الصادر فى القضية رقم 1312 سنة 1972 جنح مستأنف قنا عدم التحدث عن قصد استعمال الجهاز إذ أن المادة الأولى من القانون رقم 59 لسنة 1960 فى شأن تنظيم العمل بالاشعاعات المؤينة والوقاية من أخطارها تنص على أنه "لا يجوز استعمال الإشعاعات المؤينة بأية صفة كانت إلا لمن يرخص له فى ذلك..."، وتقضى المادة الثانية من ذات القانون بأنه "لا يرخص فى إقامة أجهزة أو حيازة مواد تنبعث منها إشعاعات مؤينة بقصد استعمالها إلا إذا توافرت اشتراطات الوقاية طبقا لأحكام هذا القانون" وكانت المادة 16 من القانون تحظر استعمال المواد المشعة المفتوحة فى العيادات الخاصة وأما المادة 17 منه فقد أجازت الترخيص باستعمال الاشعاعات المغلقة فى العيادات الخاصة بعد استيفاء شروط الوقاية من خطر التعرض للاشعاعات وموافقة اللجنة الفنية المختصة، واستخلاصا من تلك النصوص، فإن جريمة إقامة جهاز أشعة قبل الحصول على ترخيص بذلك لا تستلزم لوقوعها قصدا خاصا فتتم بمجرد وقوع الفعل المكون للجريمة وهو فى هذه الدعوى إقامة الجهاز – وهو أمر لا ينازع الطاعن فى تحققه – ومن ثم فلا تكون هناك حاجة من الحكم – من بعد – إلى التدليل على استعمال الجهاز، وأما جريمة استعمال الاشعاعات المؤينة قبل الحصول على ترحيص بذلك، فإنه لا يشترط لتوافرها أن يتحدث الحكم إستقلالا عن قصد الاستعمال ما دامت مدونات الحكم تدل عليه – كما هو الحال فى الدعوى – إذ أن لمحكمة الموضوع أن تستنبط من الوقائع والقرائن ما تراه مؤديا عقلا إلى النتيجة التى انتهت إليها ومتى أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة لها أصلها الثابت فى الأوراق فإن ما تخلص إليه فى هذا الشأن يكون من قبيل فهم الواقع فى الدعوى مما يدخل فى نطاق سلطتها. لما كان ذلك، وكان لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان منها متصلا بشخص الطاعن، وإذ ما كان ما يثيره الطاعن من أن طبيبا آخر قد حصل على ترخيص لاحق بالإشراف على استعمال جهاز الأشعة لا يتصل بشخصه وليس له أدنى تأثير – وفقا لما سلف – على ما نسب إليه من اتهام ما دام لا يدعى بأن ترخيصا قد صدر له، ولما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 2 من القانون رقم 59 لسنة 1960 السالف الإشارة إليه تنص على أنه "وفى جميع الأحوال يجب الحكم بغلق المكان مع نزع اللوحات واللافتات ومصادرة الأشياء المضبوطة وينشر الحكم على نفقة المحكوم عليه". فإن الحكمين المطعون فيهما يكونان قد أصابا صحيح القانون فى قضائهما بالغلق والنشر على نفقة الطاعن، ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكمين المطعون فيهما في صدد ما سلف جميعه على غير أساس. لما كان ذلك، وكانت المصادرة عقوبة لا يقضى بها بحسب القاعدة العامة إلا إذا كان الشىء موضوع المصادرة سبق ضبطه على ذمة الفصل فى الدعوى، وكان الثابت من المفردات أن جهاز الأشعة موضوع الاتهام فى كل من الدعويين لم يضبط على ذمة الفصل فيها، فإن الحكم الصادر بمصادرة الجهاز يكون واردا على غير محل، ويكون كل من الحكمين المطعون فيهما قد أخطأ فى قضائه بالمصادرة مما يتعين معه نقضه نقضا جزئيا وتصحيحه بإلغاء عقوبة المصادرة. لما كان ما تقدم، وكان مناط تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض فتكونت منها مجتمعة الوحدة الاجرامية التى عناها الشارع بالحكم الوارد فى هذه المادة، وأنه وإن كان الأصل أن تقدير الارتباط بين الجرائم مما يدخل فى حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أنه متى كانت وقائع الدعوى كما صار إثباتها فى الحكم توجب تطبيق تلك المادة فإن عدم تطبيقها يكون من الأخطاء القانونية التى تقتضى تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح. ولما كان الثابت من مدونات الحكمين المطعون فيهما أن الطاعن اقترف جريمة إقامة جهاز أشعة قبل الحصول على ترخيص بذلك ثم اقترف جريمة استعمال الاشعاعات المؤينة قبل الحصول على ترخيص بذلك. فإن فى ذلك ما يتحقق به معنى الارتباط بين هاتين الجريمتين، وكان الثابت أن الدعويين المشار إليهما لم يكن قد صدر فيهما حكم بات، بل كان نظر الإستئناف المرفوع فيهما أمام هيئة واحدة وفى تاريخ واحد، فإنه كان لزاما على المحكمة الاستئنافية أن تأمر بضمهما معا وأن تصدر فيهما حكما واحدا، أما وهى لم تفعل وأوقعت على الطاعن بمقتضى الحكمين المطعون فيهما عقوبة مستقلة عن كل من الجريمتين المسندتين إليه، فإنها تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون. وإذ كانت الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تجيز للمحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها، إذا تبين مما هو ثابت فيه أنه بنى على خطأ فى تطبيق القانون، فإنه يتعين نقض الحكمين المطعون فيهما نقضا جزئيا وتصحيحهما بضم قضيتيهما وجعل الغرامة المحكوم بها خمسة جنيهات عنهما وذلك بالإضافة إلى عقوبتى الغلق والنشر المقضى بهما مع إلغاء عقوبة المصادرة.