أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة الثامنة عشرة - صـ 690

جلسة 22 من مايو سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صبري، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور أحمد خلف.

(134)
الطعن رقم 690 لسنة 37 القضائية

(أ، ب) تموين. زيت. إثبات. "خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
(أ) الزيت المحظور نقله وفقا لقرار وزير التموين رقم 173 لسنة 1960 هو زيت بذرة القطن وحده.
(ب) على المحكمة متى واجهت مسألة فنية بحت أن تتخذ ما تراه من وسائل تحقيقها بلوغًا إلى غاية الأمر فيها. لها الاستناد إلى الحقائق العلمية الثابتة. شرط ذلك؟ ألا تلجأ إلى ما يحوطه منها خلاف في الرأي.
1 - تنص المادة 11 من قرار وزير التموين رقم 173 لسنة 1960 على أن: "يحظر نقل زيت بذرة القطن من محافظة إلى أخرى بالوجه القبلي إلا بترخيص من مراقبة التموين التي توجد بدائرتها الكميات المطلوب نقلها". ومن ثم فالزيت المحظور نقله وفقًا لهذا القرار هو زيت بذرة القطن وحده.
2 - من المقرر أن على المحكمة متى واجهت مسألة فنية بحت أن تتخذ ما تراه من وسائل تحقيقها بلوغًا إلى غاية الأمر فيها. وهي وإن كان لها أن تستند في قضائها إلى الحقائق العلمية الثابتة إلا أن شرط ذلك ألا تلجأ إلى ما يحوطه منها خلاف في الرأي. ولما كان الطاعن قد تمسك في دفاعه بأن هناك أنواعا من زيت بذرة الكتان ذات طعم حلو المذاق، وقدم شهادة من إحدى شركات عصر الزيوت تؤيد هذا الرأي، وكان الحكم قد أطرح دفاعه استنادا إلى أن المفاهيم العلمية تقضي بأن زيت بذرة الكتان - على إطلاقه - لاذع المذاق بغير أن يكشف عن المصدر العلمي الذي استقى منه هذه الحقيقة حتى يتضح وجه استشهاده به وعلى الرغم من اختلاف الرأي فيما استند إليه. ودون أن تستعين المحكمة بخبير فني يخضع رأيه لتقديرها، أو أن تجري تحقيقا تستجلي به واقع الأمر في حقيقة نوع الزيت المضبوط، فإن حكمها يكون معيبا بالقصور والإخلال بحق الدفاع متعينا نقضه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 15 فبراير سنة 1965 بدائرة مركز مغاغة: نقل زيت بذرة القطن المبين بالمحضر من محافظة إلى أخرى بدون ترخيص من الهيئة التموينية الخاصة. وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و4 و11 و18/ 2 من القرار 173 لسنة 1960 الصادر من وزارة التموين. وبجلسة المحاكمة أدخلت الطاعن متهما ثانيا في الدعوى. ومحكمة مغاغة الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 13 يونيه سنة 1965 عملاً بمواد الاتهام بتغريم كل من المتهمين مائة جنيه والمصادرة. فاستأنف المحكوم عليهما في هذا الحكم. ومحكمة المنيا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بتاريخ 10 من أكتوبر سنة 1966 بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض...الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة نقل زيت بذرة قطن بدون ترخيص قد شابه قصور في التسبيب، انطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الطاعن تمسك لدى محكمة الموضوع بأن الزيت المضبوط الذي نيط بالمتهم الآخر نقله بسيارته إنما هو زيت بذرة كتان حلو غير محظور نقله، وقد رد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع الجوهري بأنه وقد ثبت أن الزيت المضبوط حلو المذاق فإنه يكون - وفقًا للمفاهيم العلمية - زيت بذرة قطن لأن زيت بذرة الكتان لاذع المذاق، وهو رد فضلاً عن قصوره ينطوي على إخلال بحق الدفاع لأن الثابت علميًا أن هناك أنواعا من زيت بذرة الكتان حلوة المذاق وهي تلك التي تستخرج بالماكينات الحديثة (هاندر) على ما يبين من الشهادة المقدمة من شركة الزهراء لعصر الزيوت مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة بدرجتيها أن الطاعن أثار في دفاعه أن الزيت المضبوط الذي قام المتهم الآخر بنقله إنما هو زيت بذرة الكتان حلو غير محظور نقله، وقد رد الحكم المطعون فيه على دفاع الطاعن في هذا الشأن بقوله: "حيث إن الثابت من محضر ضبط الواقعة أن السيارة التي كان يقودها المتهم الأول كانت محملة بزيت حلو للطعام وهو وفق المفاهيم العلمية العامة زيت بذرة القطن إذ أن زيت بذرة الكتان في هذا المفهوم أيضا ذا طعم خاص لاذع المذاق وهو ما يطلق عليه الزيت الحار، وقد قرر بذلك - أي بأن الزيت المضبوط زيت حلو للطعام - الشرطي مصطفى محمد مصطفى، وتأيد ذلك بما ثبت من أن الجمعية التعاونية الاستهلاكية قامت بشراء هذا الزيت بالسعر الجبري المحدد لسعر بيع زيت القطن، وهو أمر يتعين معه من باب اللزوم العقلي أن الزيت المضبوط إنما هو زيت بذرة قطن". لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن في هذا الصدد جوهريا إذ لو صح لتغير به وجه مسئوليته في الدعوى، ذلك بأن المادة 11 من قرار وزير التموين رقم 173 لسنة 1960 تنص على أن: "يحظر نقل زيت بذرة القطن من محافظة إلى أخرى بالوجه القبلي إلا بترخيص من مراقبة التموين التي توجد بدائرتها الكميات المطلوب نقلها". ومن ثم فالزيت المحظور نقله وفقا لهذا القرار هو زيت بذرة القطن وحده. ولما كان الطاعن قد تمسك في دفاعه بأن هناك أنواعا من زيت بذرة الكتان ذات طعم حلو المذاق وقدم شهادة من إحدى شركات عصر الزيوت تؤيد هذا الرأي. وكان الحكم قد أطرح دفاعه استنادا إلى أن المفاهيم العلمية تقضي بأن زيت بذرة الكتان - على إطلاقه - لاذع المذاق بغير أن يكشف عن المصدر العلمي الذي استقى منه هذه الحقيقة حتى يتضح وجه استشهاده به، وعلى الرغم من اختلاف الرأي فيما استند إليه. وإذ كان من المقرر أن على المحكمة متى واجهت مسألة فنية بحت أن تتخذ ما تراه من وسائل تحقيقها بلوغًا إلى غاية الأمر فيها، وهي وإن كان لها أن تستند في قضائها إلى الحقائق العلمية الثابتة إلا أن شرط ذلك ألا تلجأ إلى ما يحوطه منها خلاف في الرأي، فإنه كان لزاما على المحكمة - حتى يستقيم قضاؤها - أن تستعين في المسألة المطروحة عليها بخبير فني يخضع رأيه لتقديرها، أو أن تجري تحقيقا تستجلي به واقع الأمر في حقيقة نوع الزيت المضبوط. أما وهي لم تفعل، فإن حكمها يكون معيبا بالقصور والإخلال بحق الدفاع، متعينًا نقضه والإحالة بالنسبة إلى الطاعن، وإلى المحكوم عليه الآخر - ولو لم يقدم طعنًا - لاتصال وجه الطعن به عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، وذلك بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.