أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 24 - صـ 732

جلسة 11 من يونيه سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ سعد الدين عطية، وعضوية السادة المستشارين: ابراهيم أحمد الديوانى، ومصطفى محمود الأسيوطى، وعبد الحميد محمد الشربينى، وحسن علي المغربى.

(152)
الطعن رقم 109 لسنة 43 القضائية

دعوى جنائية. "إنقضاؤها". إثبات. "قرائن". "قوة الشىء المحكوم فيه" حكم. "حجيته". نقض. "حالات الطعن. الخطأ فى تطبيق القانون". دفوع. "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها".
الدفع بقوة الشىء المحكوم فيه فى المسائل الجنائية. شروطه.
الحكم الصادر بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها لا يحوز حجية الشىء المحكوم فيه. علة ذلك. عدم فصله فى موضوع التهمة بالبراءة أو بالإدانة. مجانبة الحكم المطعون فيه هذا النظر. خطأ فى تطبيق القانون.
مفاد نص المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية – على ما استقرت عليه أحكام محكمة النقض – أنه يشترط لصحة الدفع بقوة الشىء المحكوم فيه فى المسائل الجنائية بما يتعين معه الامتناع عن نظر الدعوى (أولا) أن يكون هناك حكم جنائى نهائى سبق صدوره فى محاكمة جنائية معينة، وأن يكون بين هذه المحاكمة والمحاكمة التالية التى يراد التمسك فيها بهذا الدفاع اتحاد فى الموضوع والسبب وأشخاص المتهمين (ثانيا) أن يكون الحكم صادرا فى موضوع سواء قضى بالإدانة وتوقيع العقوبة أو البراءة ورفض توقيعها– أما إذا صدر الحكم فى مسألة غير فاصلة فى الموضوع، فإنه لا يجوز حجية الشىء المقضى به، ومن بين ذلك الأحكام التى تخرج الدعوى من حوزة المحكمة بغير أن تفصل فى النزاع كالحكم الصادر بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها. ولما كانت الدعويان الحالية والمضمومة وإن اتحدتا فى السبب والموضوع والأشخاص إلا أنه نظرا لأن الدعوى الأخيرة صدر الحكم فيها بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها بالحكم الابتدائى الصادر فى الدعوى المنظورة، مما لا يعتبر قضاء فى موضوع التهمة بالبراءة أو بالإدانة يحوز حجية الشىء المحكوم فيه وتنقضى به الدعوى الجنائية، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يستوجب نقضه والإحالة.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه فى يوم 2 يولية سنة 1970 بدائرة بندر المحلة محافظة الغربية (أولا) أقام البناء المبين بالمحضر بدون ترخيص. (ثانيا) أقام البناء المذكور فى الأجزاء الخارجة عن خط التنظيم. وطلبت عقابه بمواد القانون 45 لسنة 1962. ومحكمة بندر المحلة الجزئية قضت حضوريا إعتباريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بتغريم المتهم خمسة جنيهات وضعف رسوم الترخيص عن التهمتين وإصلاح الأعمال المخالفة وتقديم الرسوم الهندسية فى خلال شهر من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة طنطا الابتدائية – بهيئة استئنافية - بعد أن دفع الحاضر مع المتهم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها – قضت حضوريا بقبول الدفع وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فى الجنحة رقم 5459 سنة 1970 المحلة. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بقبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فى الجنحة رقم 5459 لسنة 1970 بندر المحلة قد أخطأ فى تطبيق القانون ذلك بأن القضية الأخيرة لم يصدر فى موضوعها حكم نهائى بالبراءة أو الإدانة بل اقتصر الحكم فيها على القضاء بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها من المحكمة المطعون فى حكمها مما لا يتوافر معه شروط صحة الدفع بقوة الشىء المحكوم فيه.
وحيث إن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده أسندت إليه النيابة العامة تهمتى إقامة بناء بدون الحصول على ترخيص من الجهة المختصة وإقامته فى الأجزاء الخارجية من خط التنظيم، وقد قضت محكمة أول درجة بتاريخ 4/ 10/ 1970 بتغريمه خمسة جنيهات وإلزامه بضعف الرسوم مع إصلاح الأعمال المخالفة وتقديم الرسوم الهندسية فى خلال شهر من صيرورة الحكم نهائيا. فاستأنف المحكوم عليه وأمام المحكمة الاستئنافية طلب ضم الجنحة رقم 5459 سنة 1970 بندر المحلة ودفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة السابقة التي أمرت المحكمة بضمها ثم صدر الحكم المطعون فيه مؤسسا قضاؤه على أنه قد ثبت من الجنحة رقم 5459 سنة 1970 بندر المحلة أنها عن ذات التهم المنسوبة إلى المتهم، وقد قضى فيها إبتدائيا بجلسة 28/ 10/ 1970 بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فى الدعوى الحالية رقم 5892 سنة 43 بندر المحلة. لما كان ذلك، وكانت المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "تنقضى الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة إليه بصدور حكم نهائى فيها بالبراءة أو بالإدانة. وإذا صدر حكم فى موضوع الدعوى الجنائية، فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن فى هذا الحكم بالطرق المقررة فى القانون". وكان مفاد هذا النص – على ما استقرت عليه أحكام محكمة النقض – أنه يشترط لصحة الدفع بقوة الشىء المحكوم فيه في المسائل الجنائية بما يتعين معه الامتناع عن نظر الدعوى: (أولا) أن يكون هناك حكم جنائى نهائى سبق صدوره فى محاكمة جنائية معينة، وأن يكون بين هذه المحاكمة والمحاكمة التالية التى يراد التمسك فيها بهذا الدفع اتحاد فى الموضوع والسبب وأشخاص المتهمين (ثانيا) أن يكون الحكم صادرا فى موضوع الدعوى سواء قضى بالإدانة وتوقيع العقوبة أو بالبراءة ورفض توقيعها. أما إذا صدر الحكم فى مسألة غير فاصلة فى الموضوع، فإنه لا يحوز حجية الشىء المقضى به، ومن بين ذلك الأحكام التى تخرج الدعوى من حوزة المحكمة بغير أن تفصل فى النزاع كالحكم الصادر بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها. لما كان ما تقدم، وكانت الدعويان الحالية والمضمومة وإن اتحدتا فى السبب والموضوع والأشخاص، إلا أنه نظرا لأن الدعوى الأخيرة صدر الحكم فيها بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها بالحكم الابتدائى الصادر فى الدعوى المنظورة – مما لا يعتير قضاء فى موضوع التهمة بالبراءة أو بالإدانة يحوز حجية الشىء المحكوم فيه وتنقضى به الدعوى الجنائية – فإن الحكم المطعون إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فى الجنحة رقم 5459 بندر المحلة المشار إليها يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يستوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث الوجه الآخر من الطعن.