أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة الثامنة عشرة - صـ 721

جلسة 29 من مايو سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور أحمد خلف.

(143)
الطعن رقم 716 لسنة 37 القضائية

(أ) تضامن. تعويض. ضرب أفضى إلى الموت.
التضامن في التعويض بين الفاعلين الذي أسهموا في إحداث الضرر. واجب بنص القانون. ما دام قد ثبت اتحاد الفكرة والإرادة لديهم وقت الحادث على إيقاع الضرب بالمجني عليه، ولو دين أحدهم بتهمة الضرب المفضي للموت ودين الآخرون بتهمة الضرب والجرح فقط.
(ب) إثبات. "خبرة". محكمة الموضوع.
للمحكمة المفاضلة بين تقارير الخبراء والأخذ بما تراه وإطراح ما عداه.
(ج) إثبات. "خبرة".
وزن أقوال الشاهد. من إطلاقات محكمة الموضوع.
1 - من المقرر أن التضامن في التعويض بين الفاعلين الذين أسهموا في إحداث الضرر واجب بنص القانون، ما دام قد ثبت اتحاد الفكرة والإرادة لديهم وقت الحادث على إيقاع الضرب بالمجني عليه، ولو دين أحدهم بتهمة الضرب المفضي للموت ودين الآخرون بتهمة الضرب والجرح فقط.
2 - للمحكمة أن تفاضل بين تقارير الخبراء، وتأخذ بما تراه وتطرح ما عداه، إذ أن الأمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل. فمتى أخذت بالتقرير الطبي الشرعي فإن ذلك يفيد أنها أطرحت التقرير الاستشاري ولا يلزمها الرد عليه استقلالاً.
3 - من المقرر أن وزن أقوال الشاهد من إطلاقات محكمة الموضوع. ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين في يوم 17 فبراير سنة 1964 بدائرة مركز أبو طشت محافظة قنا: (أولاً) المتهمين الأول والثاني: ضربا عمداً محمد عبد العظيم محمد بعصوين على رأسه وجسمه فأحدثا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي ولم يقصدا من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته. (ثانياً) المتهمين الثالث والرابع: أحدثا عمداً بعبد الحميد عبد اللاه محمد الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد عن عشرين يوماً. (ثالثاً) المتهمين الرابع والخامسة: أحدثا عمداً بعبد الحفيظ عبد اللاه الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد عن عشرين يوماً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم على محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمادتين 236/ 1 و242/ 1 من قانون العقوبات. فقرر بذلك، وادعى عبد العظيم محمد عبد المنعم والد المجني عليه بحق مدين مبلغ 100 جنيه تعويضاً مؤقتاً قبل المتهمين الأول والثاني متضامنين مع المصاريف والأتعاب. ومحكمة جنايات قنا قضت حضورياً بتاريخ 3 أكتوبر سنة 1966 عملاً بمادتي الاتهام والمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى المتهمة الخامسة (أولاً) بمعاقبة المتهم الأول بالسجن خمس سنين. (وثانياً) بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثاني والثالث والرابع بالحبس مع الشغل شهرا و(ثالثاً) إلزام المتهمين الأول والثاني متضامنين أن يدفعا إلى المدعى بالحق المدني مبلغ مائة جنيه والمصاريف المدنية وثلاثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. (ورابعًا) براءة المتهمة الخامسة مما أسند إليها. و(خامساً) أمرت بوقف تنفيذ العقوبة بالنسبة إلى المتهم الرابع وقفاً شاملاً لجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض....الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد انطوى على فساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه سأل المتهم الثاني عن جريمة الضرب أخذا بالقدر المتيقن في حقه من دونه هو في حين أن شاهد الدعوى أسند الإصابات لكليهما وأفرد الطاعن بضربة واحدة دون أن يفرق بين الضربات على النحو الذي خلصت إليه المحكمة في شأن الضربة المميتة لا سيما وأن التقريرين الطبيين أثبتا أن كل ضربة كافية لإحداث الوفاة. كما أن الحكم قضى بإلزام الطاعن والمتهم الثاني متضامنين بالتعويض عن موت المجني عليه مع أنه لم يسند الضرب المفضي إلى الموت إلى المتهم الثاني مما يدل على اضطراب الواقعة في ذهن المحكمة. كما أنه التفتت عن التقرير الطبي الاستشاري ولو عنى به لتغير وجه الرأي في الدعوى، كما أسند إلى الطاعن إصابة المجني عليه التي أفضت إلى موته دون سند من أقوال الشاهد أو التقرير الفني بل إن مركز الطاعن وفق هذين الدليلين لا يفترق عن مركز أخيه المتهم الثاني الذي أخذه بالقدر المتيقن، والمحكمة وهي تقوم بهذه التفرقة قد ساقت مؤدى أقوال الشاهد على غير ما أرادها ثم بعد ذلك تناقضت وهي تأخذ بأقوال الشاهد مصدقة له ثم وهي تطرحها مكذبة له في نفي الواقعة مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين واقعة الدعوى أورد أقوال الشاهد شعلان عبد العظيم محمد - أخ المجني عليه - في تحقيق النيابة بما مؤداه أن الطاعن ضرب المجني عليه بعصا في رأسه ضربة واحدة أسقطته على الأرض، ثم ضربه المتهم الثاني بعصا وأنه لا يعرف عدد الضربات أو مواقعها، كما نقل من التقرير الطبية أن المجني عليه أصيب بثلاث إصابات بالرأس إحداها بأعلا الجانب الأيسر والثانية بالجانب الأيمن والثالثة بمؤخر الرأس كما أصيب بكتفه الأيسر وبالإصبع الوسطى لليد اليمنى وأن إصابات الرأس والكتف رضية تحدث من الضرب بعصا وإصابة الإصبع رضية احتكاكية من جسم صلب السطح، وأن كلا من إصابتي الجانب الأيمن والجانب الأيسر للرأس كافية في حد ذاتها لإحداث الوفاة، وأن إصابة مؤخر الرأس ساهمت في إحداث الوفاة وانتهى الحكم إلى مساءلة الطاعن عن جناية الضرب المفضي للموت والمتهم الثاني عن جنحة الضرب باعتباره القدر المتيقن في حقه بقوله: "وحيث إن الواقعة على التصوير السالف بيانه تنتهي بالمحكمة إلى ما يأتي: (أولاً) قد قام الدليل القاطع على صحة وثبوت الاتهام الموجه للمتهم الأول عبد الحميد عبد اللاه محمد - الطاعن - فقد قرر شعلان عبد العظيم أنه كان بفناء الدار يستذكر دروسه وشاهد المتهم الأول عبد الحميد عبد اللاه محمد يدخل المنزل عنوة مع أخيه المتهم الثاني، ولما اعترضهما المجني عليه محمد عبد العظيم ضربه المتهم الأول عبد الحميد عبد اللاه محمد بشومة غليظة على رأسه من جهة اليمين ضربة واحدة أسقطته على الأرض وأثبت تقرير الطب الشرعي والصفة التشريحية أن هذه الضربة كافية في حد ذاتها لإحداث الوفاة على التفصيل السالف بيانه وقد تأكد ذلك بثبوت وجود المتهم بالمعركة وإصابته فيها. (ثانيًا) أنه بالنسبة للمتهم الثاني عبد الحفيظ عبد اللاه محمد فقد اختلفت شهادة شعلان عبد العظيم عدة مرات بالنسبة له وتعددت الروايات وإن اجتمعت على أنه اعتدى بالضرب على المجني عليه محمد عبد العظيم بالضرب بعصا شوم ولكنه لا يمكنه تحديد عدد الضربات ومواضعها من جسم المجني عليه الذي وجدت به ضربات متعددة كما لم يقطع شعلان عبد العظيم أن المتهم عبد الحفيظ عبد الله هو الذي أحدث الإصابة التي بالجانب الأيسر للمجني عليه الأمر الذي يقطع بأخذ المتهم عبد الحفيظ عبد اللاه بالقدر المتيقن من اعتدائه بالضرب على المجني عليه محمد عبد العظيم". لما كان ذلك، فإن الحكم يكون قد بنى قضاءه على أساس قانوني صحيح ومن ثم فلا يقبل من الطاعن من بعد مجادلة المحكمة فيما انتهت إليه من عدم مساءلة المتهم الثاني عن إصابتي الرأس الأخريتين وأخذه بالقدر المتيقن. لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد حصل أقوال الشاهد بما لا تناقض فيه، كما أنه لا تعارض بين ما حصله من ذلك وبين ما أورده من التقرير الطبي الشرعي. وكان في استناد الحكم إلى هذين الدليلين ما يفيد إطراحه دفاع الطاعن الموضوعي بشأن كذب أقوال الشاهد المستند إلى التقرير الطبي الاستشاري إذ من المقرر أن وزن أقوال الشاهد من إطلاقات محكمة الموضوع ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن للمحكمة أن تفاضل بين تقارير الخبراء وتأخذ بما تراه وتطرح ما عداه إذ أن الأمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل، فمتى أخذت بالتقرير الطبي الشرعي فإن ذلك يفيد أنها أطرحت التقرير الاستشاري ولا يلزمها الرد عليه استقلالاً. لما كان ذلك، وكان ما قضى به الحكم من تضامن الطاعن والمتهم الثاني في التعويض صحيحاً في القانون ما دام أن مفاد ما أثبته الحكم أن المتهمين قد تطابقت إرادتهما على الاعتداء على المجني عليه إذ من المقرر أن التضامن في التعويض بين الفاعلين الذين أسهموا في إحداث الضرر واجب بنص القانون ما دام قد ثبت اتحاد الفكرة والإرادة لديهم وقت الحادث على إيقاع الضرب بالمجني عليه ولو دين أحدهم بتهمة الضرب المفضي للموت ودين الآخرون بتهمة الضرب والجرح فقط كما هو الشأن في الدعوى المطروحة. لما كان كل ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.