أحكام النقض - المكتب الفني – جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صــ 30

جلسة 3 من يناير سنة 1977

برياسة السيد المستشار/ محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صلاح الدين الرشيدي، وإسماعيل محمود حفيظ، سيد محمد شرعان، محمد علي بليغ.

(5)
الطعن رقم 916 لسنة 46 القضائية

(1) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "شهود". "خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها.
(2) إثبات. "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
أخذ المحكمة بشهادة شاهد. مفاده. إطراح كافة الاعتبارات التي ساقها الدفاع. لحملها على عدم الأخذ بها.
(3) إثبات. "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
اقتناع المحكمة بصدق شاهد. حقها في التعويل على شهادته. ولو ثبتت قرابته للمجني عليه.
(4) إثبات. "شهود". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تناقض أقوال الشهود – بفرض وجوده – لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصا سائغا.
(5) إثبات. "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن مالا يقبل منها".
حق المحكمة في الإعراض عن أقوال شهود النفي.
عدم الاستناد إلى أقوال شاهد معين. مفاده. عدم الاطمئنان إلى أقواله وإطراحها.
(6) إثبات. "تحقيق". إجراءات. "إجراءات محاكمة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير جائز.
(7) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي.
1ـ متى كان الحكم قد أورد على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه وشقيقه وزوجته، وبما جاء بالتقرير الطبي الشرعي وهى أدلة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ولها كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود.
2ـ متى أخذت المحكمة بشهادة شاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
3- إن قرابة شاهد الإثبات للمجني عليه لا تمنع من الأخذ بشهادته متى اقتنعت المحكمة بصدقها.
4- التناقض في أقوال الشهود بفرض صحة وجوده – لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه، كما هو الحال في الدعوى.
5- لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شاهد النفي ما دامت لا تثق بما شهد به وهى غير ملزمة بالإشارة إلى أقوال لم تستند إليها وفى قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها، دلالة في أنها لم تطمئن إلى أقوال هذا الشاهد فأطرحتها. فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يجوز مصادرتها فيه أو الخوض بشأنه أمام محكمة النقض.
6- متى كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن المدافع عن الطاعن اكتفى بمناقشة أقوال الشهود في التحقيقات التي تلتها المحكمة متنازلاً بذلك عن سماع الشهود كما لم يطلب إجراء تحقيق ما في شأن ما يثيره بأسباب طعنه ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي قضت في الدعوى دون سماع الشهود، ولا يجوز للطاعن - من بعد - أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها.
7- إن الدفع بتلفيق الاتهام - بفرض إثارته - من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 29 أغسطس سنة 1969 بدائرة مركز شبين الكوم محافظة المنوفية. أحدث عمدا.......... إصابة رأسه الموصوفة بالتقريرين الطبيين الابتدائي والشرعي والتي نشأت لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد عظمى لا ينتظر ملؤه بالعظام مستقبلاً.
وسيبقى المخ في هذا الموضع عرضة للمؤثرات الخارجية والأمراض الخطيرة التي لا يمكن التكهن بها في الوقت الحاضر مما يقلل من كفاءته على العمل بنحو 15% وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقا للمادة 240/ 1 من قانون العقوبات. فقرر ذلك بتاريخ 28 أبريل سنة 1970 وادعى المجني عليه مدنيا قبل المتهم بمبلغ 251ج على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت في الدعوى حضورياً عملاً بمادة الاتهام بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل مدة سنة واحدة وإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدني مبلغ 200 ج على سبيل التعويض والمصاريف المدنية المناسبة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحداث عاهة مستديمة قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه جاء قاصراً في بيان الواقعة وعول على أقوال المجني عليه وشهوده رغم قرابتهم له وتناقضهم في تحديد الشخص الثاني وإطرح أقوال شاهد النفي دون أن يوردها أو يبين سبب إطراحه لها. هذا إلى أن المحكمة لم تجر تحقيقاً بنفسها لمعرفة مرتكب الحادث، والتفتت عما دفع الطاعن به أمام مستشار الإحالة من تلفيق الاتهام له باعتباره كبير العائلة ولم تعن بالرد عليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أنه الخلاف بين المجني عليه والطاعن على الري في يوم الحادث اعتدى الأخير على الأول بأن ضربه بفأس في رأسه فأصابه بجرح رضي مع كسر منخسف بمؤخر الجدارية اليسرى وتخلف لديه من جراء ذلك عاهة مستديمة هي فقد عظمى لا ينتظر ملؤه بالعظام مستقبلاً، وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعن أدلة مستمدة في أقوال المجني عليه وشقيقه وزوجته، وبما جاء بالتقرير الطبي الشرعي وهى أدلة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدى وما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ولها كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود ومتى أخذت بشهادة شاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كانت قرابة شاهد الإثبات للمجني عليه لا تمنع من الأخذ بشهادته متى اقتنعت المحكمة بصدقها، وكان التناقض في أقوال الشهود بفرض صحة وجوده - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم، استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، كما هو الحال في الدعوى، وكان لمحكمة الموضوع بأن تعرض عن قالة شاهد النفي ما دامت لا تثق بما شهد به، وهى غير ملزمة بالإشارة إلى أقواله ما دامت لم تستند إليها وفى قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها، دلالة في أنها لا تطمئن إلى أقوال هذا الشاهد فأطرحتها. فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يجوز مصادرتها فيه أو الخوض بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن المدافع عن الطاعن اكتفى بمناقشة أقوال الشهود في التحقيقات التي تلتها المحكمة متنازلاً بذلك عن سماع الشهود كما لم يطلب إجراء تحقيق ما في شان ما يثيره بأسباب طعنه، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي قضت في الدعوى دون سماع الشهود، ولا يجوز للطاعن - من بعد - أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها، ولم تر هي موجباً لإجرائه اطمئناناً منها إلى أدلة الثبوت في الدعوى. لما كان ذلك، وكان الدفع بتلفيق الاتهام - بفرض إثارته - من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعاً.