أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 48

جلسة 9 من يناير سنة 1977

برياسة السيد المستشار حسن على المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: يعيش محمد رشدي، و أحمد على موسى، ومحمد وجدي عبد الصمد، ومحمد فاروق راتب.

(10)
الطعن رقم 943 لسنة 46 القضائية

(1) تلبس. إثبات. "بوجه عام". مواد مخدرة.
تقديم المتهم. طواعية واختياراً. لفافة بها مخدر إلى الضابط. ليشتمها. تتوافر به حالة التلبس.
(2) محكمة الموضوع. "سلطتها في استخلاص صورة الدعوى. سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "شهادة".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. واطراح ما يخالفها من صور. ما دام استخلاصها سائغاً.
وزن أقوال الشاهد وتقدير ظروف الإدلاء بها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال شاهد. مفاده: إطراحها الاعتبارات التي سيقت لحملها على عدم الأخذ بها.
(3) تلبس. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير حالة التلبس". إثبات. "بوجه عام".
تقدير توافر أو عدم توافر حالة التلبس. موضوعي. ما دام مبرراً.
(4) محكمة الموضوع. "سلطتها في تجزئة الدليل". إثبات. "شهادة".
عدم التزام المحكمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها. عدم تعرضها لبعض الأقوال. مفاده: إطراحها.
1- لما كان الحكم قد استظهر أن الطاعن هو الذي قدم اللفافة إلى الضابط بعد أن عرفه أنها تحوى مخدر الأفيون الذي عرض عليه شراءه وحدد له سعره وقربه من أنفه ليشتم رائحته ويتأكد من جودته وكان ذلك منه طواعية واختياراً، فإن الجريمة تكون في حالة تلبس تبيح القبض والتفتيش.
2- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
3- من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أفاقت قضاءها على أسباب سائغة.
4- من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بأن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وفى عدم تعرضها لأقوال بعض من سئلوا في التحقيقات ما يفيد إطراحها لها اطمئناناً منها للأدلة التي بينها الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 12 يناير سنة 1971 بدائرة قسم الرمل محافظة الإسكندرية أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (أفيوناً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1/ 1 و2/ 1 و34/ أ و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند/ 1 من الجدول رقم (1) المرفق، فقرر ذلك.
ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام والمادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز مواد مخدرة بقصد الاتجار قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان القبض والتفتيش لأن الواقعة لم تكن في حالة تلبس وقد احتلق الضابط هذه الحالة في تصوير لا يتفق مع العقل والمنطق ليصحح بها الإجراء الباطل، إذ لا يتصور أن يعرض الطاعن على الضابط شراء المخدر في الطريق العام، غير أن الحكم أطرح هذا الدفع بما لا يسوغ رفضه كما لم يعرض لأقوال الشاهدين......... و........ في التحقيقات والتي تؤيد دفاع الطاعن وتنفى التهمة عنه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أن الضابط التقى بالطاعن بعد أن قدمه إليه المرشد على أنه يرغب في شراء المادة المخدرة التي يحرزها وعرض عليه الطاعن أن يبيعه ثلاث أوقيات من الأفيون لقاء ثمن قدره مائة وخمسون جنيها وأخرج لفافة من ملابسه وفتح أحد اطرافها وقربها من أنف الضابط ليشتمها مؤكداً له جودتها، فقام الضابط باستدعاء الشرطي المرافق له وبضبط الطاعن بعد أن أمسك باللفافة في يده، وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستمدة من أقوال الضابط والشرطي السري ومما ثبت من تقرير التحليل، وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. وقد عرض الحكم من بعد ذلك للدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه بقوله "وحيث أنه بالنسبة للدفع ببطلان القبض والتفتيش فمردود بأن المتهم هو الذي قدم المخدر المضبوط إلى الضابط طواعية واختياراً وأخرجه من جيب صديريه وقربه من أنف الضابط مؤكداً له جودته فتأكد الضابط من رائحة المخدر التي اشتمها كطلب المتهم نفسه أن المادة المضبوطة لمخدر الأفيون بما يوفر حالة التلبس التي تبيح القبض والتفتيش. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر أن الطاعن هو الذي قدم اللفافة إلى الضابط بعد أن عرفه أنها تحوى مخدر الأفيون الذي عرض عليه شراءه وحدد له سعره وقربه من أنفه ليشتم رائحته ويتأكد من جودته وكان ذلك منه طواعية واختياراً، فإن الجريمة تكون في حالة تلبس تبيح القبض والتفيتش، ويكون الدليل على ثبوت الواقعة ضده مستمداً من واقعة ضبط الجوهر المخدر على هذه الصورة ولم يكن وليد قبض أو تفتيش وقع عليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط والشرطي السري وصحة تصويرهما للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بقالة أن الضابط اختلق حالة التلبس ليصحح الإجراء الباطل لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافر هذه الحالة ومن بطلان القبض والتفتيش كاف وسائغ في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي، لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من أنه أطرح الصورة التي وردت بأقوال شاهدين في التحقيقات تؤيد دفاعه وتنفى التهمة عنه وأغفل إيرادها والإشارة إليها، مردود بأنه من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بأن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وفى عدم تعرضها لأقوال بعض من سئلوا في التحقيقات ما يفيد إطراحها لها اطمئناناً منها للأدلة التي بينها الحكم. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.