أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة الثامنة عشرة - صـ 797

جلسة 12 من يونيه سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمود عزيز الدين سالم، ونصر الدين عزام.

(161)
الطعن رقم 873 لسنة 37 القضائية

(أ، ب) أوراق رسمية. "حجيتها". إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
(أ) ما تحويه الأوراق الرسمية في المواد الجنائية إن هي إلا عناصر إثبات تخضع في جميع الأحوال لتقدير القاضي الجنائي، وتحتمل الجدل والمناقشة كسائر الأدلة. لا يخرج عن ذلك إلا ما استثناه القانون وجعل له قوة إثبات خاصة بحيث يعتبر المحضر وما جاء فيه حجة إلى أن يثبت ما ينفيه تارة بالطعن بالتزوير كمحاضر الجلسات والأحكام وطورا بالطرق العادية كمحاضر المخالفات.
حجية الأوراق الرسمية والأحكام المقررة للطعن فيها بالتزوير محله في الإجراءات المدنية والتجارية.
(ب) الأدلة في المواد الجنائية متساندة. سقوط أحدها أو استبعاده. تعذر التعرف على مدى أثر هذا الدليل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.
1 - حجية الأوراق الرسمية والأحكام المقررة للطعن فيها بالتزوير محله في الإجراءات المدنية والتجارية حيث عينت الأدلة ووضعت قواعدها التي يلتزم القاضي بأن يجري في قضائه على مقتضاها - أما في المواد الجنائية فإن ما تحويه الأوراق إن هي إلا عناصر إثبات تخضع في جميع الأحوال لتقدير القاضي الجنائي وتحتمل الجدل والمناقشة كسائر الأدلة وللخصوم أن يفندوها دون أن يكون ملزمين بسلوك سبيل الطعن بالتزوير - ولا يخرج عن هذه القاعدة إلا ما استثناه القانون وجعل له قوة إثبات خاصة بحيث يعتبر المحضر حجة بما جاء فيه إلى أن يثبت ما ينفيه تارة بالطعن بالتزوير كما هي الحال في محاضر الجلسات والأحكام وطورا بالطرق العادية كمحاضر المخالفات بالنسبة إلى الوقائع التي يثبتها المأمورون المختصون إلى أن يثبت ما ينفيها.
2 - الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وأخرى حكم ببراءتها بأنهما في يوم 31 أغسطس سنة 1965 بناحية بهناي مركز الباجور محافظ المنوفية: المتهم الأول: (أولا) أحرز وحاز بقصد الاتجار جواهر مخدرة "حشيشا وأفيونا" في غير الأحوال المصرح بها قانونا. (ثانيا) أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا "مسدسا". والمتهم الثاني: حاز وأحرز بقصد الاتجار جواهر مخدرة "حشيشا وأفيونا". في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بمقتضى المواد 1، 2، 7، 34/ 1 - أ، 36، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبندين 1 و12 من الجدول 1 و26/ 2، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954، 75 لسنة 1958 والبند 2 قسم أ ج 3 للأول 1، 2، 7، 34/ 1 أ، 36، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبندين 1، 12 من الجدول الملحق للثاني. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضوريا بتاريخ 6 فبراير سنة 1967 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول (أولاً) بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة مدة خمس سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه وبمصادرة المواد المخدرة والأدوات المضبوطة عن التهمة الأولى ومعاقبته بالحبس مع الشغل سنة واحدة ومصادرة السلاح الناري المضبوط عن التهمة الثانية (وثانيا) بمعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة مدة ثلاث سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إحراز جواهر مخدرة وإحراز سلاح ناري بغير ترخيص قد أخطأ في القانون. وشابه قصور في التسبيب، ذلك بأن الطاعن دفع لدى محكمة الموضوع ببطلان إذن التفتيش لصدوره عقب إجراء التفتيش واستند في ذلك إلى التغيير الظاهر للعين المجردة في البيان الخاص بميعاد فتح وإقفال محاضر التحقيق وإلى عدم إخطار نيابة الباجور المختصة بالواقعة وتحقيقها بعيدا عنها مما دعا وكيل نيابتها إلى إعادة التحقيق لما اكتنفه من إجراءات معيبة وطلب من المحكمة تحقيق هذا التزوير غير أنها التفتت عن طلبه وذهبت في ردها إلى أن القول بتزوير إذن التفتيش ومحاضر التحقيق هو مجرد دفاع أطلق على عواهنه ولم يتخذ في شأنه إجراءات الطعن بالتزوير وأن محضر التحقيق يظل صحيحا ما لم يطعن عليه بالتزوير وهو ما لا يصلح ردا على دفاع الطاعن لأن ما تتضمنه محاضر التحقيق يعد من عناصر الإثبات التي تحتمل الجدل والمناقشة وللخصوم أن يطعنوا عليها دون أن يلتزموا باتخاذ طريق الطعن بالتزوير مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ عرض إلى الدفع ببطلان إذن التفتيش قال: "من حيث إن مقولة تزوير إذن التفتيش الصادر من النيابة هو مجرد دفاع أطلق على عواهنه ولم تتخذ بشأنه إجراءات الطعن المقررة بالمواد 295 إجراءات وما بعدها ولذلك تلتفت المحكمة عن تحقيقه ولا تعول عليه.... وأن الدفع ببطلان التفتيش والضبط قد بنى على القول أيضا بحصولهما دون إذن من النيابة وقد ذهب الدفاع في ذلك إلى أن الشك يحيط بصدور الإذن لأن الثابت بإشارة الحادث أنها أبلغت للمديرية في الساعة 2.45 مساءً وأن تحقيق النيابة قد حصل في نفس الساعة أيضا وأن تحقيق النيابة بمركز الباجور قد أقفل بعد ذلك مع إثبات إقفاله في الساعة 2.30 مساءً الأمر الذي يلفت النظر في حصول تلاعب في مواعيد الضبط والتفتيش على الأخص وهناك إصلاح ظاهر في ساعة ورود الإشارة وفتح المحضر بالنيابة وإقفاله. وهذا الدفع مردود بأن الثابت بالأوراق أن تحريات الشاهد الأول عرضت على وكيل النيابة المختص في الساعة 6.30 صباحا وقد أصدر الإذن بالضبط والتفتيش في الساعة 8.30 صباحًا وليس في الأوراق والتحقيقات ما ينفيها أو يشكك في حصول ذلك فعلاً وواقعا وأن ما دون بمحضر التحقيق من فتحه في الساعة 2.45 ساعة ورود الإشارة إلى المديرية لا يؤيد القول بحصول الضبط والتفتيش قبل صدور الإذن لأن محضر التحقيق يظل صحيحا ما لم يطعن عليه بالتزوير وتقرر المحكمة استبعاد ما يثبت تزويره منه، هذا فضلا عن أن المتهم الأول نفسه قرر في التحقيقات أن الضبط والتفتيش حصلا في الساعة 11 صباحا أي بعد صدور الإذن المرفق بالتحقيقات". ومفاد ما أورده الحكم فيما تقدم أن المحكمة قد اتخذت من عدم سلوك الطاعن طريق الطعن بالتزوير في إذن التفتيش ومحضر التحقيق سندا لإطراح دفاعه في هذا الشأن وما رتبه عليه في الدفع ببطلان القبض والتفتيش وهو تقرير قانوني خاطئ، ذلك بأن حجية الأوراق الرسمية والأحكام المقررة للطعن فيها بالتزوير محله في الإجراءات المدنية والتجارة حيث عينت الأدلة ووضعت قواعدها التي يلتزم القاضي بأن يجري في قضائه على مقتضاها، أما في المواد الجنائية فإن ما تحويه الأوراق إن هي إلا عناصر إثبات تخضع في جميع الأحوال لتقدير القاضي الجنائي وتحتمل الجدل والمناقشة كسائر الأدلة وللخصوم أن يفندوها دون أن يكون ملزمين بسلوك سبيل الطعن بالتزوير، ولا يخرج عن هذه القاعدة إلا ما استثناه القانون وجعل له قوة إثبات خاصة بحيث يعتبر المحضر حجة بما جاء فيه إلى أن يثبت ما ينفيه تارة بالطعن بالتزوير كما هي الحال في محاضر الجلسات والأحكام وطورا بالطرق العادية كمحاضر المخالفات بالنسبة إلى الوقائع التي يثبتها المأمورون المختصون إلى أن يثبت ما ينفيها. وإذ ما كان الطاعن قد ادعى بتزوير إذن التفتيش وتزوير البيان الخاص بساعة افتتاح وإقفال محاضر التحقيق وأن هذا التزوير ظاهر بالعين المجردة ورتب على ذلك الدفع ببطلان القبض والتفتيش، فقد كان لزاما على المحكمة - حتى يستقيم ردها على هذا الدفع الجوهري - أن تجري تحقيقا تستجلى فيه واقع الأمر في الادعاء بالتزوير - وأن تقول كلمتها فيه، أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيبا بالخطأ في القانون فضلاً عن القصور في التسبيب. ولا يغني في ذلك ما أوردته المحكمة من أسانيد أخرى لتبرير إطراح الدفع ببطلان القبض والتفتيش، إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة إلى الطاعن وإلى المحكوم عليه الآخر - ولو لم يقدم أسبابا لطعنه - لاتصال وجه الطعن به عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وذلك بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.