أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 21 - صـ 17

جلسة 4 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الوهاب خليل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين عزام، وسعد الدين عطية، وأنور خلف، ومحمود عطيفه.

(3)
الطعن رقم 1195 لسنة 39 القضائية

( أ ) أمن دولة. محكمة الجنايات. دعوى جنائية. "نظرها والحكم فيها". حكم. "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". طعن. "الطعن في الأحكام". نقض. "الطعن بالنقض". محكمة النقض. "رجوعها في حكمها".
قضاء النقض بعدم جواز الطعن في الحكم باعتبار أنه صادر من محكمة أمن الدولة العليا. وجوب الرجوع في هذا الحكم ونظر الطعن. ما دام قد ظهر أنه صدر من محكمة الجنايات مشكلة تشكيلاً عادياً.
(ب، ج، د، هـ) إثبات. "بوجه عام". "شهادة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
(ب) الجدل الموضوعي. إثارته أمام محكمة النقض. غير جائزة.
(ج) كفاية استخلاص الحكم لأقوال الشهود بما لا تناقض فيه.
(د) التعويل على أقوال شهود الإثبات والإعراض عن أقوال شهود النفي. حق لمحكمة الموضوع.
(هـ) إقامة الحكم قضاءه على ما له مأخذه الصحيح من التحقيقات. سلامته.
الخطأ في مصدر الدليل. لا يضيع أثره.
1 - متى كان قد تبين عند تنفيذ الحكم المطعون فيه والذي قضت محكمة النقض بعدم جواز الطعن فيه استناداً إلى أنه صدر من محكمة أمن الدولة العليا، أن الحكم المذكور قد صدر في الواقع من محكمة جنايات الإسكندرية مشكلة وفق قانون الإجراءات الجنائية وليست باعتبارها محكمة أمن دولة عليا، فإنه يتعين الرجوع في الحكم ونظر الطعن من جديد.
2 - إذا كان ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من واقع أوراق الدعوى والتحقيقات التي تمت فيها، لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، فإنه لا يجوز إثارة ذلك أمام محكمة النقض.
3 - إن التناقض في أقوال الشهود - بفرض وجوده - لا يعيب الحكم، ما دام أنه قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
4 - لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال شهود الإثبات وتعرض عن أقوال شهود النفي، ما دامت لا تثق فيما شهدوا به.
5 - إذا كان يبين من المفردات المضمومة أن ما أورده الحكم من أقوال الشاهد له مأخذه الصحيح من التحقيقات، وكان لا ينال من سلامته أن ينسب أقوال الشاهد إلى التحقيق الابتدائي وجلسة المحاكمة، إذ أن الخطأ في مصدر الدليل لا يضيع أثره، فإن النعي عليه في هذا المنحى يكون متعين الرفض.


الوقائع

اتهمت نيابة أمن الدولة العليا الطاعن بأنه في يومي 20 و22 ديسمبر سنة 1966 بدائرة قسم كرموز محافظة الإسكندرية: بصفته مستخدماً بإحدى الشركات التي تساهم الدولة في رأس مالها أمين مخزن بشركة مصر لأعمال الأسمنت المسلح طلب وأخذ رشوة للإخلال بواجبات وظيفته وذلك بأن طلب من المقاول محمد أحمد أبو علفه دفع مبلغ عشرة جنيهات أسبوعياً وأخذ عشرة جنيهات على سبيل الرشوة مقابل التغاضي عن العجز واختلاف المواصفات المتفق عليها في مواد البناء التي يقوم بتوريدها للشركة أثناء تسلمها. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 103 و104 و111/ 6 من قانون العقوبات. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية وأمن الدولة العليا قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام والمادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ألفين من الجنيهات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض. ومحكمة النقض قضت بعدم جواز الطعن تأسيساً على صدور الحكم المطعون فيه من محكمة أمن الدولة العليا. وقد تقدم والد الطاعن بتظلم إلى المحامي العام طالباً إحالة القضية إلى الجهة المختصة لنظرها من جديد أو إعادة نظرها أمام محكمة النقض. فاستعلمت النيابة العامة من المحكمة التي أصدرت الحكم عما إذا كانت قد أصدرته بصفتها محكمة أمن دولة عليا أو محكمة جنايات عادية. فأفادت بأنها نظرت القضية بصفتها محكمة جنايات عادية وليست أمن دولة عليا. وبتاريخ 24 نوفمبر سنة 1969 قدمت النيابة العامة طلبا إلى محكمة النقض لتحديد جلسة لنظر الطعن من جديد. فحددت لنظره جلسة 4 يناير سنة 1970.


المحكمة

من حيث إن المحكمة سبق أن قضت بتاريخ 13 من أكتوبر سنة 1969 بعدم جواز الطعن استناداً إلى أن الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة أمن الدولة العليا. ثم تبين عند التنفيذ أن نيابة أمن الدولة العليا كانت قد قدمت القضية إلى مستشار الإحالة بمحكمة إسكندرية الابتدائية، وأصدر فيها قراره بتاريخ 9 مايو سنة 1967 بإحالتها إلى محكمة جنايات إسكندرية وقد قضت هذه المحكمة بمعاقبة الطاعن بالسجن ثلاث سنوات وبتغريمه ألفي جنيه. ولما كان يبين مما تقدم، أن الحكم المطعون فيه قد صدر من المحكمة بوصفها محكمة جنايات مشكلة وفق قانون الإجراءات الجنائية وليست باعتبارها محكمة أمن دولة عليا فإنه يتعين الرجوع في الحكم ونظر الطعن من جديد.
وحيث إن الطعن قد استوفي الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة رشوة، قد شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب وخطأ في الإسناد ذلك بأن المحكمة بنت اعتقادها في الدعوى على أن الطاعن عجز عن تعليل الصدفة التي جمعته بالمقاول المبلغ، واستنتجت من ذلك أن هناك اتفاقاً سابقاً بينهما على اللقاء وهو استنتاج خاطئ من شأنه بناء الحكم على مجرد الظن والتخمين. هذا إلى أن الحكم قد عول على أقوال شهود الإثبات مع تناقضها في تصوير الواقعة والتفت عن أقوال شاهد النفي الذي أيد الطاعن في دفاعه كما نسب إلى الشرطي عبد الرازق إبراهيم أنه شهد بالجلسة بأن الضابط أخرج من جيب الطاعن ورقة من فئة العشرة جنيهات عليها توقيع وكيل النيابة في حين أنه يبين من الرجوع إلى أقوال هذا الشاهد بجلسة المحاكمة أنه شهد بأن الورقة التي أخرجها الضابط من جيب الطاعن لم يكن عليها توقيع وكيل النيابة.
و حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الرشوة التي دان الطاعن بها، وأقام عليها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من واقع أوراق الدعوى والتحقيقات التي تمت فيها لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، و كان التناقض في أقوال الشهود - بفرض وجوده - لا يعيب الحكم ما دام أنه قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه. وكان لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال شهود الإثبات وتعرض عن أقوال شهود النفي ما دامت لا تثق فيما شهدوا به. لما كان ذلك، وكان يبين من المفردات المضمونة أن ما أورده الحكم من أقوال الشاهد عبد الرازق إبراهيم له مأخذه الصحيح من التحقيقات وكان لا ينال من سلامة الحكم أن ينسب أقوال هذا الشاهد إلى التحقيق الابتدائي وجلسة المحاكمة إذ أن الخطأ في مصدر الدليل لا يضيع أثره. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.