أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة الثامنة عشرة - صـ 853

جلسة 19 من يونيه سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمود عزيز الدين سالم، ومحمد أبو الفضل حفني.

(171)
الطعن رقم 964 لسنة 37 القضائية

وصف التهمة. "تعديله". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". مسئولية جنائية. "الإعفاء منها". اختلاس. إخفاء أشياء متحصلة من جناية. عقوبة. عزل. نقض. "حالات الطعن بالنقض. الخطأ في تطبيق القانون".
(أ) حق المحكمة في رد الواقعة المسندة إلى المتهم إلى وصفها القانوني الصحيح. عدم تقيدها في ذلك بوصف النيابة لها.
(ب) خلو نص المادة 44 عقوبات من أية حالة للإعفاء عن المسئولية الجنائية.
(ج) وجوب توقيت عقوبة العزل عند معاملة المتهم بالرأفة والقضاء عليه بالحبس في جناية إخفاء أشياء متحصلة من جناية اختلاس.
1 - إذا كان الثابت من الأوراق أن المحكمة عدلت التهمة المرفوعة بها الدعوى على المتهم من جناية اختلاس إلى إخفاء أشياء متحصلة من هذه الجناية دون أن تنبهه أو المدافع عنه إلى هذا التعديل - إلا أنه لما كانت الواقعة المرفوعة بها الدعوى تتضمن اتصاله بالأشياء المختلسة وعلمه باختلاسها فإن التحوير الذي أجرته المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت المتهم مرتكباً لجريمة إخفاء أشياء متحصلة من جناية اختلاس لا يلزمها بتنبيه المتهم أو المدافع عنه إليه ما دامت لم تضف إلى الفعل المادي المرفوعة به الدعوى أية عناصر جديدة.
2 - حكم المادة 48 من قانون العقوبات منبت الصلة بجريمة إخفاء الأشياء المختلسة والتي لم يقرر القانون ثمة حالات للإعفاء منها.
3 - متى كان الثابت أن الحكم المطعون فيه عامل المتهم بجريمة إخفاء أوراق النقد المتحصلة من جناية اختلاس - بالرأفة فحكم عليه بالحبس - فقد كان من المتعين عملاً بنص المادة 27 من قانون العقوبات توقيت عقوبة العزل - أما وأن الحكم لم يفعل - فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ يستوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بتوقيت عقوبة العزل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 26 مايو سنة 1965 بدائرة بندر شبرا محافظة القليوبية: (أولاً) بصفتهما موظفين عموميين الأول وكيل بريد متنقل بالقطار رقم 30 القادم من بور سعيد والثاني فرازا معه اختلس الأول واستولى الثاني دون حق على النقود الورقية الأجنبية المبينة بالتحقيقات والتي كانت مسلمة للأول بسبب وظيفته ضمن خطابات الإرسالية المرسلة من بور سعيد إلى مطار القاهرة الجوي وكان ذلك بأن قاما بفض المكاتيب الوارد وصفها بالمحضر والتي كانت تحوي هذه النقود الورقية واستوليا على ما بداخلها وأعادا غلق مظاريفها ثانية. (ثانياً) بصفتهما من موظفي البوستة فتحا المكاتيب المبينة بالتحقيقات والتي هي من المكاتيب المسلمة للبوستة. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للمواد 111/ 1 و112/ 1 و113 و118 و119 و154 من قانون العقوبات. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات بنها قضت في الدعوى حضورياً بتاريخ 8 نوفمبر سنة 1966 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 17 و32 من قانون العقوبات وذلك بالنسبة إلى المتهم الأول، والمواد 44 و111 و112/ 1 و118 و119 و17 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الثاني والمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية إلى التهمة الثانية المسندة إلى المتهم الثاني. (أولاً) بمعاقبة الأول بالسجن مدة ثلاث سنوات، وبمعاقبة الثاني بالحبس مع الشغل مدة سنتين وبعزلهما من وظيفتهما وبرد المبالغ المضبوطة وتغريم كل منهما خمسمائة جنيه. (ثانياً) براءة المتهم الثاني من التهمة الثانية المسندة إليه. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض في..... وقدم محامي الطاعن الثاني تقريراً بالأسباب. أما الطاعن الأول فلم يقدم أسباباً لطعنه..... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الأول وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه، فيكون طعنه غير مقبول شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الآخر قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى ما ينعاه هذا الطاعن على الحكم المطعون فيه هو أنه إذ دانه بجريمة إخفاء أوراق النقد الأجنبي المتحصلة من جناية الاختلاس المنسوبة إلى الطاعن الأول - قد أخل بحق الطاعن في لدفاع وأخطأ في الإسناد وفي القانون، ذلك بأن المحكمة عدلت تهمة الاختلاس التي كانت موجهة إليه أصلاً - مع الطاعن الأول - إلى إخفاء أشياء متحصلة من هذه الجريمة دون أن تلفت نظره إلى هذا التغيير ليجري دفاعه على أساسه وفقاً لما تقضي به المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية. وأقام الحكم قضاءه بإدانته على أنه تسلم من الطاعن الأول أوراق النقد بقصد حفظهما معه لحين وصول القطار إلى محطة القاهرة مع أن الثابت في الأوراق لا يؤيد هذا النظر بل يشير إلى أن الطاعن الأول فاجأه بوضع الأوراق في يده قبل الضبط مباشرة. هذا إلى أن الحكم لم يعفه من العقاب عملاً بحكم المادة 48 من قانون العقوبات مع أنه أخبر عن الجريمة وأرشد عن فاعلها. كما قضى عليه بالرد والغرامة مع أن جريمة الإخفاء التي دين بها تخرج عن نطاق الجرائم التي يحكم فيها بهاتين العقوبتين. ثم قضى بعزله عزلاً غير محدد المدة في مقام كان يقتضي توقيت العزل.
وحيث إنه وإن كان الثابت من مراجعة الأوراق أن المحكمة عدلت التهمة المرفوعة بها الدعوى على الطاعن من جناية اختلاس إلى إخفاء أشياء متحصلة من هذه الجناية دون أن تنبهه أو المدافع عنه إلى هذا التعديل، إلا أنه لما كانت الواقعة المرفوعة بها الدعوى تتضمن اتصال الطاعن بالأشياء المختلسة وعلمه باختلاسها فإن التحوير الذي أجرته المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت الطاعن مرتكباً لجريمة إخفاء أشياء متحصلة من جناية اختلاس لا يلزمها بتنبيه المتهم أو المدافع عنه إليه ما دامت لم تضف إلى الفعل المادي المرفوعة به الدعوى أصلاً أية عناصر جديدة. لما كان ذلك، وكان الثابت من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن أن ما قال به الحكم المطعون فيه من أن الطاعن تسلم من المتهم الآخر - الطاعن الأول - أوراق النقد بقصد حفظها معه لحين وصول القطار إلى محطة القاهرة له سند صحيح في الأوراق، فإن النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد يكون غير محله. لما كان ذلك، وكان حكم المادة 48 من قانون العقوبات منبت الصلة بالجريمة التي دين الطاعن بها والتي لم يقرر القانون في شأنها مثل ذلك الإعفاء. وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بإخفاء أوراق النقد المتحصلة من جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات مع علمه بذلك، ومن ثم فإنه إذا قضى عليه بالرد والغرامة عملاً بالمادة 118 يكون قد صادف صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه عامل الطاعن بالرأفة فحكم عليه بالحبس، فقد كان من المتعين عليه - عملاً بنص المادة 27 من قانون العقوبات - أن يؤقت عقوبة العزل، أما وهو لم يفعل، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ يستوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بتوقيت عقوبة العزل وجعله لمدة أربع سنين ورفض الطعن فيما عدا ذلك.