أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 119

جلسة 17 من يناير سنة 1977

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صلاح الدين الرشيدي، و محمد صفوت القاضي، والسيد محمد مصري شرعان، ومحمد عبد الحميد صادق.

(25)
الطعن رقم 1054 لسنة 46 القضائية

(1) إثبات. "خبرة". إجراءات. إجراءات المحاكمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم تمسك الطاعن بطلب إجراء تحليل للعينة المحفوظة لديه أمام محكمة أول درجة. إبداؤه هذا الطلب أمام هيئة استئنافية. تغير الهيئة دون إعادة التمسك بالطلب. إعبتاره متنازلاً عنه.
(2) محكمة استئنافية. "نظرها الدعوى والحكم فيها". حكم. "وضعه والتوقيع عليه وإصداره". "تسبيب. تسبيب غير معيب".
اعتناق الحكم الاستئنافى المطعون فيه لأسباب الحكم المستأنف. عدم ضرورة بيان تلك الأسباب اكتفاء بالإحالة إليها.
(3) حكم. "وضعه والتوقيع عليه وإصداره". بطلانه. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل من الأسباب".
تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يقتضى بطلانه. طالما قد قضى بتأييد الحكم الابتدائي المستأنف أخذاً بأسبابه.
(4) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". غش. عقد توريد. جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جناية الغش في عقد التوريد المنصوص عليها في المادة 116 مكرر عقوبات جريمة عمديه. تتطلب اتجاه الإرادة إلى الإخلال العمدى بالعقد أو الغش في تنفيذه مع العلم بذلك. خلو النص المذكور من افتراض العلم بالغش.
تبرئة المتهم من الجناية المذكورة لعدم توافر علمه بالشغل لا يمنع من مؤاخذته بجنحة الغش المنصوص عليها في القانون 48 لسنة 1941 استناداً إلى افتراض العلم بالغش المنصوص عليه في القانونين 522 لسنة 1955، 80 لسنة 1961 باعتبار أنه من المشتغلين بالتجارة.
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
1- لما كان الطاعن أو المدافع عنه لم يتمسك أمام محكمة أول درجة بطلب تحليل العينة المحفوظة لديه وإذ استأنف الحكم الابتدائى الصادر بإدانته، طلب المدافع عنه تحليل العينتين المحفوظتين لديه ولدى معاون الصحة، ولوجود مانع لدى أحد أعضاء الهيئة من نظر الدعوى عرضت على هيئة أخرى ولم يبد الطاعن أو المدافع عنه أي طلب حتى صدر الحكم المطعون فيه، لما كان ذلك، فإن الطاعن يعد متنازلاً عن طلب التحليل الذي كان قد أبداه في مرحلة سابقة للدعوى.
2- من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المسـتأنف للأسباب التي بني عليها فليس في القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب في حكمها بل يكفى أن تحيل عليها إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة اعتبرتها كأنها صادرة منها، ولما كان الحكم الإبتدائى قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية بجريمتي غش اللبن وعرضه للبيع اللتين دان الطاعن بهما وأقام عليهما في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها وكانت المحكمة الاستئنافية رأت كفاية الأسباب التي بني عليها الحكم المستأنف بالنسبة لثبوت التهمة فإن ذلك يكون فيها تسبيباً كافياً.
3- تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يقتضي بطلانه ما دام قد قضى بتأييد الحكم الابتدائى المستأنف أخذاً بأسبابه، مما يجب معه اعتبار هذه الأسباب صادرة من محكمة ثاني درجة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من دعوى القصور في التسبيب والبطلان يكون في غير محله.
4- جناية الغش في عقد التوريد المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات هي جريمة عمدية يشترط لقيامها توافر القصد الجنائي باتجاه إرادة المتعاقد إلى الإخلال بالعقد أو الغش في تنفيذه مع علمه بذلك، لما كان ذلك،. وكان سياق نص المادة السابقة قد خلا من القرينة المنشأة بالتعديل المدخل على المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 بالقانونين الرقمين 522 سنة 1955 و80 لسنة 1961 التي افترض بها الشارع العلم بالغش إذا كان المخالف من المشتغلين بالتجارة، ومن ثم فلا تناقض إذ دان الحكم المطعون فيه الطاعن بجنحة بيع لبن مغشوش مع علمه بذلك أخذاً بالقرينة القانونية المنصوص عليها بالقانونين رقمي 522 سنة 1955 و80 لسنة 1961 باعتبار أنه من المشتغلين بالتجارة وأخفق في إثبات حسن نيته - ذلك لأن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع في أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ومن ثم فإنه لا يلزم في توافر أركان جريمة بيع اللبن المغشوش في حق الطاعن مع علمه بالغش الذي استقاه الحكم من القرينة الواردة بالمادة الثانية من القانون 48 سنة 41 المعدل قيام الجريمة المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات وللمحكمة مطلق الحرية في تقدير الدليل على حسن نية الطاعن من عدمه ولا تقبل منه المجادلة في هذا الشأن أمام محكمة النقض إذ هو أمر من إطلاقات محكمة الموضوع - والجدل الموضوعي لا يقبل أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة قسم ملوى محافظة المنيا: (أولاً) عرض للبيع لبناً غير محتفظ بخواصه الطبيعية بأن أضاف إليه ما لا يقل عن 20% ماء. (ثانياً) عرض للبيع شيئاً من أغذية الإنسان "لبناً مغشوشاً" مع علمه بذلك. وطلبت عقابه بالمواد 2 و12/ 1 من القانون رقم 131 لسنة 1950 و1 و7 و8 من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل بالقانونين رقمي 86 لسنة 1948 و53 لسنة 1951 و552 لسنة 1955. ومحكمة ملوى الجزئية قضت في الدعوى غيابياً بحبس المتهم سنة مع الشغل والنفاذ والمصادرة. فعارض. وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف المحكوم عليه الحكم. ومحكمة المنيا الابتدائية بهيئة استئنافية قضت في الدعوى حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي غش الألبان وعرض ألبان مغشوشة قد انطوى على إخلال بحق الدفاع وشابه قصور في التسبيب وبطلان وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم لم يعن ببحث دفاع الطاعن بطلب إرسال عينة الألبان المحفوظة طرفه لمعامل التحليل لإعادة فحصها مكتفياً بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه، كما أنه حرر على نموذج مطبوع دون أن يحصل واقعة الدعوى ويمحصها ويورد دفاع الطاعن الذي أبداه بجلسات المحاكمة، هذا فضلاً عن أن الطاعن وهو متعهد توريد أغذية للمستشفيات يعد الغش العمدي بالنسبة له جناية بالمادة 116 مكرر من قانون العقوبات وتكون المحكمة غير مختصة وإذا كان الفعل غير عمدي وأعملت في حقه القرينة التي تفرض علمه بالغش وهى قرينة قابلة لإثبات العكس - وهو ما أثبته الطاعن من حصوله على الألبان موضوع الاتهام من الغير - فيتعين لذلك براءته أو عقابه بعقوبة المخالفة باعتباره حسن النية وإذ لم تلتزم المحكمة في حكمها هذا النظر تكون قد خالفت صحيح القانون بما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى في أن الطاعن ورد ألباناً لمستشفى الحميات بملوى وبتحليلها تبين عدم مطابقتها للقرارات الخاصة بالألبان لأنها مغشوشة بنزع ما لا يقل عن 2% من الدسم وإضافة ما لا يقل عن 20% من الماء، وأورد على ثبوتها في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال مفتش الأغذية وتقرير تحليل العينة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الطاعن أو المدافع عنه لم يتمسك أمام محكمة أول درجة بطلب تحليل العينة المحفوظة لديه وإذ استأنف الحكم الابتدائي الصادر بإدانته طلب المدافع عنه تحليل العينتين المحفوظتين لديه ولدى معاون الصحة، ولوجود مانع لدى أحد أعضاء الهيئة من نظر الدعوى عرضت على هيئة أخرى ولم يبد الطاعن أو المدافع عنه أي طلب حتى صدر الحكم المطعون فيه، لما كان ذلك، فإن الطاعن يعد متنازلاً عن طلب التحليل الذي كان قد أبداه في مرحلة سابقة للدعوى، ومن ثم فإن ما يثيره بشأن التفات المحكمة عن طلبه هذا يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بني عليها فليس في القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب في حكمها بل يكفي أن تحيل عليها، إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة اعتبرتها كأنها صادرة منها، ولما كان الحكم الابتدائي قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي غش اللبن وعرضه للبيع اللتين دان الطاعن بهما وأقام عليهما في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها وكانت المحكمة الاستئنافية رأت كفاية الأسباب التي بني عليها الحكم المستأنف بالنسبة لثبوت التهمة فإن ذلك يكون فيها تسبيباً كافياً. لما كان ذلك، وكان تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يقتضى بطلانه ما دام قد قضى بتأييد الحكم الابتدائي المستأنف أخذاً بأسبابه، مما يجب معه اعتبار هذه الأسباب صادرة من محكمة ثاني درجة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من دعوى القصور في التسبيب والبطلان يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكانت جناية الغش في عقد التوريد المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات هي جريمة عمدية يشترط لقيامها توافر القصد الجنائي باتجاه إرادة المتعاقد إلى الإخلال بالعقد أو الغش في تنفيذه مع علمه بذلك. لما كان ذلك، وكان سياق نص المادة السابقة قد خلا من القرينة المنشأة بالتعديل المدخل على المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 بالقانونين الرقمين 522 سنة 1955 و80 لسنة 1961 التي افترض بها الشارع العلم بالغش إذا كان المخالف من المشتغلين بالتجارة، ومن ثم فلا تناقض إذ دان الحكم المطعون فيه الطاعن بجنحة بيع لبن مغشوش مع علمه بذلك أخذاً بالقرينة القانونية المنصوص عليها بالقانونين رقمي 522 سنة 1955، 80 سنة 1961 باعتباره أنه من المشتغلين بالتجارة وأخفق في إثبات حسن نيته - ذلك لأن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع في أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ومن ثم فإنه لا يلزم في توافر أركان جريمة بيع اللبن المغشوش في حق الطاعن مع علمه بالغش الذي استقاه الحكم من القرينة الواردة بالمادة الثاينة من القانون 48 سنة 41 المعدل قيام الجريمة المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات وللمحكمة مطلق الحرية في تقدير الدليل على حسن نية الطاعن من عدمه ولا تقبل منه المجادلة في هذا الشأن أمام محكمة النقض إذ هو أمر من إطلاقات محكمة الموضوع - والجدل الموضوعي لا يقبل أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم جميعه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد ومتى كان ذلك فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.