أحكام النقض – المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 21 - صـ 32

جلسة 4 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الوهاب خليل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين عزام، وسعد الدين عطيه، ومحمود عطيفه، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

(7)
الطعن رقم 1802 لسنة 39 القضائية

(أ، ب) عمل. عقوبة. "تطبيقها". "تعددها". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
(أ) جريمتا عدم تحرير عقد عمل وعدم إنشاء ملف لكل عامل. تعدد العقوبات فيهما بقدر عدد العمال. مخالفة ذلك. خطأ في القانون.
(ب) عدم استظهار الحكم عدد العمال الذين وقعت في شأنهم جريمتا عدم تحرير عقود عمل وعدم إنشاء ملفات. قصور.
(ج، د، هـ) عمل. ارتباط. قانون. "التفويض التشريعي".
(ج) مناط تطبيق المادة 32/ 2 عقوبات.
(د) التزام صاحب العمل بإعداد سجل لقيد الأجور وآخر لقيد الغرامات. لا ارتباط بينهما. علة ذلك؟
(هـ) خلو قانون العمل من نص يلزم صاحب العمل بتقديم ما يفيد حصول عماله على إجازتهم أو ينظم كيفية إثبات حصولهم عليها. كما فعل بالنسبة لإثبات تقاضي الأجر.
(و) إجراءات المحاكمة. محكمة استئنافية. "الإجراءات أمامها". عمل. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". وصف التهمة.
اتهام الطاعن بأنه لم يقدم ما يثبت منحه عماله إجازات. عدم جواز توجيه تهمة عدم منحه عماله أجازات. ما دام أن النيابة لم ترفع عليه الاتهام عنها ولم تقل ذلك في مرافعتها. مخالفة ذلك. خطأ في القانون. المادة 307 إجراءات.
1 - إذا كان ما وقع من المتهم مخالفاً لنص المادتين 43، 69 من القانون رقم 91 لسنة 1959، من أنه لم يحرر عقد عمل بينه وبين عماله وأنه لم ينشئ ملفاً لكل عامل، فإن ما وقع منه في هذا الشأن يمس مباشرة وبالذات مصالح العمال ويجحف بحقوقهم، فكان يتعين أن تقضي المحكمة بتعدد الغرامة المحكوم بها في هاتين التهمتين بقدر عدد العمال. وإذ كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه لم يقض بذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2- إذا كان الحكم المطعون فيه لم يستظهر في مدوناته عدد العمال الذين وقعت في شأنهم جريمتا عدم تحرير عقود عمل، وعدم إنشاء ملف لكل عامل، فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن تصحيح الخطأ في القانون، مما يستوجب أن يكون مع النقض الإحالة.
3 - إن مناط تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات، أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض، فتكونت منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها المشرع بالحكم الوارد في الفقرة الثانية من المادة 32 المذكورة.
4- التزام رب العمل بإعداد سجل لقيد الأجور، لم ينص عليه في قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 بل نص عليه قرار وزير العمل رقم 181 لسنة 1964 بناء على التفويض التشريعي الوارد في المادة 126 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964، والغرض من إنشاء هذا السجل هو تنظيم عملية ربط وتحصيل الاشتراكات المستحقة وفقاً لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية، أما التزام رب العمل بإنشاء سجل لقيد الغرامات، فقد نص عليه في المادة 70 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959، والغرض من إنشاء هذا السجل هو حصر الغرامات الموقعة على العمال، ومن ثم فإن قعود صاحب العمل عن إنشاء سجل لقيد الأجور، إنما هو عمل مستقل تام الاستقلال عن عدم إنشائه سجلاً لقيد الجزاءات، ولا يوجد ثمة ارتباط بين هاتين الجريمتين في مفهوم الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات.
5 - إن قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 جاء خلواً من النص على إلزام صاحب العمل بتقديم ما يفيد حصول العمال على الأجازات المنصوص عليها فيه، أو تنظيم كيفية إثبات حصولهم عليها، كما فعل بالنسبة لإثبات تقاضي الأجر وفقاً لنص المادة 49 من قرار وزير الشئون الاجتماعية رقم 141 لسنة 1959 الصادر تنفيذاً لهذا الأمر، ولم يشأ المشرع تأثيم هذا الفعل، ولم يضع عقوبة ما كجزاء على مخالفته.
6 - من المقرر طبقاً للمادة 307 من قانون الإجراءات الجنائية، أنه لا يجوز معاقبة المتهم عن واقعة غير التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور. وإذ كان ذلك، وكانت التهمة الموجهة إلى المتهم في طلب التكليف بالحضور وتمت المرافعة في الدعوى على أساسها، هي أنه لم يقدم ما يفيد منح عماله أجازات الأعياد الرسمية، ولم تقل النيابة أن المتهم لم يمنح عماله أجازاتهم، ولم ترفع الدعوى عن ذلك، فما كان يحق للمحكمة الاستئنافية أن توجه للمتهم هذه التهمة أمامها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 29/ 3/ 1967 بدائرة مركز الصف: 1 - عين عمالاً دون أن يكونوا حاصلين على شهادات قيد من مكتب القوى العاملة. 2 - لم يخطر المكتب بالوظائف الشاغرة لديه. 3 - لم يرسل للمكتب البيان النصف سنوي. 4 - عين العمال المبينة أسمائهم بالمحضر دون عقد عمل. 5 - لم يوفر لعماله وسائل الإسعاف الطبية. 6 - لم يضع في مكان ظاهر لائحة النظام الأساسي للعمل. 7 - لم ينشئ لكل عامل ملفاً خاصاً متضمناً البيانات المقررة. 8 - لم ينشئ سجلاً لقيد الأجور. 9 - لم ينشئ سجلاً لقيد الجزاءات. 10 - لم يقدم ما يفيد منح عماله الأجازات السنوية. 11 - لم يقدم ما يفيد منح عماله أجازات الأعياد الرسمية. 12 - شغل أحداثاً دون أن يكون لديهم تذاكر ثبوت بقدرتهم على العمل. 13 - لم يضع في مكان العمل نسخة من الأحكام الخاصة بتشغيل الأحداث. وطلبت عقابه بالمواد 11 و12 و14 و16 و20 و42 و43 و65 و68 و69 و126 و128 و215 و216 و223 و235 من القانون رقم 91 لسنة 1959 ومحكمة مركز الصف الجزئية – بعد أن عدلت تاريخ الواقعة إلى 3/ 1/ 1967 – قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة إلى التهم الأولى والثانية والثالثة والرابعة والسابعة والعاشرة والحادية عشرة بتغريم المتهم 25 قرشاً عن التهم الأولى والثانية والثالثة على أن تتعدد مرة واحدة بعدد العمال وعددهم 16 عاملاً وتغريمه 2 ج عن التهمتين الرابعة والسابعة على أن تتعدد بعدد العمال مرة واحدة وبتغريمه 2 ج عن التهمتين العاشرة والحادية عشر على أن تتعدد بعدد العمال مرة واحدة وبتغريمه 2 ج عن كل من التهم الخامسة والسادسة والثامنة والتاسعة وتغريمه 2 ج عن التهمة الثانية عشرة وتتعدد بعدد العمال الأحداث وعددهما عاملان وتغريمه 25 قرشاً عن التهمة الثالثة عشرة. فاستأنف المتهم هذا الحكم كما استأنفته النيابة العامة. ومحكمة الجيزة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت غيابياً (أولاً) بعدم قبول استئناف المتهم شكلاً للتقرير به بعد الميعاد (ثانياً) قبول استئناف النيابة شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بتغريم المتهم 25 قرشاً عن كل تهمة من التهم الثلاث الأولى وتغريمه مائتي قرش عن كل من التهمتين الرابعة والسابعة وتغريمه مائتي قرش عن التهمة الحادية عشرة وتغريمه مائتي قرش عن كل تهمة من التهم الخامسة والسادسة والثامنة والتاسعة وتغريمه 25 قرشاً عن التهمة الثانية عشرة على أن تتعدد بعدد العمال الأحداث الذين وقعت في شأنهما المخالفة وعددهما اثنان وتغريمه 25 قرشاً عن التهمة الثالثة عشرة وبراءة المتهم من التهمة العاشرة. فعارض المحكوم عليه وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه جاء مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون وبالقصور، ذلك بأنه لم يقض بتعدد الغرامة المحكوم بها على المطعون ضده بقدر العمال الذين وقعت في شأنهم المخالفة موضوع التهمتين الرابعة والسابعة – كما قضى بعقوبة مستقلة عن كل من التهمتين الثامنة والتاسعة بالرغم من أنهما مرتبطتان ارتباطاً لا يقبل التجزئة مما كان يتعين معه توقيع عقوبة واحدة عنهما إعمالاً لنص 32/ 2 من قانون العقوبات – كما وأن الحكم دان المطعون ضده بجريمة عدم تقديمه ما يدل على منح عماله إجازات الأعياد الرسمية موضوع التهمة الحادية عشرة – دون أن يستجلى ما إذا كان المطعون ضده قد امتنع عن منح عماله إجازاتهم التي يستحقونها أو أنه أوفى بهذا الالتزام ولكنه قصر في تضمين ملفاتهم بياناً بما حصلوا عليه منها. وذلك ردا للواقعة إلى وصفها القانوني الصحيح إذ أن قانون العمل لا يلزم صاحب العمل بتقديم ما يثبت حصول العمال على إجازاتهم، فضلاً عن أن جريمة عدم منح العمال إجازاتهم تتعدد فيها الغرامة بقدر عدد العمال.
وحيث إن القانون رقم 91 لسنة 1959 بإصدار قانون العمل قد فرض في نصوصه المختلفة التزامات متعددة على صاحب العمل لصالح العمال الذين يستخدمهم في مؤسسته ونص في المادة 221 منه "على معاقبة من يخالف أحكام الفصل الثاني من الباب الثاني في شأن عقد العمل الفردي والقرارات الصادرة تنفيذاً له بغرامة لا تقل عن مائتي قرش ولا تجاوز ألفي قرش" ثم أورد في الفقرة الأخيرة من هذه المادة "وتتعدد الغرامة بقدر عدد العمال الذين وقعت في شأنهم المخالفة". لما كان ذلك، وكان المستفاد من مجموع نصوص هذا القانون أنه قد اشتمل على نوعين من الالتزامات التي فرضها على صاحب العمل: الأولى وهي تتناول حقوق العمال الناشئة عن علاقتهم برب العمل وما يجب عليه أن يؤديه إليهم من أجر وإعانة غلاء وما يكفله لهم من علاج وكذلك تحديد ساعات العمل ومنح الأجازات والمكافآت المستحقة لهم إلى آخر تلك الالتزامات التي تمس مصالح أفراد العمال وحقوقهم مباشرة وبالذات هذه الحقوق هي التي حرص المشرع على أن يكفلها للعمال بما نص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة 221 من هذا القانون. وهي صريحة في أن الغرامة تتعدد بقدر عدد العمال الذين أجحفت المخالفة بحق من حقوقهم. أما النوع الثاني من الأحكام التي فرضها القانون على صاحب العمل فهي في واقع الأمر أحكام تنظيمية هدف المشرع منها إلى حسن سير العمل واستتباب النظام بالمؤسسة وضمان مراقبة السلطات المختصة تطبيق القانون على الوجه الذي يحقق الغرض من إصداره. لما كان ذلك، وكان ما وقع من المطعون ضده مخالفاً لنص المادتين 43، 69 من القانون رقم 91 لسنة 1959 من أنه لم يحرر عقد عمل بينه وبين عماله المبينة أسماؤهم بالمحضر موضوع التهمة الرابعة وأنه لم ينشئ ملفاً لكل عامل – موضوع التهمة السابعة – ما وقع من ذلك يمس مباشرة وبالذات مصالح العمال ويجحف بحقوقهم فكان يتعين أن تقضي بتعدد الغرامة المحكوم بها في هاتين التهمتين بقدر عدد العمال. وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يفعل ذلك فقد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه. ولما كان الحكم لم يستظهر في مدوناته عدد العمال الذين وقعت في شأنهم هاتان الجريمتان فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يعجز هذه المحكمة عن تصحيح الخطأ في القانون مما يستوجب أن يكون مع النقض الإحالة. لما كان ذلك، وكان مناط تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض فتكونت منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها المشرع بالحكم الوارد في الفقرة الثانية من المادة 32 المذكورة. ولما كان التزام رب العمل بإعداد سجل لقيد الأجور لم ينص عليه في قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 بل نص عليه في قرار وزير العمل رقم 181 لسنة 1964 بناء على التفويض التشريعي الوارد في المادة 126من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 والغرض من إنشاء هذا السجل هو تنظيم عملية ربط وتحصيل الاشتراكات المستحقة وفقاً لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية. أما التزام رب العمل بإنشاء سجل لقيد الغرامات فقد نص عليه في المادة 70 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 والغرض من إنشاء هذا السجل هو حصر الغرامات الموقعة على العمال فإن قعود صاحب العمل عن إنشاء سجل لقيد الأجور موضوع التهمة الثامنة، إنما هو عمل مستقل تمام الاستقلال عن عدم إنشائه سجلاً لقيد الجزاءات – موضوع التهمة التاسعة – ولا يوجد ثمة ارتباط بين هاتين الجريمتين في مفهوم ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات على الوجه المشار إليه فيما سلف، فإن النعي على الحكم بأنه لم يعمل حكم المادة المذكورة، يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 91 لسنة 1959 بإصدار قانون العمل جاء خلواً من النص على إلزام صاحب العمل بتقديم ما يفيد حصول العمال على الأجازات المنصوص عليها فيه أو تنظيم كيفية إثبات حصولهم عليها، كما فعل بالنسبة إلى إثبات تقاضي الأجر وفقاً لنص المادة 49 منه وقرار وزير الشئون الاجتماعية رقم 141 لسنة 1959 الصادر تنفيذاً لها، الأمر الذي يتضح منه أن القانون لم يشأ تأثيم هذا الفعل ولم يضع عقوبة ما كجزاء على مخالفته. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان المطعون ضده عن هذا الفعل موضوع التهمة الحادية عشرة، وهي غير مؤثمة فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه وتبرئة المتهم منها إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959. وأما ما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه من أنه لم يسجل واقعة منح المطعون ضده عماله لأجازاتهم فمردود بأنه من المقرر طبقاً للمادة 307 من قانون الإجراءات الجنائية أنه لا تجوز معاقبة المتهم عن واقعة غير التي وردت بالأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور. وإذ كانت التهمة الموجهة إلى المتهم في طلب التكليف بالحضور وتمت المرافعة في الدعوى على أساسها هي أنه لم يقدم ما يفيد منح عماله أجازات الأعياد الرسمية ولم تقل النيابة أن المتهم لم يمنح عماله أجازاتهم ولم ترفع الدعوى عن ذلك – والوقائع منفصلة ومستقلة بعضها عن بعض – فما كان يحق للمحكمة الاستئنافية أن توجه للمتهم هذه التهمة أمامها. لما كان ما تقدم جميعه، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة للتهمتين الرابعة والسابعة وبراءة المطعون ضده من التهمة الحادية عشرة ورفض الطعن فيما عدا ذلك.