أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة الثامنة عشرة - صـ 887

جلسة 26 من يونيه سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور أحمد خلف.

(177)
الطعن رقم 1159 لسنة 37 القضائية

إثبات. "إثبات بوجه عام". "خبرة".
لا يسوغ للمحكمة أن تدحض المسائل الفنية البحت مستندة في ذلك إلى معلومات شخصية. ليس للمحكمة أن تحل نفسها محل الخبير في المسائل الفنية البحت.
لا يسوغ للمحكمة أن تستند في دحض ما قال به الخبير الفني عن سرعة السيارة وعدم صلاحية فرملة اليد لإيقاف السيارة أثناء سيرها - إلى معلومات شخصية - بل يتعين عليها إذا ما ساورها الشك فيما قرره الخبير في هذا الشأن - أن تستجلي الأمر بالاستعانة بغيره من أهل الخبرة لكونه من المسائل الفنية البحت التي لا يصح للمحكمة أن تحل محل الخبير فيها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 25 أكتوبر سنة 1964 بدائرة قسم أول الجيزة: (أولاً) تسبب خطأ في موت خليفة حسن وإصابة إبراهيم إسكندر إبراهيم وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه ومخالفة اللوائح والقوانين بأن قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص للخطر رغم عدم خلو الطريق أمامه من المشاة وهي غير مستوفاة لشروط الأمن وكانت الفرامل غير صالحة للاستعمال وتسبب عن ذلك إصابة أحدهما وموت الثاني متأثراً بإصابته. (وثانياً) قاد السيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر. وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات والقانون رقم 449 لسنة 1955. ومحكمة جنح قسم أول الجيزة الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 3 مايو سنة 1965 عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لوقف التنفيذ بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً اعتبارياً بتاريخ 19 نوفمبر سنة 1966 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف جنائية. عارض، وقضى في معارضته بتاريخ 25 فبراير سنة 1967 بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وبتأييد الحكم الغيابي الاستئنافي المعارض فيه بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل الخطأ قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأن دفاع الطاعن قام على أن الحادث راجع إلى سبب مفاجئ هو تلف فرامل السيارة أثناء سيرها محملة بالرمال وقد تأيد ذلك بما قال به المهندس الفني أمام محكمة الموضوع من إمكان تلف فرامل القدم فجأة وأن فرامل اليد - بفرض صلاحيتها - لا تصلح لإيقاف السيارة حال سيرها وأن السيارة النقل المحملة بالرمال تسير بسرعة أقصاها خمسة وأربعين كيلو متراً في الساعة إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح دفاع الطاعن وما شهد به المهندس الفني استناداً إلى خلو تقرير المهندس من إثبات حدوث تلف الفرامل فجأة، وإلى ما ذكره الطاعن من أن فرامل السيارة كانت سليمة قبل وقوع الحادث، وأن سيارات النقل تسير بشارع الأهرام - حيث وقع الحادث - بسرعة فائقة وأن قائد السيارة لو كان يسير بسرعة عادية لأمكنه ملافاة وقوع الحادث باستعمال فرامل اليد وهو قول ينطوي على فساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم اعتمد في إطراح أقوال الخبير في مسائل فنية على معلومات شخصية لا سند لها في الأوراق فضلاً عن أنه اتخذ من قول الطاعن بسلامة الفرامل قبل وقوع الحادث دليلاً عليه من أن ذلك يؤيد دفاعه من أن الحادث وقع فجأة مما لا قبل للطاعن بدفعه الأمر الذي يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه عرض لدفاع الطاعن ورد عليه في قوله: "ومن حيث إن خلو محضر معاينة المهندس الفني للسيارة عقب الحادث من كون فراملها قد تلفت فجأة يقطع في استبعاد هذا الدفاع وخاصة ما قرره المتهم عقب الحادث من أن فرامل السيارة حين تجربتها في الصباح كانت "كويسه قوي" ولا تعول المحكمة على قول المهندس الفني من أن السيارة النقل المحملة بالرمال تسير عادة بسرعة 45 كيلو متراً أنه أجاب بعد ذلك أنه يمكنه تحديد سرعتها من مشاهدة رسم الحادث كما تطرح قوله أن فرامل اليد لا توقف السيارة ذلك أن المشاهد لسيارة النقل وخاصة في شارع الأهرام مكان الحادث سيرها تنهب الأرض نهباً، وأنه وإن لم تصلح فرامل اليد لإيقاف السيارة تماماً فعلى القليل تحد من سرعتها مما تستطاع معه لو كان المتهم يسير سيراً عادياً أن يتفادى الحادث". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم لا يصلح رداً على دفاع الطاعن - المؤسس على عدم استطاعة إيقاف السيارة لتلف فراملها فجأة - ذلك أن خلو تقرير المهندس الفني من بيان حصول تلف الفرامل فجأة وقول الطاعن بأن الفرامل كانت سليمة قبل وقوع الحادث ليس من مقتضاه استبعاد حصول التلف المشار إليه فجأة، كما أنه لا سوغ للمحكمة أن تستند في دحض ما قال به الخبير الفني - عن سرعة السيارة وعدم صلاحية فرملة اليد لإيقاف السيارة أثناء سيرها - إلى معلومات شخصية، بل يتعين عليها إذا ما ساورها الشك فيما قرره الخبير في هذا الشأن أن تستجلي الأمر بالاستعانة بغيره من أهل الخبرة لكونه من المسائل الفنية البحت التي لا يصح للمحكمة أن تحل محل الخبير فيها. لما كان ما تقدم، فإن الحكم يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يعيبه ويستوجب نقضه والإحالة.