أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 144

جلسة 30 من يناير سنة 1977

برياسة السيد المستشار جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش محمد رشدي، ومحمد محمد وهبه. وأحمد علي موسي.

(31)
الطعن رقم 1068 لسنة 46 القضائية

حق المؤلف "نطاقه. استغلاله". تقليد مصنفات. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
حق المؤلف في استغلال مصنفه. يتضمن نقل المصنف إلى الجمهور بطريق غير مباشر.
حق المؤلف في نقل حق استغلال مصنفه إلى الغير.
منازعة المتهم بجريمة تقليد مصنف. في توافر القصد الجنائي لديه. توجب على المحكمة استظهار هذا القصد. مخالفة ذلك. قصور يوجب نقض الحكم.
لما كان قانون حماية حق المؤلف الصادر بالقانون رقم 354 لسنة 1954 يقرر بمقتضى مادته الأولى الحماية لصالح مؤلفي "المصنفات المبتكرة في الآداب والفنون والعلوم" ويبين من البند ثانياً من المادة السادسة أن حق المؤلف في استغلال مصنفه يتضمن نقل المصنف إلى الجمهور بطريقة غير مباشرة بنسخ صور منه تكون في متناول الجمهور ويتم هذا بصفة خاصة عن طريق الطباعة أو الرسم أو الحفر أو التصوير الفوتوغرافي أو الصب في قوالب أو بأية طريقة أخرى من طرق الفنون التخطيطية أو المجسمة أو عن طريق النشر الفوتوغرافي أو السينمائي ويجيز بالفقرة الأولى من المادة 37 منه "للمؤلف أن ينقل إلى الغير الحق في مباشرة حقوق الاستغلال المنصوص عليها في المواد 5 (فقرة 1) و6 و7 (فقرة 1)". وكان القصد الجنائي في جريمة تقليد مصنف منشور بالخارج التي دين الطاعن بها، يقتضي علم الجاني وقت ارتكاب الجريمة علماً يقيناً بتوافر أركانها، فإذا ما نازع المتهم في توافر هذا القصد، كان لزاماً على المحكمة استظهاره استظهاراً كافياً، وإذ كان القانون يجيز للمؤلف نقل حقه في الاستغلال إلى الغير، وكان الطاعن قد جادل في قيام ذلك القصد، قائلاً باعتقاده صحة ما قرره له المتهم السادس أن مؤسسته هي ممثلة لدار النشر المدعية بالحقوق المدنية، وأنه طلب إليه مباشرة العمل على مسئولية ذلك المتهم، فإن قول الحكم للتدليل على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن "أن القصد الجنائي متوافر مما قرره المتهمون الأول – الطاعن وباقي المتهمين – من علمهم بأن تلك الكتب خاصة بدار النشر المدعية بالحقوق المدنية وإن عللوا أقوالهم بطبعها على القول بأنهم اعتقدوا في صحة ما قرره المتهم السادس من أن مؤسسة الوطن العربي السعودي تمثل دار النشر التي تحتكر تلك المؤلفات وهذا الدفاع من جانبهم هو من قبيل دفع الاتهام عنهم إذ لا يتأنى من القائمين بعمليات الطبع وهى مهمتهم الاستناد إلى مجرد قول لا يعززه دليل للقيام بطبع كتب ثابت على النسخ التي قاموا بطبع مثيلها أنها خاصة بدار النشر المدعية بالحقوق المدنية وبأنها طبعت في هونج كونج". لا يكفى لتوافره وقد كان على المحكمة تحقيق ذلك الدفاع بلوغاً لغاية الأمر فيه، هذا إلى أن ما أورده الحكم من أنه ثابت على المصنف طبعه في هونج كونج، لا يجدي في توافر القصد، إزاء ما هو ثابت بالحكم نفسه من أن الفعل مثار الاتهام قد تم بطريق التصوير وليس بطريق الطباعة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وخمسة آخرين بأنهم في المدة من 15 إلى 19 سبتمبر سنة 1966 بدائرة قسم عابدين محافظة القاهرة قلدوا في مصر المصنفات المبينة بمحضر التحقيق والمنشورة بالخارج بمعرفة شركة...... وتولى المتهم الأول (الطاعن) شحنها للخارج. وطلبت معاقبتهم بالمواد 1 و2 و47 من القانون رقم 354 لسنة 1954 في شأن حماية حق المؤلف. وادعت دار النشر – المجني عليها – مدنياً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ مائة ألف جنيه. ومحكمة جنح عابدين الجزئية قضت حضورياً للمتهمين الأول (الطاعن) والخامس وغيابياً بالنسبة لباقي المتهمين – أولاً – بتغريم كل من المتهمين الأول والسادس خمسين جنيهاً وتغريم كل من باقي المتهمين عشرين جنيهاً. ثانياً – مصادرة الأدوات المخصصة للنشر غير المشروع والنسخ المقلدة. ثالثاً – إحالة الدعوى المدنية إلى محكمة القاهرة الابتدائية لنظرها. فاستأنف المتهم الأول – الطاعن – ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه المحكوم عليه على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تقليد مصنف منشور بالخارج قد شابه قصور وفساد في الاستدلال على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن.
وحيث إن الحكم المستأنف المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن بسط واقعة الدعوى عرض لدفاع الطاعن – المتهم الأول – في قوله "وبسؤال المتهم الأول قرر أن المتهم السادس اتصل به وطلب منه طبع الكتب تحت مسئوليته باعتبار أن مؤسسة الوطن السعودية ممثلة لدار النشر وهى شركة...... فقام بطبع تلك الكتب لدى المتهمين من الثاني إلى الخامس وشحنها إلى جدة وأضاف أن المتهم السادس هو الذي أحضر النسخ المطلوب إعادة طباعتها وطلب منه أن يكون الطبع صورة طبق الأصل منها" ثم تحدث الحكم عن القصد الجنائي بقوله "وقد توافر القصد الجنائي مما قرره المتهمون الأول – الطاعن وباقي المتهمين – من علمهم بأن تلك الكتب خاصة بدار النشر المدعية بالحقوق المدنية وإن عللوا أقوالهم بطباعتها على القول بأنهم اعتقدوا في صحة ما قرره المتهم السادس من أن مؤسسة...... تمثل دار النشر التي تحتكر تلك المؤلفات وهذا الدفاع من جانبهم هو من قبيل دفع الاتهام عنهم إذ لا يتأتى من القائمين بعمليات الطباعة وهى مهنتهم الاستناد إلى مجرد قول لا يعززه دليل للقيام بطباعة كتب ثابت على النسخ التي قاموا بطباعة مثيلها أنها خاصة بدار النشر المدعية بالحقوق المدنية وبأنها طبعت في هونج كونج. لما كان ذلك وكان قانون حماية حق المؤلف الصادر بالقانون رقم 354 لسنة 1954 يقرر بمقتضى مادته الأولى الحماية لصالح مؤلفي "المصنفات المبتكرة في الآداب والفنون والعلوم"، ويبين في البند ثانياً من المادة السادسة أن حق المؤلف في الاستغلال يتضمن "نقل المصنف إلى الجمهور بطريقة غير مباشرة بنسخ صور منه تكون في متناول الجمهور ويتم هذا بصفة خاصة عن طريق الطباعة أو الرسم أو الحفر أو التصوير الفوتوغرافي أو الصب في قوالب أو بأية طريقة أخرى من طرق الفنون التخطيطية أو المجسمة أو عن طريق النشر الفوتوغرافي أو السينمائي" ويجيز بالفقرة الأولى من المادة 37 منه "للمؤلف أن ينقل إلى الغير الحق في مباشرة حقوق الاستغلال المنصوص عليها في المواد 5 (فقرة 1) و6 و7 (فقرة 1)". لما كان ذلك وكان القصد الجنائي في الجريمة التي دين الطاعن بها، يقتضي علم الجاني وقت ارتكاب الجريمة علماً يقينياً بتوافر أركانها، فإذا ما نازع المتهم في توافر هذا القصد، كان لزاماً على المحكمة استظهاره استظهاراً كافياً، وإذ كان القانون يجيز للمؤلف نقل حقه في الاستغلال إلى الغير، وكان الطاعن قد جادل في قيام ذلك القصد، قائلاً باعتقاده صحة ما قرره له المتهم السادس من أن مؤسسته هي ممثلة لدار النشر المدعية بالحقوق المدنية، وأنه طلب إليه مباشرة العمل على مسئولية ذلك المتهم، فإن القدر الذي أورده الحكم فيما سلف بيانه - في سبيل التدليل على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن، لا يكفى لتوافره وقد كان على المحكمة تحقيق ذلك الدفاع بلوغاً لغاية الأمر فيه، هذا إلى أن ما أورده الحكم من أنه ثابت على المصنف طباعته في هونج كونج، لا يجدي في توافر القصد، إزاء ما هو ثابت بالحكم نفسه من أن الفعل مثار الاتهام قد تم بطريق التصوير وليس بطريق الطباعة، لما كان ذلك فإن الحكم يكون معيباً بالقصور والفساد في الاستدلال متعين النقض والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي ما يثيره الطاعن.