أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 21 - صـ 74

جلسة 12 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمد أبو الفضل حفني، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، ومحمد السيد الرفاعي، وطه الصديق دنانه، ومصطفى محمود الأسيوطي.

(18)
الطعن رقم 1708 لسنة 39 القضائية

(أ، ب، ج، د) استيقاف. قبض. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "اعتراف". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير مبرر الاستيقاف".
( أ ) الاستيقاف. ماهيته. مبرراته؟
(ب) ملاحقة المتهم إثر فراره لاستكناه أمره يعد استيقافاً.
(ج) الفصل في قيام مبرر الاستيقاف أو تخلفه. موضوعي.
(د) النعي على المحكمة قضاؤها ببراءة المتهم بناء على احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها. غير صحيح. شرط ذلك؟
تسمية الحكم الشواهد والأمارات المقدمة من سلطة الاتهام باسمها المعين في نص القانون الذي تندرج تحت حكمه. غير لازم. شرط ذلك؟
الاعتراف. تقديره موضوعي.
(هـ) نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثارة الجدل الموضوعي أمام محكمة النقض. غير جائز.
1 - الاستيقاف هو إجراء يقوم به رجل السلطة العامة في سبيل التحري على الجرائم وكشف مرتكبها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف.
2 - ملاحقة المتهم على إثر فراره لاستكناه أمره يعد استيقافاً.
3 - الفصل في قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام لاستنتاجه وجه يسوغه.
4 - لا يصح النعي على المحكمة أنها قضت ببراءة المتهم بناء على احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها ما دام ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضيها وما يطمئن إليه طالما قد أقام قضاءه على أسباب تحمله. والبين من عبارات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تطمئن إلى اعتراف المطعون ضده لما قدرته من أنه كان تحت تأثير الرهبة والفزع فأطرحته باعتباره لا ينبئ بذاته عن مقارفة المتهم للجريمة، كما لم تطمئن إلى الشواهد والأمارات المقدمة من سلطة الاتهام أيا كان الاسم الذي يطلق عليها في القانون وأيا كان الوصف الذي يصدق عليها تلبساً أو دلائل كافية، وذلك حسبه ليستقيم قضاؤها ببطلان الإجراء وليس من اللازم أن يسمي الحكم تلك الشواهد والأمارات باسمها المعين في نص القانون الذي تندرج تحت حكمه، ما دام هو قد تحرى حكم القانون فيها وحملها الوجه الذي تحتمله من عدم كفايتها لتسويغ القبض على المتهم الذي قضى ببراءته.
5 - لا يجوز إثارة الجدل الموضوعي لدى محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 20 فبراير سنة 1966 بناحية كفر الضبعى مركز العياط محافظة الجيزة: أحرز بقصد الاتجار جوهرا مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام، فقرر ذلك، ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 30/ 2 من قانون العقوبات ببراءة المتهم مما أسند إليه وبمصادرة الجوهر المخدر المضبوط، فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة إحراز المخدر قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك بأنه أسس البراءة على بطلان الدليل المستمد من تفتيش المطعون ضده لحصوله على غير مقتضى من القانون وأن حالة التلبس متخلفة مع أن الثابت في الأوراق أن الضابط تعقب المطعون ضده الذي لاذ بالفرار لمجرد رؤيته ليكشف عن دواعي الشبهة التي أثارها بفعله ومنها أنه وضع يده على جيبه فقامت بذلك دلائل كافية على ارتكابه لجناية – فقام بتفتيشه، ومن ثم يكون هذا الإجراء قد وقع سليماً ويجوز الاستناد إلى الدليل المستمد منه كما أن الحكم أطرح اعتراف المتهم أمام وكيل النيابة تأسيساً على أن التحقيق أجرى بديوان الشرطة مما يجعل المتهم تحت تأثير الرهبة من رجالها، مع أن المطعون ضده لم يثر أمام وكيل النيابة المحقق أن ثمة إكراها أو أنه أدلى به تحت تأثير الخوف، فضلاً عن أن الحكم لم يبين العناصر التي اقتنع منها بقيام الإكراه الذي وقع المتهم تحت تأثيره، ومن ثم فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قال تسبيباً لقضائه ببطلان القبض وبراءة المطعون ضده ما نصه: "وحيث إن الثابت من أقوال الضابط أن المتهم عندما دنا منه وتحقق من شخصيته إرتبك وولى هارباً ولا يمكن أن يكون للارتباك علامات ظاهرة تميز الشخص المرتبك عن غيره إذ أن الارتباك حالة نفسية تعتري الإنسان ولا مظهر خارجي لها. ولما كان الثابت من أقوال الشاهد أن المتهم لم يلق من يده شيئاً ولكن هو الذي أجرى تفتيشه مما ترى معه المحكمة أن الدفع في محله متعين القبول لأن حالة التلبس لم تستوف الشروط التي تجيز الضبط والتفتيش". لما كان ذلك، وكان الاستيقاف هو إجراء يقوم به رجل السلطة العامة في سبيل التحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها، ويسوغه اشتباه تبرره الظروف، وكانت ملاحقة المتهم على إثر فراره لاستكناه أمره استيقافاً، وكان الفصل في قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب، ما دام لاستنتاجه وجه يسوغه ولا يصح النعي على المحكمة أنها قضت ببراءة المتهم بناء على احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها، ما دام ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضيها وما يطمئن إليه طالما قد أقام قضاءه على أسباب تحمله. والبين من عبارات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تطمئن إلى اعتراف المطعون ضده لما قدرته من أنه كان تحت تأثير الرهبة والفزع فأطرحته باعتباره لا ينبئ بذاته عن مقارفة المتهم للجريمة كما لم تطمئن إلى الشواهد والأمارات المقدمة من سلطة الاتهام أيا كان الاسم الذي يطلق عليها في القانون وأيا كان الوصف الذي يصدق عليها تلبساً أو دلائل كافية، وذلك حسبه ليستقيم قضاؤها ببطلان الإجراء وليس من اللازم أن يسمى الحكم تلك الشواهد والأمارات باسمها المعين في نص القانون الذي تندرج تحت حكمه، ما دام هو قد تحرى حكم القانون فيها وحملها الوجه الذي تحتمله من عدم كفايتها لتسويغ القبض على المتهم الذي قضى ببراءته. لما كان ذلك، فإن الطعن ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي لا يثار لدى محكمة النقض، ومن ثم فإنه يكون على غير أساس متعين الرفض.