أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 21 - صـ 80

جلسة 12 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمد أبو الفضل حفني، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، ومحمد السيد الرفاعي، وطه الصديق دنانه، ومحمد ماهر محمد حسن.

(20)
الطعن رقم 1712 لسنة 38 القضائية

(أ، ب، ج) إثبات. "إثبات بوجه عام". "اعتراف". دفوع. "الدفع ببطلان الاعتراف". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
( أ ) شرط الاستناد إلى الاعتراف. أن يكون اختيارياً: هو لا يكون كذلك إذا صدر وليد ضغط أو إكراه.
(ب) الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره إثر إكراه. دفع جوهري. يوجب الرد عليه ومناقشته. سواء أبداه المتهم المقر أو غيره من المتهمين ما دام أن الحكم عول على الاعتراف في قضائه.
(ج) تساند الأدلة في المواد الجنائية.
1 - الأصل أن الاعتراف - الذي يعول عليه - يجب أن يكون اختيارياً وهو لا يعتبر كذلك - ولو كان صادقاً - إذا صدر إثر ضغط أو إكراه كائناً ما كان قدره.
2 - من المقرر أن الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير الإكراه، هو دفع جوهري، يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه، يستوي في ذلك أن يكون المتهم المقر هو الذي دفع بالبطلان أو أن يكون متهماً آخر في الدعوى قد تمسك به، ما دام الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على هذا الاعتراف.
3 - إن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في يوم 20 نوفمبر سنة 1968 بدائرة مركز أبو قرقاص: المتهم الأول: سرق القرط المبين الوصف والقيمة بالمحضر والمملوك للبيب خير فرج. المتهم الثاني: أخفى الأشياء المبينة بالمحضر وصفاً وقيمة والمتحصلة من جريمة السرقة سالفة الذكر مع علمه بذلك. وطلبت عقابهما بالمواد 44 مكرر و318 من قانون العقوبات. ومحكمة أبو قرقاص الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم الأول ستة أشهر مع الشغل والنفاذ وحبس المتهم الثاني ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لوقف التنفيذ. فاستأنف المتهمان هذا الحكم. ومحكمة المنيا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إخفاء القرط المسروق مع علمه بالسرقة قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأن الطاعن تمسك لدى محكمة الموضوع بأن الاعتراف المعزو إلى المتهم الآخر - السارق - على قيام ركن العلم لدى الطاعن قد صدر وليد إكراه وقع عليه من رجال الشرطة إلا أن الحكم أخذ بهذا الاعتراف وعول عليه في إدانة الطاعن بغير أن يعني بمناقشة هذا الدفاع الجوهري أو الرد عليه مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية أن المتهم الآخر - السارق - دفع بأن اعترافه بأن الطاعن كان يعلم بأن القرط الذي باعه له متحصل من جريمة سرقة كان وليد ضغط من ضابط المباحث. ويبين من مدونات الحكم المستأنف والمؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه استند في إدانة الطاعن وتوافر ركن العلم لديه ضمن ما استند إليه إلى اعتراف المتهم الآخر ولم يعرض الحكم المطعون فيه إلى ما قرره هذا المتهم من دفاع أو يرد عليه. لما كان ذلك، كان الأصل في الاعتراف الذي يعول عليه يجب أن يكون اختيارياً، وهو لا يعتبر كذلك - ولو كان صادقاً - إذا صدر إثر ضغط أو إكراه كائناً ما كان قدره، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه يستوي في ذلك أن يكون المتهم المقر هو الذي دفع بالبطلان أو أن يكون متهماً آخر في الدعوى قد تمسك به ما دام الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على هذا الاعتراف. ولما كان الحكم المطعون فيه قد عول في إدانة الطاعن على هذا الاعتراف بغير أن يرد على هذا الدفاع الجوهري ويقول كلمته فيه، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور في التسبيب. ولا يغني في ذلك ما أوردته المحكمة من أدلة أخرى، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعن في أوجه طعنه.