أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 169

جلسة 31 من يناير سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: صلاح الرشيدي، ومحمد صفوت القاضي، وسيد شرعان، ومحمد عبد الحميد صادق.

(37)
الطعن رقم 1121 لسنة 46 القضائية

(1) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". دفوع. "الدفع بتلفيق التهمة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بتلفيق التهمة. والتأخير في الإبلاغ. موضوعي.
(2) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "شهود". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم. موضوعي.
(3) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "شهود". إجراءات. "إجراءات التحقيق".
لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال المجني عليه في التحقيقات ولو خالفت أقواله أمامها.
(4) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. منها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة.
(5)خطف. جريمة. "أركانها". قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
متى يتحقق القصد الجنائي في جريمة خطف الأطفال؟
(6) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". جريمة. "أركانها". إكراه. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير ركن التحليل أو الإكراه في جريمة الخطف. موضوعي.
(7) خطف. فاعل أصلي. شريك. اشتراك. عقوبة. "تقديرها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مساواة القانون بين الفاعل والشريك في جريمة الخطف. اعتبار المتهم فاعلاً أصلياً فيها سواء ارتكبها بنفسه أو بواسطة غيره. مادام قد ثبت مساهمته فيها.
1- إن ما يثيره الطاعنان بشأن تلفيق الاتهام والتأخير في الإبلاغ هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
2- لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم والتعويل على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، فإن مؤدى قضاء المحكمة بإدانة الطاعنين استناداً إلى أقوال شهود الإثبات هو إطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
3- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال المجني عليه في التحقيقات ولو خالفت أقواله أمامها.
4- لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
5- القصد الجنائي في جريمة خطف الأطفال إنما يتحقق بتعمد الجاني انتزاع المخطوف من أيدي ذويه الذين لهم حق رعايته وقطع صلته بهم بإبعاده عن المكان الذي خطف منه وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجني عليه وحمله على موافقة الجاني أو باستعمال أية وسائل مادية أو أدبية لسلب إرادته، مهما كان غرض الجاني من ذلك.
6- تقدير ركن التحليل أو الإكراه في جريمة الخطف مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب مادام استدلالها سليماً، وإذ كان الحكم قد دلل على قيام ركن التحليل من قيام الطاعن الأول بالمبيت في دار المجني عليه وإيهامه إياه رغبته في لقاء والده ثم اصطحابه معه على دابته إلى بلدة بعيدة على بلدته حيث سلمه إلى الطاعن الثاني الذي أوهمه بدوره أنهما في طريقهما إلى والده وأخذ يجوب به وسط الحقول زهاء ساعتين إلى أن وصلا إلى قرية تابعة لمدينة تابعة لمدينة الفيوم ظلا بها حتى الغروب ثم عاد أدراجه به إلى منزل الطاعن الأول فإن هذا الذي أورده الحكم يسوغ به الاستدلال على توافر ركن التحليل في حق الطاعنين.
7- لما كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن الطاعن الثاني ساهم أيضاً مع الطاعن الأول في الفعل المادي للخطف وأتى فعل التحيل على ما سلف بيانه وتوافر فيه حكمة القصد الجنائي للجريمة – بوصفه فاعلاً أصلياً – للأدلة والاعتبارات السائغة التي أوردها. وكان القانون يسوى بين الفاعل والشريك في جريمة الخطف ويعتبر مرتكبها فاعلاً أصلياً سواء ارتكبها بنفسه أو بواسطة غيره، فإنه لا جدوى ولا وجه لما يثيره الطاعن الثاني نعياً على الحكم بقالة القصور في استظهار اتفاق الطاعنين على ارتكاب الجريمة أو علمه بخطف المجني عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنان بأنهما بدائرة مركز اطسا محافظة الفيوم خطفا بالتحيل والإكراه الطفل........ الذي لم يبلغ من العمر ست عشرة سنة كاملة بأن قام الطاعن الأول باستدراجه من منزله وسلمه للطاعن الثاني وأخفاه عن والديه على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمادة 288/ 1 من قانون العقوبات. فقرر ذلك وادعى والد المجني عليه مدنياً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات الفيوم قضت في الدعوى حضورياً بتاريخ 24 أبريل سنة 1975 عملاً بمادة الاتهام بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن مدة ثلاث سنوات وإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعي بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الخطف بالتحيل قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنهما أثارا أن التهمة ملفقة لهما بقصد التخلص من دين للطاعن الأول في ذمة والد المجني عليه ومن دين آخر له في ذمة الشاهد....... بسند مكتوب زعم الأخير أنه حرره لرد الغلام المخطوف، وساقا للتدليل على هذا الدفاع أن التبليغ عن واقعة الخطف تراخى ستة أيام طلب خلالها والد المجني عليه – بموافقة الشاهد المذكور – إجراء تحكيم لفض النزاع بينه وبين الطاعن الأول حول الدين، وأن المجني عليه نفى أمام المحكمة واقعة خطفه، إلا أن المحكمة لم تعرض لهذا الدفاع، أو ترد عليه بما يفنده. وعول الحكم في الإدانة – فيما عول – على أقوال والدة المجني عليه وجدته مع أن مفاد ما قررتاه من أن الطاعن الأول لم ينف وجود المجني عليه لديه فور سؤاله عنه مقرراً أنه سيعود إليهما ثم عودة الغلام بالفعل مما يؤكد انتفاء قصد الخطف لدى الطاعن الأول خاصة مع قيام صلة القربى بينه ووالد المجني عليه وتردد كل منهما على الآخر، وما صدر من الطاعن الأول أثر مبيته بدار والد المجني عليه من اصطحابه المجني عليه معه بعد أن كلفه باستحضار دابته من الدار المجاورة لا يكون ركن التحيل الذي يستلزمه القانون لقيام جريمة الخطف وأخيراً فإن الحكم لم يدلل على قيام اتفاق بين الطاعنين على ارتكاب الحادث أو على أن الطاعن الثاني حين تسلم من والدة الطاعن الأول الغلام المجني عليه – كان يعلم أنه مخطوف واصطحبه إلى الأماكن التي ترددا عليها بقصد إبعاده عن ذويه، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "أنه بتاريخ 8/ 6/ 1973 قام المتهمان......... (الطاعنان) بخطف المجني عليه........ الذي لم يبلغ سنه ست عشرة سنة كاملة بطريق التحيل وذلك بأن حضر المتهم الأول إلى منزل والد المجني عليه الذي يمت إليه بصلة القربى ببلدة جرده وبات فيه ثم أصبح في اليوم التالي وهو يوم الجمعة الموافق 8/ 6/ 1973 وأوهم المجني عليه أنه يريد لقاء والده وصحب الغلام معه على دابة وصل إلى عزبة الشكى التابعة لبلدة العشيرى وهناك قام بتسليم المجني عليه إلى المتهم الثاني الذي أوهم بدوره المجني عليه بأنهما سيتوجهان إلى والده وظل مختفياً ومبعداً إياه عن ذوية الذين لهم حق رعايته وقطعا صلته بهم بأن رافقه إلى عدة أماكن حتى يفاوض"............. "قريب المجني عليه مع المتهم الأول في إعادة المجني عليه المخطوف وقبل هذا المتهم ذلك لقاء مبلغ مائتي جنيه حرر بها سند أمانه عليه لصالح المتهم الأول فأعاد المجني عليه إلى ذويه بعد منتصف ليلة السبت 9/ 6/ 1973. وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه في محضر الشرطة وتحقيق النيابة ومن أقوال والديه وجدته وباقي شهود الإثبات وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنان بشأن تلفيق الاتهام والتأخير في الإبلاغ من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استنداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. ولما كان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهاداتهم والتعويل على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله إلى المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها وكان مؤدى قضاء المحكمة بإدانة الطاعنين استناداً إلى أقوال شهود الإثبات هو إطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها مما لا يجوز الجدل فيه أمام محكمة النقض، وكان من المقرر أيضاً أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال المجني عليه في التحقيقات ولو خالفت أقواله أمامها، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، فإن ما يثيره الطاعنان في شأن أقوال المجني عليه ووالدته وجدته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا يقبل معاودة التصدي له أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة خطف الأطفال إنما يتحقق بتعمد الجاني انتزاع المخطوف من أيدي ذويه الذين لهم حق رعايته وقطع صلته بهم بإبعاده عن المكان الذي خطف منه وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجني عليه وحمله على موافقة الجاني أو باستعمال أية وسائل مادية أو أدبية لسلب إرادته، مهما كان غرض الجاني من ذلك. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر ثبوت الفعل المادي للخطف وتوافر ركن التحيل والقصد الجنائي في هذه الجريمة وتساند في قضائه إلى أدلة منتجة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهت إليه وكان تقدير ركن التحيل والإكراه في جريمة الخطف مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام استدلالها سليماً، وإذ كان الحكم قد دلل على قيام ركن التحيل من قيام الطاعن الأول بالمبيت في دار المجني عليه وإيهامه إياه رغبته في لقاء والده ثم اصطحابه معه على دابته إلى بلدة بعيدة عن بلدته حيث سلمه إلى الطاعن الثاني الذي أوهمه بدوره أنهما في طريقهما إلى والده وأخذ يجوب به وسط الحقول زهاء ساعتين إلى أن وصلا إلى قرية تابعة لمدينة تابعة لمدينة الفيوم ظلا بها حتى الغروب ثم عاد أدراجه إلى منزل الطاعن الأول. وهذا الذي أورده الحكم يسوغ به الاستدلال على توافر ركن التحيل في حق الطاعنين، فإن ما ينعاه في هذا الخصوص بدعوى القصور أو الخطأ في تطبيق القانون لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن الطاعن الثاني ساهم أيضاً مع الطاعن الأول في الفعل المادي للخطف وأتى فعل التحيل على ما سلف بيانه وتوافر فيه حكمة القصد الجنائي للجريمة – بوصفه فاعلاً أصلياً – للأدلة والاعتبارات السائغة التي أوردها، وكان القانون يسوى بين الفاعل والشريك في جريمة الخطف ويعتبر مرتكبها فاعلاً أصلياً سواء ارتكبها بنفسه أو بواسطة غيره، فإنه لا جدوى ولا وجه لما يثيره الطاعن الثاني نعياً على الحكم بقالة القصور في استظهار اتفاق الطاعنين على ارتكاب الجريمة أو علمه بخطف المجني عليه ولا يخرج منعاه في هذا الصدد عن كونه جدلاً موضوعياً وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.