أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 21 - صـ 88

جلسة 12 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمد أبو الفضل حفني، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، ومحمد السيد الرفاعي، وطه الصديق دنانه، ومحمد ماهر محمد حسن.

(22)
الطعن رقم 1851 لسنة 39 القضائية

نصب. "ركن الاحتيال". جريمة. "أركانها". رشوة.
جريمة النصب. أركانها: ركن الاحتيال. مثال لجريمة استغل فيها المتهم وظيفته العمومية مستعيناً في تأييد مزاعمه بدفتر وأوراق كان يحملها.
متى كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه بإدانة المتهم بجريمة النصب المؤثمة بمقتضى المادة 336 من قانون العقوبات على أن استعانته بوظيفته العمومية كمأمور ضرائب عقارية من شأنه أن يعزز أقواله ويخرجها عن دائرة الكذب المجرد إلى دائرة الكذب المؤيد بأعمال خارجية، فإذا ما توصل المتهم بهذه الصفة وعززها بدفتر وأوراق يحملها للإيهام بأنه إنما يقوم بعمل رسمي وقام بحصر سكن المجني عليهما بالفعل زيادة في حبك ما يوهم به، ثم طلب منهما بعد ذلك سداد رسم زعم أنه لدفع غرامة فرضت عليهما لتأخرهما في الإخطار عن مبان مستجدة قاما بإنشائها وبعد تحصيله وقع منهما على الدفتر الذي يحمله معه وتوصل بكل هذه الطرق الاحتيالية إلى الاستيلاء لنفسه منهما على النقود سالفة الذكر. فإن ما أورده الحكم هو تقرير صحيح في القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 4 مايو سنة 1967 بدائرة بنها: بصفته موظفاً عمومياً (مأمور ضرائب عقارية) طلب وأخذ رشوة لأداء عمل زعم أنه من أعمال وظيفته وذلك بأن طلب وأخذ من محمد إبراهيم محمد عبده وحسن إبراهيم محمد عبده خمسة جنيهات وعشرين مليماً على سبيل الرشوة مقابل تخفيض الغرامة رغم استحقاقها عليهما لتراخيهما في الإخطار على مبان مستجدة. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للمادتين 103، 103 مكرر من قانون العقوبات، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات بنها قضت حضورياً إعمالاً للمادة 336 من قانون العقوبات. بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل ثلاثة شهور. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة النصب قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه قدم إلى المحكمة سنداً يفيد سداده المبلغ الذي كان قد اقترضه من المجني عليهما والذي زعما بالاستيلاء عليه نصباً ولم تعن المحكمة بتحري الظروف التي حرر فيها هذا السند وتقصي حقيقة سبب الالتزام كما عولت في إدانته على رواية المجني عليهما ووالدتهما مع أن أقوالهم لا تلتئم مع العقل والمنطق وأخذت بأقوال الأولين فيما جرت به من أن الطاعن كان يحمل معه دفتراً أوهمهما بأنه خاص بالمباني المستجدة دون أن تستفسر المحكمة منهما عن أوصافه فضلاً عن أنها لم تعن ببيان صلة الطاعن بتحصيل غرامات التأخير عن المباني المستجدة دون إخطار أو بإلغاء تلك الغرامات أو تخفيضها، كما لم يقم الحكم وزناً لسبق معرفة المجني عليهما للطاعن، كل ذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية لجريمة النصب التي دانه بها ومن بينها ركن الاحتيال بإيهام المجني عليهما على خلاف الواقع بأن عليهما دفع غرامة فرضت عليهما لتأخرهما في الإخطار عن مبان مستجدة قاما بإنشائها وذلك باستغلال الطاعن وظيفته التي يشغلها حقيقة ومستعيناً في تأييد مزاعمه بدفتر وأوراق كان يحملها يثبت فيها قيامه بحصر المباني المستجدة، فانخدع المجني عليهما وسلماه المبلغ بناء على ذلك. ثم انتهى من بيانه واستدلاله إلى قوله: "ومن حيث إن استعانة المتهم الموظف بوظيفته العمومية من شأنه أن يعزز أقواله ويخرجها عن دائرة الكذب المجرد إلى دائرة الكذب المؤيد بأعمال خارجية فإذا ما توصل المتهم بهذه الصفة وعززها بدفتر وأوراق يحملها للإيهام بأنه إنما يقوم بعمل رسمي وقام بحصر مسكن الشاهدين الأول والثالث بالفعل زيادة في حبك ما يوهم به ثم يطلب منهما بعد ذلك سداد رسم يزعم أنه لدفع غرامة فرضت عليهما وبعد تحصيله يوقع على الدفتر الذي يحمله معه منهما ويتوصل بكل هذه الطرق الاحتيالية للاستيلاء لنفسه منهما على المبلغ سالف الذكر فإنه لذلك يكون قد ارتكب جريمة النصب المؤثمة بمقتضى المادة 336 من قانون العقوبات" وهذا الذي أورده الحكم تقرير صحيح في القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد على دفاع الطاعن الموضوعي بما يفنده كما أورد الأدلة المثبتة للجريمة في حق الطاعن وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها بما يستقل به قاضي الموضوع ولا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.