أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 188

جلسة 6 من فبراير سنة 1977

برياسة السيد المستشار/ محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، وأحمد علي موسى، وأحمد طاهر خليل، ومحمد فاروق راتب.

(41)
الطعن رقم 874 لسنة 46 القضائية

محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". محكمة النقض. "سلطتها". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات. "شهادة".
حق محكمة الموضوع. إطراح أقوال الشاهد دون بيان العلة. متى أفصحت عن سبب إطراحها لهذه الأقوال. كان لمحكمة النقض مراقبتها في ذلك.
قول المجني عليه أن أحداً لم يكن موجوداً وقت الاعتداء. لا يؤدي لزوماً إلى نفي وجود شاهدين بمحل الحادث. علة ذلك.
لما كان الحكم المطعون فيه أورد في تحصيله لأقوال شهود الإثبات بتحقيقات النيابة العامة، أن الأول قرر أنه كان يروي الأرض مع أخيه المجني عليه وقت الحادث كما قرر الثاني أنه كان يعمل بحقله وقتذاك وأن الثالث كان في الطريق إلى زراعته، وكان الحكم بعد أن أطرح الدليل المستمد من أقوال الشاهد الأول عرض لأقوال الشاهدين الثاني والثالث بقوله "كما لا تطمئن المحكمة لأقوال باقي الشهود ذلك لأن المجني عليه إذ سئل بتحقيقات النيابة قرر أن أحداً لم يكن موجوداً حين أن ضربه المتهم الثاني بكوريك على رأسه ووقع أرضاً مغمى عليه هذا ولم يفصح الشاهدان الثاني والثالث عن سبب ترتاح إليه المحكمة لتواجدهما بمكان الحادث وقت وقوعه". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تزن أقوال الشاهد وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه دون أن تكون ملزمة ببيان سبب إطراحها لها، إلا أنه متى أفصحت المحكمة عن الأسباب التي من أجلها لم تعول على أقوال الشاهد فإن لمحكمة النقض أن تراقب ما إذا كان من شأن هذه الأسباب أن تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها. وإذ كان ما تقدم، وكان إطراح المحكمة لأقوال الشاهدين الثاني والثالث بمقولة عدم إفصاحها عن سبب ترتاح إليه لتواجدهما بمكان الحادث وقت وقوعه، يخالف ما حصله الحكم من أقوالهما بالتحقيقات من أن الأول كان يعمل بحقله وأن الآخر كان في طريقه إلى زراعته، كما أن ما حصله الحكم من أقوال المجني عليه من أن أحداً لم يكن موجوداً وقت الاعتداء عليه، لا يؤدى لزوماً في الاستدلال السليم والمنطق السائغ إلى نفي وجود هذين الشاهدين بمحل الحادث ما دام احتمال عدم رؤيته لهما رغم وجودهما قائما. لما كان ذلك، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أسباب لإطراح شهادة شاهدي الإثبات سالفى الذكر لا يؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها فإنه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم في يوم 3 مايو سنة 1973 بدائرة مركز زفتى محافظة الغربية: قتلوا...... عمداً بأن انقضوا عليه ضرباً بآلات راضة ثقيلة قاصدين قتلة فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وقد تقدمت هذه الجناية جناية أخرى هي أنهم في ذات المكان والزمان سالفى الذكر شرعوا في قتل...... عمداً بأن انهالوا عليه ضربا بآلات راضة ثقيلة قاصدين قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادة المتهمين فيه هو مدراكة المجني عليه بالعلاج. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد الواردة بأمر الإحالة. فقرر ذلك. وادعى والد القتيل مدنياً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات طنطا قضت غيابياً للمتهم الأخير وحضورياً لباقي المتهمين عملاً بالمادتين 304/ 1 و381 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهمين مما اسند إليهم ورفض الدعوى المدنية وإلزام المدعى بالحقوق المدنية بالمصروفات. فطعن الأستاذ...... المحامي عن الأستاذ...... عن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمةُ

حيث أن مما ينعاه المدعي بالحقوق المدنية على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهم من تهمة القتل العمد المقترن ورفض الدعوى المدنية قبلهم قد شابه فساد في الاستدلال ذلك بأن الحكم أطرح شهادة كل من الشاهدين الثاني والثالث لعدم الاطمئنان إليها بمقولة أن المجني عليه...... قرر أن أحداً لم يكن موجوداً وقت الحادث، وأن الشاهدين لم يقدما تبريراً مقبولاً لوجودهما بمحل الحادث، في حين أنه حصل من أقوالهما أن الشاهد الثاني كان يعمل بحقله المجاور لمحل الحادث وأن الشاهد الثالث كان في الطريق إلى حقله.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أورد في تحصيله لأقوال شهود الإثبات...... و...... و...... بتحقيقات النيابة العامة، أن الأول قرر أنه كان يروي الأرض مع أخيه المجني عليه....... وقت الحادث كما قرر الثاني أنه كان يعمل بحقله وقتذاك وأن الثالث كان في الطريق إلى زراعته، وكان الحكم بعد أن أطرح الدليل المستمد من أقوال الشاهد الأول عرض لأقوال الشاهدين الثاني والثالث بقوله "كما لا تطمئن المحكمة لأقوال باقي الشهود ذلك لأن المجني عليه... إذ سئل بتحقيقات النيابة قرر أن أحداً لم يكن موجوداً حين أن ضربه المتهم الثاني بكوريك على رأسه ووقع أرضاً مغمى عليه هذا ولم يفصح الشاهدان الثاني والثالث عن سبب ترتاح إليه المحكمة لتواجدهما بمكان الحادث وقت وقوعه". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تزن أقوال الشاهد وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه دون أن تكون ملزمة ببيان سبب إطراحها لها، إلا أنه متى أفصحت المحكمة عن الأسباب التي من أجلها لم تعول على أقوال الشاهد فإن لمحكمة النقض أن تراقب ما إذا كان من شأن هذه الأسباب أن تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها. وإذا كان ما تقدم، وكان إطراح المحكمة لأقوال الشاهدين الثاني والثالث بمقولة عدم إفصاحها عن سبب ترتاح إليه لتواجدهما بمكان الحادث وقت وقوعه، يخالف ما حصله الحكم من أقوالهما بالتحقيقات من أن الأول كان يعمل بحقله وأن الآخر كان في طريقه إلى زراعته، كما أن ما حصله الحكم من أقوال المجني عليه...... من أن أحداً لم يكن موجوداً وقت الاعتداء عليه، لا يؤدي لزوماً في الاستدلال السليم والمنطق السائغ إلى نفي وجود هذين الشاهدين بمحل الحادث ما دام احتمال عدم رؤيته لهما رغم وجودهما قائماً. لما كان ذلك، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أسباب لإطراح شهادة شاهدي الإثبات سالفى الذكر لا يؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها فإنه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه فيما قضى به في الدعوى المدنية والإحالة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن مع إلزام المطعون ضدهم مصاريف الدعوى المدنية.