أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة الثامنة عشرة - صـ 946

جلسة 9 من أكتوبر سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني.

(191)
الطعن رقم 1145 لسنة 37 القضائية

عمل. تأمينات اجتماعية. قانون. "إصداره. التفويض التشريعي". لوائح. قرارات وزارية.
(أ) حق السلطة التنفيذية في إصدار اللوائح التشريعية اللازمة لتنفيذ القوانين.
(ب) مؤدى نص المادة 126 من القانون 63 لسنة 1964 بشأن التأمينات الاجتماعية أن المشرع فوض وزير العمل في إصدار القرارات اللازمة لتنفيذه.
(ج) لا حرج أن ينص القانون على الفعل الإجرامي بصورة مجملة ثم يحدد العقوبة تاركاً للائحة أو قرار البيان التفصيلي لذلك الفعل.
1 - من المقرر طبقاً للمبادئ الدستورية المعمول بها أن من حق السلطة التنفيذية إصدار اللوائح التشريعية اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها.
2 - البين من نص المادة 126 من القانون 63 لسنة 1964 في شأن التأمينات الاجتماعية أنه فوض وزير العمل إصدار القرارات التي يتطلبها تنفيذه ومن بينها إلزام رب العمل أن يحتفظ لديه بالسجلات اللازمة لهذا التنفيذ وفقاً للشروط والأوضاع والمواعيد التي يحددها واضع القرار - ولا يعدو قرار وزير العمل رقم 181 لسنة 1964 أن يكون مبيناً لمضمون السجلات المطلوبة وفقاً لما أورده الشارع وبينه في صريح نصه، وهو واقع حتماً في نطاق التفويض التشريعي لقانون التأمينات الاجتماعية.
3 - الأصل كي يحقق النص التشريعي العلة من وضعه أن يكون كاملاً مبيناً الفعل الإجرامي والعقوبة الواجبة التطبيق - إلا أنه لا حرج إن نص القانون على الفعل بصورة مجملة ثم حدد العقوبة تاركاً للائحة أو لقرار البيان التفصيلي لذلك الفعل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما في يوم 29 مايو سنة 1965 بدائرة مركز كفر الدوار: لم يعدا في محل العمل السجلات المقررة الخاصة بأجور وإصابات العمل. وطلبت معاقبتهما بالمادتين 126 و134 من القانون رقم 63 لسنة 1964. ومحكمة كفر الدوار الجزئية قضت بتاريخ 10 نوفمبر سنة 1965 عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهمين مما نسب إليهما. فاستأنفت النيابة هذا الحكم. ومحكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بتاريخ 25 أكتوبر سنة 1966 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصروفات جنائية. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهما من جريمة عدم إعدام سجلات القيد أجور العمال قد بنى على الخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله، ذلك بأنه أسس قضاء البراءة على أن القانون رقم 92 لسنة 1959 في شأن التأمينات الاجتماعية قد ألغى بما تضمنه من نص المادة 45 منه هذا الإلزام، وأن المادة 126/ 1 من القانون رقم 63 لسنة 1964 الذي حل محله، والذي وقعت الجريمة في ظله قد خلت من بيان الدفاتر والسجلات التي يتعين على أرباب العمل الاحتفاظ بها، ولم تفوض وزير العمل إلا في تحديد الشروط والأوضاع والمواعيد اللازمة لها، وأن الوزير إذ خرج على حدود هذا التفويض، وأوجب على صاحب العمل في المادة 41 من القرار رقم 181 لسنة 1964 الإمساك بسجلات معينة لم ينص عليها القانون، فلا اثر لذلك من الناحية القانونية، في حين أن مفهوم نص المادة 126/ 1 من القانون رقم 63 لسنة 1964 سالف الذكر يتضمن تفويضاً من الشارع لوزير العمل في تحديد الدفاتر والسجلات التي يتطلبها تنفيذ القانون، فضلاً عن الشروط والأوضاع والمواعيد الخاصة بها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن القانون رقم 63 لسنة 1964 الصادر في 22 من مارس سنة 1964 في شأن التأمينات الاجتماعية قد نص في الفقرة الأولى من المادة 126 على أنه "على كل صاحب عمل أن يقدم للهيئة الكشوف والبيانات والإخطارات والاستمارات وأن يحتفظ لديه بالدفاتر والسجلات التي يتطلبها تنفيذ هذا القانون، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع والمواعيد التي يحددها قرار من وزير العمل بناءً على اقتراح مجلس الإدارة". وبناءً على هذا التفويض التشريعي صدر في أول ديسمبر سنة 1964 قرار وزير العمل رقم 181 لسنة 1964 بقواعد تحصيل وأداء الاشتراكات المستحقة وفقاً لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية، ونص في المادة 41 منه على أنه "على صاحب العمل أن يمسك سجلاً لقيد أجور العاملين لديه يعد وفقاً للنموذج الذي تعتمده الهيئة متضمناً البيانات الأساسية التي تتطلبها عملية ربط الاشتراكات وتحصيلها وعلى الأخص البيانات الآتية: (1) اسم العامل ورقم تأمينه. (2) تاريخ ميلاد العامل. (3) التأشير شهرياً بما يفيد صرف الأجر للعامل وقيمة الأجر. (4) قيمة قسط المدة السابقة وتاريخ بداية ونهاية فترة التقسيط. (5) الملاحظات التي تتعلق بإيقاف تحصيل الأقساط وإعادة اقتطاعها". لما كان ذلك، وكان من المقرر طبقاً للمبادئ الدستورية المعمول بها أن من حق السلطة التنفيذية إصدار اللوائح التشريعية اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، فإن قرار وزير العمل سالف الذكر يكون قد صدر مستنداً في الأصل إلى الإذن العام المستند من الدستور فضلاً عن التفويض الخاص الوارد في نص المادة 126 من قانون التأمينات الاجتماعية، وكان البين من نص القانون أنه فوض وزير العمل في إصدار القرارات التي يتطلبها تنفيذه، ومن بينها إلزام رب العمل بأن يحتفظ لديه بالسجلات اللازمة لهذا التنفيذ وفقاً للشروط والأوضاع والمواعيد التي يحددها واضع القرار، ولا يعدو قرار وزير العمل رقم 181 لسنة 1964 أن يكون مبيناً لمضمون السجلات المطلوبة وفقاً لما أورده الشارع وبينه في صريح نصه. وهو واقع حتماً في نطاق التفويض التشريعي لقانون التأمينات الاجتماعية. وإذا كان الأصل كي يحقق النص التشريعي العلة من وضعه أن يكون كاملاً مبيناً الفعل الإجرامي والعقوبة الواجبة التطبيق - إلا أنه لا حرج إن نص القانون على الفعل بصورة مجملة ثم حدد العقوبة تاركاً للائحة أو لقرار البيان التفصيلي لذلك الفعل. وإذ كان القانون رقم 92 لسنة 1959 الملغي قد بين في المادة 45 منه الفعل الإجرامي كاملاً، فإن لجوء واضع قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 الذي حل محله والذي وقعت الجريمة في ظله في أسلوب تفويض السلطة التنفيذية في إصدار القرارات اللازمة لتنفيذه بما في ذلك بيان مضامين السجلات التي عناها وأشار إليها، فإن ذلك لا يخرج ما بين القرار وفصله عن حدود التفويض الوارد في القانون. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بما يخالف هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله، واجب النقض. ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن النظر في موضوع الدعوى فإنه يكون متعيناً مع النقض الإحالة.


نفس المبدأ مقرر بالطعن رقم 1247 لسنة 37 ق جلسة 16/ 10/ 1967 (لم ينشر).