أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة الثامنة عشرة - صـ 955

جلسة 9 من أكتوبر سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، وحسين سامح، ومحمود العمراوي.

(193)
الطعن رقم 1621 لسنة 37 القضائية

(أ) حكم. حجية الشيء المحكوم فيه.
حجية الشيء المحكوم فيه ترد على منطوق الحكم وعلى أسبابه المكملة للمنطوق والمرتبطة به ارتباطاً وثيقاً غير متجزئ.
(ب) دفوع. "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها". نظام عام. نقض. حكم.
الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها من النظام العام. شرط إثارته أمام محكمة النقض؟ أن تكون مقوماته واضحة من مدونات الحكم المطعون فيه أو مما انطوت عليه الأوراق.
(ج) نقض. "حالات الطعن بالنقض. الخطأ في تطبيق القانون". "سلطة محكمة النقض".
حق محكمة النقض عملاً بالمادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 أن تقضي بتصحيح الخطأ في القانون بغير حاجة لتحديد جلسة لنظر الموضوع ما دام ذلك لا يتطلب التعرض لموضوع الدعوى.
(د) عقوبة. "العقوبة المبررة". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قتل. شروع في قتل. سلاح.
من غير المجدي النعي على الحكم خطؤه في إدانة الطاعن بجريمتي القتل العمد السابق تبرئته منهما ما دام أنه قد عوقب بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة المقررة لجرائم الشروع في القتل وإحراز سلاح مششخن وذخيرة المسندة إليه حتى مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات.
1 - حجية الشيء المحكوم فيه إنما ترد على منطوق الحكم وعلى أسبابه المكملة للمنطوق والمرتبطة به. فإذا كان الحكم المنقوض قد قضى بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة عن جرائم الشروع في قتل وإحراز سلاح ناري وإحراز ذخيرة وبرفض الدعوى المدنية عن تهمة قتل ذكر الحكم في أسبابه أنه برأ المتهم منها ومن جريمة قتل مماثلة، فإن هذه الأسباب تكون مكملة للمنطوق ومرتبطة به ارتباطاً وثيقاً غير متجزئ وترد عليها قوة الأمر المقضي وتمنع من محاكمة المتهم عنها أو إعادة نظر الدعوى المدنية المحكوم برفضها بعد أن أصبح الحكم نهائياً بعدم الطعن عليه في الخصوم.
2 - الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها متعلق بالنظام العام، ويجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض متى كانت مقوماته واضحة من مدونات الحكم المطعون فيه - أو كانت عناصر هذا الدفع قد انطوت عليها الأوراق - بغير حاجة إلى إجراء تحقيق موضوعي.
3 - يحق لمحكمة النقض عملاً بالمادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن تحكم في الطعن وتصحح الخطأ طبقاً للقانون بغير حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع ما دام تصحيح الخطأ لا يقتضي التعرض لموضوع الدعوى.
4 - إذا كان الحكم المطعون فيه رغم خطئه في التعرض لجريمتي القتل العمد السابق تبرئة المتهم منهما لم يقض على الطاعن بغير العقوبة السابق القضاء بها عن جرائم الشروع في القتل العمد وإحراز السلاح الناري المششخن والذخيرة، وكانت هذه العقوبة - وهي الأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة - مقررة قانوناً للجرائم الثلاث التي دان الطاعن بها حتى مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات، وكان الطاعن لم يثر بأسباب طعنه شيئاً عن هذه الجرائم فإنه لا يجديه النعي على الحكم من إدانته بجريمتي القتل العمد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم في يوم 19 يناير سنة 1962 بدائرة مركز البداري محافظة أسيوط: قتلوا محمد سيد أحمد عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدوا العزم على قتله وأعدوا لهذا الغرض سلاحاً نارياً "مسدساً" حمله أولهم وما أن ظفروا به حتى أطلق عليه المتهم المذكور أعيرة نارية قاصدين قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجنايتين أخريين هما أن المتهمين في الزمان والمكان سالفي الذكر قتلوا أحمد محمد سيد وشرعوا في قتل هاشم سيد أحمد عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتلهما وأعدوا لارتكاب جريمتهم سلاحاً نارياً "مسدساً" ولما ظفروا بهما أطلق عليهما المتهم الأول النار قاصدين قتلهما فحدثت بهما الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياة أولهما وخاب أثر الجريمة بالنسبة لثانيهما لسبب خارج عن إرادتهم هو مداركته بالعلاج. المتهم الأول أيضاً (أ) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "مسدساً" (ب) أحرز ذخيرة "طلقات" مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازة السلاح أو إحرازه. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 230 و231 و234/ 2 من قانون العقوبات ومحاكمة الأول أيضاً بالمواد 1 و2 و26/ 1 - 2 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والجدول رقم 3 المرافق القسم الأول (أ)، فقرر بذلك. وادعى سيد أحمد عبد الرحمن والد القتيل عن نفسه وبصفته ولي أمر أولاد إبنه المجني عليه وهم روحية وفوزية وفاطمة وعطيات وكوثر وحورية وحسين محمد سيد مدنياً قبل المتهمين الثلاثة متضامنين بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف. كما ادعى هاشم سيد أحمد المجني عليه قبل المتهمين متضامنين بمبلغ قرش صاغ تعويضاً مؤقتاً مع المصاريف والأتعاب. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضورياً بمعاقبة المتهم الأول عبد الرحيم حسن محمد بالأشغال الشاقة مدة خمسة عشر عاماً عن جرائم الشروع في قتل هاشم سيد عبد الرحمن أحمد بغير سبق إصرار أو ترصد وإحراز السلاح والذخيرة عملاً بالمواد 45، 46، 234 من قانون العقوبات والمواد 1، 6، 26/ 2 - 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 سنة 1954، 75 سنة 1958 وببراءة المتهمين الثاني والثالث مما أسند إليهما وفي الدعوى المدنية المرفوعة من هاشم سيد أحمد عبد الرحمن بإلزام المتهم الأول............ أن يدفع له مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت ومصروفات الدعوى ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من طلباته. وفي الدعوى المدنية المرفوعة من سيد أحمد عبد الرحمن عن نفسه وبصفته برفضها وإلزامه مصروفاتها وقدرت مبلغ ثلاثة جنيهات أتعاباً للمحاماة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض. وبتاريخ 2 مارس سنة 1965 قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات أسيوط لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى وإلزام المطعون ضده المصاريف المدنية ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وادعى سيد أحمد عبد الرحمن مدنياً قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات أسيوط نظرت الدعوى من جديد وقضت حضورياً بتاريخ 12 مارس سنة 1967 عملاً بالمواد 45 و46 و234/ 2 من قانون العقوبات و1 و6 و26/ 2 - 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والجدول رقم 3 المرافق القسم (الأول) أ مع تطبيق المادتين 17 و32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة مدة خمس عشرة سنة وإلزامه أن يدفع إلى المدعى بالحقوق المدنية سيد أحمد عبد الرحمن والد المجني عليه بصفته مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المدني المؤقت ومصروفات الدعوى المدنية ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة، على اعتبار أنه ارتكب جريمة قتل محمد سيد أحمد المقترنة بقتل أحمد محمد سيد والشروع في قتل هاشم سيد أحمد وإحراز السلاح والذخيرة بدون ترخيص. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية..... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الحكم المطعون فيه قضى بإدانة الطاعن عن جريمتي قتل محمد سيد أحمد وأحمد محمد سيد عمداً على الرغم من أن الحكم المنقوض الصادر في 19 فبراير سنة 1964 قضى ببراءته منهما وحاز حجية الشيء المقضي بعدم الطعن فيه ولا محل للاحتجاج بنظرية العقوبة المبررة بقوله إنه لم يقض عليه بغير العقوبة السابق توقيعها عليه بالحكم المنقوض عن جريمة الشروع في القتل نظراً إلى أن الحكم المطعون فيه قد عامله بمقتضى المادة 17 من قانون العقوبات. هذا إلى أنه قضى لسيد أحمد عبد الرحمن بالتعويض المدني عن الضرر الذي أصابه من جراء قتل ولده محمد سيد أحمد مع أنه ما كان يجوز قانوناً نظر دعواه المدنية بعد صدور الحكم ببراءة الطاعن من هذه الواقعة.
وحيث إن حجية الشيء المحكوم فيه إنما ترد على منطوق الحكم وعلى أسبابه المكملة للمنطوق والمرتبطة به. ولما كان الحكم المنقوض قد قضى بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة عن جرائم الشروع في قتل هاشم سيد أحمد عبد الرحمن وجريمتي إحراز السلاح الناري المششخن بغير ترخيص وإحراز الذخيرة وبرفض الدعوى المدنية المرفوعة من سيد أحمد عبد الرحمن عن قتل ابنه وصرح في أسبابه بتبرئة الطاعن من تهمتي قتل محمد سيد أحمد وأحمد محمد سيد. وكانت هذه الأسباب مكملة للمنطوق ومرتبطة به ارتباطاً وثيقاً غير متجزئ فإن حجية الشيء المقضي ترد عليها ولا يجوز إعادة محاكمة المتهم عن هاتين الجريمتين أو إعادة نظر الدعوى المدنية المحكوم برفضها بعد أن أصبح الحكم نهائياً بعدم الطعن عليه من جانب النيابة العامة والمدعى بالحقوق المدنية. لما كان ذلك، وكان
الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها متعلق بالنظام العام ويجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض متى كانت مقوماته واضحة من مدونات الحكم المطعون فيه أو كانت عناصر هذا الدفع قد انطوت عليها الأوراق بغير حاجة إلى إجراء تحقيق موضوعي كما هو الحال في الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بمعاقبة الطاعن عن جريمتي قتل محمد سيد أحمد وأحمد محمد سيد وبإلزامه أن يدفع تعويضاً للمدعى بالحقوق المدنية سيد أحمد عبد الرحمن علي الرغم من سبق الحكم نهائياً ببراءته من هاتين التهمتين وبرفض الدعوى المدنية المرفوعة من المدعى المذكور يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. ولما كان العيب الذي شاب الحكم قصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم فإنه يتعين طبقاً للمادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن تحكم في الطعن وتصحح الخطأ طبقاً للقانون بغير حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع ما دام تصحيح الخطأ لا يقتضي التعرض لموضوع الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه مع خطئه لم يقض على الطاعن بغير العقوبة السابق القضاء بها عن جرائم الشروع في القتل العمد وإحراز السلاح الناري المششخن والذخيرة. وكانت هذه العقوبة وهي الأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة مقررة قانوناً للجرائم الثلاث التي دانه الحكم المطعون فيه بها حتى مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات. وكان الطاعن لم يثر بأسباب طعنه شيئاً عن هذه الجرائم فإنه لا يجديه النعي على الحكم من إدانته بجريمتي القتل العمد. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم وتصحيحه والقضاء بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية بالنسبة إلى تهمتي القتل العمد وبعدم جواز نظر الدعوى المدنية المرفوعة من سيد أحمد عبد الرحمن لسبق الفصل فيهما ورفض الطعن فيما عدا ذلك مع إلزام المطعون ضده المصاريف المدنية ومقابل أتعاب المحاماة.