أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 206

جلسة 6 من فبراير سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش رشدي، ومحمد محمد وهبه، وأحمد علي موسى.

(46)
الطعن رقم 1139 لسنة 46 القضائية

مواد مخدرة. جريمة. "أركانها". قصد جنائي. إثبات. "بوجه عام".
استخلاص القصد الجنائي في جريمة زراعة نبات الخشخاش. موضوعي.
كون الدليل في المواد الجنائية صريحاً ودالاً مباشرة. غير لازم.
لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد على ثبوتها في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومعاينة النيابة وتقرير المعامل الكيماوية، عرض لدفاعه القائم على جهله بكنه نبات الخشخاش المزروع بحقله وأطرحه بقوله: "وحيث إنه بالنسبة لقالة الدفاع أن ليس من دليل على أن المتهم هو الذي زرع نبات الخشخاش المضبوط فمردود بما هو ثابت في التحقيقات من أقوال جيران المتهم في الحقل مكان الحادث ومن إقرار المتهم نفسه في التحقيقات أيضاً أنه هو الذي قام بزراعة تلك الأرض ولا يشاركه أحد في ذلك، ولا ينال من ذلك ما قرره المتهم من أنه رأى ذلك النبات – يقصد نبات الخشخاش – نامياً في الأرض دون أن يعرف كنهه وكان يطعمه لماشيته، وهو أمر بعيد عن التصديق العقلي إزاء ما تم ضبطه من نبات الخشخاش الكثيرة تنتشر في زراعة الترمس البالغ مساحتها حوالي أربعة أفدنة فضلاً عن أن المتهم على ما قرره في التحقيقات يمتهن حرفة الفلاحة ومن ثم لم يكن سائغاً فيه القول بعدم معرفة ذلك النبات إلا أن يكون هو الذي زرعه على ما استقر في وجدان المحكمة واطمئنانها"، لما كان ذلك، وكان استظهار القصد الجنائي في جريمة زراعة نبات الخشخاش من إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها المطروحة على بساط البحث ما دام موجب هذه العناصر وتلك الظروف لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج. وكان من المقرر أنه لا يشترط في الدليل في المواد الجنائية أن يكون صريحاً ودالاً مباشرة على الواقعة المراد إثباتها بل يكفى أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات. فإن ما أورده الحكم – على النحو المتقدم بيانه – يؤدى إلى ما رتبه عليه ويقوم به الدليل على توافر علم الطاعن بحقيقة نبات الخشخاش المزروع بحقله توافراً فعلياً ويتحقق به القصد الجنائي لجريمة الزراعة التي دين بها كما هي معرفة به في القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة مركز الواسطى محافظة بنى سويف: (أولاً) حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (أفيوناً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً (ثانياً) زرع نباتاً ممنوعاً زراعته هو نبات الخشخاش وكان ذلك بقصد الاتجار وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالقيد والوصف الواردين بأمرالإحالة.فقرر ذلك. ومحكمة جنايات بنى سويف قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و28 و34 أ – ب و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 1 من الجدول رقم (1) والبند (2) من الجدول رقم (5) الملحقين بالقانون والمادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة الجوهر المخدر والنباتات المضبوطة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي زراعة نبات الخشخاش وحيازة جوهر مخدر بقصد الاتجار، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك أن الطاعن تمسك في دفاعه بعدم علمه حقيقة النبات إلا أن المحكمة أطرحت هذا الدفاع مستدلة على توافر العلم في حقه بما لا يؤدى إلى توافره، كما أن المحكمة استندت في التدليل على حيازة الطاعن لجوهر المخدر إلى العثور عليه في قاعدة ماكينة مطروقة ويشاركه غيره في استعمالها، هذا بالإضافة إلى أن الحكم عول في الإدانة على أقوال مفتش الزراعة مع أنه لم يجزم بتصنيع الطاعن للمخدر المضبوط من ثمار الخشخاش المزروع بحقله فضلاً عن اضطراب الحكم في خصوص هذا التصنيع.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد على ثبوتها في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومعاينة النيابة وتقرير المعامل الكيماوية، عرض لدفاعه القائم على جهله بكنه نبات الخشخاش المزروع بحقله وأطرحه بقوله: "وحيث إنه بالنسبة لقالة الدفاع أن ليس من دليل على أن المتهم هو الذي زرع نبات الخشخاش المضبوط فمردود بما هو ثابت في التحقيقات من أقوال جيران المتهم في الحقل مكان الحادث ومن إقرار المتهم نفسه في التحقيقات أيضاً أنه هو الذي قام بزراعة تلك الأرض ولا يشاركه أحد في ذلك، ولا ينال من ذلك ما قرره المتهم من أنه رأى ذلك النبات - يقصد نبات الخشخاش – نامياً في الأرض دون أن يعرف كنهه وكان يطعمه لماشيته، وهو أمر بعيد عن التصديق العقلي إزاء ما تم ضبطه من نباتات الخشخاش الكثيرة تنتشر في زراعة الترمس البالغ مساحتها حوالي أربعة أفدنة فضلاً عن أن المتهم على ما قرره في التحقيقات يمتهن حرفة الفلاحة ومن ثم لم يكن سائغاً فيه القول بعدم معرفة ذلك النبات إلا أن يكون هو الذي زرعه على ما استقر في وجدان المحكمة واطمئنانها"، لما كان ذلك، وكان استظهار القصد الجنائي في جريمة زراعة نبات الخشخاش من إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها المطروحة على بساط البحث ما دام موجب هذه العناصر وتلك الظروف لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج. وكان من المقرر أنه لا يشترط في الدليل في المواد الجنائية أن يكون صريحاً ودالاً مباشرة على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، وإذ كان ما أورده الحكم – على النحو المتقدم بيانه – يؤدي إلى ما رتبه عليه ويقوم به الدليل على توافر علم الطاعن بحقيقة نبات الخشخاش المزروع بحقله توافراً فعلياً ويتحقق به القصد الجنائي لجريمة الزراعة التي دين بها كما هي معرفة به في القانون. لما كان ذلك، وكان لا جدوى للطاعن من سائر ما يثيره في طعنه بشأن المخدر المضبوط طالما أن الحكم قد أعمل في حقه نص المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة واحدة لارتباط جريمتي الزراعة وحيازة المخدر ارتباطاً لا يقبل التجزئة وما دامت العقوبة المقررة لكلتيهما هي عقوبة متماثلة في القانون. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.