أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 21 - صـ 101

جلسة 18 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الوهاب خليل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين عزام، وسعد الدين عطية، وأنور خلف، والدكتور محمد محمد حسنين.

(25)
الطعن رقم 1590 لسنة 39 القضائية

(أ، ب) خيانة أمانة. تبديد. إثبات. "إثبات بوجه عام". "شهادة". "قرائن". "أوراق". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب" دفوع. "الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة". نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
( أ ) الإثبات في المواد الجنائية. العبرة فيه باقتناع القاضي. إلا إذا قيده القانون بدليل معين. كالشأن في إثبات عقد الأمانة.
إثبات الاختلاس أو نفيه في جريمة خيانة الأمانة. بجميع طرق الإثبات.
رد الشيء المختلس. واقعة مادية. إثباتها. بطرق الإثبات كافة. مخالفة الحكم هذا النظر. خطأ في القانون.
(ب) متى يتعين أن يكون مع نقض الحكم إحالته إلى محكمة الموضوع.
1 - إن الأصل في المحاكمات الجنائية أن العبرة في الإثبات، هي باقتناع القاضي بناء على التحقيقات التي يجريها بنفسه واطمئنانه إلى الأدلة التي عول عليها في قضائه بإدانة المتهم أو براءته، فقد جعل القانون من سلطته أن يأخذ من أية بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه، إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، كما هو الشأن بالنسبة لإثبات عقد الأمانة في جريمة خيانة الأمانة حيث يتعين التزام قواعد الإثبات المقررة في القانون المدني، أما واقعة الاختلاس، أي التصرف الذي يأتيه الجاني ويشهد أنه حول حيازته إلى حيازة كاملة، أو نفى هذا الاختلاس ويدخل فيه رد الشيء موضوع عقد الأمانة، فإنها واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة رجوعاً إلى الأصل وهو مبدأ حرية اقتناع القاضي الجنائي، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه وقد استلزم تطبيق قواعد الإثبات المقررة في القانون المدني على واقعة رد منقولات المدعية بالحق المدني، ورتب على ذلك قبول الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة لتجاوز قيمة هذه المنقولات لنصاب الإثبات بها، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 - إذا كان خطأ الحكم قد حجبه عن تحقيق أدلة الدعوى وعن بحث دفاع الطاعن بشأن تسليم المنقولات للمدعية بالحق المدني، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 7/ 12/ 1967 بدائرة مركز شبين القناطر: بدد المنقولات المبينة بالمحضر لأمونة عبد الباسط عيد والتي سلمت إليه على سبيل الوديعة لحراستها حال قيام علاقة الزوجية بينهما فاختلسها لنفسه بنية تملكها إضراراً بالمجني عليها. وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. وادعت المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة شبين القناطر الجزئية - بعد أن دفع الحاضر مع المتهم بعدم جواز الإثبات بالبينة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بقبول الدفع وبعدم جواز إثبات تسلم المجني عليها لباقي منقولاتها محل الاتهام بطريق البينة لمجاوزة قيمتها لنصابها وبحبس المتهم شهراً واحداً مع الشغل وكفالة 100 قرش، وألزمته بأن يؤدي إلى المجني عليها مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية، ومبلغ 100 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة بنها الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه قضى بعدم جواز إثبات تسلم المدعية بالحق المدني للمنقولات محل الاتهام بالبينة رغم أن التزام قواعد الإثبات المدنية لا يكون إلا عند إثبات قيام عقد الأمانة دون واقعة الاختلاس التي يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات، وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه عرض للدفع المبدي من المدعية بالحق المدني بعدم جواز إثبات تسلمها باقي منقولاتها بالبينة في قوله "إنه عن الدفع المبدي من المدعية بالحق المدني سالف البيان فهو سديد ذلك أن المنقولات المقول بتسلم المجني عليها لها تجاوز قيمتها نصاب البينة وليس يجوز بالتالي إثبات تسلم المدعية بالحق المدني لها بطريق البينة ذلك أن الواقعة المشار إليها واقعة مختلطة يقوم فيها العمل المادي إلى جانب التصرف القانوني لإنهاء وفاء لالتزام المتهم برد الأمانة وحكمها في الإثبات حكم التصرفات القانونية فلا تثبت بالبينة إذا كانت قيمة المنقولات المدعى بتسليمها تزيد على عشرة جنيهات (م 400 مدني) لما كان ذلك فلا جرم أن تقضي المحكمة بقبول الدفع المذكور وبعدم جواز إثبات تسلم المجني عليها باقي منقولاتها بطريق البينة لمجاوزة قيمتها لنصابها". واستند الحكم في قضائه بإدانة الطاعن إلى أقوال المجني عليها من أن الطاعن تسلم منقولاتها بموجب قائمة جهاز مؤرخة في 6/ 12/ 1966 على سبيل عارية الاستعمال وأنه امتنع عن ردها مما يشير إلى أنه انتوى تملكها بطريق الغش إضراراً بها. لما كان ذلك، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية أن العبرة في الإثبات هي باقتناع القاضي بناء على التحقيقات التي يجريها بنفسه واطمئنانه إلى الأدلة التي عول عليها في قضائه بإدانة المتهم أو براءته، فقد جعل القانون من سلطته أن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه كما هو الشأن بالنسبة لإثبات وجود عقد الأمانة في جريمة خيانة الأمانة حيث يتعين التزام قواعد الإثبات المقررة في القانون المدني، أما واقعة الاختلاس أي التصرف الذي يأتيه الجاني ويشهد على أنه حول حيازته إلى حيازة كاملة أو نفى هذا الاختلاس ويدخل فيه رد الشيء موضوع عقد الأمانة فإنها واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة رجوعاً إلى الأصل وهو مبدأ حرية اقتناع القاضي الجنائي فإن الحكم المطعون فيه إذ استلزم تطبيق قواعد الإثبات المقررة في القانون المدني على واقعة رد منقولات المدعية بالحق المدني ورتب على ذلك قبول الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة لتجاوز قيمة هذه المنقولات لنصاب الإثبات بها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه نقضه. ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن تحقيق أدلة الدعوى وعن بحث دفاع الطاعن بشأن تسليم المنقولات للمدعية بالحق المدني، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.