أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 226

جلسة 13 من فبراير سنة 1977

برياسة السيد المستشار أحمد فؤاد جنينه، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد وهبه، وأحمد علي موسى، وأحمد طاهر خليل، ومحمد وجدي عبد الصمد.

(50)
الطعن رقم 1001 لسنة 46 القضائية

(1) نيابة عامة. "اختصاص وكلاء النيابة". تحقيق. "التحقيق بمعرفة النيابة". اختصاص. "اختصاص النيابة".
اختصاص وكيل النيابة الكلية. بجميع أعمال التحقيق في دائرة النيابة الكلية التابع لها. أساس ذلك؟
(2) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". تفتيش. "التفتيش بإذن". إذن التفتيش. إثبات. "بوجه عام". محكمة الموضوع. "نظرها الدعوى والحكم فيها".
استحالة تحقيق بعض أوجه الدفاع. لا يمنع من القضاء بالإدانة ما دامت الأدلة كافية.
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش. موضوعي. استفادة الرد عليه من اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن[(1)].
3- إثبات. "شهادة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". الأخذ بشهادة شاهد مفاده. إطراح المحكمة للاعتبارات التي سيقت لحملها على عدم الأخذ بها.
1- لما كان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن وكلاء النيابة الكلية الذين يعملون مع رئيس النيابة مختصون بأعمال التحقيق في جميع الحوادث التي تقع بدائرة المحكمة الكلية التي هم تابعون لها. وهذا الاختصاص أساسه تفويض من رئيس النيابة أو من يقوم مقامه تفويضاً أصبح على النحو الذي استقر عليه العمل في حكم المفروض، ولذلك لم يجد الشارع حاجة إلى تقرير هذا المبدأ بالنص عليه، ومن ثم فإن إذن التفتيش الصادر في هذه الدعوى باعتباره عملاً من أعمال التحقيق يكون صحيحاً غير مخالف للقانون.
2- لما كانت المحكمة قد استجابت إلى طلب الطاعن وأمرت بضم دفتر الأحوال تحقيقاً لدفاعه فتعذر تنفيذ ذلك - لإعدام الدفتر – فإنه لا تثريب على المحكمة إذا هي فصلت في الدعوى دون أن يضم هذا الدفتر ولا تكون قد أخلت بحق الدفاع، لما هو مقرر من أن استحالة تحقيق بعض أوجه الدفاع لا يمنع من القضاء بالإدانة، ما دامت الأدلة في الدعوى كافية للثبوت، ولما هو مقرر أيضاً من أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها.
3- من المقرر أن وزن أقوال الشاهد متروك لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادته فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بناحية مركز كوم حمادة محافظة البحيرة: أحرز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين (حشيشاً وأفيوناً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للمواد الواردة بقرار الاتهام. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات دمنهور قضت عملاً بالمواد 1 و2 و37 و38 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبندين رقمي 1 و12 من الجدول رقم واحد المرافق مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ألف جنيه والمصادرة فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز مخدر قد خالف القانون وشابه قصور في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع وفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم رفض الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره من وكيل النيابة الكلية بقوله أن لهذا الأخير اختصاصاً عاماً يشمل جميع المراكز الواقعة بدائرة المحافظة في حين أنه لا سند لذلك من نصوص القانون، وكذلك فإن الطاعن تمسك بوجوب ضم دفتر أحوال قسم مكافحة المخدرات لإثبات أن إذن التفتيش جاء لاحقاً لإجراءات الضبط والتفتيش ولكن المحكمة أطرحت هذا الطلب بقالة أن ضابط القسم أفاد بأن الدفاتر تعدم بعد مضي ثلاث سنوات وكان يتعين على المحكمة أن تتحقق من أن الدفتر المطلوب قد أعدم فعلاً وإذ كان الضابط قد امتنع عن تقديم دفتر الأحوال لتحقيق دفاع الطاعن فإنه ما كان يجوز أن يعول الحكم على أقواله في إدانة الطاعن بعد أن أضحى خصماً له.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما أنتهي إليه. لما كان ذلك، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن وكلاء النيابة الكلية الذين يعملون مع رئيس النيابة مختصون بأعمال التحقيق في جميع الحوادث التي تقع بدائرة المحكمة الكلية التي هم تابعون لها، وهذا الاختصاص أساسه تفويض من رئيس النيابة أو من يقوم مقامه تفويضاً أصبح على النحو الذي استقر عليه العمل في حكم المفروض، ولذلك لم يجد الشارع حاجة إلى تقرير هذا المبدأ بالنص عليه، ومن ثم فإن إذن التفتيش الصادر في هذه الدعوى باعتباره عملاً من أعمال التحقيق يكون صحيحاً غير مخالف للقانون. لما كان ذلك، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن طلب بجلسة 11 مايو سنة 1975 ضم دفتر أحوال المكتب – فقررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى إلى اليوم التالي وكلفت النيابة بضم دفتر أحوال مكتب مكافحة المخدرات بدمنهور يوم 7 من مارس سنة 1971، وكان البين من المرافعة بالجلسة التالية أن المدافع عن الطاعن ابتغى من طلب ضم دفتر الأحوال إثبات ما دفع به من أن ضبط الطاعن وتفتيشه كان سابقاً على صدور إذن النيابة، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة في إدانة الطاعن مستمدة من أقوال الضابط رئيس مكتب مكافحة المخدرات بالبحيرة والشرطي السري المرافق له ومن تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي عرض لدفاع الطاعن بقوله "ويبين من مطالعة الأوراق أن إذن التفتيش قد صدر في الساعة الحادية عشرة والنصف من صباح يوم 7 مارس سنة 1971 أي قبل ضبط المتهم الذي تم في نحو الساعة الخامسة من مساء ذلك اليوم على نحو ما سلف بيانه.... وقد ثبت من إشارة إدارة البحث الجنائي إلى النيابة العامة والمؤرخة 12 مايو سنة 1975 أن دفاتر الأحوال تظل بالقسم لمدة ثلاث سنوات ثم تعدم ومن ثم فقد تعذر تنفيذ قرار المحكمة الخاص بضم دفتر الأحوال السالف بيانه – ولا تعول المحكمة على إنكار المتهم إزاء توافر أدلة الثبوت السالف بيانها". لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد استجابت إلى طلب الطاعن وأمرت بضم دفتر الأحوال تحقيقاً لدفاعه فتعذر تنفيذ ذلك – على نحو ما أثبته الحكم المطعون فيه فإنه لا تثريب على المحكمة إذا هي فصلت في الدعوى دون أن يضم هذا الدفتر ولا تكون قد أخلت بحق الدفاع، لما هو مقرر من أن استحالة تحقيق بعض أوجه الدفاع لا يمنع من القضاء بالإدانة، ما دامت الأدلة في الدعوى كافية للثبوت، ولما هو مقرر أيضاً من أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها، وإذ كان ما أورده الحكم على نحو ما سلف سائغاً لإطراح ما أبداه الطاعن من دفاع فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً – لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشاهد متروك لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادته فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من أنه ما كان للمحكمة أن تعول على أقواله في إدانته – بعد إذ لم ينفذ قرار المحكمة بضم دفتر الأحوال – ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة المحكمة في تقدير أدلة الدعوى وهو ما لا يجوز اتخاذه سبباً للنعي على الحكم أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


[(1)] نفس المبدأالطعن رقم 1506 سنة 46 ق جلسة 13/ 2/1977.