أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 21 - صـ 125

جلسة 18 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الوهاب خليل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين عزام، وسعد الدين عطية، وأنور خلف، ومحمود عطيفة.

(30)
الطعن رقم 1717 لسنة 39 القضائية

(أ، ب، ج) مواد مخدرة. تفتيش. "إذن التفتيش. شروط إصداره". بطلان. "بطلان التفتيش". إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". مأمورو الضبط القضائي. نيابة عامة.
( أ ) صحة شروط التفتيش الذي تجريه النيابة أو تأذن به؟
(ب) تولي رجل الضبط بنفسه التحريات والأبحاث التي يؤسس عليها طلب الإذن بالتفتيش، أو كونه على معرفة مسبقة بالمطلوب تفتيشه. غير لازم. كفاية الاستعانة في ذلك بمعاونين أياً كانت صفاتهم.
(ج) تقدير مبررات التفتيش. موضوعي. بشرط أن يكون سائغاً.
1 - من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه، هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة قد وقعت من شخص معين وأن يكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التحقيق لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف مبلغ اتصاله بها.
2 - لا يوجب القانون حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات والأبحاث التي يؤسس عليها الطلب بالإذن له بتفتيش الشخص أو أن يكون على معرفة شخصية سابقة به، بل له أن يستعين فيما قد يجريه من تحريات وأبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب، بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم، ما دام أنه قد اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه عنهم من معلومات.
3 - لئن كان من المقرر أن تقدير الظروف التي تبرر التفتيش من الأمور الموضوعية التي يترك تقديرها لسلطة التحقيق الآمرة به تحت رقابة وإشراف محكمة الموضوع التي لها ألا تعول على التحريات وأن تطرحها جانباً، إلا أنه يشترط أن تكون الأسباب التي تستند إليها في ذلك من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. وإذ كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى عدم جدية التحريات استناداً إلى أن الضابط المأذون له بالتفتيش لم يكن على معرفة سابقة بالمطعون ضده، يكون قد أخطأ في الاستدلال، ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم قد استند أيضاً إلى عدم وجود سجل للمطعون ضده بمكتب المخدرات وإقامته في جهة أخرى غير مكان ضبطه، لأن ما أورده في هذا الصدد لا يؤدي بالضرورة إلى عدم جدية هذه التحريات، ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 22/ 3/ 1966 بدائرة مركز سمطا محافظة بني سويف: حاز جوهراً مخدراً "حشيشاً" وكان ذلك بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات بني سويف قضت حضورياً عملاً بالمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم من التهمة المسندة إليه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، ذلك بأنه اتخذ من إمساك الضابط عن القيام بالتحريات بنفسه وعدم وجود سجل للمطعون ضده بمكتب المخدرات وإقامته بجهة العمرانية بالجيزة دليلاً على عدم جدية التحريات التي بنى الإذن بالتفتيش عليها ورتب على ذلك بطلانه وما تلاه من إجراءات، مع أن القانون لا يوجب أن يتولى رجل الضبط القضائي التحريات بنفسه بل له أن يستعين بمعاونيه من رجال السلطة العامة كما أن عدم وجود سجل للمتهم بمكتب المخدرات وإقامته بجهة أخرى غير تلك التي يباشر نشاطه الإجرامي فيها لا تدل على عدم جدية التحريات بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أن الضابط فاروق إبراهيم عيد علم من تحرياته السرية أن المتهم... يتجر في المواد المخدرة فاستصدر إذناً من النيابة العامة بتفتيشه وتفتيش مسكنه وتوجه ومعه قوة من المخبرين إلى ناحية أشطوط حيث تقابل مع مرشد سري أرشده إلى مكان جلوس المتهم بجوار محل بقالة وهمس إليه أنه الشخص المأذون بتفتيشه فقام بتفتيشه وعثر معه على لفافتين تبين من تقرير المعامل الكيماوية أنهما تحويان مواد مخدرة. ثم عرض الحكم للدفع الذي أبداه الحاضر مع المطعون ضده ببطلان إذن التفتيش وما تلاه من إجراءات لتأسيسه على تحريات غير جدية في قوله: "ومن حيث إن أقوال الضابط بالنسبة لعدم معرفة المتهم قبل إجراء تفتيشه يعتبر دليلاً على أن تحرياته لم تكن كاملة ولا علم له بسلوكه وأنه لم يكن قد قام بمراقبة حالته ونشاطه حتى تكون هذه التحريات موضع الجدية، وقد تأيد ذلك بانتفاء وجود سجل للمتهم بمكتب المخدرات الأمر الذي تستخلص منه المحكمة أن التحريات عن المتهم لم تكن كافية ومبررة لاستصدار إذن تفتيشه خاصة وأن الثابت ببطاقته أنه يقيم بالعمرانية بالجيزة ويكون إذن النيابة بالتفتيش بالتالي إذ صدر على أساس هذه التحريات غير الجدية يكون قد صدر باطلاً وتكون جميع الإجراءات التالية قد شابها البطلان مما يجعل الأدلة منهارة في مجموعها ويتعين بالتالي براءة المتهم". لما كان ذلك وكان من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم بتحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة قد وقعت من شخص معين وأن يكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التحقيق لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف مبلغ اتصاله بتلك الجريمة. وكان القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات والأبحاث التي يؤسس عليها الطلب بالإذن له بتفتيش ذلك الشخص أو يكون على معرفة شخصية سابقة به، بل له أن يستعين فيما قد يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه قد اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه عنهم من معلومات، وأنه وإن كان من المقرر أن تقدير الظروف التي تبرر التفتيش من الأمور الموضوعية التي يترك تقديرها لسلطة التحقيق الآمرة به تحت رقابة وإشراف محكمة الموضوع التي لها ألا تعول على التحريات وأن تطرحها جانباً إلا أنه يشترط أن تكون الأسباب التي تستند إليها في ذلك من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى عدم جدية التحريات استناداً إلى أن الضابط المأذون له بالتفتيش لم يكن على معرفة سابقة بالمطعون ضده يكون قد أخطأ في الاستدلال، ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم قد استند أيضاً إلى عدم وجود سجل للمطعون ضده بمكتب المخدرات وإقامته في جهة أخرى غير مكان ضبطه لأن ما أورده الحكم في هذا الصدد لا يؤدي بالضرورة إلى عدم جدية هذه التحريات مما يتعين معه نقضه. ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن تناول موضوع الدعوى وأدلتها فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.