أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة الثامنة عشرة - صـ 1012

جلسة 23 من أكتوبر سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، وحسين سامح، ومحمود العمراوي.

(206)
الطعن رقم 1264 لسنة 37 القضائية

(أ) جريمة. "أركان الجريمة". "القصد الجنائي". "الباعث على الجريمة". ضرب. عاهة مستديمة.
تعمد المتهم إتيان الفعل الماس بسلامة المجني عليه. يتوافر به القصد الجنائي في جريمة إحداث العاهة المستديمة.
(ب) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ضرب. عاهة مستديمة.
عدم تحديد الحكم لقوة إبصار العين قبل الإصابة لا يعيبه. ما دام قد ثبت أن العين أصيبت بضعف يستحيل برؤه أو فقدت منفعتها.
1 - تتوافر أركان جناية العاهة المستديمة في حق المتهم ما دام قد ثبت أنه تعمد الفعل الماس بسلامة المجني عليه - بغض النظر عن الباعث الذي دفعه لذلك - لأنه غير مؤثر في توافر القصد الجنائي في الجريمة المذكورة.
2 - متى كان ما أورده الحكم في خصوص وقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها كافياً في بيان العاهة المستديمة التي نشأت عن الإصابة وفي نسبتها إلى المتهم - فإنه لا يقدح في ذلك عدم تحديد قوة إبصار العين قبل تلك الإصابة ما دام قد ثبت أن العين أصيبت بضعف يستحيل برؤه أو فقدت منفعتها فقداً كلياً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 12 ديسمبر سنة 1962 بدائرة قسم باب الشعرية محافظة القاهرة: أحدث عمداً بجبريل عز الدين حامد عمداً إصابة عينه الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي نشأت عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي عتامه قشرية خلفية بالعدسة وضعف قوة إبصار العين إلى 4/60. وطلبت من مستشار إحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالقيد والوصف حضورياً بقرار الاتهام. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 240/ 1 و17 و55 و56 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل ثلاثة أشهر وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة مدة ثلاث سنوات تبدأ من يوم صدور الحكم على أن يكون الإيقاف شاملاً لجميع الآثار الجنائية المترتبة على هذا الحكم. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجناية إحداث عاهة مستديمة قد أخطأ في تطبيق القانون، وشابه قصور في التسبيب وخطأ في الإسناد، ذلك بأنه أسس قضاءه بالإدانة على أن العاهة المستديمة حدثت نتيجة إصابة عمدية في حين أن المجني والشاهد وليم عبد المسيح شهدا بأن الطاعن كان يلقى على آخر بممسحة السبورة الخشبية وهو يمزح معه فأصاب المجني عليه في عينه خطأ مما يندرج تحت حكم المادة 244 من قانون العقوبات، غير أن الحكم أسند خطأ إلى الشاهد المذكور قولاً بأن الطاعن تعمد إصابة المجني عليه في عينه. كما أن الحكم عول في الإدانة على ما نقله من التقرير الطبي الشرعي من أن قوة إبصار العين اليمنى إذا كانت قبل الإصابة 6/ 6 فقد صارت بعدها 4/ 60 وهو قول مبنى على فرض جدلي غير قاطع في الدلالة على أن العاهة المستديمة حدثت نتيجة لتلك الإصابة، هذا فضلاً عن أنه لم يحدد قوة إبصار العين قبل الإصابة مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.

وحيث إن الحكم المطعون فيه أورد في بيانه لواقعة الدعوى ما مؤداه أنه بينما كان المجني عليه بالفصل الدراسي مع زملائه الطلاب في فترة الراحة المقررة بين الحصص رماه الطاعن بممسحة السبورة الخشبية عمداً فأحدث بعينه اليمنى إصابة نشأت عنها عاهة مستديمة. واستند الحكم في إثبات الواقعة لديه على هذه الصورة إلى ما استقاه من أقوال المجني عليه بما مضمونه أن الطاعن تعمد إلقاء الممسحة على وجهه فأحدث بعينه الإصابة التي نتجت عنها العاهة المستديمة - وإلى ما حصله من أقوال الشاهد وليم عبد المسيح من أن المجني عليه أخبره بأن الطاعن قذفه بالممسحة فأصيب في عينه اليمنى وإلى ما أثبته عن التقرير الطبي الشرعي بما مؤداه أن المجني عليه وجد مصاباً في عينه اليمنى بنزيف داخلي وجرح رضي بالجفن الأيمن العلوي نتجت عنه عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي عتامات قشرية خلفية بالعدسة الأمر الذي أدى إلى ضعف قوة إبصار تلك العين إلى 4/ 60 ثم خلص الحكم من ذلك إلى أن ما وقع من الطاعن هو إحداث إصابة عمدية بالعين اليمنى للمجني عليه نشأت عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي عتامه قشرية خلفية بالعدسة وضعف في قوة إبصار العين إلى 4/ 60 ثم دانه بالتطبيق للفقرة الأولى من المادة 240/ 1 من قانون العقوبات. وما أثبته الحكم فيما تقدم من أن الطاعن ألقى بممسحة السبورة الخشبية عمداً على المجني عليه فأصابه في عينه اليمنى إصابة نشأت عنها عاهة مستديمة تتوافر به أركان جناية العاهة المستديمة التي دين الطاعن بها ما دام قد ثبت تعمده الفعل ذاته وهو قذفه المجني عليه بالممسحة ومساسه بسلامة المجني عليه. ولا يجدي الطاعن تعلله بالمزاح لأنه يتصل بالباعث وهو غير مؤثر في توافر القصد الجنائي في هذه الجريمة. لما كان ما تقدم، وكان ما يثيره الطاعن من دعوى الخطأ في الإسناد مردوداً بأن ما استخلصه الحكم من أقوال الشاهد وليم عبد المسيح يتحقق به نسبة العمد إلى الطاعن. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مؤدى الدليل المستمد من التقرير الطبي الشرعي بما محصله أن الإصابة التي أحدثها الطاعن بالمجني عليه نتجت عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي عتمات قشرية خلف العدسة مما يضعف قوة إبصار العين. وكان ما أورده الحكم من ذلك كافياً في بيان العاهة المستديمة التي نشأت عن الإصابة دون أن يقدح في ذلك عدم تحديد قوة إبصار العين قبل تلك الإصابة ما دام قد ثبت أن العين أصيبت بضعف يستحيل برؤه أو فقدت منفعتها فقداً كلياً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.