أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 252

جلسة 14 من فبراير سنة 1977

برياسة السيد المستشار/ محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إسماعيل حفيظ، وسيد شرعان، وعبد الحميد صادق، و محمد علي بليغ.

(55)
الطعن رقم 1018 لسنة 46 القضائية

(1) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". تفتيش. "التفتيش بإذن". إثبات. "بوجه عام". قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد سنداً للإذن بالتفتيش ونسبة المخدر للمتهم. لا يمنعها من عدم الأخذ بها في خصوص قصد الاتجار.
(2) مواد مخدرة. إثبات. "معاينة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية إثبات ضبط المخدر يجيب جلباب الطاعن وصديريه. غناء عن إجراء معاينة منزله. متى تبينت أن القصد من هذا الطلب هو مجرد التشكيك في صحة ما شهد به شاهد الإثبات.
(3) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. شهود. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
للمحكمة الأخذ بأقوال شهود الإثبات وإطراح أقوال شهود النفي. دون التزام ببيان السبب. ما دام الرد على أقوالهم مستفاد من الأخذ بأدلة الثبوت.
1- من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط مما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة إحراز الجواهر المخدرة لدى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.
2- لما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرها للواقعة من ضبط المواد المخدرة في جيبي جلباب الطاعن وصديريه والتفتت عن طلب معاينة منزله وأطرحته بقالة أن الغرض منه هو مجرد التشكيك في صحة ما شهد به شاهد الإثبات لا لنفي الواقعة ذاتها، فإن ما أورده الحكم من ذلك يكون كافياً وسائغاً في الالتفات عن طلب المعاينة، لما لمحكمة الموضوع من أن ترفض هذا الطلب إذا لم ترى فيه إلا إثارة الشبهة حول أدلة الثبوت التي اقتنعت بها طبقاً للتصوير الذي أخذت به، وأنها لا تتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة على النحو الذي رواه شاهدا الإثبات ما دامت قد بررت رفضها بأسباب سائغة. كما أنه لا جدوى فيما يثيره الطاعن خاصاً بطلب المعاينة طالما أن الحكم أثبت في حقه أنه قد ضبط محرزاً المخدر بملابسه ولم يثر بخصوصه أي منازعة، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع لا يكون مقبولاً.
3- إن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال شهود الإثبات وتطرح أقوال شهود النفي دون أن تلتزم ببيان السبب، ما دام الرد على أقوال الآخرين مستفاداً من الأخذ بأدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وكان البين من أسباب الحكم المطعون فيه أنه قد ثبت في يقين المحكمة بعد فحصها لدفتري أحوال مكتب المخدرات والمرور وقوع الضبط والتفتيش في الوقت الذي شهد به شاهدا الإثبات، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع، ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 22 مارس سنة 1973 بدائرة مركز أبنوب محافظة القاهرة: أحرز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين أفيوناً وحشيشاً في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و7/ 1 و34/ 1 و36 و42 من القانون رقم 182 سنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 سنة 1966 والبند 1و12 من الجدول رقم 1 المرافق فقرر ذلك عملاً بمواد الاتهام بمعاقبته المتهم بالسجن مدة ثلاث سنوات وغرامة خمسمائة جنيه والمصادرة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جواهر مخدرة (أفيون وحشيش) بغير قصد الاتجار قد شابه قصور وتناقض في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع، وذلك لأن الحكم المطعون فيه استدل على صحة الواقعة وثبوتها قبل الطاعن ركوناً إلى أقوال النقيب....... التي تضمنت أن تحرياته السرية دلته على أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة حالة أن الحكم لم يعتد بهذا القول عند التحدث عن قصد الاتجار ونفى توافر هذا القصد قبل الطاعن، مما يصم الحكم بالتناقض في التسبيب، كما أن الدفاع تمسك في ختام مرافعته الشفوية باجراء معاينة لمكان الضبط – لم تشملها تحقيقات النيابة – لتحقيق دفاع الطاعن الذي يسانده فيه شهوده من أن رجال الشرطة لم يقتحموا باب مسكنه بل فتحه لهم شقيقه الذي يقيم في الغرفة التي تقع إلى يمين الداخل والتي أثبت الحكم أن الطاعن هو شاغلها مما يستحيل معه تصوير الواقعة على النحو الذي أخذت به المحكمة استناداً إلى أقوال شاهدي الإثبات خاصة وقد قرر أولهما بجلسة المحاكمة أن للمنزل بابين، وإذ رفض الحكم الاستجابة لهذا الطلب بقالة أن المقصود منه هو مجرد إثارة الشبهة في صحة ما شاهد به شاهد الإثبات لا لنفي الواقعة ذاتها يكون قد أخل بحقه في الدفاع. فضلاً عن أن الحكم قد عول – في معرض رده على الدفع ببطلان التفتيش لإجرائه قبل صدور الإذن به – على ما هو ثابت بأقوال شاهدي الإثبات وبدفتر المرور من تمامه في السابعة صباحاً إلا أنه لم يتناول بالرد ما قرره شهود النفي من أن التفتيش تم قبل الخامسة صباحاً وأن رجال القوة ظلوا يطرقون باب مسكن الطاعن فترة من الوقت حتى فتحه لهم شقيقه إلا أن الحكم لم يعرض لتلك الواقعة إيراداً لها ورداً عليها، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جواهر مخدرة بغير قصد الاتجار التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال النقيب....... والشرطي السري......... وتقرير المعامل الكيماوية وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى استخلاصاً من الأوراق والتحقيقات التي تمت فيها على أساس أن إحراز الطاعن للمواد المخدرة المضبوطة مجرداً من قصد الاتجار ثم أورد مؤدى أقوال النقيب........ كما هي قائمة في الأوراق، وعند تحدثه عن قصد الاتجار لم يرتب له قياماً لضآلة الكمية المضبوطة وافتقار الضبط للأدوات المؤدية لقيامه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة إحراز الجواهر المخدرة لدى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرها للواقعة من ضبط المواد المخدرة في جيبي جلباب الطاعن وصديريه والتفتت عن طلب معاينة منزله وأطرحته بقالة أن الغرض منه هو مجرد التشكيك في صحة ما شهد به شاهدا الإثبات لا لنفي الواقعة ذاتها، فإن ما أورده الحكم من ذلك يكون كافياً وسائغاً في الالتفات عن طلب المعاينة، لما لمحكمة الموضوع من أن ترفض هذا الطلب إذا لم تر فيه إلا إثاره الشبهة حول أدلة الثبوت التي اقتنعت بها طبقاً للتصوير الذي أخذت به، وأنها لا تتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة على النحو الذي رواه شاهدا الإثبات ما دامت قد بررت رفضها بأسباب سائغة، كما أنه لا جدوى فيما يثيره الطاعن خاصاً بطلب المعاينة طالما أن الحكم أثبت في حقه أنه قد ضبط محرزاً المخدر بملابسه ولم يثر بخصوصه أي منازعة ومن ثم فإن النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال شهود الإثبات وتطرح أقوال شهود النفي دون أن تلتزم ببيان السبب، ما دام الرد على أقوال الآخرين مستفاداً من الأخذ بأدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وكان البين من أسباب الحكم المطعون فيه أنه قد ثبت في يقين المحكمة بعد فحصها لدفتري أحوال مكتب المخدرات والمرور وقوع الضبط والتفتيش في الوقت الذي شهد به شاهدا الإثبات، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع، ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.