أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة الثامنة عشرة - صـ 1026

جلسة 23 من أكتوبر سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، وأنور أحمد خلف.

(210)
الطعن رقم 1652 لسنة 37 القضائية

(أ) عملة قضية. جريمة. "أركانها". قصد جنائي.
جريمة حبس العملة الفضية عن التداول. توافرها: بكل فعل - أياً كان كنهه - يخرج تلك العملة عن الغرض الذي صكت من أجله ورصدت له وهو تداولها بين الناس باعتبارها نقداً.
(ب) تفتيش. "إذن التفتيش. تنفيذه".
المعنى المقصود في الجمع بين المأذون المسمى باسمه في إذن التفتيش وبين من يندبه هذا الأخير من رجال الضبط القضائي لا يفيد بمؤدى صيغته لزوم حصول التفتيش منهما مجتمعين. جواز أن يتولاه أولهما أو من يندبه من مأموري الضبط. طالما أن عبارة الإذن لا تحتم على المأذون بالتفتيش قيامه بشخصه بإجرائه أو ضم من يرى ندبه إليه في هذا الإجراء.
1 - حظر المشرع في المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 183 لسنة 1949 بشأن العملة الفضية الذي حل محله القانون رقم 30 لسنة 1966 - طائفة مخصوصة من الأفعال منها حبس العملة الفضية عن التداول أو بيعها أو عرضها للبيع بسعر أعلى من قيمتها كما حظر بصفة عامة كل إجراء ينزع من العملة الفضية صفة النقد، ودل على تأثيم كل فعل - أياً كان كنهه - يخرج العملة الفضية عن الغرض الذي صكت من أجله ورصدت له وهو تداولها بين الناس باعتبارها نقداً، فتتحقق الجريمة متى قارف الجاني الفعل المؤثم عن عمد مع العلم بماهيته وكونه مخالفاً للقانون.
2 - متى كان الثابت أن الإذن بالتفتيش صد صدر ممن يملكه إلى من اختصه الإذن بإجرائه وهو رئيس وحدة مكافحة النقد ومن يعاونه من مأموري الضبط القضائي، فإذا استخلص الحكم من دلالة هذا الندب إطلاقه وإباحة ندب المأذون الأصيل بالتفتيش لغيره من مأموري الضبط دون اشتراكه معه فإن استخلاص يكون سائغاً لأن المعنى المقصود من الجمع بين المأذون المسمى باسمه في إذن التفتيش وبين من يندبه هذا الأخير من رجال الضبط القضائي لا يفيد بمؤدى صيغته لزوم حصول التفتيش منهما مجتمعين بل يصح أن يتولاه أولهما أو من يندبه من مأموري الضبط طالما أن عبارة الإذن لا تحتم على ذلك المأذون بالتفتيش قيامه بشخصه بإجرائه أو ضم من يرى ندبه إليه في هذا الإجراء.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 17/ 11/ 1965 بدائرة قسم المنشية محافظة الإسكندرية: حبس العملة الفضية المبينة بالمحضر والمتداولة قانوناً عن التداول. وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و3 من القانون رقم 183 لسنة 1949. ومحكمة جنح المنشية الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 25/ 2/ 1967 عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم شهراً واحداً مع الشغل وغرامة تساوي عشرة أمثال العملة أصل المخالفة والمصادرة وخمسمائة قرش لوقف تنفيذ العقوبة بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 11 مايو سنة 1967 بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف جنائية. فطعن وكيل المحكوم عليه هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة حبس عملة فضية عن التداول قد أخطأ في القانون وشابه قصور في التسبيب، ذلك بأن الحكم لم يستظهر أن حيازة الطاعن للعملة الفضية المضبوطة بمحله التجاري كانت بقصد حبسها عن التداول إذ أن مجرد الحيازة دون توافر هذا القصد لا يجعل الفعل مؤثماً - أما اعتماد الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه على محضر التحريات أو شهادة الشهود فلا يجدي في توافر ذلك القصد. هذا فضلاً عن أن إجراءات التفتيش قد تمت باطلة لأن الرائد عبد التواب رشوان هو الذي كان مأذوناً له بالتفتيش بينما الذي قام بهذا الإجراء هو ضابط آخر لم يؤذن له به هو النقيب صلاح حافظ.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن الرائد عبد التواب رشوان رئيس وحدة مكافحة جرائم النقد قد استصدر إذناً من النيابة العامة بتفتيش الطاعن ومحله التجاري بعد أن دلت التحريات على أنه يقوم بجمع العملة الفضية من السوق لصهرها وحبسها عن التداول وقد انتدب النقيب صلاح حافظ معاون وحدة مكافحة جرائم النقد لتنفيذ إذن التفتيش فعثر بمحله على عدة عملات فضية ثم خلص الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه إلى إدانة الطاعن في قوله:"وحيث إن التهمة ثابتة قبل المتهم مما أوراه محضر التحريات المحرر بمعرفة الرائد عبد التواب رشوان، ومما شهد به النقيب صلاح حافظ وأيده فيها رجلا الشرطة الكونستابل حلمي فؤاد وعبد اللطيف عبد الحميد). وأضاف الحكم المطعون فيه فيما أنشأه من أسباب أن (كثرة العملة الفضية التي ضبطت لدى المتهم تدل دلالة واضحة على احتباسه تلك العملة عن التداول خاصة ومن بين هذه العملة المضبوطة 24 قطعة من فئة العشرين قرشاً و6 قطع من فئة الخمسة والعشرين قرشاً وهي من العملة التي لا يتعامل بها الآن، هذا فضلاً عن أن المتهم تناقض في دفاعه فبينما ذهب في محضر الشرطة إلى القول بأنه يحتفظ بهذه المبالغ لتيسير تجارته إذ به يعدل عن ذلك ويقرر أن المبلغ المضبوط هو من مدخرات أولاده ولو كان ذلك صحيحاً لما احتفظ به في محله". لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من الخطأ في القانون والقصور في التدليل على توافر قصد حبس العملة الفضية عن التداول لديه مردوداً بأن المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 183 لسنة 1949 بشأن العملة الفضية الصادر في 29 من ديسمبر سنة 1949 والذي حل محله من بعد القانون رقم 30 لسنة 1966 الصادر في 6 من يوليه سنة 1966 بنفس الصيغة مع تشديد في العقوبة، قد نصت على أنه: "يحظر حبس العملة الفضية المتداولة قانوناً عن التداول أو صهرها أو بيعها أو عرضها للبيع بسعر أعلى من قيمتها الاسمية أو إجراء أي عمل فيها ينزع منها صفة النقد". وبهذا التنصيص يكون المشرع قد حظر طائفة مخصوصة من الأفعال منها حبس العملة الفضية عن التداول أو بيعها أو عرضها للبيع بسعر أعلى من قيمتها كما حظر بصفة عامة كل إجراء ينزع من العملة الفضية صفة النقد ودل على تأثيم كل فعل - أياً كان كنهه - يخرج العملة الفضية عن الغرض الذي صكت من أجله ورصدت له، وهو تداولها بين الناس باعتبارها نقداً، فتتحقق الجريمة متى قارف الجاني الفعل المؤثم من عمد مع العلم بماهيته وكونه مخالفاً للقانون وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعن واستخلصه من ظروف الدعوى ومن كثرة النقود الفضية المضبوطة ومحضر التحريات ومما شهد به رجال الشرطة من أن الطاعن حبس تلك العملة عن التداول فضلاً عن تخبطه في دفاع، وهو استخلاص سائغ لا يتنافى مع العقل والمنطق، فإن النعي عليه بالخطأ في القانون والقصور في التسبيب يكون غير سديد. لم كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدي ببطلان التفتيش بقوله: "وحيث إنه بالنسبة للدفع الخاص ببطلان القبض والتفتيش لعدم قيام الضابط المأذون له بالتفتيش بإجرائه وندل آخر بدله فهو دفع ظاهر الفساد جديراً برفضه ذلك لأنه يبين من الاطلاع على إذن التفتيش أنه صدر للرائد عبد التواب رشوان رئيس وحدة مكافحة جرائم النقد ولمن يعاونه من رجال الضبطية القضائية وطبقاً لما استقر عليه قضاء محكمتنا العليا فإن مثل هذا الإذن يعطي للمأذون له بالتفتيش ندب غيره من رجال الضبطية القضائية لإجرائه". وما أورده الحكم فيما تقدم سائغ في العقل صحيح في القانون. ذلك بأن التفتيش قد صدر ممن يملكه إلى من اختصه الإذن بإجرائه وهو رئيس وحدة مكافحة النقد ومن يعاونه من مأموري الضبط القضائي فإذا استخلص الحكم من دلالة هذا الندب إطلاقه وإباحة ندب المأذون الأصيل بالتفتيش لغيره من مأموري الضبط دون اشتراكه معه فإن استخلاص يكون سائغاً لأن المعنى المقصود من الجمع بين المأذون المسمى باسمه في إذن التفتيش وبين من يندبه هذا الأخير من رجال الضبط القضائي لا يفيد بمؤدى صيغته لزوم حصول التفتيش منهما مجتمعين بل يصح أن يتولاه أولهما أو من يندبه من مأموري الضبط، طالما أن عبارة الإذن - كما هو الحال في الدعوى، مما لا يجادل فيه الطاعن - لا تحتم على ذلك المأذون بالتفتيش قيامه بشخصه بإجرائه أو ضم من يرى ندبه إليه في هذا الإجراء. لما كان ذلك، فإن ما ينعاه في هذا الوجه لا يكون مقبولاً. وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.