أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 281

جلسة 21 من فبراير سنة 1977

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صلاح الدين الرشيدي وإسماعيل محمود حفيظ، والسيد محمد شرعان، ومحمد عبد الحميد صادق.

(61)
الطعن رقم 680 لسنة 46 القضائية

(1) جريمة. "أركانها". اتفاق جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تمام جريمة الاتفاق الجنائي بمجرد اتحاد إرادة شخصين أو أكثر على ارتكاب جناية أو جنحة سواء كانت معينة أم غير معينة أو على الأعمال المجهزة أو المسهلة لارتكابها. تمت الجريمة المقصودة من الاتفاق أو لم تتم.
(2) جريمة. "أركانها". اتفاق جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "بوجه عام".
حق المحكمة أن تستنتج الاتفاق السابق من فعل لاحق على الجريمة ما دام يشهد به.
(3) جريمة. "أركانها". اتفاق جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "بوجه عام".
استخلاص العناصر القانونية لجريمة الاتفاق الجنائي من ظروف الدعوى. موضوعي.
(4) إثبات. "بوجه عام". جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم تقيد المحكمة بالأدلة المباشرة دون غيرها. حقها في استخلاص الحقائق القانونية مما قدم إليها من أدلة ولو غير مباشرة. ما دام ما حصلته لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي.
(5) اتفاق جنائي. جريمة. "أركانها". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تعثر تنفيذ الاتفاق الجنائي بسبب مفاجأة رجال الشرطة للمتهمين وضبط أحدهم أمر لاحق للاتفاق. لا وجه لإثارته ادعاء لنفى قيام الجريمة.
(6) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "اعتراف". استدلال. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات حق لمحكمة الموضوع.
(7) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
توقيع الكشف الطبي وبيان إصابات المصابين جواز إثباته بمعرفة مفتش الصحة.
(8) إجراءات. "إجراءات المحاكمة". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تعييب التحقيق السابق على المحاكمة. عدم صلاحيته سبباً للطعن على الحكم. أساس ذلك؟
(9) إجراءات. "إجراءات التحقيق". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
اختيار المحقق لمكان التحقيق. متروك لتقديره. حرصاً على صالح التحقيق وسرعة إنجازه.
(10)محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التزام المحكمة نص أقوال المتهم وظاهرها ليس لازم. لها أن تأخذ منها بما تراه مطابقاً للحقيقة.
(11) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". "اعتراف". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
خطأ المحكمة في تسبيبه أقوال المتهم اعترافاً. لا ينال من سلامة الحكم. طالما أنها لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف.
(12) إثبات. "خبرة". "شهود". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها. عدم التزامها بندب خبير آخر ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر من جانبها موجباً لاتخاذ هذا الإجراء.
(13) دفوع. "الدفع بشيوع التهمة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استفادة الرد على الدفع بشيوع التهمة من أدلة الإثبات التي عول عليها حكم الإدانة.
1- لا يشترط لتكوين جريمة الاتفاق الجنائي المنصوص عليها في المادة 48 من قانون العقوبات أكثر من اتحاد إرادة شخصين أو أكثر على ارتكاب جناية أو جنحة ما سواء أكانت معينة أو غير معينة أو على الأعمال المجهزة أو السهلة لارتكابها سواء وقعت الجريمة المقصودة من الاتفاق أولم تقع.
2- من المقرر أنه لا حرج على المحكمة من أن تستنتج الاتفاق السابق من فعل لاحق على الجريمة يشهد به.
3- للمحكمة أن تستخلص العناصر القانونية لجريمة الاتفاق الجنائي من ظروف الدعوى وملابساتها ما دام في وقائع الدعوى ما يسوغ الاعتقاد بوقوعه.
4- المحكمة غير مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من وقائع الدعوى التي ترد إلى أصل صحيح في الأوراق وبأسباب مؤدية إلى ما رتبه عليها أن اتفاقاً مسبقاً قد تم بين الطاعن الأول وباقي الطاعنين على ارتكاب جنايتي القتل العمد مع سبق الإصرار والسرقة ليلاً مع حمل أسلحة ظاهرة وذلك أخذاً بأقوال شهود الإثبات السالف الإشارة إليهم من التقاء الشاهد الأول "........" بالطاعنين الأول والثاني واتفاقهم معه على نقلهما إلى مكان الحادث بسيارته وقدومهما إلى منزله بعد تحديدهما موعد التنفيذ وحملهما إلى قرية منشأة الجنيدي حيث استدعى الطاعن الأول الطاعنين الثالث والرابع بعد أن تسلح هو بمدفع رشاش وسلم الطاعن الثاني مسدساً كما تسلح الطاعن الثالث ببندقية ومواصلة الشاهد المذكور سيره بالسيارة ومعه الطاعنين الأربعة بتوجيه أولهم إلى مكان الحادث ثم توالت الأحداث على النحو الذي حصله الحكم المطعون فيه، فإن الأفعال التي أتاها الطاعنون الأربعة اللاحقة على الاتفاق الجنائي الذي تم بينهم تشهد على وقوع ذلك الاتفاق، وعدم بلوغ الطاعنين - وقت الضبط غايتهم من الاتفاق لا يهدر ما قام عليه الاتهام من أن إرادة الطاعنين قد اتحدت على ارتكاب الجنايتين اللتين دين بهما وهو ما يكفى لتوافر أركان جريمة الاتفاق الجنائي.
5- أن تعثر تنفيذ ذلك الاتفاق بسبب مفاجأة رجال الشرطة للطاعنين بمكان الحادث وضبط ثانيهم بعد أن تمكن الباقون من الهرب، هو أمر لاحق على قيام الاتفاق الجنائي وليس ركناً أو شرطاً لانعقاده. لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعنون الثاني والثالث والرابع في هذا الوجه من أوجه الطعن يكون من قبيل الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، ويضحى هذا المنعي على غير أساس حليفاً بالرفض.
6- حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان بها الطاعنين، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعتراف الطاعنين الثاني والثالث والرابع ومن التقارير الطبية والمعاينة – عرض للدفع المؤسس على أن اعتراف الطاعنين الثالث والرابع كان وليد إكراه وأطرحه في قوله: ولا يغير من هذا النظر ما ذهب إليه الدفاع من أن المتهمين الثالث والرابع قد اعترفا نتيجة إكراه وتعذيب، وهذا القول مردود بأن الثابت عند استجوابهما بالنيابة أنه لم يكن بأي منهما إصابات وأن جميعهم أدلوا بأقوالهم في هدوء وطمأنينة ووجود هذه الإصابات فيما بعد إنما قصد به خدمة القضية. وهذا الذي أورده الحكم سائغاً وكافياً للرد على هذا الدفع لما هو مقرر من أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه جاء نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة ولا يغير من ذلك عدول الطاعنين الثاني والثالث والرابع عن أقوالهم بتحقيقات النيابة العامة وإنكارهم بجلسة المحاكمة الاتهام المسند إليهم لما هو مقرر من أنه لا على الحكم أن يأخذ باعتراف المتهم في تحقيقات النيابة لبراءته مما يشوبه من عيب الإكراه واطمئناناً من المحكمة إلى صدقه ومطابقته للواقع ولو عدل عنه بعد ذلك.
7- لا محل للقول بضرورة توقيع الكشف الطبي على المصابين بمعرفة الطبيب الشرعي ذلك أن مفتش الصحة يعتبر من أهل الخبرة المختصين فنياً بإبداء الرأي فيما تصدى له وأثبته لأن القانون لا يوجب أن يكون توقيع الكشف الطبي وإثبات إصابات المصابين نتيجة لتقرير طبي شرعي دون تقرير من مفتش الصحة حيث يغني الأخير في هذا المقام.
8- لما كان الدفاع لم يطلب ندب الطبيب الشرعي على سبيل الجزم وإنما أثاره في صورة تعييب للتحقيق والذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة بما لا يصلح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة.
9- أن ما أثير بأسباب الطعن من أن التحقيق كان يجرى في دار الشرطة فمردود عليه بأن اختيار المحقق لمكان التحقيق متروك لتقديره حرصاً على صالح التحقيق وسرعة إنجازه.
10- من المقرر أن المحكمة غير ملزمة في أخذها بأقوال المتهم أن تلتزم نصها وظاهرها بل لها أن تأخذ منها بما تراه مطابقاً للحقيقة. ولما كان ما أورده الحكم من أقوال الطاعن الثاني له معينة الصحيح من الأوراق. فإنه لا تثريب على الحكم إذا هو استمد من تلك الأقوال ما يدعم الأدلة الأخرى التي أقام عليها قضاءه بالإدانة.
11- لا يقدح في سلامة الحكم خطأ المحكمة في تسمية أقوال المتهم اعترافاً طالما أن المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف. وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يؤسس قضاءه بالإدانة على أقوال الطاعن الثاني فحسب وإنما بنى اقتناعه كذلك استمداداً من أقوال شهود الإثبات السالف الإشارة إليهم ولاعتراف الطاعنين الثالث والرابع والتقارير الطبية والمعاينة، فإنه يكون سليماً في نتيجته ومنصباً على فهم صحيح للواقع ويضحى ما يثار في هذا الشأن لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح، ويكون النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد في هذا الخصوص على غير أساس.
12- لما كان يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن الطبيب الشرعي انتهى في تقريره إلى أنه أخذاً بما جاء بوصف إصابة المجني عليه بالساعد الأيمن بأوراق علاجه وما اتضح من الكشف الطبي عليه بمعرفته بالأشعة وفحص ملابسه التي كانت عليه وقت الحادث يرى أنها حدثت من عيار ناري معمر بمقذوف رصاص مفرد يتعذر تحديد نوعه أو عياره لعدم استقراره بجسم المصاب وقد أطلق هذا العيار من مسافة جاوزت نصف متر وقد تصل إلى بضعة أو عدة أمتار. ونظراً لأن الساعد عضو الحركة بالنسبة للجسم فإن موقف الضارب من المضروب في هذه الحالة يختلف باختلاف وضع الساعد بالنسبة للجسم وقت حدوث إصابته، ومن الممكن حدوث هذه الإصابة باستعمال مثل الطبنجة المضبوطة مع الطاعن الثاني، وكان البين من التقرير الطبي الشرعي أنه وصف فتحات الدخول والخروج التي وجدت بملابس المجني عليه وصفاً تفصيلياً بما يتفق والرأي الذي انتهى إليه – على هدي ما شاهده بتلك الملابس وبعد الكشف الطبي على المجني عليه وفحصه بالأشعة – والذي أكد فيه أن الإصابة حدثت من عيار ناري واحد، ومن مثل الطبنجة المضبوطة مع الطاعن الثاني من مسافة تتفق مع ما شهد به شهود الحادث في التحقيقات، ومن ثم فإن ما أثاره الدفاع عن الطاعنين من مجادلة للقول أن الفتحات المشاهدة بملابس المجني عليه تشير إلى إصابته من عيارين مختلفين يكون على غير أساس. كما أن البين من أقوال شهود الإثبات بالتحقيقات أن الطاعن الثاني لم يطلق سوى عيار ناري واحد من الطبنجة التي كان يحملها أصاب المجني عليه ثم تمكن بعض رجال القوة من انتزاع الطبنجة من يده بعد القبض عليه ولم يشهد أحد من هؤلاء الشهود بأن محاولة إطلاق ثانية قد جرت من قبل هذا الطاعن كما أشار إليه المدافع عنه في دفاعه الثابت بمحضر جلسة المحاكمة حتى يمكن القول بعدم معقولية بقاء الطلقة الفارغة في الماسورة على اعتبار أن الطبنجة من الأسلحة الأتوماتيكية التي تطرد الطلقات الفارغة آلياً عند إطلاق أعيرة أخرى، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع لالتفات المحكمة عن تحقيق هذا الدفاع بشطريه يكون غير سديد. لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها وهى لا تلتزم بندب خبير آخر ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، فلا يعيب الحكم عدم تحقيق الدفاع غير المنتج أو الرد عليه بعد أن اطمأنت المحكمة إلى التقرير الطبي الشرعي للأسباب السائغة التي أوردتها، ولا يعدو ما يثيره الدفاع في هذا الصدد أن يكون جدلاً موضوعياً.
13- وبخصوص ما دفع به الدفاع من جواز إصابة المجني عليه من سلاحي رجلي القوة (........ و........) المشابهين للسلاح المنسوب للطاعن الثاني استعماله تأدياً إلى شيوع جريمة الشروع في القتل، فمردود عليه بأن الدفع بشيوع التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً ما دام الرد مستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في خلال الخمسة عشر يوماً السابقة على يوم 16 يناير سنة 1970 وفى الليلة الأخيرة من هذا اليوم بدائرة مركز طنطا محافظة الغربية (أولاً) – المتهمين جميعاً – اشتركوا في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جنايتين القتل العمد مع سبق الإصرار والسرقة ليلاً مع حمل أسلحة ظاهره بأن اتحدت إرادتهم على قتل....... وسلب أمواله كرهاً بأن توجهوا إلى منزله بعد أن يرتدى الأولان ملابسهما العسكرية ويستقلوا سيارات متشابهة لسيارات الشرطة لإيهام المجني عليه بأنهم من رجال الضبطية القضائية وقد حضروا لتفتيش منزله وأن يستولوا على ما به من أموال ثم يصطحبونه معهم بعد انتهاء التفتيش ويقومون بقتله. (ثانياً) المتهمين الأول والثاني والثالث استعملوا القوة والتهديد مع موظفين عموميين هم رجال الضبطية القضائية بمديرية أمن الغربية المبينة أسماؤهم بالمحضر وذلك بأن أطلق المتهم الثاني عياراً نارياً من سلاح كان يحمله فأصاب أحد المجني عليهم وأطلق الأول والثالث عدة أعيرة به تجاه المجني عليهم أثناء هروبهم ليحملوهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظائفهم هو ضبطهم ومنعهم من ارتكاب جريمتهم وقد بلغ الأول والثالث مقصدهما وفشل الثاني في ذلك. (ثالثاً) المتهم الثاني أيضاً 1- شرع في قتل الشرطي السري....... عمداً وباقي أفراد قوة الكمين المصاحبة له المبينة أسماؤهم بالمحضر بأن أطلق عليهم عياراً من سلاح كان يحمله قاصداً من ذلك قتلهم فأصابه الأول بالإصابة المبينة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة بسبب ماركة المجني عليه بالعلاج وعدم أحكام الرماية بالنسبة للباقين. 2- أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً مسدس. 3- أحرز ذخائر (ثمانية طلقات) مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر. (رابعاً) المتهمين الأول والثاني والثالث والرابع. اشتركوا مع المتهم الثاني بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جناية الشروع في القتل سالفة الذكر بأن اتفقوا معه على سرقة محتويات مسكن......... و......... وكان كل من المتهمين الأول و الثالث يحمل سلاحاً نارياً مثله ليشدا من أزره وكانت جناية الشروع في القتل نتيجة محتملة لذلك. (خامساً) المتهم الأول أيضاً: 1- أحرزا سلاحاً نارياً "مدفع رشاش" مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه. 2- أحرز ذخيرة مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر. (سادساً): المتهم الثالث أيضاً 1- أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن "بندقية خرطوش". 2- أحرز ذخيرة مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له في حيازة أو إحراز هذا السلاح. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 20/ 2، 2 و3 و41 و43 و45 و46 و48/ 1 و، 2 - 137/ 1، 2 و3 مكرراً ( أ ) و243/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1 و6 و26/ 1، 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقم 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والبند (6) من القسم الأول والثاني والجدول 2، 3 المرافق فقرر ذلك. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة ثلاث سنوات ومصادرة المضبوطات. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الوجه الأول من التقرير المقدم من الأستاذ......... هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين الثاني والثالث والرابع بجرائم الاتفاق الجنائي واستعمال القوة والتهديد مع موظفين عموميين والشروع عمداً في القتل والاشتراك فيه وإحراز أسلحة وذخائر بغير ترخيص قد شابه قصور في التسبيب وانطوى على خطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن ما استخلصه الحكم من أدلة الدعوى التي أوردها لا تؤدي إلى ما رتبه عليها ولا تصلح للاستدلال بها على قيام جريمة الاتفاق الجنائي بين الطاعنين الثاني والثالث والرابع وبين الطاعن الأول، فقد تعددت الروايات بشأن الغرض من قيام هذا الاتفاق على ما هو ثابت بالأوراق، وتعدد هذه الصور دون صورة واحدة يجمع عليها بين الطاعنين يقطع بعدم قيام اتفاق أصلاً بينهم والحكم إذ أنام قضاءه على قيام هذا الاتفاق بناء على توفر صورة من هذه الصور ودون استظهار أركان هذه الجريمة يكون معيباً بما يستوجب نقضه والإحالة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أنه منذ خمسة عشر يوماً سابقة على الضبط الحاصل في ليلة 16/ 1/ 1970 التقى....... بالطاعنين الأول والثاني ببلدته قرية أبو العز مركز كفر الزيات وطلبا منه أن يصطحبهما بسيارة الطب البيطري قيادته إلى مأمورية ولم يفصحا عنها - على الرغم من محاولته معرفة طبيعتها – مقابل مبلغ خمسين جنيهاً يتسلمها عقب الانتهاء من تنفيذها ولما أحس أن في الأمر جريمة توجه إلى ضابط المباحث وأنهى إليه بما حدث فكلفه بمسايرة الطاعنين لمعرفة مقصدهما ونوع الجريمة المزمع ارتكابها وموعد اقترافها وفى يوم 13/ 1/ 1970 قام الطاعن الأول إلى منزل ذلك الشاهد وحدد له يوم الخميس 15/ 1/ 1970 موعداً لتنفيذ المأمورية وفهم مما دار بينهما من حديث أن الطاعنين الأول والثاني قد اعتزما السطو على أحد الأثرياء والاستيلاء على ما لديه من نقود حسبما اتفقا عليه فصحبه إلى رئيس المباحث ورئيس شعبة البحث الجنائي بالمحافظة حيث طلبا منه ضرورة معرفة شخصية المجني عليه ومكان التنفيذ ثم حدث أن قدم الطاعنان الأول والثاني إلي منزل الشاهد في يوم 15/ 1/ 1970 واتفقا معه على أنهما سيصحبانه إلى بلدة محلة منوف لاستحضار شخصين ثم يتوجه معهم إلى بلدة ميت سودان ومنها إلى عزبة طاهر حيث يقيم المجني عليه........ ويقومون بمداهمته والاستيلاء على نقوده وما لديه من أسلحة ثم يستدرجونه إلى الطريق للتخلص منه وتحددت الساعة الثانية عشرة من منتصف الليل للخروج من القرية لتنفيذ المهمة، واثر ذلك قابل الشاهد رئيس المباحث ووكيله ومأمور المركز وضابط المباحث وأفضى إليهم بما انعقد الاتفاق عليه، وفى الموعد المحدد تحركت السيارة من قرية أبو العز ومعه الطاعنان الأول والثاني وقصدوا قرية منشاة الجنيدي وما أن بلغوها حتى هبط الطاعن الأول من السيارة وعاد بعد فترة من الوقت وبرفقته شخصين آخرين كان يحمل أحدهما – وهو الطاعن الثالث الذي تعرف عليه بعد عملية عرض قانونية –بندقية، وكان الطاعن الأول يحمل مدفعاً رشاشاً ومسدساً قام بتسليمه إلى الطاعن الثاني، ثم اتجه بالسيارة إلى عزبة طاهر بتوجيه من الطاعن الأول، وعندما وصل الشاهد بالسيارة إلى مدخل القرية نبه رئيس المباحث بالطريقة المتفق عليها ووقف عند الكوبري الموصل إلى عزبة طاهر حيث ترك الطاعنون السيارة وأخذ أولهم ينادي خفير القرية وعندئذ أحس الجناة بقدوم إحدى كمائن رجال الشرطة فلاذ الأول والثالث والرابع بالفرار واتخذوا من إطلاق الأعيرة النارية وسيلة لهروبهم وفى ذات الوقت طلب منه الطاعن الثاني الإسراع بالتحرك بالسيارة إلا أن رجال الكمين كانوا قد اقتربوا منه للقبض عليه فأطلق عياراً نارياً من المسدس الذي كان يحمله فأصاب الشرطي السري......... في ذراعه ثم تمكن رجال الشرطة من القبض عليه وانتزاع المسدس من يده وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو أدلة مستمدة من شهادة....... السائق بالطب البيطري والرائد....... رئيس مباحث محافظة الغربية والرائد........ وكيل المباحث الجنائية والنقيب....... بالمباحث الجنائية بالمحافظة والملازم أول........ ضابط المباحث مركز طنطا والنقيب........ ضابط مباحث مركز كفر الزيات والنقيب....... والشرطيين السريين........ و........ و........ و........ والعقيد....... مأمور مركز كفر الزيات وفق اعترافات الطاعنين الثاني والثالث والرابع بالتحقيقات وما دلت عليه معاينة مكان الحادث وما استبان من التقارير الطبية، لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الاتفاق الجنائي كما هي معرفة به في القانون، ذلك بأنه لا يشترط لتكوين جريمة الاتفاق الجنائي المنصوص عليها في المادة 48 من قانون العقوبات أكثر من اتحاد إرادة شخصين أو أكثر على ارتكاب جناية أو جنحة ما سواء أكانت معينة أم غير معينة أو على الأعمال المجهزة أو المسهلة لارتكابها سواء وقعت الجريمة المقصودة من الاتفاق أو لم تقع. ومن المقرر أنه لا حرج على المحكمة من أن تستنتج الاتفاق السابق من فعل لاحق على الجريمة يشهد به، وأنه يكفي أن تستخلص العناصر القانونية لجريمة الاتفاق الجنائي من ظروف الدعوى وملابساتها ما دام في وقائع الدعوى ما يسوغ الاعتقاد بوقوعه، وهى في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من وقائع الدعوى التي ترد إلى أصل صحيح في الأوراق وبأسباب مؤدية إلى ما رتبه عليها أن اتفاقاً مسبقاً قد تم بين الطاعن الأول وباقي الطاعنين على ارتكاب جنايتي القتل العمد مع سبق الإصرار والسرقة ليلاً مع حمل أسلحة ظاهرة وذلك أخذاً بأقوال شهود الإثبات السالف الإشارة إليهم من التقاء الشاهد الأول...... بالطاعنين الأول والثاني واتفاقهم معه على نقلهما إلى مكان الحادث بسيارته وقدومهما إلى منزله بعد تحديدهما موعد التنفيذ وحملهما إلى قرية منشأة الجنيدي حيث استدعى الطاعن الأول الطاعنين الثالث والرابع بعد أن تسلح هو بمدفع رشاش وسلم الطاعن الثاني مسدساً كما تسلح الطاعن الثالث ببندقية ومواصلة الشاهد المذكور سيره بالسيارة ومعه الطاعنين الأربعة بتوجيه من أولهم إلى مكان الحادث ثم توالت الأحداث على النحو الذي حصله الحكم المطعون فيه، فإن الأفعال التي أتاها الطاعنون الأربعة اللاحقة على الاتفاق الجنائي الذي تم بينهم تشهد على وقوع ذلك الاتفاق، وعدم بلوغ الطاعنين – وقت الضبط – غايتهم من الاتفاق لا يصادر ما قام عليه الاتهام من أن إرادة الطاعنين قد اتحدت على ارتكاب الجنايتين اللتين دين بهما وهو ما يكفي لتوافر أركان جريمة الاتفاق الجنائي، أما تعثر تنفيذ ذلك الاتفاق بسبب مفاجأة رجال الشرطة للطاعنين بمكان الحادث وضبط ثانيهم بعد أن تمكن الباقون من الهرب، فهو أمر لاحق على قيام الاتفاق الجنائي وليس ركناً من أركانه أو شرطاً لانعقاده. لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعنون الثاني والثالث والرابع في هذا الوجه من أوجه الطعن يكون من قبيل الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، ويضحى هذا المنعي على غير أساس خليقاً بالرفض.
وحيث إن مبنى الوجهين الثاني والثالث من التقرير المقدم من الأستاذ.......... والوجه الثاني من التقرير المقدم من الأستاذ.......... هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بالجرائم المسندة إليهم قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع ذلك بأنه رفض دفع الطاعنين الثالث والرابع بأن الاعتراف المعزو إليهما في التحقيقات كان وليد إكراه وقع عليهما بقالة أن إصاباتهما حدثت بالسجن بعد الإدلاء بأقوالهما أمام النيابة بقصد خدمة الدعوى مع أن جسامة إصابات الطاعنين المذكورين كما هي موصوفة بالتقرير الطبي يستحيل معه تصور حدوثها بالسجن، خاصة والطبيب الذي وقع الكشف الطبي عليهما وهو مفتش الصحة وإن كان قد انتهى إلى أن الإصابات لاحقة لحصول الحادث إلا أن المرجع في ذلك كان ينبغي أن يكون للطبيب الشرعي حيث إن الطاعنين كانا في قبضة رجال الشرطة وأن عدم كشف المحقق عن إصابتهما مرده أن التحقيق كان يجرى في دار الشرطة، وكون الدفاع يجعل المرجع في مسألة الإصابات للطبيب الشرعي مؤداه إثارة مسألة فنية لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء الرأي فيها. هذا فضلاً عن أن الحكم قد نسب إلى الطاعنين جميعاً أنهم اعترفوا بارتكاب الجرائم المسندة إليهم على حين أن البين من التحقيقات أن الطاعن الأول قد التزم جانب الإنكار في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة، وانصب إقرار الطاعن الثاني على تواجده بمسرح الحادث وعلل ذلك بأسباب وظروف لا تتعلق بالاتفاق الجنائي ولم يرد في أقواله ما نسبه إليه الحكم ولا يعتبر ما ذكره اعترافاً بالمعنى الذي يعنيه القانون. أما الطاعنان الثالث والرابع فقد جاءت أقوالهم وليدة إكراه، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه والإحالة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان بها الطاعنين، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعتراف الطاعنين الثاني والثالث والرابع ومن التقارير الطبية والمعاينة – عرض للدفع المؤسس على أن اعتراف الطاعنين الثالث والرابع كان وليد إكراه وأطرحه في قوله: "ولا يغير من هذا النظر ما ذهب إليه الدفاع من أن المتهمين الثالث والرابع قد اعترفا نتيجة إكراه وتعذيب، وهذا القول مردود بأن الثابت عند استجوابهما بالنيابة أنه لم يكن بأي منهما إصابات وأن جميعهم أدلوا بأقوالهم في هدوء وطمأنينة ووجود هذه الإصابات فيما بعد إنما قصد به خدمة القضية". وهذا الذي أورده الحكم سائغاً وكافياً للرد على هذا الدفع لما هو مقرر من أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة ولا يغير من ذلك عدول الطاعنين الثاني والثالث والرابع عن أقوالهم بتحقيقات النيابة العامة وإنكارهم بجلسة المحاكمة الاتهام المسند إليهم لما هو مقرر من أنه لا على الحكم أن يأخذ باعتراف المتهم في تحقيقات النيابة لبراءته مما يشوبه من عيب الإكراه واطمئناناً من المحكمة إلى صدقه ومطابقته للواقع ولو عدل عنه بعد ذلك، ولما كان الثابت من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن الطاعنين الثالث والرابع عرضا على وكيل النيابة المحقق في يوم 21 من يناير سنة 1970 بعد القبض عليهما وأثبت المحقق فحصه لهما وعدم وجود أثار بهما تفيد التحقيق – على خلاف ما ورد بأسباب الطعن – كما نفى كل منهما في أقواله وقوع اعتداء عليه من رجال الشرطة، وثبت كذلك من التقرير الطبي الذي توقع عليهما بمعرفة مفتش صحة مركز طنطا في يوم 24 من يناير سنة 1970 – بعد أن أثارا في ذات اليوم عند النظر في أمر حبسهما وقوع تعذيب عليهما من رجال الشرطة – أن ما وجد بهما من إصابات حدث في تاريخ لاحق لضبطهما وسؤالهما في تحقيقات النيابة، ولا محل للقول بضرورة توقيع الكشف الطبي عليهما بمعرفة الطبيب الشرعي ذلك أن مفتش الصحة يعتبر من أهل الخبرة المختصين فنياً بإبداء الرأي فيما تصدى له وأثبته لأن القانون لا يوجب أن يكون توقيع الكشف الطبي وإثبات إصابات المصابين نتيجة لتقرير طبي شرعي دون تقرير من مفتش الصحة حيث يغني الأخير في هذا المقام، هذا فضلاً عن أن الدفاع لم يطلب ندب الطبيب الشرعي على سبيل الجزم وإنما أثاره في صورة تعييب للتحقيق والذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة بما لا يصلح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة. ومن ثم يكون ما انتهى إليه الحكم من رفض دفع الطاعنين الثالث والرابع بأن اعترافهما كان وليد إكراه في محله. أما ما أثير بأسباب الطعن من أن التحقيق كان يجري في دار الشرطة فمردود عليه بأن اختيار المحقق لمكان التحقيق متروك لتقديره حرصاً على صالح التحقيق وسرعة إنجازه وأما ما ورد بالأسباب من أن الحكم نسب إلى الطاعن الأول اعترافاً على غير الحقيقة بما يخالف الثابت بالأوراق فمردود بأن البين من مدونات الحكم أنه لو صح إنكار هذا الطاعن ارتكاب الحادث كما ذكر لدى تحصيله للواقعة وفقاً لما استقرت في يقينه ووجدانه أن من بين الأدلة التي توافرت على صحتها اعتراف الطاعنين الثاني والثالث والرابع دون ذكر الاعتراف للطاعن الأول، أما ما جاء بمدونات الحكم من أن المحكمة تخلص إلى أنه ليس في دفاع الطاعنين ما ينال من ثقتها في أقوال الشهود المؤيدة بالتقارير الطبية واعترافات الطاعنين فقد ورد في معرض الرد على دفاع الطاعنين الثالث والرابع ولا يعني بحال أن الحكم نسب إلى الطاعن الأول اعترافاً بارتكاب الحادث. ولما كان ما حصله الحكم من أقوال الطاعن الثاني في مدوناته له صداه في التحقيقات، وكان ما قرره هذا الطاعن وإن لم يكن اعترافاً صريحاً بصحة ما نسب إليه إلا أنه يؤدى إليه من معنى بالتسليم بصحة رواية شاهد الإثبات ".........." فقد أقر بالتقائه والطاعن الأول بمنزل هذا الشاهد الذي اصطحبهما بالسيارة قيادته إلى بلدة محله منوف حيث غادر الطاعن الأول السيارة وعاد بعد فترة من الوقت يحمل مدفعاً رشاشاً ومعه شخصين آخرين تبين أنهما الطاعنان الثالث والرابع ثم حملتهم السيارة جميعاً إلى مكان الحادث وهناك داهمتهم قوة من ضباط وجنود الشرطة تمكنوا من القبض عليه بعد أن لاذ باقي الطاعنين بالفرار تحت ستار من أعيرة نارية أطلقوها، وهو ما يفيد بطريق اللزوم ارتكاب الفعل المسند إليه وبقية الطاعنين. لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة في أخذها بأقوال المتهم أن تلتزم نصها وظاهرها بل لها أن تأخذ منها بما تراه مطابقاً للحقيقة. ولما كان ما أورده الحكم من أقوال الطاعن الثاني له معينة الصحيح من الأوراق، فإنه لا تثريب على الحكم إذا هو استمد من تلك الأقوال ما يدعم الأدلة الأخرى التي أقام عليها قضاءه بالإدانة. كما أنه لا يقدح في سلامة الحكم خطأ المحكمة في تسمية أقوال المتهم اعترافاً طالما أن المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف. وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يؤسس قضاءه بالإدانة على أقوال الطاعن الثاني فحسب وإنما بنى اقتناعه كذلك استمداداً من أقوال شهود الإثبات السالف الإشارة إليهم واعتراف الطاعنين الثالث والرابع والتقارير الطبية والمعاينة، فإنه يكون سليماً في نتيجته ومنصباً على فهم صحيح للواقع ويضحى ما يثار في هذا الشأن لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح، ويكون النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع من التقرير المقدم من الأستاذ....... والوجه الأول من التقرير المقدم من الأستاذ....... هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بالجرائم المسندة إليهم قد انطوى على الإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الدفاع طلب بجلسة المحاكمة مناقشة الطبيب الشرعي في شأن الخلاف بين فتحات الدخول والخروج بملابس المجني عليه"الشرطي السري........" بما يشير إلى إطلاق عيارين مختلفين عليه – خاصة وقد ثبت أن رجلين من رجال الشرطة استعملا سلاحيهما المماثلين للطبنجة المنسوب للطاعن الثاني إطلاق النار منها مما يتعذر معه معرفة أي من الأسلحة الثلاثة أصيب المجني عليه - وكذا مناقشة الطبيب الشرعي فيما ثبت من وجود مظروف لعيار ناري فارغ بماسورة الطبنجة التي ضبطت مع الطاعن الثاني رغم ما ثبت من أنها من الأسلحة الأوتوماتيكية وأن جهاز إطلاقها سليم مما مؤداه خروج مظروف العيار الفارغ منه أوتوماتيكياً عند إطلاق العيار الثاني بيد أن الحكم أعرض عن تحقيق هذا الدفاع وأطرحه دون سبب مما يعيبه بما يستوجب نقضه والإحالة.
وحيث إن الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين الثاني والثالث والرابع طلب مناقشة الطبيب الشرعي في شأن الخلاف بين فتحات الدخول والخروج بملابس المجني عليه بما يشير إلى إطلاق عيارين مختلفين عليه، وفيما ثبت من وجود مظروف عيار ناري مطلق بماسورة الطبنجة التي ضبطت مع الطاعن الثاني رغم ما ثبت من أنها من الأسلحة الأوتوماتيكية وأن جهاز إطلاقها سليم بما مؤداه خروج مظروف العيار الفارغ منه أوتوماتيكياً عند إطلاق العيار الثاني. ولما كان يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن الطبيب الشرعي انتهى في تقريره إلى أنه أخذاً بما جاء بوصف إصابة المجني عليه بالساعد الأيمن بأوراق علاجه وما اتضح من الكشف الطبي عليه بمعرفته وفحصه بالأشعة وفحص ملابسه التي كانت عليه وقت الحادث يرى أنها حدثت من عيار ناري معمر بمقذوف رصاص مفرد يتعذر تحديد نوعه أو عياره لعدم استقراره بجسم المصاب وقد أطلق هذا العيار من مسافة جاوزت نصف متر وقد تصل إلى بضعة أو عد ة أمتار، ونظراً لأن الساعد عضو الحركة بالنسبة للجسم فإن موقف الضارب من المضروب في هذه الحالة يختلف باختلاف وضع الساعد بالنسبة للجسم وقت حدوث إصابته، ومن الممكن حدوث هذه الإصابة باستعمال مثل الطبنجة المضبوطة مع الطاعن الثاني وكان البين من التقرير الطبي الشرعي أنه وصف فتحات الدخول والخروج التي وجدت بملابس المجني عليه وصفاً تفصيلياً بما يتفق والرأي الذي انتهى إليه – على هدي ما شاهده بتلك الملابس وبعد الكشف الطبي على المجني عليه وفحصه بالأشعة – والذي أكد فيه أن الإصابة حدثت من عيار ناري واحد ومن مثل الطبنجة المضبوطة مع الطاعن الثاني من مسافة تتفق مع ما شهد به شهود الحادث في التحقيقات ومن ثم فإن ما أثاره الدفاع عن الطاعنين من مجادلة للقول بأن الفتحات المشاهدة بملابس المجني عليه تشير إلى إصابته من عيارين مختلفين يكون على غير أساس. كما أن البين من أقوال شهود الإثبات بالتحقيقات أن الطاعن الثاني لم يطلق سوى عيار ناري واحد من الطبنجة التي كان يحملها أصاب المجني عليه ثم تمكن بعض رجال القوة من انتزاع الطبنجة من يده بعد القبض عليه ولم يشهد أحد من هؤلاء الشهود بأن محاولة إطلاق ثانية قد جرت من قبل هذا الطاعن كما أشار إليه المدافع عنه في دفاعه الثابت بمحضر جلسة المحاكمة حتى يمكن القول بعدم معقولية بقاء الطلقة الفارغة في الماسورة على اعتبار أن الطبنجة من الأسلحة الأوتوماتيكية التي تطرد الطلقات الفارغة آلياً عند إطلاق أعيرة أخرى، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع لإلتفات المحكمة عن تحقيق هذا الدفاع بشطريه يكون غير سديد لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها وهى لا تلتزم بندب خبير آخر ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، فلا يعيب الحكم عدم تحقيق الدفاع غير المنتج أو الرد عليه بعد أن اطمأنت المحكمة إلى التقرير الطبي الشرعي للأسباب السائغة التي أوردتها، ولا يعدو ما يثيره الدفاع في هذا الصدد أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض أما ما دفع به الدفاع من جواز إصابة المجني عليه من سلاحي رجل القوة (...... و.......) المشابهين للسلاح المنسوب للطاعن الثاني استعماله تأدياً إلى شيوع جريمة الشروع في القتل، فمردود عليه بأن الدفع بشيوع التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. ولما كانت المحكمة قد اطمأنت أخذاً بأقوال شهود الإثبات إلى أن المجني عليه أصيب من العيار الذي أطلقه الطاعن الثاني فلا يجوز مصادرتها في عقيدتها في هذا الشأن. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.