أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة الثامنة عشرة - صـ 1082

جلسة 6 من نوفمبر سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني.

(223)
الطعن رقم 1550 لسنة 37 القضائية

ضرب. توافق. تضامن. مسئولية جنائية.
التوافق على التعدي لا يرتب تضامناً في المسئولية الجنائية بين المتهمين.
مجرد التوافق لا يرتب في صحيح القانون تضامناً بين المتهمين في المسئولية الجنائية بل يجعل كلاً منهما مسئولاً عن نتيجة فعله الذي ارتكبه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 29/ 11/ 1964 بدائرة مركز ملوي محافظة المنيا: أحدثا عمداً بجميل مهنى حسن الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلفت لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد جزء من عظام الجمجمة سوف لا يملأ بنسيج عظمي في المستقبل. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالقيد والوصف الموضحين بأمر الإحالة. فقرر بذلك، ومحكمة جنايات المنيا قضت حضورياً بتاريخ 14 مارس سنة 1967 عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الضرب الذي نشأت عنه عاهة مستديمة قد شابه قصور في التسبيب، وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه لم يعمل على كشف ما شاب التقارير الطبية من غموض في شأن عدد الإصابات فبينما يشير التقرير الطبي الشرعي إلى أنها واحدة حين قال بالتئامها إذ بالتقرير الطبي الابتدائي يذكر أن بالمجني عليه العديد من الإصابات وإن كان قد عاد إلى القول بأن إصابته - بصيغة المفرد - رضية، ومن ثم كان يتعين على الحكم وقد خلا وصف التهمة من سبق الإصرار ولم يثبت اشتراك الطاعنين في الاعتداء، أن يحدد الفعل الذي ارتكبه كل منهما ومدى مساهمته في إحداث العاهة وأن يحسم الأمر في شأن عدد الإصابات، إذ لو ثبت أنها واحدة لامتنع القول باشتراك الطاعنين في إحداث العاهة وحتى لو صح إسناد الاتهام إلى الطاعنين معاً فما كان يمكن قانوناً إنزال عقوبة الجناية بهما، بل كان الواجب أخذهما بالقدر المتيقن في حق كل منهما مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في أنه بينما كان المجني عليه عائداً من سوق البلدة مع صديق له، تخلف في إحدى الحقول لبعض شأنه ثم قدم الطاعنان وإذ ساءهما ما فعل أخذا في سبه وضربه كل منهما بعصا على رأسه فأحدثا به إصابة تخلفت عنها عاهة مستديمة. واستند الحكم في إدانتهما إلى أقوال الشهود الدالة على اعتدائهما على المجني عليه بالضرب على هذا النحو، ونقل عن التقرير الطبي الشرعي "أن المجني عليه أصيب بكسور شرخية متعددة بالجدارتين واصلة للقاع وجرح رضي فوق الجدارية اليسرى وكدم دموي فوق الجدارية اليمنى وقد تخلف له من جراء إصابته هذه عاهة مستديمة هي فقد جزء من عظمة الجدارية اليسرى". لما كان ما تقدم، وكان ما أورده الحكم على الوجه السابق إيضاحه وإن كان يدل على التوافق فهو لا يفيد الاتفاق - وكان مجرد التوافق لا يرتب في صحيح القانون تضامناً بين المتهمين في المسئولية بل يجعل كلاً منهما مسئولاً عن نتيجة فعله الذي ارتكبه. ولما كان وصف التهمة قد خلا من سبق الإصرار ولم يثبت الحكم في حق كل من الطاعنين أنه ساهم في إحداث الإصابة التي أدت إلى حدوث العاهة بالمجني عليه، فإنه يكون قاصراً قصوراً يعيبه ويستوجب نقضه والإحالة دون حاجة إلى بحث الوجه الآخر من وجهي الطعن.


(هذا المبدأ مقرر أيضا في الطعن رقم 1546 س 27 ق جلسة 18/ 3/ 1958 س 9 ص 309).