أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة الثامنة عشرة - صـ 1084

جلسة 6 من نوفمبر سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، وحسين سامح، ومحمود العمراوي.

(224)
الطعن رقم 1616 لسنة 37 القضائية

عقوبة. "غرامة. مصادرة". تهريب جمركي. رسوم. مسئولية مدنية. دعوى مدنية. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن بالنقض. الخطأ في تطبيق القانون".
الغرامة والمصادرة التي كانت تقضي بهما اللجان الجمركية في مواد التهريب. طبيعتها: تعويضات مدنية لصالح الخزانة العامة. لمصلحة الجمارك الادعاء مدنياً بها.
جرى قضاء محكمة النقض على أن الغرامة والمصادرة التي كانت تقضي بهما اللجان الجمركية في مواد التهريب لا تعتبر أن من العقوبات الجنائية بالمعنى المقصود في قانون العقوبات بل هما من قبيل التعويضات المدنية لصالح الخزانة العامة، وأن أفعال التهريب لا تخرج عن كونها من الأفعال التي ترتب المساءلة المدنية في الحدود التي رسمها القانون، وأن النص الوارد بالمادة 33 من اللائحة الجمركية من حق صاحب البضائع في تعويض الضرر الذي لحق به فيما لو قضى بإلغاء القرار الصادر من اللجنة الجمركية، وكذلك ما جاء بالمادة 34 من تلك اللائحة من أن العقوبات في مواد التهريب يلتزم بها الفاعلون والشركاء وأصحاب البضائع بطريق التضامن - كل ذلك يدل على قصد المشرع في اقتضاء المبلغ المطالب به باعتباره يمثل الرسوم المستحقة وتعويض الضرر الذي لحق بالخزانة العامة - ومن ثم إذا كان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدعوى المدنية المقامة من مصلحة الجمارك تأسيساً على أن التعويض الذي تطالب به هو في حقيقته عقوبة جنائية - فإنه يكون قد خالف القانون ويتعين نقضه في خصوص الدعوى المدنية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم في يوم 2 نوفمبر سنة 1955 بدائرة قسم أول طنطا: أدخلوا دخاناً إلى أراضي الجمهورية العربية بطريقة غير مشروعة دون أداء الرسوم الجمركية المقررة. وطلبت عقابهم بالمادتين 1 و2 من القانون رقم 623 لسنة 1955. وأمام محكمة قسم أول طنطا الجزئية ادعت مصلحة الجمارك مدنياً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ 5658 جنيهاً و100 مليم. ودفع المتهم الرابع بعدم رفع الدعوى أو اتخاذ أي إجراء فيها لعدم تقديم طلب كتابي من مدير مصلحة الجمارك أو من ينيبه. كما دفع بعدم اختصاص المحاكم بنظر الدعوى وانضم إليه في دفعه الأخير المتهمون الأول والثالث والخامس. وطلبت النيابة العامة تعديل القيد بإضافة المادة الثانية من اللائحة الجمركية الصادرة في أبريل سنة 1884 إلى مواد القيد المرفوعة بها الدعوى. ثم قضت المحكمة بتاريخ 29 يناير سنة 1966 عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية غيابياً بالنسبة إلى المتهم الأول وحضورياً للثاني والرابع والخامس وحضورياً اعتبارياً للباقين ببراءة المتهمين مما أسند إليهم ورفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها بمصاريفها. فاستأنفت مصلحة الجمارك هذا الحكم. ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المدعية بالحقوق المدنية المصروفات المدنية الاستئنافية ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الأستاذ المحامي بإدارة قضايا الحكومة عن مصلحة الجمارك في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مما تنعاه مصلحة الجمارك - المدعية بالحقوق المدنية - على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى برفض دعواها المدنية قبل المطعون ضدهم عن جريمة إدخالهم دخاناً إلى أراضي الجمهورية دون أداء الرسوم الجمركية المقررة قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أقام قضاءه على أن اللائحة الجمركية الصادر بها الأمر العالي المؤرخ 2 من أبريل سنة 1884 التي تحكم واقعة الدعوى - لا تجيز الحكم بالتعويض وإنما تقضي بقيمته في صورة عقوبة بالغرامة مع أن الغرامة الوارد ذكرها في تلك اللائحة لا تحمل على ظاهر لفظها، إذ أنها وإن غلبت عليها صفة العقوبة إلا أنه يخالطها عنصر التعويض عن الضرر الذي يصيب الخزانة العامة من إدخال الدخان إلى أراضي الجمهورية دون أداء الرسوم الجمركية.
وحيث إن الحكم الابتدائية المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدعوى المدنية قبل المطعون ضدهم بقوله "وحيث إن الادعاء المدني المقام من مصلحة الجمارك مصدره القانون رقم 623 لسنة 1955 الذي لا يحكم موضوع هذه الدعوى، وما كان للمصلحة ذلك الحق في ظل اللائحة الجمركية وإنما كان يقضي بقيمته في صورة عقوبة بالغرامة - ومن ثم يتعين رفض الدعوى المدنية.... الخ". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم من اعتباره الغرامة المقرر باللائحة الجمركية - التي تحكم الواقعة - عقوبة جنائية بحت وليست تعويضاً مدنياً غير سديد. ذلك بأن ما كانت تقضي به اللجان الجمركية في مواد التهريب من الغرامة والمصادرة لا يعتبر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من العقوبات الجنائية بالمعنى المقصود في قانون العقوبات بل هما من قبيل التعويضات المدنية لصالح الخزانة، وأن أفعال التهريب لا تخرج عن كونها من الأفعال التي ترتب المساءلة المدنية في الحدود التي رسمها القانون، وأن النص الوارد بالمادة 33 من اللائحة الجمركية من حق صاحب البضائع في تعويض الضرر الذي لحق به فيما لو قضى بإلغاء القرار الصادر من اللجنة الجمركية، وكذلك ما جاء بالمادة 34 من تلك اللائحة من أن العقوبات في مواد التهريب يلتزم بها الفاعلون والشركاء وأصحاب البضائع بطريق التضامن - كل ذلك يدل على قصد المشرع في اقتضاء المبلغ المطالب به باعتباره يمثل الرسوم المستحقة وتعويض الضرر الذي لحق بالخزانة العامة. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدعوى المدنية المقامة من مصلحة الجمارك تأسيساً على أن التعويض الذي تطالب به هو في حقيقته عقوبة جنائية يكون قد خالف القانون ويتعين نقضه فيما قضى به في الدعوى المدنية. ولما كان هذا الخطأ القانوني قد حجب محكمة الموضوع عن بحث عناصر التعويض وتقديره، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة مع إلزام المطعون ضدهم المصاريف المدنية ومقابل أتعاب المحاماة، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.