أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة الثامنة عشرة - صـ 1101

جلسة 13 من نوفمبر سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، وحسين سامح، ومحمود العمراوي.

(229)
الطعن رقم 1562 لسنة 37 القضائية

(أ) تحقيق. "إجراءات التحقيق. مقوماتها". تفتيش. "الإذن بالتفتيش. ماهيته. تحريره والتوقيع عليه". إثبات. أوراق رسمية. مأمورو الضبط القضائي. مواد مخدرة. إحراز مخدرات.
إجراءات التحقيق والأوامر الصادرة بشأنه ومنها إذن التفتيش. وجوب أن تكون مكتوبة موقعاً عليها ممن صدرت عنه. ورقة الإذن باعتبارها ورقة رسمية يجب أن تحمل بذاتها مقومات وجودها.
عدم كفاية تحرير ورقة الإذن بخط الآذن أو عنونتها باسمه أو شهادة مصدرها وتقريره بصدورها منه. دون التوقيع عليها.
(ب) نقض. "حالات الطعن بالنقص. الخطأ في تطبيق القانون وتأويله" دفوع. "الدفع ببطلان التفتيش". إثبات. "إثبات بوجه عام". تفتيش. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". بطلان.
إقامة الحكم قضاءه على دليل الاتهام الوحيد المستمد من التفتيش الباطل وجوب نقض الحكم وتبرئه المتهم.
1 - إن النيابة لمأموري الضبطية القضائية بإجراء التفتيش يجب أن يكون مكتوباً موقعاً عليه بإمضاء من أصدره، لأنه وفقاً للقواعد العامة يجب إثبات إجراءات التحقيق والأوامر الصادرة بشأنه لكي تبقى حجة يعامل الموظفون - الآمرون منهم والمؤتمرون - بمقتضاها، ولتكون أساساً صالحاً لما يبني عليها من نتائج. ولا يكفي فيه الترخيص الشفوي بل يجب أن يكون له أصل مكتوب موقع عليه ممن أصدره إقراراً بما حصل منه - وإلا فإنه لا يعتبر موجوداً ويضحى عارياً مما يفصح عن شخص مصدره. ذلك أن ورقة الإذن وهي ورقة رسمية يجب أن تحمل بذاتها دليل صحتها ومقومات وجودها بأن يكون موقعاً عليها لأن التوقيع هو السند الوحيد الذي يشهد بصدورها عمن صدرت عنه على الوجه المعتبر قانوناً. ولا يجوز تكملة هذا البيان الجوهري بدليل غير مستمد من ورقة الإذن أو بأي طريق من طرق الإثبات ومن ثم فإنه لا يغني عن التوقيع على إذن التفتيش أن تكون ورقة الإذن محررة بخط الآذن أو معنونة باسمه أو أن يشهد أو يقر بصدورها منه دون التوقيع عليها ما دام الأمر لا يتعلق بواقعة صدور الإذن باسم مصدره بل بالشكل الذي أفرغ فيه وبالتوقيع عليه بخط مصدره.
2 - رفض الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم التوقيع عليه ممن أصدره يعتبر خطأ في تطبيق القانون وفي تأويله يوجب نقض الحكم وتبرئة المتهم ما دام أن الاتهام قائم على الدليل المستمد من التفتيش وحده.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 26/ 11/ 1963 بدائرة قسم الوايلي محافظة القاهرة: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و34/ 1 - أ، 42 من القانون 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم 1. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة بعد أن دفع الحاضر مع المتهم ببطلان إذن التفتيش لعدم التوقيع عليه من وكيل النيابة الذي أصدره - قضت حضورياً في 16/ 12/ 1966 عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط وردت على الدفع بأنه في غير محله. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بتهمة إحراز مخدر بقصد الاتجار قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المدافع عنه دفع ببطلان إذن التفتيش لعدم التوقيع عليه من وكيل النيابة الذي أصدره، غير أن الحكم قضى برفض هذا الدفع تأسيساً على أن خلو الإذن من توقيع مصدره لا يبطله ما دام الثابت أنه حرره كتابة بخطه وهو رد غير سديد لا يتفق وصحيح القانون مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد بيان واقعة الدعوى وأورد الأدلة عليها عرض إلى الدفع ببطلان إذن التفتيش لخلوه من توقيع وكيل النيابة الذي أصدره ورد عليه في قوله "إن إذن التفتيش الذي أصدره وكيل النيابة قد حرره كتابة بخطه معنوناً باسمه بعبارة نحن ماهر الصابحي وكيل النيابة" وأعطاه تاريخه ثم دون الانتداب لمعاون المباحث بإجراء التفتيش - أما توقيعه فلا يفيد أكثر من إثبات صدور هذا الانتداب من صاحبه، تلك الواقعة التي اقتنعت المحكمة بصحتها من أن مصدر الانتداب قد أثبت بخطه واسمه صراحة قبل تحرير كافة البيانات الخاصة بالندب دليلاً على صدور الندب منه شخصياً ومن ثم فقد تم الانتداب صحيحاً مشتملاً البيانات الكفيلة بصحة صدوره فضلاً عما أثبته السيد وكيل النيابة بنفسه أنه أصدر أمر الندب بنفسه وجاء خلواً من توقيعه من باب السهو فحسب" وما قاله الحكم من ذلك غير سديد في صحيح القانون، ذلك أن قضاء محكمة النقض قد جرى على أن إذن النيابة لمأموري الضبطية القضائية بإجراء التفتيش يجب أن يكون مكتوباً موقعاً عليه بإمضاء من أصدره، لأنه من القواعد العامة أن إجراءات التحقيق والأوامر الصادرة بشأنه يجب إثباتها بالكتابة لكي تبقى حجة يعامل الموظفون - الآمرون منهم والمؤتمرون - بمقتضاها ولتكون أساساً صالحاً لما يبني عليها من نتائج. ولما كان الإذن وهو من أعمال التحقيق لا يكفي فيه الترخيص الشفوي بل يجب أن يكون له أصل مكتوب، فإن ذلك يستتبع بطريق اللزوم وجوب التوقيع عليه أيضا ممن أصدره إقراراً بما حصل منه. وإلا فإنه لا يعتبر موجوداً ويضحى عارياً مما يفصح عن شخص مصدره وصفته، ذلك لأن ورقة الإذن وهي ورقة رسمية يجب أن تحمل بذاتها دليل صحتها ومقومات وجودها بأن يكون موقعاً عليها، لأن التوقيع هو السند الوحيد الذي يشهد بصدورها عمن صدرت عنه على الوجه المعتبر قانوناً، ولا يجوز تكملة هذا البيان الجوهري بدليل غير مستمد من ورقة الإذن أو بأي طريق من طرق الإثبات، ومن ثم فإنه لا يغني عن ذلك أن تكون ورقة الإذن محررة بخط الآذن أو معنونة باسمه أو أن يشهد أو يقر بصدورها منه دون التوقيع عليها، ما دام الأمر لا يتعلق بواقعة صدور الإذن باسم مصدره بل بالشكل الذي أفرغ فيه وبالتوقيع عليه بخط صاحبه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم التوقيع عليه من وكيل النيابة قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله وهو ما يوجب نقضه والقضاء ببراءة الطاعن مما أسند إليه ومصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة ما دام الاتهام - على ما هو مثبت من مدونات الحكم - قائماً على هذا الدليل وحده. وذلك عملاً بالمادة 39/ 1 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض والمادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية.