أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 21 - صـ 190

جلسة أول فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الوهاب خليل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين عزام، وسعد الدين عطية، ومحمود عطيفه، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

(47)
الطعن رقم 1674 لسنة 39 القضائية

( أ ) مواد مخدرة. إثبات. "إثبات بوجه عام". "شهادة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص وقوع الضبط داخل المياه الإقليمية. موضوعي. عدم جواز إثارته أمام النقض.
(ب، ج, د) دفوع. "الدفع ببطلان التفتيش. إبداؤه. المصلحة فيه". "الدفع بحصول التفتيش بغير إذن". إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". طعن. "أسباب الطعن. المصلحة فيها". "ما يقبل منها. نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
(ب) وجوب إبداء الدفع ببطلان التفتيش لحصول التفتيش قبل صدور إذن النيابة في عبارة صريحة. مثال.
(ج) كفاية اطمئنان الحكم إلى وقوع الضبط بناء على الإذن المقال بأنه صدر بعد الضبط.
(د) عدم قبول الطعن على الحكم. إلا لأوجه متصلة بشخص الطاعن وله مصلحة فيها. النعي من طاعن ببطلان ضبط طاعن آخر غير مقبول.
(هـ، و) مواد مخدرة. جريمة. "أركانها". قصد جنائي. عقوبة. "تطبيقها". إثبات. "بوجه عام". حكم. تسبيبه "تسبيب غير معيب". فاعل أصلي. اشتراك. نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
(هـ) استخلاص الحكم من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها. العلم بكنه المخدر المضبوط. صحته. ما دام استخلاصه سائغاً.
(و) عقوبة جلب المخدرات: الأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة من ثلاثة آلاف إلى عشرة آلاف جنيه. المادة 33/ أ من القانون 182 لسنة 1960. وجوب توقيع هذه العقوبة على الفاعل والشريك.
1 - إذا كان الحكم قد استخلص من وقائع الدعوى وأقوال شهود الإثبات أن ضبط السفينة قد تم داخل المياه الإقليمية، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن، يكون من قبيل الجدل الموضوعي في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بلا معقب عليها من محكمة النقض.
2 - إن الدفع ببطلان التفتيش لحصوله قبل صدور إذن النيابة، يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه.
3 - الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط، إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على هذا الإذن، أخذا منها بالأدلة السائغة التي أوردتها في حكمها.
4 - الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم، إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن، وكان له مصلحة فيه، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون من الثاني إلى الخامس في شأن بطلان ضبط الطاعن الأول يكون غير مقبول.
5 - إذا كان ما ساقه الحكم من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها، كافياً في الدلالة على أن الطاعنين الرابع والخامس كانا يعلمان بأن الصفائح المضبوطة تحوي مخدراً، وكان هذا الذي استخلصه الحكم لا يخرجه عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي، فإن ما يثيره الطاعنان في شأن جهلهما بكنه المادة المضبوطة يكون غير سديد.
6 - إذ تنص المادة 33/ أ من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها على أن "يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة من ثلاثة آلاف جنيه إلى عشرة آلاف جنيه مصري ( أ ) كل من صدر أو جلب جواهر مخدرة قبل الحصول على الترخيص المنصوص عليه في المادة (3) وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق المطعون ضدهم من الثاني إلى الخامس أنهم جلبوا مواد مخدرة إلى الجمهورية العربية المتحدة بغير ترخيص، وأن المطعون ضده الأول اشترك معهم بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب هذه الجريمة، بما يستوجب عقابه بذات العقوبة المقررة للجريمة طبقاً للمادة 41 من قانون العقوبات، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمس عشرة سنة وبغرامة ثلاثة آلاف جنيه، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بمعاقبة كل من المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة بالإضافة إلى عقوبتي الغرامة والمصادرة المقضي بهما.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في يوم 18/ 9/ 1964 بدائرة قسم برج العرب محافظة مرسى مطروح (أولاً) المتهم الأول: اشترك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جناية جلب المواد المخدرة موضوع التهمة الثانية (ثانياً) المتهمون من الثاني إلى الخامس جلبوا جواهر مخدرة (حشيشاً) قبل الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة (ثالثاً) المتهم الأول أيضاً: اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الثاني والثالث والرابع والخامس في ارتكاب جريمة جلب المواد المخدرة المشار إليها وذلك بأن اتفق معهم على استلام المواد المجلوبة عند وصولها إلى الشاطئ فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق - وطلبت إلى السيد مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 40/ 2 و41 و48/ 1 - 2 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول و1 و2 و3 و7 و33/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم 1 المرفق بالنسبة للباقين. فصدر قراره بذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و3 و7 و33/ 8 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم 1 الملحق به بالنسبة إلى المتهمين جميعاً والمادتين 40/ 1 - 2 و41 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول (أولاً): بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً وبتغريم كل منهم ثلاثة آلاف جنيه (ثانياً) مصادرة المواد المخدرة والسفينة خير الله بمحتوياتها والقارب الملحق بها وثمن الأدوات المستعملة في الجريمة والمباعة وذلك على اعتبار أن التهمة الأولى الموجهة إليهم جميعاً هي جلب جواهر مخدرة وأن المتهم الأول اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع باقي المتهمين في ارتكاب الجريمة المذكورة بأن اتفق معهم على استلام المواد المخدرة عند وصولها. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الأول - وإن قرر بالطعن في الحكم في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم فإنه يكون غير مقبول شكلاً.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعنين من الثاني إلى الخامس هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة جلب جواهر مخدرة، قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب، ذلك بأنهم دفعوا ببطلان ضبط السفينة تأسيساً على أن الضبط جرى وهي في خارج المياه الإقليمية، إلا أن الحكم رفض هذا الدفع واستند إلى أسباب قاصرة تنأى عن النظر القانوني الصحيح. وأغفل الحكم أن إذن النيابة بالتفتيش قد صدر بغير تحديد لساعة صدوره بما مفاده أنه صدر بعد ضبط الواقعة. كما أن الصورة التي تم عليها ضبط المتهم الأول تنطق بأن هذا الضبط قد وقع باطلاً. ولم يعرض الحكم لما دفع به الطاعنان الرابع والخامس من أنهما كانا يجهلان أن الصفائح المضبوطة تحوى مخدراً.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة جلب الجواهر المخدرة التي دان الطاعنين بها، وأقام عليها في حقهم أدلة مستقاة من أقوال شهود الإثبات، ومن تقرير المعامل الكيماوية، ومن أقوال المتهمين الأول والثالث والخامس وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ثم عرض الحكم للدفع ببطلان ضبط السفينة ورد عليه بقوله: "إن الثابت من الأوراق والتحقيقات وأقوال شهود الإثبات أن السفينة خير الله ومن كان عليها من المتهمين قد ضبطوا داخل المياه الإقليمية على النحو الوارد في أقوالهم، ولم يثبت من الأوراق ما يدحض هذا القول، وحتى المتهمون على ظهر السفينة لم يقل واحد منهم عكس ذلك أما الفاصل الزمني بين ضبط المخدرات في حوالي الساعة 11 مساء وضبط السفينة في الساعة 7 صباحاً فهذا أمر فسره قائدي القناص والنمر بأن السفينة خير الله استطاعت أن تجنح بالقرب من الشاطئ في مياه ضحلة، ولم يستطع أي من اللنشين أن يتابعها بجانب الشاطئ خوفاً من الارتطام بالصخور ومن المياه الضحلة ولظلمة الليل وهو أمر مستساغ ومقبول عقلاً، ومن ثم فإن الدفع ببطلان ضبط السفينة خير الله وبحارتها وبطلان التفتيش لوجودها خارج المياه الإقليمية دفع مرفوض".. ولما كان ما أورده الحكم فيما تقدم سائغاً في الرد على دفاع الطاعنين وصحيحاً في القانون. وإذ كان الحكم قد استخلص من وقائع الدعوى وأقوال شهود الإثبات أن ضبط السفينة قد تم داخل المياه الإقليمية، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون من قبيل الجدل الموضوعي في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بلا معقب عليها من محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الثاني أورد ضمن دفاعه قوله "ولماذا توجه السيد الشاهد للسيد المحامي العام لاستصدار هذا الإذن؟ إن المسألة موضوع تقييم من المحكمة. وأن الإذن مشكوك في أمر صدوره". وكانت هذه العبارة المرسلة لا تفيد الدفع ببطلان التفتيش لحصوله قبل صدور إذن من النيابة الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه، فإن النعي على الحكم إغفاله الرد على هذا الدفع يكون في غير محله. هذا فضلاً عما هو مقرر من أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها في حكمها. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن، وكان له مصلحة فيه، فإن ما ينعاه الطاعنون من الثاني إلى الخامس في شأن بطلان ضبط الطاعن الأول يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان ما ساقه الحكم من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها كافياً في الدلالة على أن الطاعنين الرابع والخامس كانا يعلمان بأن الصفائح المضبوطة تحوى مخدراً، وكان هذا الذي استخلصه الحكم لا يخرجه عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي فإن ما يثيره هذان الطاعنان في شأن جهلهما بكنه المادة المضبوطة يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من النيابة العامة هو أن الحكم المطعون فيه إذ أوقع على المطعون ضدهم عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة، قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن العقوبة الواجب تطبيقها إعمالاً لحكم المادة 33/ أ من القانون رقم 182 لسنة 1960 التي طبقها الحكم، ودان المحكوم عليهم على مقتضاها هي الأشغال الشاقة المؤبدة والغرامة من ثلاثة آلاف جنيه إلى عشرة آلاف جنيه.
وحيث إن المادة 33/ أ من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها تنص على أن "يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة من ثلاثة آلاف جنيه إلى عشرة آلاف جنيه مصري ( أ ) كل من صدر أو جلب جواهر مخدرة قبل الحصول على الترخيص المنصوص عليه في المادة (3). لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق المطعون ضدهم من الثاني إلى الخامس أنهم جلبوا مواد مخدرة إلى الجمهورية العربية المتحدة بغير ترخيص، وأن المطعون ضده الأول اشترك معهم بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب هذه الجريمة بما يستوجب عقابه بذات العقوبة المقررة للجريمة طبقاً للمادة 41 من قانون العقوبات، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمس عشرة سنة وبغرامة ثلاثة آلاف جنيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بمعاقبة كل من المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة بالإضافة إلى عقوبتي الغرامة والمصادرة المقضي بها