أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة الثامنة عشرة - صـ 1110

جلسة 14 من نوفمبر سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور أحمد خلف.

(231)
الطعن رقم 1281 لسنة 37 القضائية

حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات. "خبرة".
قول المحكمة بافتعال الإصابات التي وجدت بالمصاب هو فصل في مسألة فنية بحت. قعودها عن تحقيق ذلك عن طريق الطبيب الشرعي يعيب حكمها بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
متى كان ما أورده الحكم المطعون فيه من افتعال الإصابات التي وجدت بالطاعن ووالدته وشقيقه المبينة بالتقارير الطبية والتي نسبوا إحداثها إلى أخوة المجني عليه ووالده - إنما هو فصل في مسألة فنية بحت، مما كان يقتضي من المحكمة - حتى يستقيم قضاؤها - أن تحققها عن طريق المختص فنياً وهو الطبيب الشرعي، أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، مما يتعين معه نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في 16 يوليه سنة 1965 بدائرة مركز كوم حمادة محافظة البحيرة: (أولاً) قتل عمداً كمال عبد الوهاب حمد وذلك بأن أطلق عليه عيارين ناريين من البندقية المضبوطة قاصداً من ذلك قتله أصابه ثانيهما فحدثت له الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تسببت في وفاته. (ثانياً) أحرز سلاحاً غير مششخن "بندقية خرطوش" بغير ترخيص. (ثالثاً) أحرز ذخيرة مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر طلقتين بغير ترخيص. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 234/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1 و6 و26/ 1 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والجدول رقم 2 الملحق بالقانون، فقرر بذلك. وادعت زوجة المجني عليه ووالده عن نفسه وبصفته ولياً شرعياً على أولاد ابنه القتيل مدنياً قبل المتهم بمبلغ 250 ج على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة عشر سنين ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة وإلزامه أن يدفع للمدعيين بالحقوق المدنية مبلغ 250 ج ومصاريف الدعوى المدنية و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد قد شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب وخطأ في الإسناد، ذلك بأن الطاعن دفع بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس غير أن الحكم أطرح هذا الدفاع بقوله إن إصابات الطاعن ووالدته وشقيقه قد افتعلت خدمة للدعوى وأن التحقيقات خلت من دليل واحد يؤيد اعتداء فريق المجني عليه على أولئك المصابين مع أن الثابت بالأوراق أن المصابين الثلاثة أصروا على اتهام فريق المجني عليه بالاعتداء عليهم وتأيد ذلك بأقوال توفيق علي حمد وإبراهيم إبراهيم حمد، كما أن الثابت من التقارير الطبية أن إصابات الطاعن ووالدته وشقيقه بلغت من الجسامة أن نشأ عن إحداها عاهة مستديمة مما لا يسيغ القول بافتعالها، الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أطرح دفاع الطاعن في شأن قيام حالة الدفاع الشرعي عن نفسه وعن والدته وشقيقه في قوله: "أن أول ما يلاحظ في أمر الادعاء بأن المتهم - الطاعن - كان في حالة دفاع شرعي، أن المتهم ذاته إذ ذكر في محضر الضبط هذا الدفاع قاله صريحاً أنه إنما كان يدفع الاعتداء عن والدته ولم يقل إطلاقاً إن أحداً حاول الاعتداء عليه فإذا عاد فعدل عن ذلك وقال إنه كان يدفع اعتداء وقع عليه وأخوته فإن المحكمة لا تطمئن إلى هذا القول وترى أنه قد افتعل افتعالاً وأن الإصابات التي شوهدت بالمتهم ومن يلوذ به كوالدته ليس في الأوراق دليل على أن فريق المجني عليه هم الذين أحدثوها، وإنما الذي تطمئن إليه المحكمة من شهادة الخفيرين عبد الموجود عبد المجيد الخولي وعلي السيد أحمد - وهما ليسا من فريق المجني عليه وكان بالأولى أن يظاهرا المتهم وهو ابن شيخ بلد - شهدا صراحة أن المتهم وقد كان ماراً من محل الحادث أمام منزل المجني عليه بعد أن أطلق عليه النار محاولاً دخول منزله لم تكن به إصابة واحدة وأنه بعد أن لجأ إلى منزله ظهرت إصاباته الأمر الذي ينادي بأن هذه الإصابات افتعلت خدمة للدعوى حاسباً بذلك أنه يباعد بينه وبين وزر إزهاقه روح المجني عليه فإذا كان ذلك فليس من المستبعد إطلاقاً أن يكون هو أو غيره من سكان المنزل قد افتعل أيضاً إصابات والدته وذويه وليس في التحقيقات دليل واحد على أن أحداً من فريق المجني عليه اعتدى عليهم". لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن الطاعن ووالدته وشقيقه اتهموا أخوة المجني عليه ووالده بالاعتداء عليهم وإحداث إصاباتهم وأيدهم في ذلك الشاهدان توفيق علي حمد وإبراهيم إبراهيم حمد. كما يبين من التقارير الطبية أن الطاعن أصيب باثنتي عشرة إصابة وأصيبت والدته بجرح رضي بالجدارية اليمنى وبثلاثة كسور أحدها بالكعبرة اليسرى والثاني بالساعد الأيسر والأخير باليد اليمنى كما أصيب شقيقه محمد عبد الغني حمد بتسع إصابات بينها اشتباه كسر بالرسغ الأيمن وبالسبابة اليمنى وبالرسغ الأيسر. وقد أمرت النيابة العامة بنسخ صورة للتحقيقات وإفرادها عن واقعة الضرب ولم ترفق إفادات الشفاء بعد. وكان ما أورده الحكم من افتعال تلك الإصابات إنما هو فصل في مسألة فنية بحت، مما كان يقتضي من المحكمة - حتى يستقيم قضاؤها - أن تحققها عن طريق المختص فنياً وهو الطبيب الشرعي، أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال مما يتعين معه نقضه والإحالة وذلك بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعن في أسباب طعنه.