أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة الثامنة عشرة - صـ 1116

جلسة 20 من نوفمبر سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، وحسين سامح، ومحمود عطيفة.

(233)
الطعن رقم 1582 لسنة 37 القضائية

(أ، ب) تسعيرة. جريمة. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "حالات الطعن بالنقض. الخطأ في تطبيق القانون". مسئولية جنائية. تموين.
(أ) قيام جريمة بيع سلعة بأزيد من السعر المعين لها، في حق كل من يبيعها كذلك.
(ب) وقوع الالتزام بالإعلان عن الأسعار على عاتق صاحب المحل التجاري دون غيره.
(ج) قانون. "العلم به". تسعيرة.
عدم قبول الدفع بالجهل بالقانون الجنائي والقوانين العقابية المكملة له. افتراض العلم بها في حق الكافة.
1 - مؤدى نص المادة التاسعة من القانون رقم 163 لسنة 1950 الخاص بشئون التسعير الجبري وتحديد الأرباح المعدل بالقرار بقانون رقم 28 لسنة 1957، أن جريمة بيع سلعة بأزيد من السعر المعين لها تقوم في حق كل من يبيعها كذلك، بغض النظر عن صلته بها وأياً كانت صفته في بيعها إذ المناط في قيام الجريمة بوقوع فعل البيع ذاته بأزيد من السعر المقرر للسلعة.
2 - يقع الالتزام بالإعلان عن الأسعار على عاتق صاحب المحل التجاري دون من يكون قائماً بالعمل فيه غير صاحبه.
3 - الأصل أن العلم بالقانون الجنائي والقوانين العقابية المكملة له، يفترض في حق الكافة - فلا يقبل الدفع بالجهل بها أو الغلط فيها كذريعة لنفي القصد الجنائي، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المتهم على أساس أن بيعه السلعة بأكثر من السعر المقرر لها، كان عن فضول لأن ليس بصاحبها وعن جهل بسعرها يكون قد أخطأ صحيح القانون، ذلك أن القانون رقم 163 لسنة 1950 يعتبر تشريعاً مكملاً لأحكام قانون العقوبات بما ورد فيه من جرائم وعقوبات مقررة لها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 10 من أغسطس سنة 1965 بدائرة المنزلة: (أولاً) باع سلعة مسعرة (رده) بسعر يزيد على السعر المحدد. (ثانياً) لم يعلن عن أسعار ما يعرضه للبيع طبقاً للأوضاع المقررة. وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و6 و9 و13 و14 و15 و20 من القانون رقم 163 لسنة 1950. ومحكمة المنزلة الجزئية قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما أسند إليه. فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم. ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضده من تهمة بيع سلعة مسعرة بسعر يزيد عن السعر المحدد لها. وعدم إعلانه عن أسعار ما يعرضه من سلع للبيع قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه استند في قضائه إلى ما أورده عن جهل المطعون ضده بسعر الردة التي باعها، وإلى أن بيعه لها كان عن فضول لأنه لم يكن صاحبها أو له صفة في بيعها مع أن الجهل بالقانون والغلط في فهم نصوصه لا يعتبر عذراً ينتفي به القصد الجنائي، ولا يعتد به عند مخالفة أحكام قانون العقوبات والقوانين الجنائية المكملة له ومنها القانون رقم 163 لسنة 1950. كما أن الثابت من مدونات الحكم أن المطعون ضده كان قائماً بالبيع في المحل التجاري دون أن يعلن عن أسعار البضائع الموجودة فيه، ومن ثم فلا يقبل منه ما يتمسك به من انقطاع صلته بالمتجر أو عدم ملكيته للسلع المعروضة فيه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قضى ببراءة المطعون ضده في قوله: "إن المتهم لم يكن صاحب الردة المبيعة ومن ثم فهو ليس مسئولاً عن الإعلان عن سعرها وقد تبين أنه قام بالبيع عن فضول وجهل بسعرها ومن ثم فهو ليس مسئولاً عن التهم المسندة إليه". لما كان ذلك، وكانت المادة التاسعة من القانون رقم 163 لسنة 1950 الخاص بشئون التسعير الجبري وتحديد الأرباح المعدل بالقرار بقانون رقم 28 لسنة 1957، قد جرت في فقرتها الأولى والثانية بأنه "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز سنتين وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد عن خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين: كل من باع سلعة مسعرة أو معينة الربح أو عرضها للبيع بسعر أو ربح يزيد عن السعر أو الربح المعين أو امتنع عن بيعها بهذا السعر أو الربح أو فرض على المشتري شراء سلعة أخرى معها أو علق البيع على أي شرط آخر يكون مخالفاً للعرف التجاري". مما مؤداه أن هذه الجريمة تقوم في حق كل من يبيع سلعة بأزيد من السعر المعين لها بغض النظر عن صلته بها وأياً كانت صفته في بيعها إذ المناط في قيام الجريمة بوقوع فعل البيع ذاته بأزيد من السعر المقرر للسلعة. لما كان ذلك، وكان الأصل أن العلم بالقانون الجنائي والقوانين العقابية المكملة له يفترض في حق الكافة فلا يقبل الدفع بالجهل بها أو الغلط فيها كذريعة لنفي القصد الجنائي. وكان القانون رقم 163 لسنة 1950 يعتبر تشريعاً مكملاً لأحكام قانون العقوبات بما ورد فيه من جرائم وعقوبات مقررة لها، فإن الحكم المطعون فيه إذ أسس قضاءه بالبراءة على أن المطعون ضده قد باع الردة عن فضول لأنه ليس بصاحبها وعن جهل بسعرها يكون قد أخطأ صحيح القانون. لما كان ذلك، وكانت المادة 21 من القانون رقم 163 لسنة 1950 سالف البيان قد نصت على أن يستمر العمل بأحكام القرارات التي صدرت استناداً إلى أحكام المرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1945 الخاص بشئون التسعير الجبري بعد إبطاله. وكانت المادة 19 من القرار الوزاري رقم 180 لسنة 1950 في شأن تحديد الأرباح المعدل بالقرار الوزاري رقم 138 سنة 1952 الصادر استناداً إلى أحكام المرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1945، قد جرى نصها بأن "كل تاجر يبيع أية سلعة أو مادة يجيب عليه أن يعلن سعر كل صنف بالأوضاع الآتية...." ونصت المادة 20 منه على أنه "إذا ثبت للموظفين المشار إليهم في المادة السادسة من المرسوم بقانون 96 لسنة 1945، أن أحد الأصناف الموجودة داخل المحل لا يحمل بياناً بسعره وفقاً لحكم المادة 19، وادعى صاحب المحل أن البيان المطلوب كان موجوداً وزال لأي سبب من الأسباب، فلا يعتبر التاجر مخالفاً لأحكام المادة السابقة إذا كان - علاوة على تنفيذ حكم المادة 19 - قد اتبع الإعلان عن أسعاره بجدول يضم بياناً بهذا الصنف وسعره". مما مفاده أن الالتزام بالإعلان عن الأسعار إنما يقع على عاتق صاحب المحل التجاري دون من يكون قائماً بالعمل فيه غير صاحبه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن المطعون ضده لم يكن صاحب الردة المبيعة ولم يكن له صفة في بيعها وهو ما لم تجادل فيه الطاعنة، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون فيما قضى به بالنسبة إلى التهمة الثانية يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم والإحالة بالنسبة إلى التهمة الأولى ورفضه فيما عدا ذلك.