أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 21 - صـ 218

جلسة أول فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الوهاب خليل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين عزام، وسعد الدين عطيه، ومحمود عطيفه، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

(54)
الطعن رقم 1893 لسنة 39 القضائية

تجنيد. خدمة عسكرية. جريمة. "جريمة مستمرة".
جريمة التخلف عن التجنيد. طبيعتها: جريمة مستمرة استمراراً متجدداً. بقاء حق رفع الدعوى عنها حتى بلوغ الفرد الملزم بالخدمة سن الثانية والأربعين.
إن دلالة عبارات نصوص الفقرة الثانية من المادة 74 من القانون رقم 505 لسنة 1955 المعدلة بالقانون رقم 9 لسنة 1958 والفقرة الثالثة من المادة 71 من القانون المذكور، وما جاء بالمذكرة الإيضاحية تعليقاً على تعديل النص الأول هي أن جريمة عدم التقدم للجهة الإدارية لترحيل الفرد لأحد مراكز التجنيد هي بحكم القانون جريمة مستمرة استمراراً متجدداً يبقى حق رفع الدعوى عنها حتى بلوغ الفرد الملزم بالخدمة سن الثانية والأربعين وذلك أخذاً من جهة بمقومات هذه الجريمة السلبية وهي حالة تتجدد بتداخل إرادة الجاني تداخلاً متتابعاً، وإيجاباً من جهة أخرى للتلازم بين قيام الجريمة وحق رفع الدعوى الذي أطال الشارع مداه وللحكمة التشريعية التي وردت في المذكرة الإيضاحية وهي حتى يبادر كل من يطلب للخدمة العسكرية والوطنية إلى تقديم نفسه وحتى لا يكون الشخص الفار من الخدمة العسكرية في مركز أحسن من هذا الذي يسعى إلى تقديم نفسه قبل انتهاء السن الذي لا يجوز أن يطلب فيها للخدمة العسكرية والوطنية، فيظل الفرد مرتكباً للجريمة في كل وقت لم يتقدم فيه للتجنيد حتى يبلغ الثانية والأربعين من سنيه ثم تبدأ في السقوط.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 24/ 1/ 1968 بدائرة قسم الجيزة: تخلف عن التجنيد حال تجاوزه الثلاثين من عمره. وطلبت عقابه بالمادتين 1 و26 من القانون رقم 505 لسنة 1955. ومحكمة الجيزة الجزئية قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بتغريم المتهم خمسين جنيهاً. فعارض، وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبانقضاء الدعوى العمومية بمضي المدة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه إنه إذ قضى بانقضاء الدعوى العمومية بمضي المدة عن جريمة تخلف المطعون ضده عن التجنيد حال تجاوزه الثلاثين من عمره قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه احتسب بدء المدة من تاريخ بلوغ المطعون ضده سن الثلاثين في حين أن المادة 74/ 2 من القانون رقم 505 لسنة 1955 تنص على أن المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية ضد الملتزمين بالخدمة العسكرية لا تبدأ إلا من تاريخ بلوغ الفرد سن الثانية والأربعين.
وحيث إن الفقرة الثانية من المادة 74 من القانون رقم 505 لسنة 1955 المعدلة بالقانون رقم 9 لسنة 1958 تنص على أنه "لا تبدأ المدة المقررة بسقوط الحق في إقامة الدعوى العمومية على الملزمين بالخدمة الإلزامية إلا من تاريخ بلوغ الفرد سن الثانية والأربعين" وتنص الفقرة الثالثة من المادة 71 على أنه "يجوز إذا كان الشخص لائقاً للخدمة بعد أدائه العقوبة - تجنيده فور أدائها بناء على طلب إدارة التجنيد" وجاء بالمذكرة الإيضاحية الملحقة بالقانون رقم 9 لسنة 1958 في التعليق على المادة 74/ 2 منه ما يأتي "الشخص يكون في شرف الخدمة العسكرية والوطنية لمدة اثنتي عشرة سنة منها ثلاث سنوات في الخدمة العسكرية والباقية في الاحتياط باحتساب هذه المدة بالنسبة إلى الشخص الذي يطلب للخدمة العسكرية والوطنية قبل أن يتم الثلاثين من عمره مباشرة أي قبل أن يتم السنة التي لا يجوز أن يطلب بعدها للخدمة العسكرية والوطنية فإن مثل هذا الشخص يبقى في الخدمة العسكرية والإلزامية والاحتياط حتى يبلغ الثانية والأربعين ولهذا رؤى أن لا تبدأ المدة المقررة لسقوط الحق في إقامة الدعوى على الملزمين بالخدمة الإلزامية إلا من تاريخ بلوغ الفرد هذه السن، وهي أقصى سن تنتهي فيها الخدمة العسكرية الفعلية.. وذلك حتى يبادر كل من يطلب للخدمة العسكرية والوطنية إلى تقديم نفسه وحتى لا يكون الشخص الفار من الخدمة العسكرية في مركز أحسن من هذا الذي يسعى إلى تقديم نفسه قبل انتهاء السن التي لا يجوز أن يطلب فيها للخدمة العسكرية والوطنية. ودلالة عبارات النصوص المتقدمة وما جاء بالمذكرة الإيضاحية تعليقاً على تعديل الفقرة الثانية من المادة 74 هي أن جريمة عدم التقدم للجهة الإدارية لترحيل الفرد لأحد مراكز التجنيد هي بحكم القانون جريمة مستمرة استمراراً متجدداً يبقى حق رفع الدعوى عنها حتى بلوغ الفرد الملزم بالخدمة سنة الثانية والأربعين، وذلك أخذاً من جهة بمقومات هذه الجريمة السلبية وهي حالة تتجدد بتداخل إرادة الجاني تداخلاً متتابعاً وإيجابياً ومن جهة أخرى للتلازم بين قيام الجريمة وحق رفع الدعوى الذي أطال الشارع مداه وللحكمة التشريعية التي وردت في المذكرة الإيضاحية على ما سلف بيانه ويظل الفرد مرتكباً للجريمة في كل وقت لم يتقدم فيه للتجنيد حتى يبلغ الثانية والأربعين من سنه، ثم تبدأ في السقوط. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أنه "لما كان تمام بلوغ سن الثلاثين هو السن الذي لا يطلب فيه أحد للخدمة العسكرية وفقاً لنص المادة 54 من القانون 505 لسنة 1955 فإن مقتضى ذلك أن المتخلف الذي تجاوز هذا السن يستحيل عليه أن يقدم نفسه للتجنيد، وبالتالي تكون الجريمة التي استحدثها القانون رقم 149 لسنة 1960 في المادة 66 (يعاقب كل متخلف عن التجنيد أو الكشف الطبي تجاوز سن الثلاثين) من الجرائم الوقتية التي يسري عليها التقادم بالنسبة لها من اليوم التالي لتاريخ بلوغه سن الثلاثين. وحيث إنه قد بلغ المتهم سن الثلاثين في 7/ 5/ 1963 ولم يتخذ ضده إجراءات جنائية بشأن تخلفه عن التجنيد إلا بعد أكثر من ثلاث سنوات على بلوغه هذه السن ودون أن يقطع هذه المدة إجراء من الإجراءات المنصوص عليها في المادة 17 إجراءات فإنه يتعين عملاً بالمادة 15 من هذا القانون إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة"، فإنه يكون قد أخطأ في القانون مما يتعين معه نقضه وإذ كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن نظر الموضوع فإنه يكون مع النقض الإحالة.