أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة الثامنة عشرة - صـ 1130

جلسة 20 من نوفمبر سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، وحسين سامح، ومحمود العمراوي.

(236)
الطعن رقم 1594 لسنة 37 القضائية

(أ) حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". قوة الشيء المقضي. إثبات "إثبات التزوير". تزوير. "تزوير الأوراق العرفية". "استعمال المحرر المزور".
ليس لأحكام المحاكم المدنية قوة الشيء المقضي أمام المحاكم الجنائية فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها. على المحكمة الجنائية بحث أدلة الجريمة بنفسها.
(ب) تزوير. إثبات. "إثبات العلم بالتزوير". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
عدم كفاية التمسك بالورقة المزورة كدليل على ثبوت العلم بتزويرها ما لم يكن المتهم قد قارف التزوير أو اشترك فيه.
1 - الأحكام الصادرة من المحاكم المدنية ليست لها قوة الشيء المقضي أمام المحاكم الجنائية فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها - فإذا قضت المحكمة المدنية برد وبطلان سند لتزويره، ثم رفعت دعوى التزوير إلى المحكمة الجنائية فعليها أن تقوم هي ببحث جميع الأدلة التي تبني عليها عقيدتها في الدعوى، أما إذا هي اكتفت بسرد وقائع الدعوى المدنية وبنت حكمها على ذلك بدون أن تتحرى بنفسها أدلة الإدانة، فإن ذلك يجعل حكمها كأنه غير مسبب.
2 - مجرد التمسك بالورقة المزورة لا يكفي في ثبوت العلم بتزويرها ما دام الحكم لم يقم الدليل على أن المتهم هو الذي قارف التزوير أو اشترك فيه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في المدة من 3 مارس سنة 1957 إلى 19 ديسمبر سنة 1960 بدائرة قسم الدرب الأحمر: (أولاً) ارتكب تزويراً في محرر أحد الناس وكان ذلك بتغيير المحرر بأن محا البند الحادي عشر من العقد المبرم بينه وبين أحمد صدقي الباز وأثبت به بدلاً منه إقراراً نسب صدروه زوراً إلى الطرف الثاني يفيد استلام المذكور منه بعض المنقولات. (ثانياً) استعمل الإقرار المزور سالف الذكر بأن قدمه في القضية رقم 208 سنة 1957 استئناف مصر وتمسك به في مواجهة المستأنف عليه مع علمه بذلك. وطلبت عقابه بالمادتين 211 و215 من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف وأتعاب المحاماة. ومحكمة الدرب الأحمر الجزئية قضت غيابياً بتاريخ 4/ 3/ 1963 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لوقف تنفيذ العقوبة بلا مصروفات جنائية وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة المدنية. فعارض المحكوم عليه في هذا الحكم وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة مدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم الذي يصبح فيه الحكم نهائياً. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. كما استأنفت النيابة العامة الحكم الغيابي المعارض فيه. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بسقوط استئناف النيابة العامة وبقبول استئناف المتهم شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي تزوير في محرر عرفي واستعماله مع العلم بتزويره، قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة ومضمون أدلة الإثبات ومؤداها، مما يعيبه بالقصور ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه بعد أن استعرض وقائع الدعوى المدنية التي أقامها المدعى بالحقوق المدنية على الطاعن أمام القضاء المدني وطعنه بالتزوير في الإقرار الذي قدمه الطاعن تأييداً لدفاعه فيها، وما انتهى إليه من القضاء برد وبطلان الإقرار المطعون فيه بالتزوير، خلص إلى ثبوت جريمتي التزوير والاستعمال في حق الطاعن في قوله "وحيث إنه عن الدعوى الجنائية فقد ثبت من تقرير مصلحة الطب الشرعي بأن الإقرار المنسوب صدوره للمدعى مزور عليه وقد أخذت المحكمة الاستئنافية "المدنية" بهذا التقرير وقضت برد وبطلان هذا الإقرار وباعتباره مزوراً فتكون التهمة الأولى ثابتة قبل المتهم. ولما كان قد استعمل هذا الإقرار المزور مع علمه بتزويره بأن قدمه في الدعوى الاستئنافية السالف بيانها فإن التهمة الثانية أيضاً تكون ثابتة قبله ويتعين عقابه وفقاً للمادتين 211 و215 عقوبات مع تطبيق المادة 32/ 2 عقوبات لأن الجريمتين مرتبطتان ببعضهما ارتباطاً غير قابل للتجزئة". لما كان ذلك، وكانت الأحكام الصادرة من المحاكم المدنية ليست لها قوة الشيء المقضي أمام المحاكم الجنائية فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها. فإذا قضت المحكمة المدنية برد وبطلان سند لتزويره ثم رفعت دعوى التزوير إلى المحكمة الجنائية فعليها أن تقوم هي ببحث جميع الأدلة التي تبني عليها عقيدتها في الدعوى، أما إذا هي اكتفت بسرد وقائع الدعوى المدنية وبنت حكمها على ذلك بدون أن تتحرى بنفسها أدلة الإدانة، فإن ذلك يجعل حكمها كأنه غير مسبب. وكان مجرد التمسك بالورقة المزورة لا يكفي في ثبوت العلم بتزويرها ما دام الحكم لم يقم الدليل على أن المتهم هو الذي قارف التزوير أو اشترك فيه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يورد الدليل على نسبة التزوير أو الاشتراك فيه إلى الطاعن كما أنه اكتفى باستخلاص علم هذا الأخير بتزوير الإقرار من مجرد تقديمه في الدعوى المدنية، فإنه يكون قاصر البيان بما يوجب نقضه والإحالة وذلك بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.